تراجع معدل التضخم السنوي إلى 31.8% خلال أبريل الماضي.. والشهري يرتفع بنسبة 0.9%    ارتفاع طفيف لأسعار الدولار عالميا قبيل بيانات تتعلق بالتضخم الأمريكي    الاتحاد الأوروبي يقرر عدم التمديد لبعثته التدريبية الأمنية في مالي    مصادر لبنانية: استهداف سيارة بمسيرة إسرائيلية في بلدة بافليه بقضاء صور جنوبي لبنان    موعد مباراة الأهلي القادمة أمام بلدية المحلة في الدوري المصري والقناة الناقلة    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    اليوم.. طقس شدديد الحرارة ورياح مثيرة للرمال والعظمى بالقاهرة 36 درجة    طلاب النقل بالابتدائي والإعدادي والثانوي يؤدون الامتحانات في الدقهلية    أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري بداية اليوم الخميس 9 مايو2024    الأهلي يخطف صفقة الزمالك.. والحسم بعد موقعة الترجي (تفاصيل)    قصور الثقافة تختتم الملتقى 16 لشباب أهل مصر بدمياط    محمد فضل يفجر مفاجأة: إمام عاشور وقع للأهلي قبل انتقاله للزمالك    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 9 مايو 2024    حكم الحج لمن يسافر إلى السعودية بعقد عمل.. الإفتاء تجيب    بعد المخاوف العالمية من سلالة FLiRT.. ماذا نعرف عن أعراض الإصابة بها؟    طقس اليوم: شديد الحرارة على القاهرة الكبرى نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالعاصمة 36    للفئة المتوسطة ومحدودي الدخل.. أفضل هواتف بإمكانيات لا مثيل لها    أحمد عيد عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 9 مايو 2024    جدول مواعيد قطع الكهرباء الجديدة في الإسكندرية (صور)    قائد المنطقة الجنوبية العسكرية يلتقي شيوخ وعواقل «حلايب وشلاتين»    إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    الأوبرا تحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة على المسرح الصغير    مصطفى خاطر يروج للحلقتين الأجدد من "البيت بيتي 2"    الفصائل الفلسطينية تشارك في مفاوضات القاهرة    بعد غياب 10 سنوات.. رئيس «المحاسبات» يشارك فى الجلسة العامة ل«النواب»    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    انتخاب أحمد أبو هشيمة عضوا بمجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    «المصريين الأحرار»: بيانات الأحزاب تفويض للدولة للحفاظ على الأمن القومي    معلومات عن ريهام أيمن بعد تعرضها لأزمة صحية.. لماذا ابتعدت عن الفن؟    الزمالك يشكر وزيرا الطيران المدني و الشباب والرياضة لدعم رحلة الفريق إلى المغرب    زعيمان بالكونجرس ينتقدان تعليق شحنات مساعدات عسكرية لإسرائيل    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9 مايو في محافظات مصر    مصدر: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منفتحون نحو إنجاح الجهود المصرية في وقف إطلاق النار    إعلام فلسطيني: غارة إسرائيلية على حي الصبرة جنوب مدينة غزة شمالي القطاع    بعد إصدار قانون التصالح| هذه الأماكن معفاة من تلك الشروط.. فما هي؟    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    «جريشة» يعلق على اختيارات «الكاف» لحكام نهائي الكونفدرالية    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    خوان ماتا: عانيت أمام محمد صلاح.. وأحترمه كثيرا    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    ننشر أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراجعت الثورة المضادة فمتى تستسلم؟
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 01 - 2012

تسلك الثورة المضادة فى مصر طريقا لم يسبق أن سلكته ثورة مضادة من قبل فى التاريخ.. بالتحديد فى تاريخ الثورات الكبرى.

لم يحدث من قبل أن حاولت ثورة مضادة أن تصور نفسها بأنها هى الثورة. كما لم يحدث من قبل فى تاريخ الثورات أن تظاهرت الثورة المضادة بأنها هى الثورة وهى حاميتها وهى رافعة ألويتها وهى المسئولة عن تحقيق مطالبها وأهدافها.

ولكن هذا ما يحدث فى مصر الآن منذ لحظة اقتراب العيد السنوى لثورة 25 يناير.

ف معنى لقرارات الحكم بعد كل ما أظهره من رغبة فى وأد الثورة عن طريق قمع الثوار باحتضان تاريخية هذه الثورة وارتباطها الحميم بوجدان الشعب وفكره بإعن تاريخ 25 يناير مناسبة قومية وتسجيلها فى الذاكرة القومية للشعب والأمة ستعادتها كل عام لحتفال بها وبقيمتها التاريخية. إن الثورات المضادة تحاول دائما أن تثبت أن الثورة جاءت اما قبل أوانها أو أن أوانها قد فات. وعندما تفشل الثورة المضادة فى تثبيت أى من هاتين «الحقيقتين» فإنها تؤثر أن تتراجع وان تختفى وان تعترف بانتصار الثورة عليها. حدث هذا فى السنوات الأولى للثورة الفرنسية كما حدث فى السنوات الأولى للثورة البلشفية. وفى هاتين الثورتين كانت الثورة المضادة قد قطعت شوطا كبيرا فى تحدى الثورة وبدا انها توشك أن تسقط الثورة وتجبرها على انهيار فى وجدان الأمة وعقلها.

اما أن تجد الثورة المضادة نفسها مجبرة بعد معارك وشهداء ومصابين للثورة على أن تتبنى الثورة وجانبا من أهدافها ومطالبها وحتى شعاراتها فهذا هو جديد الثورة المضادة الذى ظهر فى مصر فى الأسابيع الأخيرة، خاصة مع اقتراب العيد السنوى الأول للثورة. وعنى هذا أن الثورة المضادة المصرية أدركت وسلمت بأن الثورة أقوى منها بكثير وان استمرارها اى الثورة المضادة فى السير فى طريق مضاد محكوم عليه بالإخفاق والسقوط. وهنا يظهر التناقض الحاد فى سمات الثورة المضادة المصرية: انها تريد أن تحل محل الثورة بتبنى عدد من جوانبها وتريد فى الوقت نفسه أن توقف مسيرة الثورة التى عن طريقها تكتمل العملية الثورية ويكتمل تحقيق الأهداف سنة وراء اخرى. وهنا أيضا يظهر أن الثورة المضادة تعتقد أن طاقة الثورة تكون قد نضبت تماما بانتهاء الفترة انتقالية ودعم النتائج التى تسفر عنها هذه الفترة خاصة فى مجال الحكم اى فى مجال الديمقراطية ومؤسساتها وعلى رأسها المجلس التشريعى (مجلس الشعب) ووثائقها الأساسية وعلى رأسها الدستور.

ويبدو أن الثورة المضادة تعتقد انه اذا انقضت مناسبة العيد الأول للثورة فى 25 يناير الحالى دون أحداث تجدد الثورة وطاقاتها وطريقها أى ما أسمته الثورة المضادة بإلحاح بأنه «مخطط تخريب مصر» فإن العيد السنوى الثانى وبعده الثالث وصو الى ما هو ابعد زمنيا بكثير سيأتى وقد تحولت الثورة الى مجرد عيد واحتفال سنوى.. ولا مانع لدى الثورة المضادة من ذلك. فإنها ستكون قد أبقت أهداف الثورة بعيدا عن متناول الشعب بل بعيدا عن الذاكرة القومية والوجدان الشعبى. شىء اشبه ما يكون بذكرى ثورة يوليو 1952 بعد رحيل جمال عبد الناصر عن عالمنا ورحيله بعد ذلك على يد أنور السادات من واقعنا وسياساتنا نحو كل ما هو مضاد لفكر ذلك القائد الراحل وطموحاته الثورية الاجتماعية والتحررية.

انما يبقى أن هذا الاعتراف من جانب الثورة المضادة وهى فى ذروة قوتها وتمكنها يدل على انها وصلت الى نقطة الوعى بان وأد الثورة او محوها هدف مستحيل مهما كانت النتائج التى أمكن التوصل إليها. وهذه النتائج التى توصلت اليها الثورة المضادة لا تتجاوز تثبيت الأوضاع التى كان النظام القديم قد رسخها. وهذه تتلخص فى أمرين اثنين: الأول تثبيت النظام الداخلى عند خطوط الرأسمالية كنظام اقتصادي اجتماعى، والثانى تثبيت العلاقات الخارجية عند خطوط التحالف مع الولايات المتحدة حليف إسرائيل الأساسى والرئيسى وخطوط السلام بالتالى مع إسرائيل. بالإضافة إلى ما بين هذه الخطوط الداخلية والخارجية من تبادل وتفاعل، كل يدعم الآخر ويدعم تثبيته.

●●●

فهل يعنى هذا كله أن ثورة 25 يناير قد توقفت انتهت وراء خطوط هذين النظامين الداخلى والخارجى كما حددتهما بعناد قوى الثورة المضادة؟ بمعنى آخر هل انتصرت الثورة المضادة على الثورة بان تبنتها فى حدود هذه الخطوط وتبنت قيمتها التاريخية وتبنت استمرارها ذكرى فى الوجدان الشعبى المصرى؟

لعل الإجابة الواضحة والقاطعة على مثل هذه التساؤلات تنصح بانتظار سلوك الثورة اى سلوك الثوريين خلال الفترة المقبلة. نعنى الفترة التى تبدأ من اليوم الخامس والعشرين من يناير 2012. وذلك على أساس أن الثوار مطالبون بأن يثبتوا أنهم لم يكتفوا بما تم حتى الآن، وهو فى نظر الشعب المصرى لم يتجاوز حدود تنحية مبارك ومجموعته الفاسدة التى كانت تستعد لتوريث حكمه لابنه استمرارا للفساد وسطوة الأقلية المستفيدة. وهذه إجابة لا يمكن تنحيتها جانبا. فإن مصير مسار هذه الثورة يتوقف على ما سيفعله الثوار لكى يبرهنوا على أن الثورة لم تكن محدودة الأهداف الى هذا الحد وإلا لما استحقت من البداية اسم الثورة. فالثورات لا تنطلق لمجرد تغيير حاكم ومجموعته، إنما تهدف الى تغيير الواقع برمته نحو نظام جديد قادر على تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية للأغلبية الساحقة من الشعب. الثورات تنطلق لإطلاق قدرات وطاقات الجماهير الشعبية وإظهار كل الجوانب الإيجابية فى الجماهير الشعبية بما فيها أخلاقياتها وقدراتها الإنتاجية والإبداعية.

مع ذلك فإن هذه اجابة لا تكفى فى ذاتها. اولا لأن الثورة لا تستطيع أن تعيش فى حالة انتظار لما يمكن أن يفعله وما لا يمكن أن يفعله الثوار لمواصلة طريق الثورة حتى وضعها على طريق تحقيق أهدافها. وثانيا لأن الثوار الذين خرجوا يوم 25 يناير الماضى والايام التالية حتى يوم سقوط رئاسة النظام القديم لا يزالون فى حالة الغليان نفسها التى تعتمل بداخلهم واعين بأن الثورة لم تحقق أهدافها الأساسية السياسية والاجتماعية والإنسانية. والثوار فى حالة الغليان تلك لا يمكنهم أن ينصرفوا الى بيوتهم مقهورين فى حالة من الإذل والحزن على شهدائهم ومصابيهم. هذا يمكن أن يحتمله الوجدان الوطنى والقومى. واهم من هذا يمكن أن تحتمله الحالة التى تعيشها الجماهير الشعبية العربية انتظارا لرؤية نتائج الثورة النموذج.. الثورة المصرية. أن الثورة المضادة تبقى محدودة القوى على الرغم من كل ما برهنت على قدرتها على أدائه خل الأشهر السابقة منذ يوم 25 يناير 2011. يمكن القول بان الثورة المضادة حققت كل ما هو باستطاعتها. لم تعد لها أهداف سوى التمسك بالحكم كوسيلة للإبقاء على ما استطاعت تحقيقه، وهو فى تقدير الشعب المصرى أيضا الإبقاء على النظام القديم بعد التخلص من رئيسه وجماعته ومشروع التوريث.

ونظام حكم ب أهداف سوى التمسك بالحكم يتحول الى نظام قديم، مع فارق أساسى هو وجود الثوار الماثل دائما أمام أعين الجميع. وكان هذا الوجود غير مرئى للنظام القديم وإ لما فوجئ به كما حدث، الأمر الذى اجبره على التنحى ونقله من قصور الحكم الى قفص محكمة الجنايات. و يستطيع النظام القديم الجديد أن يتجاهل وجود الثوار المستعدين دوما لمواصلة الثورة. فإما أن يتجاهلهم وإما أن يتصدى لهم كما فعل فى ميدان التحرير والشوارع المحيطة. فى الحالة الأولى يعرض نفسه لهجمات ثورية تقل قوة وعنفوانا عن أحداث ثورة 25 يناير نفسها. وفى الحالة الثانية حالة التصدى يكون قد سلم بان الثورة مستمرة وان أحداث الميادين والشوارع لم تقض عليها كما تصور او كما صور للوطن كله.

تقديرنا أن الثورة المضادة استنفدت أغراضها وأساليبها. وحان الوقت لتتراجع وتستسلم بصورة نهائية. ولن يكون ذلك امرا بالغ الصعوبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.