سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صحف إسرائيل قبل «73» قالت عن «السادات»: ضعيف يفتقر إلى الكاريزما والقيادة الصحف توقعت ألا يستمر السادات في الحكم لأكثر من عام أو حدوث انقلاب عسكري.. وانقلب حالها 180 درجة بعد الحرب..
ست سنوات وأربعة أشهر عاشت فيها إسرائيل في نشوة الانتصار السريع، الذي حققته في حرب يونيو على جيوش ثلاث دول عربية، وسادت لهجة الغرور والغطرسة والعجرفة تصريحات جميع القادة الإسرائيليين، سياسيين وعسكرين، من قدرتهم على سحق أي هجوم قد يشنه المصريون على جبهة سيناء، ولم يفق المنتشون من سكرتهم إلا مع وقوع حرب أكتوبر. انعكست تصريحات المؤسسة السياسية والعسكرية في إسرائيل طوال الفترة بين الحربين في مقالات وأعمدة الرأي على الصحف الإسرائيلية الكبرى، التي تأثرت بتلك التصريحات، وكان الاعتقاد السائد في الصحف الإسرائيلية منذ يونيو 1967 أنه لا يوجد أي احتمال لنشوب حرب قادمة، كما لم تهتم تلك الصحف على الإطلاق بمبادرة السلام التي طرحها أنور السادات في عام 1971، وذلك لأن جميع الصحف الإسرئيلية الكبرى دون استثناء كانت تستخف وتحتقر الرئيس المصري، وكان الإحساس السائد أن فترة حكمه محدودة، وأنه غير مؤهل لشن حرب على إسرائيل.
فكتب موشيه زاك، المحلل السياسي لصحيفة معاريف في 7-11-1970؛ ردًّا على هذا: "تهديد السادات بالعودة للقتال بعد وقف إطلاق النار عقب حرب الاستنزاف، هذا بالفعل تحذير أخير من السادات، ولكنه تحذير من غير غطاء، فنظام السادات أضعف من أن يخاطر بأية مغامرة". وأضاف أنه "في حالة قيام السادات بشن هجوم على إسرائيل فسينتهي الأمر بتوجه الضباط الموجودين عند قناة السويس إلى القاهرة لتغيير نظامه الذي يقودهم من فشل إلى فشل".
وفي يناير 1971 اقتبست صحيفة معاريف مقالا للجنرال الأمريكي مارشال، حلل فيه شخصية السادات بالمقارنة مع الرئيس الراحل عبد الناصر، وفي سياق احتمال أن يأمر السادات بعبور قناة السويس في إطار حرب شاملة على إسرائيل، كتب يقول: "إن السادات أكثر جبنًا، ويفتقر إلى الجاذبية الشخصية والديناميكية، وهو غير قادر بالتأكيد على حشد الجماهير لعمل يائس".
وبعد ذلك بعام تقريبًا في 31-12-1971 كتب يعقوف أريز، المحلل العسكري لمعاريف؛ ردًّا على تهديد السادات بشن الحرب: "عندما يتحدث السادات ورفاقه عن الحرب فإنهم يتحدثون أيضًا عن مليون ضحية بضربة واحدة، ولكن من يخطط للحرب بجدية، ومن يؤمن بالنجاح في الحرب بجدية لا يتحدث عن مليون ضحية".
وارتفعت نغمة الاستخفاف والاستهتار بالرئيس السادات من جانب الصحافة الإسرائيلية، كلما اقتربنا من حرب أكتوبر، فكتب زئيف شيف في 7-8-1972: "إن وضعنا الأمني لم يكن جيدًا مثلما هو الحال اليوم، وفي المقابل فإن العالم العربي يعيش حالة من الانقسام والتفرق ويفتقر إلى زعيم رئيسي قوي".
وقبل أقل من 11 شهرًا على حرب أكتوبر، كتب عوديد زراي، مراسل الشؤون العسكرية لصحيفة "هآرتس" مقالا بعنوان: "وضع السادات مستمر في الضعف"، توقع فيه ألا يستمر السادات في الحكم قائلا: "ما من شك أنه بفضل ذلك كله يحتفل السادات في هذه الأيام بالذكرى الثانية لحلفه اليمين كرئيس لمصر، ولكن يبدو أن فرصه في الاحتفال بذلك في العام القادم تبدو ضعيفة جدًا".
وواصل زئيف شيف، مسلسل السخرية من السادات، ووصفه بالضعف والعجز؛ مقارنة بسابقه عبد الناصر، فكتب في شهر إبريل عام 1973 عن تهديد إسرائيل بتوجيه ضربة قاصمة لمصر في حال شنت حربًا على إسرائيل: "من الواضح أن قدرة السادات على مواجهة ضربات قاصمة من جانب إسرائيل أقل بكثير من سلفه عبد الناصر".
وفي شهر إبريل من عام 1973 كتب يهوشع حلميش في "يديعوت أحرونوت" مقالا مزج فيه بين التصورات السائدة في إسرائيل عن قيادة السادات الضعيفة، وميله إلى التطرف في تصريحاته، لكي يحظى برضا الجيش، وبين وقته المحدود في السلطة، فكتب يقول: "على الرغم من أنه – يعني السادات - لا يملك أية فرصة؛ لتحقيق انتصار ولو حتى جزئي، فسوف يضظر الرئيس المصري في نهاية الأمر إلى إصدار الأوامر بإطلاق النار، ولن يضطر عندها إلى الاستقالة".
وساهمت كتابات المستشرق الإسرائيلي، دكتور شمعون شامير، والذي عمل أيضًا باحثًا في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي "أمان"، في تعميق التوجه العام داخل إسرائيل، عن ضعف السادات، خاصة بعد أن عهد إليه شمعون شامير كتابة تقريرعن شخصية السادات، فكتب في منتصف عام 1972 تحت عنوان: "عن السادات"، أنه مع طبيعة قيادته والمخاطر الذي يتعرض لها حكمه: "لا مفر من استنتاج أن رحيل النظام الناصري قد خلف وراءه فراغًا لا يمكن لنظام السادات أن يملأه". ولم تكتف الصحف الإسرائيلية الصادرة في تلك الفترة بالسخرية من السادات والحديث عن ضعف نظامه من خلال المقالات وأعمدة الرأي، بل كانت تقتبس من الصحافة الأجنبية والعربية كل ما يسخر منه، ففي شهر يوليو 1972 اقتبست صحيفة "يديعوت أحرونوت" ما نشرته صحيفة "النهار" اللبنانية عن حالة من التمرد العلني ضد الرئيس السادات في الجيش المصري، وقد وصل الوضع في سلاح الطيران المصري إلى حالة التمرد غير المعلن.
وفي 23-7-1972 اقتبست "يديعوت أحرونوت" أيضا، ما كتبه مراسل صحيفة ال"أوبزرفر" من أن فرقة عسكرية قد تزيح السادات عن الحكم، وفي نفس اليوم أيضًا، نقل مراسل الصحيفة نفسها في باريس ما كتبته صحيفة "فرانس سوار" عن ضابط مصري كبير شارك فيما يشبه التمرد العسكري ضد السادات، وكان يهدف، حسب قول الضابط، إلى التأكيد للرئيس المصري على حجم الاغتراب الذي يشعر به الجيش المصري تجاه السوفييت، وذكرت الصحيفة الفرنسية أن السادات بكى أمام الضباط، وأخبرهم أن عبد الناصر، هو الذي أحضر السوفييت إلى مصر.
هذه الصورة التي نقلتها الصحف الإسرائيلية عن السادات، وعن مصر خلال ست سنوات، ولكنها تغيرت 360 درجة عقب حرب أكتوبر، وبدأ الحديث عن عبقرية السادات الحربية، وقوة الجيش المصري.