لم تنجح الثورة بعد فى تحقيق التغيير الشامل فى الشاشة المصرية، ورغم ظهور وجوه وأسماء كثيرة خرجت من ميدان التحرير فإن برامج التوك شو الأكثر مشاهدة ما زالت تعيش على وجوه ما قبل 25 يناير، والتى ارتبط بعضها بالترويج للنظام السابق وحزبه الحاكم، والعمل على إشغال الناس أو تخديرهم، وغيرهم ممن فقدوا صلاحيتهم كمذيعين بعد أن لعبوا بطولات وهمية أمام الكاميرات على حساب قضايا الوطن، ومن هنا ستظل تلك العملات الرديئة فى سوق الفضائيات حتى يخرج من بين الصفوف جيل من الشباب يجدد دم الإعلام المصرى ويحرك مياها ركدت طويلا بفعل الفساد والمحسوبية والوساطة، ويظل السؤال قائما: متى يخرج هذا الجيل من نجوم البرامج؟ محمد خضر:هناك فرق بين المذيع والناشط السياسى يقول الدكتور محمد خضر مدير قنوات دريم إن هناك فرقا كبيرا بين المذيعين والناشطين السياسيين، والثورات تفرز ناشطين لا مذيعين، فالناشط يمكن أن يكون ضيفا مهما فى البرامج، ولكن ليس بالضرورة قادرا على لعب دور المذيع، والقنوات الجديدة تستعين بشباب ممن كان لهم حضور فى ميدان التحرير كمقدمى برامج بصرف النظر عن صلاحيتهم للقيام بهذه المهمة، وذلك لتحصل على لقب «قنوات الثورة». ويضيف أن هناك بعض نجوم برامج حرقتهم الثورة، بعد أن ربط المشاهد بينهم وبين النظام السابق وعناصر فى حزبه، وتعرضت قنواتهم لتراجع نسبة المشاهدة، وأصبح عليها علاج الأمر بالبحث عن وجوه جديدة تلقى قبولا فى الشارع المصرى. وأكد خضر أن قنوات دريم تسير فى الاتجاه المعاكس، فلم تسر مع الباحثين عن نجوم من ميدان التحرير لأن نجومها كانت حاضرة فى الشارع قبل بداية الثورة، وواكبت برامجه التوك شو «صباح دريم» و«العاشرة مساء» وغيرها من البرامج أحداث الثورة، ولبت متطلبات المشاهد فى معرفة الحقيقة، مشيرا إلى دراسات وضعت دريم فى مرتبة ثانية بعد القنوات الإخبارية، وقدمتها على محطات كانت تستعين بالمواد الترفيهية لتحقيق الرواج لشاشتها. ويعلق خضر على انتقال نجوم البرامج من محطة لأخرى بقوله: «إنها طريقة المحترفين، الذين ينظرون للمسألة باعتبارها سوقا تخضع لنظرية العرض والطلب، ولكن بعد الثورة فإن المصداقية والقدرة على توصيل المعلومة ستكونان الفيصل الأساسى فى تقبل النجوم». سلمى الشماع: (الشللية) لن تسمح بمرور الشباب الإعلامية سلمى الشماع تؤكد أن مصر لديها مواهب كثيرة، ولكن لم توجد فى الفترة الماضية رغبة فى تصديرها إلى الشاشة، وكان الاختيار يأتى على أساس الوساطة والمحسوبية، وليس على قدر الموهبة والإمكانات، ومن هنا لم تلمع الكثير من الأسماء، ولم يقدم الإعلام الرسمى جيلا من النجوم كما كان فى السابق عندما خرج الأجيال الأولى التى قدمت للشاشة أسماء مثل ليلى رستم وأمانى ناشد وسلوى حجازى وأحمد سمير وطارق حبيب وغيرهم. وقالت إنه على المسئولين بالقنوات العمل على اكتشاف وجوه جديدة كمقدمى برامج، وتقديمهم فى المكان المناسب وبالشكل المناسب. وأضافت أن التليفزيون المصرى عندما قرر اختيار مذيعين على أساس مهنى أثناء تأسيس قطاع القنوات المتخصصة قدمت قناة المنوعات مجموعة كبيرة من النجوم، التى لمعت على الشاشة واعتمدت عليها الكثير من الفضائيات العربية والسينما أيضا مشيرة إلى أسماء مثل بسمة وخالد أبوالنجا وإنجى على. وعن طبيعة المرحلة الحالية ومدى إمكانية خروج نجوم شباب يعبرون عن جيل الثورة قالت: «الشللية تسيطر على القنوات، وهناك مجموعة يسيطرون على كل البرامج تقريبا وتربط بينهم خيوط خفية، ونجدهم يتبادلون المواقع كما يتبادلون الضيوف الذين يتم التنقل بهم من قناة لأخرى ومن برنامج لآخر، وهذه الدائرة المغلقة لن تتيح فرصة دخول أعضاء جدد، ولن تسمح بمرور الشباب إلا فيما ندر وسيكون شرط المرور هو السير فى إطار هذه المجموعة». سناء منصور: الثورة ستفرز جيلا يعبر عنها «الموهبة الحقيقية، والتدريب، والصدق» ثلاث مفردات وضعتها الإعلامية سناء منصور لصناعة نجوم البرامج الجدد والذين سيخرجون عاجلا أم آجلا، لاحتلال مواقعهم على الشاشة المصرية والتعبير عن المرحلة التاريخية التى انطلقت من ميدان التحرير. وقالت: «الثورة لابد أن تفرز جيلا يعبر عنها، ولابد أن يكون هذا الجيل من الشباب الذى أطلق الثورة وعاش تفاصيلها». وأضافت: «لكن يظل التدريب ضرورة وأهمية قصوى، لمن يريد العمل فى مجال الإعلام، فيجب عليه أن يتمكن من أدواته أولا وقبل أن يواجه الجمهور لأن انطباعات النظرة الأولى على الشاشة تدوم كثيرا، وقد تؤدى إلى خروج مواهب حقيقية من المضمار». وأوضحت أن التدريب يحتاج فترات طويلة قد تصل لعدة أشهر، ولذلك ترى أن خروج نجوم شباب فى الفترة الحالية أمر مستبعد، وأن من سيخرج من الشباب فى تلك الفترة دون خلفية سابقة من ممارسة المهنة سيكون معرضا لاحتمالات الفشل. وحذرت سناء منصور شباب الإعلاميين من الاعتماد على القدرات الشخصية وحدها، وقالت إن الإعلام علم ومهنة تحتاج للكثير من التدريب، والإطلاع والدراسة، ولا تستقيم مع الاعتماد على الفهلوة ومقاييس الشكل. كما حذرت من خلط السياسة والإعلام، وقالت: من يريد العمل فى الإعلام فعليه الاختيار بين السياسة والمهنة، فلا يجوز أن يكون للمذيع أجندة وإن كان لديه انتماء سياسى فعليه أن ينحيه أثناء وجوده على الشاشة، مؤكدة أن الانتماء الوحيد للمذيع يجب أن يكون لقضايا وطنه. د. ماجدة باجنيد: حركة تغيير بطيئة .. والاستعانة بنجوم ما قبل الثورة لعب فى المضمون «حركة التغيير فى الإعلام تسير ببطء، وتبديل الوجوه فى برامج بأى قناة ليس أمرا سهلا لأنه يجب أن تسبقه ترتيبات كثيرة وتجهيز للنجم القادم وتقديمه بشكل يرضى عنه الجمهور».. هكذا تبدو الصورة من وجهة نظر د. ماجدة باجنيد أستاذ الإعلام بالجامعة الكندية، والتى قالت إن الشارع المصرى مازال فى حالة ثورة، والإعلام يعيش حالة سباق دائم من أجل الحصول على الأخبار وردود أفعالها وفى هذا المناخ يكون من الصعب خروج وجوه جديدة على الشاشة لأن المشاهد لن يلتفت لهم، وسيتجه لتلقى أخباره من المذيعين الذين يثق بهم ويعتقد أنهم سيقدمون له الحقائق. وتضيف أن المذيع يصبح نجما بتراكم خبراته وما يقدمه من حلقات مهمة تجذب الجمهور لمشاهدة برنامجه، وهذا لن يتحقق بسهولة لجيل ما بعد الثورة إلا بعد أن يهدأ الشارع وتبدأ القنوات فى تخريج أجيال جديدة تعبر عن مستقبل الإعلام. وأشارت إلى أن استعانة القنوات الجديدة بمقدمى برامج مثل محمود سعد وإبراهيم عيسى وخيرى رمضان وهالة سرحان هو ما تراه بمثابة لعب فى المضمون لأن هذه القنوات ستستفيد بشهرتهم كنجوم برامج، ولكن الفترة المقبلة تحتاج إلى الصدق الشديد للاحتفاظ بهذه النجومية، لأن المشاهد بعد الثورة أصبح لا يقبل أن يضحك عليه أحد وسينفض عن الشاشة التى يشعر بأنها تخدعه.