أكد محمد إبراهيم وزير الآثار، أن إنشاء متحف السويس القومى للآثار يأتي تتويجا لكفاح الشعب السويسي العظيم ليحكى ويسرد تاريخ المدينة الباسلة الواقعة عند الطرف الشمالي لخليج السويس ، ذلك الموقع الذى أهلها ليكون لها دور فاعل ومؤثر في تاريخ هذه المنطقة على مر العصور. جاء ذلك خلال افتتاح وزير الآثار اليوم الأحد، لمتحف السويس القومى للآثار بالمدينة الباسلة، والذى رافقه خلالها قيادات محافظة السويس ووزارة الآثار ، مشيدا بالدور البطولى الذى تلعبه المدينة وأهلها عبر التاريخ والتضحيات التى يقدمونها من أجل الوطن.
ونوه إبراهيم بأنه قدر لمدينة السويس الباسلة أن تكون مدينة الكفاح والتضحيات ؛ فقديما شكلت كتائب الفدائيين التى هاجمت معسكرات الاحتلال البريطانى ، وحديثا كانت هى الشرارة الأولى لانطلاق ثورة 25 يناير العظيمة.
وأكد أن افتتاح المتحف كما وعد أن يكون فى الذكرى الأولى لثورة 25 يناير هو تعويضا لأبناء محافظة السويس عن فقدان متحفهم القديم أثناء حرب يونيو عام 1967 ، ويأتى كمركز إشعاع حضارى وثقافى متطور على أحدث تكنولوجيا إقامة متاحف الآثار فى العالم ، بعد أن عكف على إعداده فريق من الآثاريين والمنفذين على مدى عقد كامل.
وقال إبراهيم إن تكلفة المتحف بلغت 48 مليون جنيه ويضم 1500 قطعة أثرية ويقام على مساحة 5950 مترا مربعا، ويحكى قصة مدينة السويس ابتداء من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث أي ما يقرب من سبعة آلاف عام.
ولفت إلى أن المتحف تم تصميمه بشكل جديد، حيث يتكون من طابقين تفصل بينهما صالة عرض مكشوفة يراها زائر المتحف من مسافة بعيدة وتعرض بها مجموعة من الأعمدة الأثرية ، التي ترجع إلى العصرين اليوناني والروماني (332 ق.م - 364م).
وأوضح إبراهيم أن المتحف يتناول تاريخ المدينة عبر العصور المختلفة، وذلك بدءا من تاريخ السويس من خلال قناة سيزوستريس التي شيدت خلال عصر الملك سنوسرت الثالث (1878-1840 ق.م)، وهي القناة التي ربطت البحرين الأحمر والمتوسط عبر نهر النيل ، ولارتباط هذه القناة بتاريخ السويس ، فقد خصص لها المتحف قاعة مستقلة بجانب قاعات الملاحة والتجارة والتعدين والمحمل وقناة السويس.
ويحدد سيناريو العرض في هذه القاعة بأن يتم عرض قطع أثرية وتماثيل لملوك الفراعنة الذين أسهموا في إنشاء هذه القناة والحفاظ عليها وصيانتها طوال العصور ، وكذلك خلال العصرين اليوناني والروماني، وصولا إلى دخول الإسلام إلى أرض مصر مع عمرو بن العاص (20 هجرية - 640م) أبرزها تمثال للملك (سنوسرت الثالث) جالسا، وهو الفرعون الذي فكر في شق القناة.
ومن جانبه ، صرح محمد الشيخة رئيس قطاع المشروعات بوزارة الآثار، حول مكونات ومساحات متحف السويس الجديد تبلغ مساحة الطابق الأول بالمتحف 2500 متر مربع ، ويضم قاعة كبار الزوار وقاعة محاضرات تتسع لنحو مائة فرد وقاعة كبيرة للعرض المتغير ثم الجانب الآخر وتقع فيه مكاتب الإدارة وغرفة المراقبة والمخزن وأقسام الترميم والتصوير والأمن. أما الطابق العلوي فيضم قاعات العرض الرئيسية وهي ست قاعات ، فيما تضم القائمة المكشوفة بين الطابقين الأول والثاني عرضا متحفيا لمجموعة من القطع الأثرية التي ترجع إلى العصرين اليوناني والروماني.
ومن ناحية أخرى ، أشار عادل عبدالستار رئيس قطاع المتاحف، إلى أن متحف السويس القومى للآثار يهدف إلى عرض العديد من القطع الأثرية التي تركز على تاريخ منطقة السويس من خلال مجموعة من الآثار المكتشفة بالمحافظة منها رأس لتمثال الملكة حتشبسوت صاحبة الرحلات البحرية إلى بلاد بونت (الصومال حاليا) بجانب مجموعة من الكتل الحجرية تكون نقشا فريدا للمعبود حابي رمز النيل ، وهو النقش الذي تم الكشف عنه بمنطقة أولاد موسى ، ويعتبره الآثاريون دليلا على وصول النيل إلى هذه المنطقة قديما.
وقال إن قاعة الملاحة والتجارة يعرض فيهما أنواع المراكب المختلفة بمصر القديمة ونقوش صخرية للمراكب ونماذج لمراكب خشبية وتماثيل بحارة ولوحه للملك مرنبتاح (1213-1203 ق.م) من ملوك الأسرة التاسعة عشرة (1295-1186 ق.م)، الذي تولى العرش بعد أبيه الملك رمسيس الثاني (1279-1213 ق.م) ، ويظهر وهو يدافع عن السواحل المصرية ضد شعوب البحر، علاوة على مجموعة من الآواني الفخارية المحلية والمستوردة من مناطق خارج حدود مصر.
وأضاف أن من أهم قاعات المتحف الجديد هي قاعة المحمل التي تحكي تاريخ السويس باعتبارها أهم المحطات التي ينطلق منها الحجيج إلى الأراضي المقدسة ، ومنها كان يخرج موكب الحجيج والمحمل الذي توضع عليه كسوة الكعبة المشرفة بعد تصنيعها في القاهرة بدار الكسوة ، إلى بيت الله الحرام في مكةالمكرمة.
كما يضم المتحف قاعة للتعدين توضح الإنجازات الحضارية والصناعية التي اعتمدت على التعدين في مصر منذ عصور ما قبل الأسرات الفرعونية وحتى العصور الإسلامية، بهدف إبراز الأنشطة التعدينية المختلفة بالسويس مثل استخراج المعادن من الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد، والأحجار الكريمة مثل الفيروز والزمرد والعقيق وغيرها، وهي من القاعات الفريدة في المتاحف المصرية.
وأشار إلى أن الحديقة المتحفية المفتوحة تعرض أربع قطع رئيسية ، أهمها نموذج حديث لمركب مماثل للمراكب التي كانت سائدة في عهد الملكة حتشبسوت والتي استخدمتها في التجارة عبر البحر الأحمر، والوصول إلى بلاد بونت على الساحل الشرقي للبحر الأحمر منذ ما يقرب من 3500 سنة تقريبا.