للاحتفال بعيد تحرير سيناء.. محافظ المنوفية يستقبل رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية    حرس شرف وسلام جمهوري.. مراسم استقبال رسمية لرئيس البوسنة والهرسك في قصر الاتحادية    اقتصادية قناة السويس تستقبل نائب وزير التجارة و الصناعة الإندونيسي والوفد المرافق له    انخفاض أسعار الذهب اليوم الإثنين 29 أبريل 2024.. عيار 21 بكام؟    خسائر جديدة في عيار 21 الآن.. تراجع سعر الذهب اليوم الإثنين 29-4-2024 محليًا وعالميًا    «المؤتمر» يشيد بكلمة الرئيس السيسي في افتتاح مركز البيانات: حملت رسائل مهمة    وزير الإسكان يتابع مشروعات الخدمات ورفع الكفاءة والتطوير بالمدن الجديدة    مجموعة طلعت مصطفى تقرر شراء 10 ملايين أسهم خزينة    البورصة المصرية.. «EGX30» يقفز 2.90% و«السوقي» يربح 28 مليار جنيه في مستهل التعاملات    بعد انخفاض الطن 1000جنيه..سعر الحديد اليوم الاثنين 29 إبريل 2024 في المصانع المحلية    طائرات جيش الاحتلال تهاجم مباني تابعة لحزب الله في لبنان    مدبولي: على المجتمع الدولي بذل كل الجهود لمنع أي هجوم على رفح    بث مباشر| الرئيس السيسي يستقبل رئيس البوسنة والهرسك في الاتحادية    مدبولي يؤكد ضرورة بذل أقصى الجهود لتفادي أي اعتداء على رفح الفلسطينية    اتحاد الكرة يكشف موقفه من معاقبة "شلبي وعبد المنعم" بعد احتفالاتهم المسئية (خاص)    مجموعة الصعود.. بتروجت يستضيف وادي دجلة بدوري المحترفين    ميدو: «سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك»    صحيفة: ليفربول يُحدد سعر بيع محمد صلاح    كولر يعقد جلسة ودية مع السولية والشحات بعد أحداث مباراة مازيمبي    اتحاد الكرة يكشف تفاصيل جلسة محمد الشيبي بشأن واقعة الشحات    «الداخلية»: ضبط 71 قطعة سلاح و252 قضية مخدرات وتنفيذ 59362حكمًا خلال 24 ساعة    «صحة قنا»: تعافي جميع مصابي الاختناق بعد تحسن حالتهم    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    تموين قنا: ضبط 32 مخالفة تموينية متنوعة بمراكز المحافظة    بسبب الخلافات ..«الداخلية»: عاطل وراء مقتل تاجر خردة بالإسماعيلية    احتفاء بفوز باسم خندقجي بالبوكر: فلسطين ملء العين والسماء دائما    تعرف على الجناح المصري في معرض أبو ظبي للكتاب    أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على طلاقها من أحمد العوضي    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    ضربة الشمس في الصيف.. تعرف على أعراضها وطرق الوقاية منها    انطلاق اختبارات المواد غير المضافة للمجموع لصفوف النقل بالقاهرة    مصرع عامل وإصابة آخرين في انهيار جدار بسوهاج    جامعة عين شمس تطلق حملة "صحتك تهمنا"    الأعاصير تتسبب في مقتل أربعة أشخاص بولاية أوكلاهوما الأمريكية    مطار أثينا الدولي يتوقع استقبال 30 مليون مسافر في عام 2024    درس الطب وعمل في الفن.. من هو المخرج الراحل عصام الشماع؟    من هي هدى الناظر زوجة مصطفى شعبان؟.. جندي مجهول في حياة عمرو دياب لمدة 11 سنة    رئيس كوريا الجنوبية يعتزم لقاء زعيم المعارضة بعد خسارة الانتخابات    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    "عشماوي": الإطار الوطني للمؤهلات يسهم في الاعتراف بخريجي المؤسسات التعليمية    ختام فعاليات مبادرة «عيون أطفالنا مستقبلنا» في مدارس الغربية    "استمتع بالطعم الرائع: طريقة تحضير أيس كريم الفانيليا في المنزل"    مفاوضات الاستعداد للجوائح العالمية تدخل المرحلة الأخيرة    اليوم.. مجلس الشيوخ يستأنف عقد جلسته العامة    البحوث الفلكية: غرة شهر ذي القعدة فلكيًا الخميس 9 مايو    اليوم .. ماستر كلاس محمد حفظي بالإسكندرية للفيلم القصير    تساقط قذائف الاحتلال بكثافة على مخيم البريج وسط قطاع غزة    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    المندوه: كان يمكننا إضافة أكثر من 3 أهداف أمام دريمز.. ولماذا يتم انتقاد شيكابالا بإستمرار؟    شبانة: الأهلي أصبح فخرًا بإنجازاته وأرقامه القياسية    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفاء النيل
نشر في الشروق الجديد يوم 31 - 08 - 2012

آمن المصريون القدماء منذ استقرارهم على ضفاف النيل بأن هذا النهر كان يمثل بالنسبة لهم مصدر الحياة وتجسيدا للنظام الكونى الذى يحيون فيه وأن منابعه هى حدود الكون المعروف فى عالم الأحياء وفى العالم الآخر أيضا.

واعتقد المصريون أن للنيل إلها أطلقوا عليه «حعبى» بمعنى «الذى يفيض بالماء» وصوروه على هيئة رجل مكتنز يحمل خيرات الأرض من الطعام والشراب إلى جانب رموز الحياة والرخاء واعتبروه يمثل روح النهر وقوَته التى تمنح الخير للأرض، وربطوا بينه وبين أساطير الخلق فى عقائدهم فآمنوا بأنه كان يمثل المياه الأولى التى برزت منها الأرض المصرية فى بدء الخليقة وهو الحدث الذى يتكرر كل عام مع عودة الفيضان، ولقد لاحظ المصريون فيضان النيل، واعتبروه مؤشرا لبداية العام فى التقويم المصرى القديم حوالى منتصف شهر يوليو حاليا عندما كان النهر يبدأ فى الارتفاع، ويميل لونه إلى الحمرة ليبلغ ذروته فى سبتمبر ثم تبدأ المياه فى الانخفاض مع نهاية فصل الخريف لتصل إلى أدنى مستوياتها فى مايو من كل عام،واهتم المصريون بتسجيل ارتفاعات الفيضان من خلال العديد من مقاييس النيل المنتشرة على امتداد مجراه، واعتبروا أن ارتفاع النهر بمقدار 16 ذراعا كان يمثل المستوى الأمثل للفيضان الذى يتم على أساسه تقدير ناتج المحاصيل والضرائب المستحقة على الأرض.

ونظرا لحاجة المصريين الدائمة لتجديد الفيضان فقد أكدت الديانة المصرية القديمة ضرورة القيام بعدد من الطقوس كل عام قبيل وأثناء قدوم الفيضان أملا فى أن تهب الآلهة أرض مصر فيضانا وفيرا دونما انقطاع، وعلى الرغم من ندرة الدلائل على هذه الطقوس إلا أن أقدمها يعود لعصر الدولة الوسطى فى القرن 20 ق.م. وهى المعروفة «بأناشيد النيل» التى تمتدح النهر وتخبرنا عن الوفاء بقربان كبير من الماشية والطيور له عندما فاض على وجه الأرض.

كذلك حفظت لنا سفوح جبل السلسة شمال أسوان ثلاث لوحات مسجلة بالخط الهيروغليفى تحتوى على ثلاثة مراسيم تعود لعصور الملوك سيتى الأول ورمسيس الثانى ومرنبتاح فى الفترة ما بين 1300 1225 ق.م. حيث تقر هذه المراسيم بأن تقام الاحتفالات للإله حعبى فى السلسلة مرتين فى العام مع أعلى وأدنى ارتفاع للفيضان، وأن يتم خلالها التقرب للنيل بالتقدمات التى تحتوى على قرابين مختلفة من الحيوانات والخضروات والزهور والفاكهة، وكذلك عدد من التماثيل الصغيرة لإله النيل نفسه، وأشارت هذه المراسيم أيضا إلى «إلقاء كتاب حعبى» الذى كان عبارة عن لفافة من البردى تحتوى على قائمة من القرابين، حيث يتم حرقها على مذبح أو تلقى فى النهر، واحتفظت لنا بردية «هاريس» حوالى 1150 ق.م.بقائمتين كبيرتين من القرابين لحعبى وكان أكثر ما يميزها هو قربان التماثيل التى أطلق عليها صور «حعبى» إله النيل.

ومع نهاية القرن الثانى الميلادى ظهرت بعض الأعمال الأدبية اليونانية المعروفة باسم «البسيودوبلوتارخ» لعدد من المؤلفين المجهولين الذين نسبوها للمؤرخ «بلوتارخ» والتى أشارت لأول مرة إلى التضحية بآدميين فى نهر النيل على الرغم من أن الأضاحى البشرية لم تكن ضمن الطقوس المصرية القديمة فيشير الفصل 16 منها، النيل هو نهر مصر بالقرب من مدينة الإسكندرية ولكنه كان يسمى فى السابق «ميلاس» من «ميلاس» ابن «بوسيدون» أما فيما بعد فلقد أطلق عليه «إيجيبتوس» لهذا السبب: كان «إجيبتوس» ابن «هيفاستيوس» و«ليوكيبى» ملك البلاد التى حدثت فيها حرب أهلية لأن النيل لم يرتفع وحزن السكان من المجاعة فأظهرت «البيسيا» ربة الوحى الحل، وهو أنه لو ضحى الملك بابنته «أجانيبى» للآلهة فسوف يكثر الخير، فأخذوها للمذبح وتمت التضحية بها عندئذ قذف «إيجيبتوس» من شدة حزنه عليها بنفسه إلى النهر «ميلاس» ولذلك سمى باسمه «إيجبتوس».

الاحتفال بوفاء النيل ايام الحملة الفرنسية

ولقد وجدت هذه الكتابات اليونانية صداها فى أسطورة التضحية بعروس النيل التى أشار إليها عدد من المؤرخين العرب عند الاحتفال بوفاء النيل فيذكر ابن عبد الحكم فى رواية ليس لها سند تاريخى تقول: إنه عندما دخل عمرو بن العاص مصر أتى اليه اهلها حين دخل شهر بؤونه وقالوا له «أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجرى إلا بها» فقال «لهم وما ذاك؟» قالوا «إنه إذا كان لاثنتى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا على جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلى والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها فى هذا النيل» فقال لهم عمرو»إن هذا لا يكون فى الإسلام وإن الإسلام يجَب ما قبله» فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى لا يجرى النيل قليلا ولا كثيرا حتى همُوا بالجلاء فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إليه عمر «قد أصبت إن الإسلام يجب ما كان قبله وقد بعثت إليك ببطاقة فألقها فى داخل النيل إذا أتاك كتابى» فلما قدمت البطاقة على عمرو إذا فيها «من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر أما بعد فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار الذى يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك» فألقى عمرو البطاقة فى النيل قبل يوم الصليب بيوم وهو ذكرى ظهور الصليب على يد هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين ويحتفل به 17 سبتمبر وقد تهيأ أهل مصر للخروج منها لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل فأصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله ست عشرة ذراعا فى ليلة وقطع تلك السنُة السوء عن أهل مصر».

ولكن تشير الدلائل التاريخية إلى أن المصريين كانوا يقومون بإلقاء بعض الدمى من الخشب كى يفيض النهر حتى القرن الثامن عشر فيحدثنا الجبرتى أنه فى يوم الاحتفال كان الوالى ينزل من القلعة مع الأمراء فى مراكب مزينة من مصر القديمة إلى مقياس النيل بالروضة ويمكث هناك حتى يفى النيل 16 ذراعا، حيث تقام الاحتفالات ويعطى الوالى الضربة الأولى بيده بمعول من فضة فى المكان المحدد الذى تعد فيه الفتحة التى سيخرج منها الماء من السد الذى يحجزها عن قناة فم الخليج ليدخلها الماء شيئا فشيئا ثم تلقى دمية فى النيل حسب الأساطير القديمة مع حفنة من النقود الذهبية والفضية فى المياه المتدفقة، ويتبعها الحاضرون بإلقاء قطع النقود والأزهار وسط قرع الطبول وابتهاج الناس بقدوم النيل ووفائه فى موعده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.