قبل أن تنتهى الدورة الأخيرة لمهرجان الإسكندرية السينمائى تجددت الصراعات داخل جمعية كتاب ونقاد السينما المنظمة، وأعلنت التكتلات عن نفسها لتبدأ حربا إعلامية بين الرئيس والأعضاء، وكل طرف انتهج التشكيك فى نزاهة الآخر وكفاءته وقدرته على تحمل المسئولية. وبعيدا عن جمعية كتاب ونقاد السينما التى نترك تقييمها لمجلس إدارة المركز القومى للسينما ووزارة الثقافة المانحة للدعم.
«الشروق» تفتح ملف مافيا التكتلات و«الشللية» والى أى مدى يمكن توغلها فى المهرجانات المصرية الناشئة عن جمعيات جديدة ومدى تأثير هذه الصراعات على سمعة المهرجانات السينمائية المصرية فى هذا التحقيق.
المخرج محمد كامل القليوبى رئيس مؤسسة «نون» المنظمة لمهرجان الأقصر للسينما الأوروبية أكد أن ميراثا ثقيلا من التكتلات يطارد مهرجان الإسكندرية، وأن نظام «الشللية» هو الذى يحكم جمعية كتاب ونقاد السينما المنظمة للمهرجان من زمان، والأبشع من ذلك أن رئيس الجمعية السيناريست ممدوح الليثى يديرها وكأنها «طابونة» وأغرب الأشياء أنه وحتى قبل ثلاثة أيام من المهرجان اتصل بوزير الثقافة وطلب منه إلغاء الدورة الأخيرة، استمرارا لمحاولته الجادة وسعيه بكل الطرق والوسائل لإفشال أول دورة لا يتحكم فيها.
وأوضح القليوبى أن مهرجان الإسكندرية فشل بعد أن أصبح مطمعا لأعضاء جمعية كتاب ونقاد السينما الذين اهتموا بتكوين تكتلات يصارعون بها بعضهم أكثر من التفكير فى نجاح المهرجان.
وفيما يخص النهج الذى سيتبعه فى إدارة مهرجان «السينما الأوروبية» قال القليوبى إنه شخصيا تولى رئاسة الجمعية بضغط من الأعضاء، كما أن ماجدة وصفى رئيس المهرجان شغلت هذا المنصب بإجماع مجلس الإدارة الذى كان شرط تشكيله التوافق والانسجام بين شخصياته.
وأشار القليوبى إلى أن منظمى المهرجان متحققون جدا كل فى مجاله، ولن يضاف إلى تاريخهم شيئا إذا تولى أحدهم رئاسة مهرجان، لذلك لا أحد يفكر فى مكاسب شخصية حتى يكون المهرجان مهددا بالفشل. المخرج مجدى أحمد على عضو مجلس إدارة المركز القومى للسينما والمراقب الفنى للدورة الأخيرة من مهرجان الإسكندرية.
رفض تعميم وضع جمعية كتاب ونقاد السينما على باقى المؤسسات التى مقرر أن تنظم مهرجانات، وقال: ليس معنى فشل مجموعة فى عمل وحدة مع نفسها لإنقاذ مهرجان من الضياع أن الباقين سيكونون مثلهم، فجمعية كتاب ونقاد السينما لها وضع خاص بدليل أنها نصبت ممدوح الليثى رئيسا لها، وهو الرجل الذى لا يعرف شيئا عن الديمقراطية.
وشدد مجدى على أن فشل مهرجان الإسكندرية والمهزلة التى حدثت فى دورته الأخيرة والتى رصدها فى تقريره ستفرض عقوبات على الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما المنظمة للمهرجان من الممكن أن تصل هذه العقوبة إلى حرمانها من تنظيم مهرجانات أخرى، أو على الأقل تجميد أنشطتها لمدة عامين حتى تعيد تنظيم نفسها، وتفرز شخصيات تستطيع إقامة مهرجان محترم.
ورفض مجدى أن تعمم حالة الكتاب والنقاد على باقى المؤسسات، وأن تكون هذه الحجة التى تعود بها المهرجانات إلى وزارة الثقافة، لأنه ليس هناك بديل عن أن تمارس الديمقراطية، وأن يتم تفعيل دور المجتمع المدنى فى مصر.
وأضاف مجدى: الحكم على المهرجانات لن يكون بناء على تقارير يرفعها مسئولوها، ولكن سيكون من خلال مراقبين على الجانب الفنى، وآخرين على الجانب المالى، ويرصد الطرفان الأخطاء التى تقع فيها المهرجانات لتحدد بعد ذلك استمرار أو منع الدعم.
وأشار مجدى إلى أن المهرجانات ستمنح 50% من الحكومة، لكن فى حال إذا فشل منظموها فى توفير ال50% الأخرى، سيحرم المهرجان من الدعم لأن الدولة لن تساعد إلا من يستحق فقط.
أما سيد فؤاد مدير مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الذى تنظمه مؤسسة شباب السينما المستقلين قال إنه لا يوجد أى ضمان لخروج المهرجان بصورة جيدة، والشىء الوحيد الذى عول عليه هو أن يكون المنظمون للمهرجان صادقين مع أنفسهم، وجادين فى تنفيذ الخطة التى تقدموا بها لمجلس إدارة المركز القومى للسينما.
وأضاف فؤاد أنه كان دائما لديه تحفظات من الشكل الذى تخرج عليه المهرجانات المصرية، مشيرا إلى أن الصراعات الموجودة فى جمعية كتاب ونقاد السينما لا يمكن أن تتكرر فى مؤسسة «شباب السينما المستقلين»، وسيعمل على ألا يقع «الأقصر السينمائى» فى أى من الأخطاء التى وقع فيها الإسكندرية، وسيحرص على الاستعانة بأفضل فريق عمل يستطيع إخراج المهرجان بأفضل شكل ممكن.
من جانبه أكد الناقد نادر عدلى رئيس مهرجان الإسكندرية أن الصراعات تسيطر على مهرجان الإسكندرية منذ 4 سنوات، ولذلك رفض المشاركة فى المهرجان طوال هذه المدة، واكتفى بتأسيس مسابقة لأفلام الديجيتال يشرف عليها، ويبتعد بها عن الصراعات التى تدور بين ممدوح الليثى ورجاله.
وأشار عدلى إلى أن ممدوح الليثى كان دائما يجعل أعضاء الجمعية يعملون فى المهرجان ثم يأتى فى النهاية ويتهمهم بالفشل، ويحصد ثمرة مجهودهم، ويدير الفاعليات من خلال طاقم مكتبه الخاص الذى ليس له أى علاقة بالمهرجان.
وكشف عدلى أن الهجوم الذى يتعرض له من جانب ممدوح الليثى والناقد وليد سيف مرتبط بأنه أخذ قرارا بألا يتدخل أحد فى شئون المهرجان.
يضاف إلى ذلك أن الدعم كان فى البداية يأتى لأشخاص وليس لكيان، فكان ممدوح الليثى باعتباره رئيس جهاز السينما وبعلاقاته يأتيه دعم من المحافظة ومن وزارات المالية والثقافة والسياحة ورجال أعمال.
لكن الآن الدعم من جهة واحده ويذهب للكيان، وهو ما جعل وجود الصراعات أمرا طبيعيا، وللجميع الحق فى أن يصف ذلك «ثورة مضادة»، أو «فلول»، لكن بشكل عام ستحتاج المنظومة وقتا طويلا حتى يعاد صياغتها.
وتوقع عدلى أن تعانى المهرجانات الجديدة نفس أزمات وصراعات مهرجان الإسكندرية، مشيرا إلى أن الصيغ التى تقام عليها المهرجانات غير صحيحة وتحتاج إلى إعادة النظر فيها مره أخرى.