افتتح الدكتور محمد إبراهيم، وزير الآثار، واللواء محمد عبد المنعم هاشم، محافظ السويس، صباح اليوم، الأحد، متحف السويس القومى للآثار أمام حركة السياحة المحلية والدولية فى احتفالية كبرى، وذلك بمناسبة مرور عام على ثورة 25 يناير وتقديرا لمدينة السويس الباسلة التى انطلقت منها الشرارة الأولى للثورة المصرية. وأشاد الوزير بالدور البطولى الذى تلعبه مدينة السويس وأهلها عبر التاريخ والتضحيات التى يقدمونها من أجل الوطن، منوها إلى أنه قدر لمدينة السويس الباسلة أن تكون مدينة الكفاح والتضحيات، فقديما شكلت كتائب الفدائيين التى هاجمت معسكرات الاحتلال البريطانى وحديثا كانت هى الشرارة الأولى لانطلاق ثورة 25 يناير. وقال الوزير إنه حرص على افتتاح المتحف فى احتفالات مصر بذكرى ثورة 25 يناير تكريما لمدينة السويس التى اندلعت منها الثورة المصرية، موضحا أن المتحف يسرد تاريخ المدينة عبر العصور المختلفة ويأتى تتويجا لكفاح الشعب السويسى، فهو يسرد تاريخ المدينة الواقعة عند الطرف الشمالى لخليج السويس، وهو ما ساهم فى دور لها فى تاريخ هذه المنطقة على مر العصور. وأوضح الوزير أن تكلفة المتحف بلغت 48 مليون جنيه ويضم 1500 قطعة أثرية ويقام على مساحة 5950 مترا مربعا، ويحكى قصة مدينة السويس ابتداء من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، أى ما يقرب من سبعة آلاف عام. لافتا أن المتحف تم تصميمه بشكل جديد، حيث يتكون من طابقين تفصل بينهما صالة عرض مكشوفة يراها زائر المتحف من مسافة بعيدة، وتعرض بها مجموعة من الأعمدة الأثرية التى ترجع إلى العصرين اليونانى والرومانى (332 ق.م - 364م). يوضح إبراهيم أن المتحف يتناول تاريخ المدينة عبر العصور المختلفة، وذلك بدءا من تاريخ السويس من خلال قناة "سيزوستريس" التى شيدت خلال عصر الملك "سنوسرت الثالث" (1878-1840 ق.م)، وهى القناة التى ربطت البحرين الأحمر والمتوسط عبر نهر النيل. ولارتباط هذه القناة بتاريخ السويس، فقد خصص لها المتحف قاعة مستقلة، بجانب قاعات الملاحة والتجارة والتعدين والمحمل وقناة السويس، ويحدد سيناريو العرض فى هذه القاعة بأن يتم عرض قطع أثرية وتماثيل لملوك الفراعنة الذين ساهموا فى إنشاء هذه القناة والحفاظ عليها وصيانتها طوال العصور، وكذلك خلال العصرين اليونانى والرومانى، وصولا إلى دخول الإسلام إلى أرض مصر مع عمرو بن العاص (20ه - 640م)، أبرزها تمثال للملك (سنوسرت الثالث) جالسا، وهو الفرعون الذى فكر فى شق القناة". يقول د.محمد الشيخة، رئيس قطاع المشروعات، تبلغ مساحة الطابق الأول بالمتحف 2500 متر مربع، ويضم قاعة كبار الزوار وقاعة محاضرات تتسع لنحو مائة فرد وقاعة كبيرة للعرض المتغير، ثم الجانب الآخر وتقع فيه مكاتب الإدارة وغرفة المراقبة والمخزن وأقسام الترميم والتصوير والأمن، أما الطابق العلوى فيضم قاعات العرض الرئيسية وهى ست قاعات، فيما تضم القائمة المكشوفة بين الطابقين الأول والثانى عرضا متحفيا لمجموعة من القطع الأثرية التى ترجع إلى العصرين اليونانى والرومانى. يقول عادل عبد الستار، رئيس قطاع المتاحف، إن المتحف يهدف إلى عرض العديد من القطع الأثرية التى تركز على تاريخ منطقة السويس من خلال مجموعة من الآثار المكتشفة بالمحافظة، منها رأس لتمثال الملكة "حتشبسوت" صاحبة الرحلات البحرية إلى بلاد "بونت" (الصومال حاليا)، بجانب مجموعة من الكتل الحجرية تكون نقشا فريدا للمعبود "حابى" رمز النيل، وهو النقش الذى تم الكشف عنه بمنطقة أولاد موسى، ويعتبره الآثاريون دليلا على وصول النيل إلى هذه المنطقة قديما. مؤكدا أن قاعة الملاحة والتجارة، يعرض فيهما أنواع المراكب المختلفة بمصر القديمة، ونقوش صخرية للمراكب، ونماذج لمراكب خشبية وتماثيل بحارة، ولوحة للملك "مرنبتاح" (1213-1203 ق.م) من ملوك الأسرة التاسعة عشرة (1295-1186 ق.م)، الذى تولى العرش بعد أبيه الملك "رمسيس الثانى" (1279-1213 ق.م)، ويظهر وهو يدافع عن السواحل المصرية ضد شعوب البحر، علاوة على مجموعة من الأوانى الفخارية المحلية والمستوردة من مناطق خارج حدود مصر. وأن من أهم قاعاته هى "قاعة المحمل"، التى تحكى تاريخ السويس باعتبارها أهم المحطات التى ينطلق منها الحجيج إلى الأراضى المقدسة، ومنها كان يخرج موكب الحجيج والمحمل الذى توضع عليه كسوة الكعبة المشرفة بعد تصنيعها فى القاهرة بدار الكسوة، إلى بيت الله الحرام فى مكةالمكرمة. ويعرض بهذه القاعة ثلاث قطع من كسوة الكعبة، منها ستارة باب التوبة ونموذج للمحمل وخطابات الحجيج بقلعة عجرود، وأسقف ومشربيات من الخشب ومجموعة من الخزف والمشكاوات الزجاجية والنسيج. كما يضم المتحف قاعة للتعدين توضح الإنجازات الحضارية والصناعية التى اعتمدت على التعدين فى مصر منذ عصور ما قبل الأسرات الفرعونية وحتى العصور الإسلامية، بهدف إبراز الأنشطة التعدينية المختلفة بالسويس، مثل استخراج المعادن من الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد، والأحجار الكريمة مثل الفيروز والزمرد والعقيق وغيرها، وهى من القاعات الفريدة فى المتاحف المصرية، كما يعرض بذات القاعة نماذج لأوانى صهر وصب المعادن ونماذج لأوان من البرونز وتماثيل لمعبودات مصرية قديمة من الفيانس (خزف القيشاني) والأحجار وحلى وعقود وأساور وأسلحة. لافتا إلى أن المتحف يضم روائع آثار العصرين اليونانى والرومانى والحقبة المسيحية، بجانب بعض الوثائق والصور الزيتية لكل من الخديوى سعيد الذى أصدر مرسوم امتياز حفر قناة السويس، والخديو إسماعيل الذى قام بافتتاحها، وميدالية عليها وجه المهندس الفرنسى "فرديناند ديليسيبس" مشرف مشروع حفر قناة السويس، والعربة الملكية الخاصة بافتتاح القناة، إضافة إلى مجموعة من الميداليات البرونزية والذهبية التى صدرت بمناسبة افتتاح القناة، ومجموعة الأوسمة والنياشين التى منحت عند الافتتاح. مشيرا إلى أن الحديقة المتحفية المفتوحة، تعرض أربع قطع رئيسية، أهمها نموذج حديث لمركب مماثل للمراكب التى كانت سائدة فى عهد الملكة "حتشبسوت" والتى استخدمتها فى التجارة عبر البحر الأحمر والوصول إلى بلاد "بونت" على الساحل الشرقى للبحر الأحمر منذ ما يقرب من 3500 سنة تقريبا.