قصر الحديث والتحقيقات فى فساد عهد مبارك على الفساد المالى والإدارى فقط يعد محاولة مشبوهة للالتفاف حول مطالب ثورة شعب مصر. ذلك لأن الحقائق التى تبلغ حد البداهة تؤكد أن الفساد السياسى هو القاعدة التى قامت عليها كافة مظاهر الفساد الآخرى. وهو الذى أدى إلى الفساد المالى والإدارى والعكس أبدا ليس صحيحا. كما أنه هو الذى فتح الأبواب لكل العناصر الفاسدة لتتبوأ صدارة منظومة مبارك المتكاملة للفساد. الفساد السياسى بدأه الرئيس المخلوع حينما حول الحزب الحاكم إلى تشكيل عصابى مهمته الأساسية والوحيدة إفساد كافة مظاهر الحياة السياسية فى مصر وقد نجح بالفعل فى إنجاز مهمته نجاحا منقطع النظير. ......... هذا التشكيل العصابى كان من أهم وأخطر منجزاته تزوير الانتخابات. فجاءت كل الانتخابات التى أجريت فى عهد مبارك مزورة. وكانت مواسم الانتخابات موعدا للحزب الحاكم مع الجرائم بشتى أنواعها لكنها جميعها مع سبق الإصرار والترصد. وكان رئيس الجمهورية كالعهد به دائما يكذب ثم يكذب ثم يكذب.. لم يصدق يوما.... كان يقول عن الانتخابات أنها ستكون أو كانت نذيهة وهو يعلم أنه كاذب وأنها ستكون أو كانت مزورة. كان يدعو الشعب لممارسة السذاجة وتضييع الوقت والجهد والمال فى أوهام انتخابات. وفى الوقت ذاته يأمر جهابذة حزبه لتدشين الخطط المبتكرة والخلاقة للتزوير. كانت آخرها الخطة "ثرى دى" أى "ثلاثية الأبعاد" لصاحبها الجهبذ الكبير أحمد عز. الفساد السياسى هو الذى أفسد جهاز الشرطة حتى النخاع وحوله إلى آداة لخدمة مصالح الحاكم ضد مصالح الشعب. وهو الذى أدخل إلى العقول ثقافة كراهية الناس والاستعلاء عليهم ومن هنا جاءت كل سياسات القمع والتعذيب والانتهاكات والإهانة. كما أن استمرار الآداء بهذه الكيفية بلا حساب ولا مراقبة وبمباركة القيادات السياسية هو الذى أدى إلى المأزق الأمنى الخطير الذى نعيشه اليوم. ولعل أسوأ مفردات عهد مبارك على الإطلاق هى سياسة التعيينات مكافأة للفاسدين. وهكذا قادت أجهزة الإعلام الرسمى من إذاعة وتليفزيون وصجف قومية ثلة من الأفاقين أبدوا تفوقا باهرا فى التضليل والتلفيق والنفاق. والأكثر قدرة على الرشوة والارتشاء والسمسرة وعمولاتها كان لهم نصيب الأسد فى قلاع الصناعة والتجارة والتى تحولت بجهودهم إلى أثر بعد عين. وبعض من الأجهزة الرقابية ترأسها الأكثر قدرة على تسهيل شؤون الفساد. وبالتوازى مع ذلك قام النظام الحاكم بتجريف الحياة السياسية فى مصر وإخلاء المسرح تماما تمهيدا لتولى الوريث عرش الحكم فى مصر. ومن أجل ملف التوريث داس مبارك وعائلته ونظامه على كافة القوانين والتشريعات وأهانوا كل القيم والمبادئ. قديما جاء الاستعمار إلى بلادنا وحكمها بمبدأ "فرق تسد". ثم جاء محمد حسنى مبارك ليحكم مصر على مدار ثلاثين عاما بمبدأ "أفسد تسد". لذلك يجب فتح ملفات أفراد التشكيل سريعا قبل أن ينالها الحرق والطمس. وتطهير البلاد من الفساد السياسى ورموزه لابد وأن يبدأ الآن