رئيس جامعة كفر الشيخ يترأس لجنة اختيار عميد «طب الفم والأسنان»    «المركزي» يترأس وفد مصر بالاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الإفريقية    تعاون مصري - عماني لتعزيز المشروعات التجارية والصناعية بين البلدين    إطلاق برنامج بنك الطعام المصري لصك الأضحية للعام التاسع عشر على التوالي من مزرعة وفرة    مساعد «الخارجية» الأسبق: الرئيس السيسي أكد أهمية العلاقات العربية الصينية    الاتحاد الأوروبي يدعو إسرائيل لوقف حملتها على الأونروا وعدم تصنيفها «منظمة إرهابية»    محامي الشحات ليلا كورة: سنقدم استئنافًا على الحكم الصادر في قضية الشيبي    تامر عبدالمنعم يحرر محضرا ضد خادمته بتهمة سرقة مشغولات ذهبية من شقته    أسماء أوائل الشهادة الإعدادية بالقاهرة.. 470 طالبا وطالبة حصدوا الدرجة النهائية    جامعة القاهرة تعتمد أسماء الفائزين بجوائزها لعام 2023    لمواليد برج الثور.. توقعات شهر يونيو 2024 على كافة الأصعدة (التفاصيل)    بعد تصدرها التريند.. حقيقة انفصال أحمد خالد صالح وهنادي مهنا    هل يجوز الجمع بين العقيقة والأضحية؟.. الإفتاء تحسم الجدل    «بيت الزكاة والصدقات»: صرف 500 جنيه إضافية مع الإعانة الشهرية لمستحقي الدعم الشهري لشهر يونيو    «عيوب الأضحية».. الأزهر للفتوى يوضح علامات يجب خلو الأضاحي منها    الصحة: تقديم الخدمات العلاجية ل 145 ألف مواطن بالمجان من خلال القوافل الطبية خلال شهر    الصحة: تقدم 4 آلاف خدمة طبية مجانية في مجال طب نفس المسنين    مطروح: توقيع بروتوكول تعاون مع المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية    مدرب الجزائر: كان يجب أن يتواصل محرز معي.. واعتبرته غير جاهزًا    ليفربول يحسم مصير أليسون بيكر بعد اهتمام السعودية    باسل رحمي: نعمل علي تنفيذ رؤية الدولة في النهوض بصناعة الاثاث بدمياط    ارتفاع تأييد حزب بنيامين نتنياهو مقابل بيني جانتس وفق آخر استطلاع رأي    «مُنع تصنيعه في مصر».. ما هو عقار GHB الذي استخدمه سفاح التجمع لتخدير ضحاياه؟    مصدر مقرب من حسين الشحات يكشف ل في الجول خطوة اللاعب بعد حُكم الشيبي    مبان مفخخة.. كمائن المقاومة الفلسطينية تُكبد جيش الاحتلال خسائر كبيرة    رئيس جامعة المنيا يُواصل جولاته التفقدية لامتحانات كليات التمريض ودار العلوم والتربية    "مفيش ممنوع".. لطيفة تكشف تفاصيل أول 4 كليبات بنظام الذكاء الاصطناعي Ai بالعالم العربي    فيلم بنقدر ظروفك يحقق أقل إيراد يومي.. هل خسر أحمد الفيشاوي جماهيره؟    «التضامن» توجّه فريق التدخل السريع بنقل مسنة مريضة إلى دور رعاية في القاهرة    علي معلول يرفض التأهيل في الخارج بعد عملية وتر أكيليس    قبل عيد الأضحى.. تعرف على مواعيد القطارات VIP والروسية "القاهرة/أسوان" بمحطة سوهاج    استفسارات المواطنين حول موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وإجازات العمل    شوبير: من حق حمزة علاء يكون حارس المنتخب الأوليمبي    الخط الثالث للمترو يقلل زمن التقاطر داخل المحطات اعتبارا من السبت المقبل    اهتمام متزايد بموعد إجازة عيد الأضحى 2024 على محرك جوجل    وضع حجر أساس إنشاء مبنى جديد لهيئة قضايا الدولة ببنها    البنك الأهلي المصري يطلق خدمة استقبال الحوالات الإلكترونية لحظيًا    الحبس عام لنجم مسلسل «حضرة المتهم أبيّ» بتهمة تعاطي المخدرات    رئيس الأعلى للإعلام: القاهرة الإخبارية صوت مصر ينقل رسالتها للعالم    سول: كوريا الشمالية أطلقت نحو 10 صواريخ باليستية قصيرة المدى    الشامي : موقف رمضان صبحي صعب بسبب المنشطات    «التضامن»: طفرة غير مسبوقة في دعم ورعاية ذوي الإعاقة نتيجة للإرادة السياسية الداعمة (تفاصيل)    ما حكم صيام العشر الأوائل من شهر ذى الحجة؟ دار الافتاء تجيب    وزير الري يتابع ترتيبات عقد أسبوع القاهرة السابع للمياه وأسبوع المياه الإفريقي    فرق الدفاع المدنى الفلسطينى تكافح للسيطرة على حريق كبير فى البيرة بالضفة الغربية    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال دمر مئات المنازل في مخيم جباليا شمال القطاع    مع بداية امتحانات الدبلومات.. عقوبات الغش تصل للحبس    التعليم العالي: مصر تشارك في الاجتماع الأول للمؤسسة الإفريقية للتعلم مدى الحياة بالمغرب    رئيس هيئة الرعاية الصحية يجري جولة تفقدية داخل مدينة الدواء.. صور    الصحة: القوافل الطبية قدمت خدماتها العلاجية ل 145 ألف مواطن بالمحافظات خلال شهر    ملك البحرين: تكثيف الجهود الدبلوماسية للاعتراف الدولي بفلسطين    كيف كشفت الحرب الروسية قصور الأسلحة الأمريكية؟.. أخطاء كارثية    نقابة الأطباء البيطريين: لا مساس بإعانات الأعضاء    سيد معوض: لست مؤيدًا لفكرة عودة أشرف بن شرقي للدوري المصري    أسعار الدواء بعد رفع سعر رغيف الخبز المدعم.. 40% زيادة    وزير الخارجية: الصين تدعم وقف إطلاق النار فى غزة وإدخال المساعدات للفلسطينيين    وزيرة الاقتصاد التونسي تؤكد ضرورة توفير المناخات الملائمة للقطاع الخاص في البلدان الأفريقية    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأساطير المؤسسة للسياسة الاقتصادية فى عصر نظيف 2
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 10 - 2010


الأغنياء يدفعون ضرائب أقل.. لمصلحة المجتمع
كان الكاتب الفرعونى أولا وقبل كل شىء كاتبا فى ديوان من دواوين الحكومة، وكان سيدا، وكان يعلم هذه الحقيقة ويكررها كثيرا فى أوراق البردى. «إن الكاتب هو الذى يفرض الضرائب على مصر العليا ومصر السفلى، وهو الذى يجمعها. إنه هو الذى يمسك حساب كل شىء، وتعتمد عليه جميع الجيوش. إنه هو الذى يأتى بالحكام أمام الفرعون ويحدد خطوات كل رجل».
وتظل الضرائب فى دولة القرن الحادى والعشرين عنصرا أساسيا فى السياسة. وهكذا لم تنتظر حكومة نظيف سوى 65 يوما بعد تعيينها لتعلن تعديلات ضريبية وصفها وزير المالية يوسف بطرس غالى بأنها «ثورية»، مضيفا خلال مؤتمر صحفى فى أكتوبر 2004 أن الحكومة «ظلت تعمل عليها فى ال64 يوما التى سبقت الاعلان».
التعديلات التى صدرت بقانون فى 2005 أنهت الضرائب التصاعدية فى مصر، أى أن يدفع الأغنى معدل ضريبة أكبر يتناسب مع حجم دخله. وبدلا منها أرست نظاما ضريبيا يقوم على ما يسمى بالمعدل الموحد. انحصر الاعفاء الضريبى لمن يحصلون على دخل أقل من 5000 جنيه سنويا. وأصبح من يحصل على دخل بين 5 20 ألف يدفع 10% بدلا من 27%، ومن يحصل على ما بين 2040 ألفا يدفع 15% من دخله بدلا من 35%. أما الأغنى فيدفعون 20% بدلا من 40%. والأهم من ذلك هو أن ضرائب الشركات تراجعت للنصف من 42% إلى 20%.
يقوم منطق الحكومة على أنه برغم التخفيض ستزيد الحصيلة، وهو ما يفيد الفقراء فى نهاية الأمر. كيف؟ الضريبة الموحدة سهلة ويمكن التنبؤ بها بسهولة مما سيدفع المتهربين، وهم كثر، إلى دفعها، خاصة الشركات والأغنياء، معوضين فى ذلك أثر التخفيضات على الموازنة. وثانيا، الحوافز الضريبية الجديدة ستشجع الاستثمار الخاص، ليخلق وظائف ويرفع الدخول للمستثمرين والعاملين، مما سيعكس نفسه مرة أخرى فى الحصيلة.
والحقيقة أن هذا المنطق الاقتصادى غير ما يبدو عليه، وغير ما حدث. صحيح أن الحصيلة الضريبية زادت بشكل مطرد لكن لأسباب أخرى. فقانون الضرائب الجديد أضاف شرائح ضريبية كانت مستبعدة كعمال اليومية والمكافآت والحوافز غير الأساسى للضريبة، وبالتالى أصبح أصحاب الأجور، خاصة الأدنى هم الذين يدفعون أكثر. ولم تعف الضريبة سوى الذين يتلقون إجمالى دخل يقل عن 416 جنيها شهريا.
وتكشف أرقام وزارة المالية عن الحساب الختامى للعام المالى 2009/2010 أن صاحب أكبر نسبة من إجمالى الضرائب على الدخول والأرباح والمكاسب الرأسمالية الذى بلغ 88.656 مليار هو هيئتا البترول وقناة السويس ب45 مليار جنيه. أما نصيب العاملين بأجر من الضرائب فبلغ 13 مليار جنيه مقارنة (لاحظ الفرق بين الأغنى والأفقر) ب22.9 مليار فقط دفعتها الشركات، ومن ضمنها عز وموبينيل وغيرها مما تحقق أرباحا بالمليارات ونجاحا منقطع النظير.
أما الاستثمار الخاص فظل ضئيلا برغم تحسنه، ولا يتجاوز حاليا 100 مليار جنيه. بل إن معدل الاستثمار الكلى بالنسبة للناتج المحلى الاجمالى أقل كثيرا من المطلوب. ولم يقفز لما فوق ال20% إلا مرة وها هو يقبع عند 19%، وهو معدل لا يضمن الكثير من التنمية ولا التقدم.
وتقول الدراسات الإمبريقية إنه لا يمكن إعطاء المعدل الموحد للضريبة ميزة على الضرائب التصاعدية فى دفع النمو الاقتصادى. وتكشف دراسة لصندوق النقد أن الزيادات الكبيرة فى الناتج الروسى بعد تطبيق معدل ضريبة موحد ب13% لم تكن بسببها و«إنما بفضل ارتفاع اسعار البترول وزيادة الاجور وتشديد العقوبات على التهرب الضريبى».
لكن ما تجمع عليه الدراسات حقا هو أنها تزيد من عدم المساواة فى المجتمع كما حدث فى مصر. خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار عناصر أخرى للنظام الضريبى معادية للفقراء أيضا، كضريبة المبيعات، وضريبة القيمة المضافة التى يعتزم غالى الدفع بها قريبا. وفيما عدا الضريبة العقارية لا توجد ضرائب موجهة للأغنياء بالأساس، ولا لتوجيه ثرواتهم لصالح المجتمع سواء من خلال سد العجز فى الموازنة، لكى تستطيع الدولة الوفاء بالتزاماتها المطلوبة فى التعليم والصحة والخدمات، ولا حتى لتوجيه هذه الموارد اقتصاديا نحو أنشطة إنتاجية تدفع التنمية والتقدم. وترفض حكومة نظيف بإصرار لا يلين فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية المترتبة على التربح من بيع وشراء الأصول العقارية والأوراق المالية، علما بأن هذه الضريبة تصل فى الولايات المتحدة، كعبة العمل الخاص فى العالم، إلى 35%.
أما البديل، فهو واضح وضوح الشمس. فقد وفرت لنا الاقتصاديتان باولا بروفيتا وسيمونا سكابروسيتى فى كتاب صادر فى مايو الماضى، وحاز تقدير صندوق النقد (يرأس فيه غالى لجنة مهمة) بعنوان «الاقتصاد السياسى للضرائب: دروس من الدول النامية»، مقارنة تحليلية بين الأنظمة الضريبية فى آسيا وأمريكا اللاتينية والاتحاد الأوروبى، تستنتج بالأرقام أن عوائد الضرائب أعلى فى الدول الديمقراطية لأن عليها أن ترضى الحاجات التوزيعية للناخبين. وتكتشف الباحثتان أيضا أن الديمقراطية تؤثر على تركيبة الضرائب. فكلما كانت هناك ديمقراطية زاد الاعتماد على الضرائب المباشرة (وليس ضرائب المبيعات التى تسمى غير مباشرة) وعلى الضرائب التصاعدية، أى أن يدفع الأغنياء أكثر.
وهكذا يضيف نظامنا الضريبى بعد آلاف السنين الشركات الكبرى للكاتب الفرعونى الديكتاتور، الذى كان معفى من الضرائب، لكى « تمسك حساب كل شىء» تقريبا، وتتحمل أقل عبء مقارنة بأغلب من يماثلونها فى نظم الديمقراطية الانتخابية فى العالمين النامى والمتقدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.