ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من الجوائز الأدبية ذات السمعة العالية في عديد من البلدان العربية ، فهي رمز جميل يكرم بها المكدون والمجتهدون في البحث عن ألق الإبداع والخلق والتفرد ، وللجوائز الأدبية بعدان الأول منهما مادي ويتمثل في المبالغ التي يحصل عليها الأديب أو المفكر أو الباحث والآخر إنساني (ولن أقول معنوي لفقدان اللفظة معناها ومفادها) ، وهو الذي يخلد صاحبها ويرفع من رصيده عند جمهوره ومريديه . وتعتبر الجوائز الأدبية والثقافية عمومًا غربية المنشأ ، فلم يهتم بها الوطن العربي إلا من وقت قريب ، بل فجأة تكاثرت وازدحمت ساحة الإبداع بالعديد منها في صحوة بعد جدب طويل غاب فيه الاحتفاء بالإبداع والمبدعين ، قد يتعلل البعض بما لدي الغرب من إسهامات في مجال العمل الأهلي وجمعيات المجتمع المدني والمنظمات المهتمة بالثقافة ونشرها وأيضًا بعض رجال الاقتصاد الذين يخصصون ملايين الدولارات واليوروات لمنح الجوائز مما جعل رجلا مثل بيل جيتس صاحب شركة مايكروسوفت ذائعة الصيت والذي يعتبر أغني أغنياء أهل الأرض يخصص منذ ثلاث سنوات أكثر من ثلاثين مليون دولار لرعاية الشعراء. لابد أن نعلم أن كل ساعة تمر في عالمنا اليوم يمنح خلالها شخص جائزة أدبية ، ولنا أن نعلم أيضا أن بلدا مثل فرنسا يزيد عدد الجوائز فيها عن الألف وخمسمائة سنويا ، أي أنه في اليوم الواحد تمنح خمس جوائز أدبية ، والأمر ليس مثيرا للدهشة في عالم أصبح النشر فيه تجارة رائجة ومربحة . والجوائز الأدبية تمثل أهمية كبيرة للكاتب والقارئ معا، فهي للأول تمثل جواز مرور نحو مبيعات ضخمة ومستقبل أفضل، ويعتبر فوزه بالجائزة هو بداية دخوله في دائرة الضوء، خاصة أن أغلب الفائزين بالجوائز المحلية (أي التي تمنح داخل الدولة لمبدعيها فقط) هم بالضرورة من الشباب . وللجوائز الأدبية موسم يبدأ في العادة في شهر سبتمبر وينتهي في يناير وهو مرتبط في المقام الأول بموسم القراءة الذي يبدأ عقب الإجازات ، وتتباين الجوائز المحلية في العالم من حيث قيمتها المالية بين الرقم صفر وبين أكثر من 500 ألف يورو - بالطبع نتحدث عن جوائز محلية ليست كنوبل مثلا - ، ومن الغريب أن الجوائز الأكثر شهرة كالجونكور الفرنسية مثلا لا تمنح فائزها أي قيمة مالية باستثناء مبلغ 10 يورو وكأس من النبيذ الأبيض يوميا لمدة عام، بينما تصل جائزة الأكاديمية الفرنسية الرسمية إلي نصف مليون يورو . وجائزة بوليتزر هي الجائزة الأدبية الأشهر في الولاياتالمتحدة وهي جائزة متشعبة تمنح في مجال الإبداع لكل من الرواية والشعر والموسيقي وقد وضعت هذه الجائزة عام 1918، وقيمتها المادية تصل الي ألف دولار للإبداع ، اما بريطانيا فأشهر جوائزها الأدبية هي البوكر وتفرع منها البوكر العربية ، وأغلب الجوائز الأدبية في بريطانيا حديثة السن مثل جائزة تحمل اسم الاديب هيوارد سميث التي تأسست عام 1959، وقيمتها الف جنيه استرليني وهي بمثابة جائزة تقديرية تمنح للكاتب عن مجموع أعماله . وفي ألمانيا مجموعة كبيرة من الجوائز لعل أكبرها من ناحية الشهرة والقيمة جائزة تحمل اسم الاديب والمسرحي جورج بوجنر وقيمتها المالية 20 الف يورو أما أعلي الجوائز قيمة أدبية فهي تحمل اسم الروائي هاينريش هايتي وتمنح مرتين كل عام ، وقيمتها في كل مرة 25 الف يورو وتتباين الجوائز الادبية من الناحية الجغرافية فهناك جوائز تمنح في المقاطعات واخري لتشجيع الادباء الشبان، وهناك جائزة تحمل اسم الشاعر راينر ماريا ريلكه تمنح في مدينة فرانكفورت لشاعر متميز عن ديوان جديد نشره في نفس السنة. في إسبانيا فإن جائزة سيربانتس ، لا تُمنَح للكتاب الذي يصدر خلال السنة ، بل لمجموع أعمال الكاتب، وفي ايطاليا تعادل جائزة مونديللو في قيمتها جائزة جونكور الأدبية الفرنسية ، رغم أنها أحدث منها عمرا ، اما اقدم هذه الجوائز فهي باجوتا التي تأسست عام 1927 وقيمتها باليورو مايعادل 15 الف ليرة إيطالية ، وهو مبلغ زهيد لكنه رمزي ، أما جائزة فياريجو فقد بدأت عام 1929 وهي عبارة عن ثلاث جوائز كل منها قيمتها 5 ملايين ليرة. بيد أن أهمّ جائزة علي الإطلاق هي بلا شك جائزة نوبل للآداب التي لا تُمنَح لكتاب، بل لمجموع أعمال كاتبٍ ما مهما كانت جنسيته ولغته ، وقيمة الجائزة عشرة ملايين كورونا . جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية هي جائزة تمنح مرة كل عامين من مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية لعدد من المبدعين العرب، وذلك عن نتاجهم في مجال الشعر والقصة والرواية والمسرحية والدراسات الأدبية والنقدية والدراسات الإنسانية والمستقبلية. وقيمتها مبلغ مالي محدد من القيمة الإجمالية للجائزة والتي تبلغ ستمائة ألف دولار أمريكي ، بواقع مائة وعشرين ألف دولار لكل حقل من الحقول بالإضافة إلي شهادة تقدير ودرع المؤسسة ووشاح وميدالية المؤسسة. وشروطها أن يكون لإنتاج الكتاب والمفكرين المشاركين في المسابقة مكانة متميزة في الإنتاج الثقافي والإبداعي في مجالي الفكر والأدب، وأن يعكس هذا الإنتاج أصالة الفكر العربي وطموحات الأمة العربية ، ويكون لهذا الإنتاج تأثير واضح علي الحياة الثقافية والأدبية والعلمية ، ويجوز منحها عن عمل أو أكثر من أعمال هؤلاء، لتميزه وريادته وتأثيره علي الحياة الثقافية ، وأن يكون المترشح للجائزة عربياً ، وأن يكون نتاجه الإبداعي مكتوباً باللغة العربية الفصحي ، ولا تقبل النتاجات المكتوبة باللهجات العامية أو بلغات أخري غير العربية ،وأن يحدد المرشح الجنس الأدبي الذي رغب الترشيح له ، ويحق له الترشيح في أكثر من حقل واحد ، وأن تكون النتاجات المقدمة للجائزة منشورة بكتب ، وترفض المساهمات المطبوعة علي الآلة الكاتبة أو بخط اليد ، ويتم التقدم بالعمل بالإضافة إلي صورة من جواز السفر أو أية وثيقة تثبت الهوية مع السيرة الذاتية ، وموافقة شخصية كتابية علي الترشيح مع 3 صور شخصية و5 نسخ كاملة من كل مؤلف من مؤلفاته ، ولا تعاد هذه الكتب والوثائق لمرسليها سواء فاز المرشح أو لم يفز. أما أشهر الفائزين فهم محمد الماغوط وعز الدين المدني ود. ثروت عكاشة وأنطوان زحلان وحسب الشيخ جعفر ود. مصطفي عبده ناصف والشاعر الراحل محمود درويش. جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري هي جائزة سنوية تمنحها مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري بالقاهرة وذلك في مجالات الشعر ونقده بدءا من عام 1990 وكانت سنوية لعامين ثم تحولت لسنوية، وقيمة الجائزة خمسون ألف دولار قيمة تكريمية للإبداع في مجال الشعر وأربعون ألف دولار جائزة الإبداع في مجال نقد الشعر وعشرون ألف دولار جائزة أفضل ديوان وعشرة آلاف جائزة أفضل قصيدة. يشترط لمنح الجائزة التكريمية للإبداع في مجال الشعر وجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر ، أن تكون تجربة الشاعر أو الناقد متميزة في سياق حركتي الشعر ونقده من أجل النهوض بالثقافة العربية وأن يكون لها تأثيرها ريادة أو تأصيلا أو ابتكاراً، وأن تعكس الأصالة العربية والتطلعات الحضارية للأمة. أن يكون الإنتاج باللغة العربية الفصحي. علي المتقدم لجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر إرسال أهم مؤلفاته في هذا المجال، علي ألا يكون قد مضي علي صدور أحدثها أكثر من عشر سنوات تنتهي بتاريخ 31 من أكتوبر من العام السابق علي توزع الجائزة وعليه أن يحدد المؤلفات التي يتقدم بها لنيل الجائزة ، و له أن يرسل باقي إنتاجه النقدي للاستئناس ، ولا يجوز للمشترك في جائزة أفضل ديوان شعر، التقدم بأكثر من ديوان واحد ، علي أن يحمل الديوان رقم إيداع واضحا في بلد المنشأ وأن تكون الطباعة والنشر والتداول محققة الوقوع. لا يجوز للمشترك في جائزة أفضل قصيدة التقدم بأكثر من قصيدة واحدة، علي أن تكون منشورة وترسل كما نشرت ، ولا تقبل القصائد المنشورة في أوعية لا يعتد بها كالنشرات الإعلانية أو الدعائية وما يشابهها وتستبعد من المسابقة القصائد التي يشترك في نظمها أكثر من شخص واحد ، ولا يجوز الاشتراك في أكثر من فرع من فروع الجائزة. أما أشهر الفائزين د . محمد زكي العشماوي والشاعر العراقي محمد جواد الغبان ، والشاعرة المصرية علية الجعار وعبد العليم القباني ومحيي الدين خريف والراحل رجاء النقاش ود . ماهر حسن فهمي والشاعرة الفلسطينية الكبيرة فدوي طوقان . جائزة الملك فيصل العالمية للغة والأدب جائزة سنوية أنشئتها مؤسسة الملك فيصل الخيرية عام 1977 وتحدد أمانة الجائزة موضوعها كل عام ، وقيمة الجائزة براءة مكتوبة بالخط العربي داخل غلاف من الجلد الفاخر، تحمل اسم الفائز وملخصًا للإنجازات التي أهلته لنيل الجائزة ، بالإضافة إلي ميدالية ذهبية وزن 200 جرام وملبغ 750 ألف ريال سعودي (ما يوازي 200 ألف دولار أمريكي) توزع الجائزة النقدية بالتساوي بين الفائزين بها. وشروطها أن يكون الترشيح باللغة العربية أو الانجليزية من الجامعات ومراكز البحوث والمؤسَّسات العلمية والفائزين السابقين بجائزة الملك فيصل العالمية في جميع أنحاء العالم ، وأن تكون الأعمال المرشَّحة أصيلة، رفيعة المستوي، منشورة، مفيدة للبشرية ومثرية للفكر الإنساني ولا يقبل الترشيح إذا كان فردياً أو من أحزاب سياسية ولا تقبل الرسائل الجامعية. وأشهر الفائزين بها في المجال الأدبي د. شوقي ضيف والأديب يحيي حقي ود. عز الدين إسماعيل وأما في باقي الأفرع فالحديث سيطول ويكفي ذكرنا للمفكر الفرنسي روجيه جارودي والدكتور أحمد زويل والرئيس الماليزي مهاتير محمد والسنغالي عبده ضيوف والملك عبد الله خادم الحرمين وأخيرا هذا العام رجب طيب أردوجان ، ولا تخلو الجائزة من أسماء الشيوخ يوسف القرضاوي وأبو الأعلي المودودي وعبد العزيز بن باز والعثيمين وشيخ الأزهر السابق جاد الحق علي جاد الحق والمفكر الجنوب أفريقي أحمد ديدات . جائزة دار الفكر للإبداع والنقد الأدبي وهي جائزة سنوية تعلن عنها دار الفكر بدمشق في مجالات القصة (رواية أو مجموعة قصصية)، والمسرحية، والشعر، والنقد الأدبي. وقيمة الجائزة الأولي مايعادل ال 2000 دولار أمريكي والجائزة الثانية حوالي 1000 دولار والجائزة الثالثة حوالي 500 دولار أمريكي ، وتمنح بالعملة السورية «الليرة». أما الشروط ألا يكون العمل المقدم قد فاز بإحدي الجوائز الرسمية أو الخاصة وألا يكون منشوراً من قبل ، وأن يخدم الإبداع إحدي القضايا الاجتماعية المعاصرة ويعالج مشكلاتها من وجهة نظر إسلامية منهجية. أن يصل النقد الأدبي إلي نتائج جديدة أو متطورة غير مسبوقة وألا يقل حجمه عن 25000 كلمة في القصة والمسرحية والنقد ، وعن 8000 كلمة في الشعر وأن يقدم المتسابق من العمل نسختين بخط واضح ، وأن يرافق العمل نبذة عن السيرة الذاتية ، وأن يرافق العمل تعريفا موجزا به لا يتجاوز صفحتين. آخر موعد لتلقي الأعمال ظهر يوم 31 ديسمبر من كل عام ، أما أشهر الفائزين د. عباس أمير وناريمان عثمان وراوية أباظة . البوكر العربية جاءت فكرة جائزة "بوكر" العربية بمبادرة من البوكر العالمية وبدعم عربي ، وهذه الجائزة خاصة بالرواية ، وتُمنح لرواية واحدة سنوياً ، قيمتها 50 ألف دولار أمريكي للرواية الفائزة ، وتُكافَأ كلّ رواية من الروايات الستّ التي تصل الي اللائحة النهائية ، ب 10 آلاف دولار أمريكي. تأسست تلك الجائزة بمبادرة من جائزة "بوكر" Booker الأدبية الأنجلوفونية المهيبة؛ وتحظي بدعم "مؤسسة الإمارات" التي تُعني برعاية مشاريع ثقافية وإنمائية متنوّعة؛ تحت رعاية مجلس للأمناء يضم نخبةً من أبرز مثقفي العالمين العربي والأنجلوفوني؛ والرواية التي تظفر بها سوف تترجَم في شكل تلقائي الي الانجليزية والفرنسية والايطالية والألمانية والإسبانية؛ وقد أبدي ناشرون بارزون في هذه اللغات، في أوروبا كما في الولاياتالمتحدة، اهتماماً لنشرها. وجاء اقتراح الجائزة بنسختها العربية من أطراف عديدين، حيث ثمة إدراك في بريطانيا وفي عموم أوروبا اليوم بأن شيئاً مهماً يكتَب بالعربية ، يترافق هذا الادراك مع جهل نسبي ، كما اقترحها أيضاً إبراهيم المعلّم من اتحاد الناشرين العرب ، وهي فكرة تلقّفتها جائزة "بوكر" في لندن ، فاستشارت ناشرين وكتّاباً ورؤساء تحرير في جميع أنحاء العالم العربي ، ولمست حماسة عامة للموضوع. والجائزة ستكون طريقة جيدة لتشجيع الاعتراف بالروايات العربية العالية الجودة، وستشكل ضماناً لزيادة ترجمة هذا الأدب إلي لغات العالم ، وقد دعمت "مؤسسة الامارات" هذه المبادرة منذ البداية، وتم انشاء لجنة من الاختصاصيين ورؤساء التحرير والصحفيين الأدبيين من أجل تقديم المشورة حول طريقة تنظيم الجائزة وتأليف مجلس أمنائها المستقل، في اختصار، كانت "بوكر" تفتش عن شريك لهذه الفكرة، وأبدت مؤسسة الامارات حماسة واستعداداً. اللبنانية جمانة حداد التي كانت عضوا في لجنة تأسيس الجائزة عينت مديرة ادارية لها، ولا يمكن للمؤلف ان يرشح روايته بنفسه ، بل ينبغي لدار النشر ان تتولي عملية الترشيح، ويحق للناشر ان يختار أهم ثلاث روايات صدرت عن داره خلال الأعوام الثلاثة الاخيرة . ويتم الاعلان عن الرواية الفائزة في حفل ضخم تستضيفه في كل سنة عاصمة عربية ، وتترجم الرواية الفائزة الي الانجليزية والفرنسية والايطالية والالمانية والاسبانية من خلال ناشرين بارزين في هذه اللغات ، في اوروبا كما في الولاياتالمتحدة حيث ابدوا اهتماما لنشر الرواية علي ان تتوسع هذه الاتفاقات لاحقا لتشمل لغات وبلدانا اخري وهذه الجائزة خاصة بجنس الرواية الأدبي. وهذا هو العام الرابع لها حيث فاز بها من قبل الروائيان المصريان بهاء طاهر عن روايته "واحة الغروب" ويوسف زيدان عن روايته "عزازيل" .