استجابة لتوصية د. مصطفى ناصف الذي رحل عام 2008 تاركا مخطوطاً عند ورثته، بألا يطبع كتابه "لعبة الكتابة" وينشر إلا من خلال مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، فقد نفذت وصية الراحل.
وصدر الكتاب عن مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية في دبي والذي فاز بجائزة الدراسات الأدبية والنقد الدورة الثامنة وذلك ضمن مشروع سلسلة "الفائزون"، الذي ينتخب واحداً من أفضل كتب الفائزين بالجائزة ويعيد طباعتها من جديد.
يشرح ناصف مفهومه للكتابة بقوله "ظاهرة الكتابة في العالم العربي الحديث هي تنمية التخلي عن الصرامة الواضحة وقبول اختلاف وتشكك، وتوسع في طرق المواضعة". ويضفي عليها معنى تأويلياً بقوله: "الكتابة أشياء متغيرة ليست دائماً صحيحة. الكتابة اعتبارات متفاوتة تهفو أحياناً إلى الارتباط بطبقات اجتماعية، وتهفو أحياناً إلى مجاوزة هذا الشأن".
يقسّم المؤلف كتابه إلى أحد عشر فصلاً تحمل العناوين التالية: ثقافة متغيرة، نفوذ الكتابة، الكتابة ريب، تحاصرنا الكتابة، وهن جديد، العلم بالكلمات، صعوبة التفاعل، الدعاية، فئة النص، العالم النامي يبحث عن كتابة، المجازية والوضعية .. صراع الكتابة.
ويتحدث د. مصطفى ناصف عن مشكلة الكاتب وعلاقته بسلطة المؤسسات وميلها أحياناً إلى إغراق الكاتب في الماضي، وتوكيد احساسه بقوة يصعب مناوأتها، الكاتب في ظل كهذا يجد من المريح أن يتجنب الصعب، وأن يترجم كل القضايا إلى أمر يشبه المتعة والاستطراد والتراخي. إن الكاتب لا يستطيع تجاهل السلطات، والهيمنة والواقع القوية، لكن صورة الكاتب تستحيل إلى تملق ذكي وتأييد غير مباشر واللعب بفكرة الحرية. ثم يؤكد على دعوته إلى دراسة الكتابة المعاصرة من خلال التصدي لطغيان الثقافة الاحتفالية الأدبية، وما يرتبط بها من المبالغة في رد الفعل العاطفي وطبت قسوة القلب التي تتمثل في الاستعداد للتكذيب، والتوسع في تعاطي المجازية، من المحكمين أن يدرس التحليل اللغوي في إطار عناية أفضل بأمر الكتابة والثقافة العامة.
يذكر أن جائزة الدراسات الأدبية والنقد مُنحت للناقد مصطفى عبده ناصف حسب بيان العويس لأنه كرس جهده على مدى نصف قرن تقريباً للنقد الأدبي الحديث، والتراث الأدبي والنقدي والبلاغي.. وقدم مجموعة كبيرة من الدراسات النقدية والنظرية والتطبيقية، أسهمت في تأسيس اتجاه عربي حديث يستلهم تراثنا وينفتح على التيارات العالمية الحديثة في آن.
كما انه أعاد النظر في كثير من المفاهيم والأحكام النقدية السائدة وأعاد قراءة جوانب مهمة من تراثنا على أسس منهجية جديدة، لقد جلا وجوهاً من جماليات النص اللغوي الفني، فقوى من ثقتنا بقدراتنا على النمو بحاضرنا، وطبق رؤيته على نماذج متنوعة من الأعمال النثرية والشعرية القديمة والحديث أثرت في دارسين متعددين في المشروع النقدي العربي المعاصر