على إيقاع السنوات الملتهبة فى بداية ثمانينيات القرن الماضى، التى شهدت اغتيال السادات ومقتل 240 جنديا أمريكيا فى بيروت ومجزرة صابرا وشاتيلا، تدور أحداث الحلقة الثانية من كتاب الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر «نعم نستطيع تحقيق السلام فى الأراضى المقدسة.. خطة قابلة للنجاح». وبشجاعة يدركها كل من يعرف تأثير اللوبى الإسرائيلى فى واشنطن، يؤكد كارتر على أهمية الاعتراف الدولى بحماس وبفوزها فى الانتخابات، كما يلقى الضوء على اغتيال رابين، ومفاوضات طابا التى رعاها الرئيس جورج بوش الأب، ومبادرة السلام العربية، مشيرا إلى أنه شعر ب«التعب» من ضغوط واشنطن وإسرائيل على محمود عباس بعدم التعامل مع حماس، مؤكدا بوضوح أن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية هى وحدها القادرة على صنع السلام مع الجانب الإسرائيلى.. وفيما يلى الحلقة الثانية من الكتاب. كانت أكثر الكوارث التى آلمتنى شخصيا هى مقتل أنور السادات فى أكتوبر سنة 1981، ثم أعقب ذلك نكسة أخرى لمسيرة السلام عندما غزت إسرائيل لبنان سنة 1982 ردا على بعض هجمات إرهابية عبر الحدود، وقد كانت هذه المغامرة العسكرية كارثة ومصيبة من عدة نواح: فقد قتل 240 جنديا أمريكيا فى بيروت بفعل انفجار هائل، الأمر الذى سارع بانسحاب القوات الأمريكية من لبنان، وبينما كانت إسرائيل تقوم بالانسحاب من بيروت، تمت مذبحة قتل فيها مئات من المدنيين فى مخيمين من مخيمات الفلسطينيين، وكشفت التحقيقات أن القوات الإسرائيلية، سمحت لقوات الميليشيات اللبنانية بالدخول إليها لارتكاب هذه المجزرة، واضطر وزير الدفاع الإسرائيلى يومها، وهو أرييل شارون، إلى الاستقالة نتيجة للتحقيقات التى جرت حول هذه المجزرة، ومنع من تولى هذا المنصب مرة أخرى، ولو أنه سمح له أن يصبح رئيسا للوزراء. وطلب من قوات منظمة فتح مغادرة لبنان، ولكن إسرائيل سمحت لها أن تسيطر على قطاع عرضه 15 ميلا كحاجز أمنى فى جنوب لبنان، وبسبب هذا الاحتلال قوى عود حزب الله. وأثناء ذلك كله وفى أعقابه كنت أتابع أحوال المنطقة خلال سنوات حكم ريجان والسنتين الأوليين لحكم جورج بوش الأب، عن طريق مركز كارتر، وزرت المنطقة عدة مرات بصحبة زوجتى روزالين، وكنت دائما أحرص على وضع البيت الأبيض ووزارة الخارجية فى الصورة وأحصل على موافقتهما على زياراتى للمنطقة، وبعد كل أحاديث أجريها مع قادة إسرائيل والأردن وسوريا ومصر ولبنان والمملكة العريبة السعودية كنت حريصا على إرسال تقارير بفحوى هذه اللقاءات إلى مستشارى الأمن القومى ووزراء الخارجية جورج شوتنر وجيمس بيكر، كما كنت أسجل تقارير مفصلة للغاية لآراء القادة الأجانب، وفى سنة 1985 كتبت كتابى «دماء إبراهيم» لتسجيل آرائى إزاء مشكلة الشرق الأوسط بأكثر ما يمكن من الوضوح والتفصيل. ولادة حماس وقد تضافرت عدة عوامل مثل: طرد منظمة فتح من لبنان وانتقالها إلى تونس، ثم انشغال العالم العربى بالحرب بين إيران والعراق، للتقليل من إلحاح القضية الفلسطينية على الدول العربية، الأمر الذى دفع الفلسطينيين إلى اتخاذ خطوات منفردة ومستقلة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى داخل الأراضى المحتلة، واندلعت حركة احتجاج فلسطينية سميت فيما بعد ب«الانتفاضة» سنة 1987 واستمرت عدة سنوات، لم تستخدم فيها منظمة التحرير أى أسلحة، وشهدت منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان أن الانتفاضة لم تقتل أى جندى إسرائيلى قط على الرغم من أن منظمة التحرير الفلسطينية كان لديها أسلحة، وأنه خلال السنوات الأربع الأولى للانتفاضة كان مجموع القتلى من الإسرائيليين اثنى عشر، بينما اعترف المتحدثون الإسرائيليون بمقتل 706 من المواطنين الفلسطينيين خلال هذه الفترة نفسها. وفى هذه الظروف ولدت منظمة حماس، وكان ميثاقها شبيها بميثاق فتح، وهو السعى لخلع إسرائيل من الأراضى المقدسة بما فى ذلك استخدام القوة إذا ما استلزم الأمر ذلك. وقد قام الرئيس جورج بوش «الأب» هو ووزير خارجيته جيمس بيكر بدفع الأوضاع إلى الأمام فى منطقة الشرق الأوسط، فى الوقت الذى أعلنت فيه منظمة التحرير استعدادها لتلبية طلبات إسرائيل من أجل التفاوض، وكان بوش من مؤيدى اتفاقية كامب ديفيد بقوة، فقد واجه الوزير بيكر اجتماعا لمؤيدى إسرائيل من منظمة «أيباك» وهى التى تمثل اللوبى الإسرائيلى فى مايو 1989 بقوله: «لقد حان الوقت لإسرائيل أن تتخلى عن ذلك الحلم غير العملى بإنشاء إسرائيل الكبرى، وأن تنبذ الاحتلال وضم الأراضى، وأن تجمد النشاط الاستيطانى، وأن تمد يدها للفلسطينيين واعتبارهم جيرانا يستحقون الحصول على حقوقهم السياسية». وفى سبتمبر 1993، أبلغ ياسر عرفات رئيس الوزراء الإسرائيلى رابين باعتراف المنظمة بحق دولة إسرائيل فى الوجود فى أمن وسلام تنفيذا لقرارى 242، و338 واستعدادها للتفاوض حول حل كل المشكلات المعلقة بينها وبين إسرائيل حول بقية المسائل المعلقة، واستعداد المنظمة لتأمين التعايش السلمى البعيد عن العنف وكل التصرفات الأخرى التى تهدد الأمن والاستقرار. وتبع ذلك توقيع اتفاق بين الأردن وإسرائيل بتشجيع من الرئيسين بيل كلينتون وحسنى مبارك بعد عام من اتفاقية أوسلو تقريبا، تعهدا فيه بإنهاء كل أشكال العدوان والعيش فى «سلام دائم وقائم على العدل»، وكان من جراء ذلك أن تضاعف عدد الدول التى تعترف بإسرائيل فى العالم، بما فيها الصين والهند وحتى بعض الدول العربية. مأساة رابين ومن عجب أن حدة المعارضة للخطوات التى قام بها إسحق رابين وصلت إلى حد أن قام أحد المتعصبين دينيا باغتيال رابين فى نوفمبر 1995.. ويومها كتبت فى مفكرتى: هذا هو اليوم الذى اغتيل فيه إسحق رابين، الأمر الذى أعتبره ضربة لإسرائيل، ولمسيرة السلام، ولى شخصيا إذ إننى عرفته على امتداد 24 عاما، منذ أن جاء لزيارتى فى مقر عملى كحاكم لولاية جورجيا ودعانى لزيارة إسرائيل، فى طريق عودته من زيارة لجنوب أفريقيا. وتعرفت به عن قرب، وعرفت أنه شخص فى غاية الحرص، ويفتقد تماما أى إحساس بالفكاهة، ولكنه أشبه بالكلب «البولدوج» إذا ما صمم على شىء، وأعتقد أن شيمون بيريز هو القوة الدافعة وراء جهود السلام، ولكن قيادة رابين هى التى حققته. وقد دعانى الرئيس كلينتون لأحضر جنازة رابين مع الرئيس بوش ووفد كبير من القيادات الأمريكية فى 4 نوفمبر 1995. وعلى الرغم من هذه المأساة فقد كنا فى مركز كارتر قد عقدنا العزم على تغطية الانتخابات الفلسطينية بعد شهرين تقريبا، وقمنا بذلك بالاشتراك مع فريق صغير من القيادات التى تحظى بالاحترام، وكانت الانتخابات بالفعل صادقة ونزيهة وسلمية، وكان الأمر الوحيد الذى يعكرها هو أن رئيس الوزراء الإسرائيلى شيمون بيريز قد فرض قيودا قاسية على إدلاء الفلسطينيين الذين يعيشون فى القدس الشرقية بأصواتهم فى هذه الانتخابات. مفاوضات طابا وعندما انتقل كارتر إلى رئاسة الرئيس بوش الابن بدأ يشرح الظروف التى رافقت ذلك، منها أن إيهود باراك خلف أرييل شارون، وبدأ بالابتعاد عن المفاوضات التى كان قد بدأها كلينتون فى طابا، وأعلن تجميد أى نشاط لتنفيذ مقررات اتفاقية أوسلو. ويقول كارتر: استمر المفاوضون فى طابا فى محاولة الوصول إلى تطبيق قرار 242، وحققوا بالفعل بعض التقدم خصوصا فيما يتعلق بالمسائل الحيوية مثل الحدود، والمستوطنات، والقدس وحق الفلسطينيين فى العودة، بل إن القضايا الباقية أمكن تحديدها بوضوح باستثناء قضية أين أو إلى أى حد يمكن أن تختلف الحدود بين الضفة الغربية وإسرائيل عن حدود 1967، بل إن شارون وافق فى النهاية على إقامة وصلة بين الضفة الغربية وغزة، يستطيع الفلسطينيون عبورها بسلام، وإن كان يفضل أن يكون ذلك عن طريق خط للسكك الحديدية وطريق مواز له تسيطر عليه إسرائيل من الناحية الأمنية ويديره الفلسطينيون. بالإضافة إلى ذلك تم الاتفاق فى طابا على إخلاء المستوطنات فى غزة والضفة الغربية باستثناء عدد ضئيل منها بحذاء الحدود القائمة فعلا، وعلى غرار اتفاق بيجين والسادات قبل ذلك تم الاتفاق كذلك على أن تبقى القدس موحدة، على أن يهيمن الفلسطينيون على الأحياء الفلسطينية وأن تبقى الأحياء اليهودية داخل حدود إسرائيل. وكاد الجانبان يصلان إلى اتفاق وأدلى كل جانب منهما على لسان شلومو بن عامى، وصائب عريقات أنهما كانا «قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى اتفاق». ووقع حدث مهم للغاية فى آخر أسبوع من شهر مارس 2002 وهو أن اثنتين وعشرين دولة عربية عضوة فى الجامعة العربية وافقت على خطة للسلام فى نهاية اجتماع لها فى بيروت. وأعلنت عرضها بقبول وجود إسرائيل فى سلام وإقامة علاقات دبلوماسية معها وأعلن الملك عبدالله استعداد كل هذه الدول للتعامل التجارى مع إسرائيل على قدم المساواة لما تتعامل به الدول العربية فيما بينها. بشرط أن تحترم إسرائيل قرارات الأممالمتحدة. ولابد أن نعترف والكلام مازال لكارتر أنه تبع ذلك إعلان منظمة الدول الإسلامية التى تضم سبعة وخمسين دولة «غالبيتها ليست من الدول العربية» تأييدها لاتفاق الدول العربية، بما فى ذلك موافقة إيران الكاملة ليس فقط على الانضمام لها وإنما ببذل كل الجهود لتغيير وتنفيذ هذه القرارات حتى تحظى بالتأييد الدولى. لوم مزدوج ولا يقتصر لوم كارتر على الجانب الإسرائيلى وحده لإدراكه بأنه «مستهدف» من جانب الصهاينة الذين يضعونه تحت المجهر، فيوازن بين نقده للجانبين الإسرائيلى والفلسطينى. فقال إن المنظمات الفلسطينية المختلفة لجأت إلى الهجمات الانتحارية واستخدام الأسلحة الصغيرة وصواريخ القسام بينما استخدمت القوات الإسرائيلية الدبابات والبلدوزرات والطائرات الحربية بما فيها ال«إف 16» المصنوعة فى أمريكا والمروحيات الحربية الضخمة، ونفذ القناصة الإسرائيليون عمليات تصفية القيادات الفلسطينية. وفى أثناء الانتفاضة الثانية وقبل تنفيذ هدنة غزة فى يونيو 2008 أعلنت منظمات حقوق الإنسان التى يعتمد على أرقامها أن إسرائيل فقدت 334 جنديا و719 مدنيا، بينما فقد الفلسطينيون 4745 قتيلا كان بينهم 1671 ممن يعتبرون من المناضلين. وبالإضافة إلى المستوطنات الإسرائيلية ونقاط التفتيش التى نشرت خريطة مخيفة لها تكاد تبتلع كل الأراضى الفلسطينية وصف كارتر كل المعوقات التى تقف فى وجه السلام أو التسوية بالأسماء التى يطلقها كل جانب عليها مثل: جدار الأمن «وهو التعبير الإسرائيلى» و«حائط الأبارتهايد» كما يسميه الفلسطينيون، وقال إنها تقع جميعها داخل الأراضى الفلسطينية. وقال إنه على الرغم من سماعه بالأوصاف التى أطلقت على هذا الجدار أو الحاجز، فلم يكن يتصور مطلقا ضخامته حتى زار المنطقة لمراقبة الانتخابات، وأنه كفلاح ويزعجه إزعاجا فظيعا قيام إسرائيل بحرث الشوارع والحدائق والمزارع لبناء هذا الجدار الرهيب، وعلى الرغم من أن خمس هذا الجدار يقع بحذاء الخط الأخضر فإن معظم أجزائه بنيت على الأراضى الفلسطينية، وسجل لمحكمة العدل الدولية إعلانها فى سنة 2004 أن بناءه على الجانب الفلسطينى يعد خرقا للقانون الدولى، وأن الأراضى التى يضمها تعد من أكثر الأراضى خصوبة فى فلسطين. كما سجل كارتر أن المجتمع الدولى بأسره، ممثلا فى منظماته مثل: محكمة العدل الدولية، والأممالمتحدة، وجمعية الصليب الأحمر، والدول الأوروبية مجتمعة، وشتى منظمات حقوق الإنسان وبيت سليم الإسرائيلية تجمع كلها على أن بناء الجدار داخل الأراضى الفلسطينية غير قانونى وعقبة فى طريق السلام. شجاعة رئيس ولكى يدرك الناس مدى حياد الرئيس كارتر وشجاعته، فلابد أن يعيشوا فى الولايات لكى يشعروا بمدى تعصب الصحافة كلها ضد الفلسطينيين، وكيف منعتهم إسرائيل من الإدلاء بأصواتهم إلا بعد الثانية بعد الظهر، ومع ذلك فقد حصل محمود عباس على 62 فى المائة من الأصوات وتم انتخابه رئيسا «حيث قال لى إنه حريص على الدخول فى مفاوضات مع إسرائيل وأمريكا وأنه يقبل بكل أوجه خريطة الطريق»، فى الوقت الذى رفض شارون اثنى عشر بندا من بنودها ويستمر كارتر فى مراقبة الانتخابات بنفس القدر من الحياد على الرغم من أن جهوده كانت بالاشتراك مع المعهد القومى الديمقراطى الذى كان بحكم أنه يتلقى معونات من الحكومة الأمريكية، كان يقف مكتوف الأيدى بسبب عجزه عن التعامل مع منظمة حماس. وبالنسبة لحماس كان كارتر أكثر الناس حيادا وشجاعة عندما اعترف أن حماس سبق لها الفوز فى الانتخابات البلدية، وأنها كانت تحكم بأمانة، وأنها نظفت الشوارع وطبقت القوانين الدولية، ولم توجه إليها أى اتهامات بالفساد، أو إقحام الدين فى حياة الناس المدنية، وعندما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية طلبت إسرائيل وقادة فتح تأجيلها خوفا من انتصار حماس، ولكن أمريكا أصرت على تطبيق مبادئ الديمقراطية، وكانت استطلاعات الرأى تشير إلى أن حماس قد تحصل على 35 فى المائة من الأصوات، وكانت هناك تهديدات للناخبين الفلسطينيين أنه حتى إذا حصلت حماس على هذه النسب الضئيلة فى الحكومة فسوف يمنع ذلك أى فرصة لمحادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين «بعد مضى ثلاث سنوات ونصف السنة من الجمود»، ومصادرة مئات الملايين من الدولارات من المعونات الإنسانية من أمريكا وأوروبا وسائر المصادر الأخرى، وكان عباس فى موقف لا يحسد عليه كذلك لأنه كان مثقلا بجهاز البيروقراطية الثقيل والفساد المتفشى، وإهمال أمريكا وإسرائيل له وعدم اعترافهما بأنه شريك فى مفاوضات السلام. من هنا فقد تساءل الفلسطينيون عن أنه إذا كان الأمر كذلك فلماذا يؤيدونه؟ بينما كان معظم القيادات الشابة فى حركة فتح يميلون نحو مروان البرغوثى على الرغم من أنه كان داخل السجن. وعندما رفض مروان البرغوثى الدفاع عن نفسه، بناء على أن المحاكمة غير شرعية لأنه تم إلقاء القبض عليه فى منطقة لا تتمتع إسرائيل فيها بأى سلطة، وأن محاكمته ونقله من الأراضى المحتلة لمحاكمته فى إسرائيل يخرقان قواعد اتفاقية جنيف، إلا أن المحكمة الإسرائيلية وجهت إليه ثلاثا وثلاثين تهمة بالقتل فى أثناء الانتفاضة الثانية بناء على شهادة بعض الجنود الدروز فى الجيش الإسرائيلى، وحكم عليه بالسجن المؤبد لخمس مدد زائد أربعين أخرى، وبقى البرغوثى فى قمة الشعبية ليس فقط بين جميع القطاعات الفلسطينية، بل ظل يحظى باحترام العديد من القيادات الإسرائيلية، والمجتمع الدولى ككل، وفى كل مرة يتفق فيها على تبادل المسجونين كان يرفع اسمه من القائمة، وعلى الرغم من وعد شيمون بيريز كرئيس لإسرائيل بالإفراج عنه فإن ذلك لم يحدث حتى الآن. وعلى الرغم من أن البرغوثى أدلى بحديث إلى مجلة «بارى ماتش» الفرنسية قال فيه إنه من الممكن للطرفين الإسرائيلى والفلسطينى أن يصلا إلى اتفاق نهائى بناء على مقررات اتفاق جنيف، فإن كارتر يقرر أن مروان البرغوثى يمكن أن يلعب دورا حيويا فى أى مفاوضات مقبلة لإقرار الوفاق فى الشرق الأوسط. انتخابات هادئة ويذكر كارتر ما يعرفه الجميع عنه، أنه راقب بنفسه بعض الدوائر الانتخابية، فى أكثر من أربع وعشرين دائرة من القدس إلى رام الله وأريحا، وكانت تبدو له ولجميع المراقبين الآخرين أنها تجرى فى أمانة وهدوء، وأن حماس اتخذت موقفا معتدلا فى أثناء الحملة الانتخابية ولم تذكر أى شىء عن الحاجة إلى استخدام العنف، بل إن هؤلاء المراقبين لاحظوا تفضيل الغالبية لمرشحى حماس عن فتح. ومع ذلك فقد دهش الجميع عندما حصلت حماس على 43٪ من مجموع الأصوات وفازت ب(74 مقعدا من مجموع الأعضاء وعددهم 132 عضوا)، ولكن عباس كان تحت ضغط شديد من القدسوواشنطن يطالبه بألا يتعامل أو يتعاون مع حماس، وكان ذلك تكرارا لما حدث قبل ذلك بعشر سنوات عندما «حاولت يائسا أن أقنع حماس بالاعتراف بالحكومة الجديدة» ولكننى فشلت. ويصل كارتر إلى حجر الزاوية فى نهاية المطاف إذ يقول إن محمود عباس كان يشكو من عدم وجود فرصة لأن يقوم أى طرف فلسطينى بالاشتراك فى محادثات السلام لمدة أربع سنوات، بينما كان قادة حماس يشكون من عدم إمكانهم الخروج من غزة للذهاب إلى رام الله أو أى مكان آخر فى الضفة للاشتراك فى الحكومة المنتخبة. ويختتم كارتر كلامه قائلا: إنه كان واضحا لى أنه إذا أمكن تشكيل حكومة وطنية موحدة فإن ذلك سيمكن من الوصول إلى السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، ولم يكن أحد يتوقع أن تفوز حماس بالانتخابات، وأنه حتى لو فازت فلم تكن لا إسرائيل ولا أمريكا على استعداد لقبول مثل هذه النتيجة، إلى أن تقبل حماس باتفاقية أوسلو. وكنت قد تعبت ولم أعد أدرى ماذا يمكن فعله إزاء ذلك كله.