تساءل شاكر عبدالحميد وزير الثقافة، اليوم السبت، فى كلمته الافتتاحية للمؤتمر الدولى (الثورة والثقافة) عن أسباب محاولة إجهاض ثورة 25 يناير . قائلا لماذا تقوم الثورات وتجهض أحيانا كما نشهد الآن؟. وأضاف عبدالحميد - أمام المؤتمر الذى يقيمه المجلس الأعلى للثقافة فى المسرح الصغير بدار الأوبرا لمدة ثلاثة أيام بمشاركة نخبة من الباحثين المصريين والعرب والأجانب - أن الثورة ليست شيئا افتراضيا وليست بالشىء المجرد ولا فكرة كبيرة فقط ، بل هى ممارسة ليست بعيدة عن الواقع.
وتابع "رأينا فى الثورات المصرية والتونسية والليبية واليمنية وغيرها حضورا كثيفا وجارفا وواضحا للميديا والتقنيات الحديثة التى يطلق عليها أحيانا لقب الواقع الافتراضى ، لكن ما أقصده هو أن الثورة ليست مطلقة ، فهى ممارسة ترتبط بها الهوية ، فالثورة ما هى إلا هوية ، هذه الهوية ليست خارجة عن الزمان والمكان ، فهى ليست شيئا مثبتا على لحظة زمنية بعينها".
وقال "لا يمكن أن نتصور الثورة على أنها ترتبط بالماضى ، لأن ذلك يقيدها ويجمد معناها ويجعلها تقع فى أسر إطار مغلق جامد متكرر يعمل ضدها وضد الإبداع ، فينبغي أن ننظر إليها على أنها موجودة فى إطار زمنى منفتح يجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل".
وأشار إلى أن هوية الثورة تتشكل عندما يواجه الواقع أو المجتمع أو الناس الموت ، وعندما يواجهون موت الأفكار والموت بالمعنى المادى ، وعندما يواجهون الجوع بالمعنى المادى والمعنوى وعندما يفقد الواقع معناه.
ومن جانبه ، قال سعيد توفيق الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة ، فى كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إنه كان مقررا عقد هذا المؤتمر فى الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، ولكن تم التأجيل بسبب المظاهرات والاضطرابات التى جرت منذ ذلك الحين.
وأضاف توفيق "من الضرورى أن نفهم معنى هذا الذى حدث ، ولماذا حدث قبل أن نستشرف أفقه ، فهناك من يرونه أقرب للانتفاضة ، لا الثورة بمعناها الدقيق ، لأن الثورة تعنى تغييرا فى النظام ذاته ، لابد أن نعترف أن ما حدث كان ثورة وإن لم تكتمل بعد".
وتابع "الحقيقة المؤكدة أن الثورة لا يمكن أن تكتمل إلا إذا صاحبها تغيير فى الثقافة ذاتها بالمعنى الواسع ، أى تغيير فى وعى الناس ، فحياة الناس وعالمهم لا يمكن أن يتغيرا إلا عندما يتغير الوعى ذاته".
كما تحدث الناشط السياسى أحمد بهاء الدين شعبان الذى طلب الوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهداء 25 يناير ، قائلا "إن هذا اليوم تنعقد فيه وقائع هذا المؤتمر الذى يحمل عنوانا دالا (الثورة والثقافة) فالمفردتان تتداخلان عضويا، بحيث يتعذر وجود ثورة حقيقية بدون تمهيد ثقافى ضرورى ، يزلزل الأفكار البالية المستقرة فى العقول البليدة ويطرح المفاهيم الثابتة على بساط البحث ويحطم الهالات المصطنعة ، ويؤسس للزمان الجديد، وهذا ما فعله المثقفون فى النصف الأول من القرن الماضى تمهيدا لثورة 23 يوليو 1952".
وأكد شعبان أن للثقافة دورا محوريا ليس فحسب فى التمهيد للثورات والتبشير بمقدمها، وإنما حمايتها من المؤامرات فقد كان للمثقفين المصريين دور مشهود فى الدفاع عن الديمقراطية وهو ما تبدى فى معركة "اللجنة التأسيسية" الأخيرة التى حسمها القضاء العادل بحكمه التاريخى المشهود.
وأضاف أن هناك من يستهدف العبث فى مكونات الهوية المصرية المستقرة، واتجاهات متحفزة تتربص بالثقافة والإبداع، وهى ترى فيها تخريفا إن لم يكن تجديفا وتنظر إلى ما قدمه كاتب كبير مثل نجيب محفوظ الذى اعترف العالم كله بأدبه الراقى ، باعتباره أدبا فاسدا عاطلا عن القيمة.