هل تمتد الثورة المصرية إلى السينما؟ سؤال كبير لصحيفة الجارديان البريطانية، التي رصدت المشهد السينمائي المصري بعد ثورة 25 يناير، والتحديات التي تواجه صناعة السينما في مصر، ومخاطر الغزو السينمائي الأمريكي. وقال فيل هود، في سياق تقرير بصحيفة الجارديان: بعد شهور من الاضطرابات التي جعلت دور السينما المصرية لا تنعم بروادها، هل سيكون بمقدور أقدم صناعة للفيلم في منطقة الشرق الأوسط درء مخاطر هوليوود، وتحقيق نهضة سينمائية إبداعية؟ ورصد هود نوعا من التغير في مزاج المتلقي المصري وذائقته السينمائية، مؤكدا أن التسلية، بمفهومها التجاري الرخيص، لم تعد تتصدر قائمة أولويات الأفلام لهذا المتلقي بعد ثورة 25 يناير، ولاحظ فيل هود أن هناك تراجعا كبيرا، منذ الثورة الشعبية المصرية، في إنتاج الأفلام الكوميدية، التي كانت تتوالى على دور العرض السينمائي في القاهرة والإسكندرية، بل والعالم العربي ككل. وبالأرقام التي أوردها فيل هود في تقريره، فإن إيرادات الأفلام المصرية انخفضت من نحو 100 مليون جنيه في عام 2010 إلى نحو 20 مليون جنيه، فى الشهور السبعة الأولى من عام 2011. أما شهر رمضان، فهو، في كل الأحوال، شهر المسلسلات التليفزيونية، ولم يكن أبدا شهر الشاشة الكبيرة، سواء في مصر أو في بقية الدول العربية. وأعادت الصحيفة البريطانية إلى الأذهان أن تدفق المصريين للميادين والشوارع، أثناء ثورتهم الشعبية، قد أثر بشدة على إيرادات شباك التذاكر في صناعة السينما. ومن جانبه، أكد أنتوني زيند، رئيس "يونايتد موشن بيكتشرز"، وهو الكيان السينمائي الذي يحتكر توزيع الأفلام الأمريكية في مصر، أن عيد الأضحى المقبل هو المؤشر الأهم بشأن الأفلام المصرية، فإن تبين أن هناك إقبالا من الجماهير على الأفلام التي ستعرض في هذا العيد، فسيعني ذلك على الأرجح أن الفترة التالية ستكون جيدة للفيلم المصري. وقال أنتوني: "أعتقد أن المصريين غير سعداء بنوعية الأفلام التي تصنع في بلادهم، كما تشكك في أن يكون المشاهد المصري مستعدا لقبول دراما فجة ومباشرة عن ثورة يناير والأحداث الجسام في عام 2011، لأن الواقع كما عرفه هذا المشاهد أعظم بكثير جدا من هذا النوع من الدراما، الذي سيكون مجرد محاكاة ساذجة وتكرار مبتذل". وبحكم مصالحه، يأمل أنتوني زيند في خفض نسبة الضرائب المفروضة على الأفلام الأمريكية، التي تعرض في دور السينما المصرية، فيما يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد صراعا حادا بين الأفلام المصرية وأفلام هوليوود، للفوز بالمشاهد المصري. دراسة ذائقة المشاهد المصري بعد الثورة ومضت الصحيفة البريطانية تشير إلى أن هناك العديد من الأفلام المصرية، وأغلبها متواضع سينمائيا، ما تزال في علبها مما قبل ثورة يناير، ولم تعرض بعد، فيما انخفضت بشدة شعبية بعض الممثلين المصريين الذين اتخذوا مواقف معادية للثورة الشعبية، ووجهوا اتهامات رخيصة للثوار، الأمر الذي لا بد أن يؤثر تأثيرا فادحا على إيرادات أفلامهم. ونوهت الجارديان بأن بعض السينمائيين المصريين شرعوا بالفعل في دراسة التغيرات في ذائقة المتلقي، ومزاج الرأي العام، بعد ثورة يناير، من أجل تقديم أفلام تتوافق مع هذه التغيرات، وفي ظل مناخ جديد من حرية التعبير، معتبرة أن هذه الثورة الشعبية قد أسقطت بعض أباطرة السينما المصرية وأطاحت بعروشهم. ومع تراجع الإنتاج السينمائي المصري، تتمتع أفلام هوليوود بفرصة غير مسبوقة لملء هذا الفراغ، وتغيير القواعد التي استقرت طويلا في مصر، ذات الثقافة السينمائية بالغة الثراء، والتي يعشق شعبها السينما، وهي القواعد التي أفضت إلى استحواذ الأفلام المصرية على نسبة تصل إلى 80% من كعكة الإيرادات، بينما تذهب نسبة ال20% المتبقية للأفلام الأجنبية.