أزمة الطلاب المصريين في قرغيزستان.. وزيرة الهجرة توضح التطورات وآخر المستجدات    بشرى سارة.. وظائف خالية بهيئة مواني البحر الأحمر    مجلس القومي للمرأة بالأقصر يدرب 50 من القادة الدينية لتوعية بأهمية القضية السكانية    نقيب المهندسين يشارك بمعرض تخرج طلاب الهندسة بفرع جامعة كوفنتري بالعاصمة الإدارية    الخارجية الألمانية: نحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية    بعد الموقف الأخلاقي مع دونجا، مطالب بتكريم نجم نهضة بركان المغربي    أيمن بدرة يكتب: بطلوا تهريج    غدا، جنايات المنصورة تنطق حكمها على مدرس الفيزياء المتهم بقتل طالب    كم يوم باقي على عيد الاضحى؟ المعهد القومي للبحوث الفلكية يوضح    النائب محمد زين الدين: مشروع قانون المستريح الإلكترونى يغلظ العقوبة    إصابة 8 أشخاص في تصادم ميكروباص بسيارة نقل ب «طريق مصر- أسوان الزراعي»    أخبار الفن اليوم: نجوم العالم يدعمون القضية الفلسطينية بمهرجان كان.. وشيرين عبد الوهاب تقدم بلاغا للنائب العام ضد روتانا    16 كيلو ذهب عيار 24.. 15 صورة جديدة لضريح ومسجد السيدة زينب    وزير الصحة: منظومة التأمين الصحي الحالية متعاقدة مع 700 مستشفى قطاع خاص    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    التربية النوعية بطنطا تنظم ملتقى التوظيف الثالث للطلاب والخريجين    قصواء الخلالي: النظام الإيراني تحكمه ولاية الفقيه وفق منظومة سياسية صارمة    في أول أسبوع من طرحه.. فيلم الأصدقاء الخياليين - IF يتصدر إيرادات السينما العالمية    رياضة النواب تطالب بحل إشكالية عدم إشهار 22 ناديا شعبيا بالإسكندرية    أخبار الأهلي : أحمد الطيب عن لاعب الأهلي : هاتوه لو مش عاوزينه وهتتفرجوا عليه بنسخة زملكاوية    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد بعد هجوم ميلي على حكومة سانشيز    جنوب أفريقيا ترحب بإعلان "الجنائية" طلب إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت    الرياضية: جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    تكريم نيللي كريم ومدحت العدل وطه دسوقي من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    الأرصاد تحذر من الطقس غداً.. تعرف علي أعراض ضربة الشمس وطرق الوقاية منها    لحرق الدهون- 6 مشروبات تناولها في الصيف    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    ليفربول يعلن رسميًا تعيين آرني سلوت لخلافة يورجن كلوب    أحمد الطاهري: مصرع الرئيس الإيراني هو الخبر الرئيسي خلال الساعات الماضية    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    انقسام كبير داخل برشلونة بسبب تشافي    رئيس الوزراء يشهد افتتاح جامعة السويدى للتكنولوجيا "بوليتكنك مصر" بالعاشر من رمضان.. ويؤكد: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    خالد حنفي: علينا إطلاق طاقات إبداع الشباب والاهتمام بريادة الأعمال والابتكار    الأوبرا تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    "اليوم السابع" تحصد 7 جوائز فى مسابقة الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين    تحرير 174 محضرًا للمحال المخالفة لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    قائمة الأرجنتين المبدئية - عائد و5 وجوه جديدة في كوبا أمريكا    تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين    حجز شقق الإسكان المتميز.. ننشر أسماء الفائزين في قرعة وحدات العبور الجديدة    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    الصحة تضع ضوابط جديدة لصرف المستحقات المالية للأطباء    تراجع ناتج قطاع التشييد في إيطاليا خلال مارس الماضي    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    إيتمار بن غفير يهدد نتنياهو: إما أن تختار طريقي أو طريق جانتس وجالانت    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    تأجيل محاكمة رجل أعمال لاتهامه بالشروع في قتل طليقته ونجله في التجمع الخامس    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    محافظ قنا يتفقد مركز تدريب السلامة والصحة المهنية بمياه قنا    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    خلاف في المؤتمر الصحفي بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية بسبب أحمد مجدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا ثوار مصر انتبهوا.. جول إسرائيلى فى المرمى المصرى
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 12 - 2011

فى خضم معركة المصريين لنيل حريتهم، واستشهادهم للاعتراف بكرامتهم الإنسانية، زار رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ماردييت إسرائيل فى خطوة كانت متوقعة للمراقبين والخبراء ولكنها ربما تكون مفاجئة للشارع المصرى المشغول بمعارك بناء دولة مصر الجديدة هذه الزيارة قد يعتبرها البعض طعنة فى الظهر خصوصا وهو يعلم أن بعض المساعدات المصرية قد ذهبت إلى جنوب السودان من موازنة بلاده المحدودة. وقد يعتبرها آخرون بداية لتهديد حقيقى للشعب المصرى تقوده جنوب السودان لكن فى الأخير علينا أن نعرف لماذا ذهب كير لإسرائيل وهل فرصتنا مازالت سانحة لحماية مصالحنا فى جنوب السودان؟

الدعم الإسرائيلى لجنوب السودان قديم مؤسس على استراتيجية وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلى بن جوريون فى الخمسينيات تقوم على أساس التفاعل مع الأقليات (الأقباط، الأكراد، الأمازيغ، الجنوبيين السودانيين) بحسبان أن هؤلاء ذخيرة مؤكدة يمكن وفقا للتقدير الإسرائيلى تطويعها، وقد دعمت نظم الحكم العربية المخطط الإسرائيلى بطريق غير مباشر حينما فشلت فى احتواء الأقليات وإدارة التنوع داخلها، ولعل حالة السودان نموذج ممثل لهذا الفشل بامتياز. وربما نكون نحن أيضا على نفس الطريق إذا تم تجاهل أسس المواطنة المتساوية فى دستورنا الجديد وأسسنا لحقوق الأغلبية فقط دون توافق وطنى مع الأقلية من الأقباط.

المهم هنا أن الاستراتيجيات الإسرائيلية قد طورت فى التسعينيات من القرن العشرين بنوعين من الأدوات الأول فريق من الخبراء السياسيين الذين عملوا سفراء لإسرائيل فى دول القرن الإفريقى والثانى مركز ديان للأبحاث بجامعة تل أبيب الذى يدرس عن كثب أوضاع الأقليات داخل الدول العربية ويرصد موقفها مع نظم الحكم من جهة، وتفاعلاتها الداخلية من جهة ثانية. وقد تحولت الاستراتيجيات الإسرائيلية بفضل هذه الأدوات من آلية شد أطراف الدول العربية التى وضعها بن جوريون إلى آلية بتر أطراف الدول العربية (جنوب السودان) وتهديد الأمن القومى المصرى بشكل مباشر عبر تعظيم أوراق الضغط الإسرائيلية ضده.

●●●

بطبيعة الحال تتابع وزارة الخارجية وأجهزة الأمن القومى المصرى الاستراتيجيات الإسرائيلية ومدى ما تحققه من نجاح على الأرض فى جنوب السودان ضد مصر، وقدمت تقدير موقف صحيحا فيما يتعلق بضرورة الاعتراف بدولة جنوب السودان، ولكنها فى المقابل اعتبرت أن هذا الاعتراف والمساعدات الاقتصادية المحدودة نسبيا لجنوب السودان يمكن أن تكون كافية، لمواجهة كثرة بل وزيادة الأوراق الإفريقية فى يد إسرائيل ضد المصالح المصرية.

من المؤكد فى تقديرى أن توجهات ثورة مصر المرعبة لإسرائيل، وصعود التيار الإسلامى فى مصر عبر صناديق الانتخاب المقلق لدولة جنوب السودان قد شكل أساسا لعلاقة استراتيجية يؤسسها الطرفان حاليا، ذلك أن توقعات الجنوبيين السودانيين تصب فى اتجاه أن التيار الإسلامى المصرى سوف يقوم بتقديم دعم غير محدود لحكومة شمال السودان الإسلامية، فوفقا لمعلومات غير مؤكدة لدينا أن الأخيرة قد قدمت دعما ماليا إلى جماعة الإخوان المسلمين قبيل الانتخابات، وربما هذا التقدير يكون منطقيا فى ضوء ما اعترف به الرئيس السودانى عمر البشير من تقديمه أموالا وأسلحة للثوار الليبيين، ثأرا من نظام القذافى الذى دعم الحركات الدارفورية ضده، وتقديرا أن الصاعدين إلى السلطة فى ليبيا ينتمون إلى التيار الإسلامى بما يشكله ذلك من دعم للسودان الشمالى.

من الأفضل لمصر والمصريين الآن بعد الجول الإسرائيلى فى المرمى المصرى ألا ينظروا لزيارة سلفا كير من زاوية تخوينه المطلق، أو عدم تفهم دوافعه المرتبطة بأمرين أولا موازنة التهديدات التى يواجهها من شمال السودان وربما مصر إذا تحالف الإسلاميون فى الدولتين، وثانيا رغبته فى تنمية اقتصادية لبلاده ضن عليه العرب الخليجيون بتمويلها مع ما يملكونه من أموال باهظة، وعجز رجال الأعمال المصريين أن يقدموا عليها فى ضوء اعتباراتهم القائمة على مبدأ الربح فقط دون اعتبار لمصالح بلادهم الوطنية، خصوصا أن مؤسسات الدولة المصرية لم تنجح فى الضغط على رجال الأعمال فى هذا الاتجاه رغم حجم التسهيلات التشريعية الهائلة التى حصلوا عليها لتنمية أعمالهم، وحجم القروض الكبير الذى حصدوه من البنوك العامة المصرية أى من أموال الشعب.

●●●

المطلوب الآن السعى إلى طمأنة المخاوف السودانية الجنوبية المتصاعدة، واعتبار أن ساحة جنوب السودان هى ملعب للتنافس المصرى الإسرائيلى متاح دائما فيه تسجيل الأهداف المصرية، خصوصا أنه لا وجدان شعب دولة جنوب السودان ولا موقف نخبته معاد لمصر بل إن الجميع يذكر بالخير المساعدات المصرية المتواصلة على محدوديتها ولعل من هذه الزاوية يمكن أن نفعل المخزون الإيجابى المصرى فى جنوب السودان عبر عدد من الخطوات التى أراها أساسية منها:

أولا: تقديم كل من جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة مع نواب الأحزاب السلفية تصورا واضحا للرأى العام المصرى إزاء موقفهم من العلاقة بدولتى السودان وهل سوف تستمر الاستراتيجية المصرية بالتوازن بينهما أم أنهم سوف يقدمون على ترجيح كفة دون أخرى خدمة للمشروع الإسلامى وقفزا على المصالح الوطنية المصرية.

ثانيا: أن يبادر البرلمان المصرى بمجرد انعقاده وطبقا لخطة عمل واضحة بزيارة دولتى السودان وتوضيح موقف دولة مصر من التعاون الإستراتيجى الإسرائيلى مع دولة جنوب السودان، والاستماع بانتباه إلى متطلبات التنمية فى جنوب السودان والعمل قدر الطاقة على تلبيتها.

ثالثا: السعى إلى تدشين تعاون مصرى عربى لتمويل مشروعات التنمية الجنوبية، بأياد عربية، وليست آسيوية لتساهم فى تحسين صورة العربى فى إفريقيا بشكل عام وفى جنوب السودان بشكل خاص، علما بأن هذه الخطوة تلبى المصالح الخليجية فى إمكانية الحصول على منتجات زراعية استراتيجية من جنوب السودان عبر آلية تبادل المنافع.

رابعا: السعى لدى قيادة دولتى السودان لتخفيف التوتر بينهما خصوصا أن الموقف الأمريكى المعلن لم يدعم تغولا جنوبيا على حساب الشمال، ودعا الجنوبيين إلى احترام شروط استقرار دولة شمال السودان بعد تكوين تحالف كاودا من الفصائل المسلحة فى دارفور، من هنا قد تكون قدرات اللاعب الإسرائيلى مرتبطة نسبيا بالموقف الأمريكى.

خامسا: السعى لتفعيل أوراق الضغط المصرية ضد إسرائيل فى البحر الأحمر والتراجع عن تمرير أسلحة للقواعد الإسرائيلية عبر قناة السويس وهى المسألة التى كشفها الجنرال يعقوب عميدور فى يونيو 2010 فى شهادته أمام مجلس الأمن القومى الإسرائيلى مشيرا إلى طبيعة وحجم الأسلحة التى عبرت قناة السويس لموازنة الوجود العسكرى الإيرانى فى البحر الأحمر.

سادسا: فتح حوار عربى عربى حول منظومة أمن البحر الأحمر بعد تدويله وتعدد اللاعبين الدوليين فيه بما يصون مصالح الدول العربية المطلة عليه وربما يكون من المناسب أن يكون هذا الحوار تحت مظلة جامعة الدول العربية التى لديها خبرات فى هذا الملف الشائك.

●●●

المهم أخيرا أنه علينا الانتباه أن نضال المصريين من أجل الديمقراطية وثورتهم للحصول على كرامتهم الإنسانية لا ينبغى أن يشغلاهم عن المهددات المحيطة بهم وأن أجوال الشعب لابد أن تكون بالتوازى ما بين ميادين التحرير المصرية والعواصم الإقليمية والعالمية يا ثوار مصر انتبهوا من فضلكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.