كشف علماء بريطانيون أنهم نجحوا فى فك شفرة ورسم غالبية الخريطة الوراثية للقمح فى خطوة يأملون أن تسهم فى معالجة مشكلات توافر إمدادات الغذاء فى العالم، فيما قال خبير مصرى ان الانجاز الجديد سيساعد مصر فى تجاوز أزمة زراعة القمح إذا «استغل بشكل صحيح». وفى الوقت الذى يرى خبراء أنه يتعين زيادة حجم إنتاج العالمى من القمح بواقع 50 فى المائة خلال العقود الأربعة القادمة، ويقول العلماء إن جهودهم فى رسم هذه الخريطة الوراثية ستساعد المزارعين على إنتاج محاصيل وفيرة الإنتاج وأكثر مقاومة للأمراض لمواجهة خطر أزمة الغذاء العالمية. ونجح الباحثون فى وضع مسودة لهذه الخريطة الوراثية لصنف يعرف باسم القمح الربيعى الصينى، ما أتاح للعلماء والشركات المعنية بزراعة القمح الاطلاع على 95 فى المائة من هذه الخريطة. ونشر العلماء نتائج هذه الخريطة الجينية على شبكة الإنترنت. وقال نيل هيل من جامعة ليفربول وهو أحد أعضاء الفريق البحثى البريطانى من العاملين ضمن هذا المشروع ان «المعلومات التى توصلنا إليها ذات قيمة كبيرة فى معالجة مشكلة نقص الغذاء عالميا». وأضاف «نحن بحاجة الآن إلى إعداد برامج تربية نبات تكفى لتغذية العالم خلال السنوات العشر المقبلة». ويتعرض إنتاج القمح فى العالم فى الوقت الراهن إلى خطر التغيرات المناخية وتعاظم الطلب من جانب سكان العالم. وفى مطلع هذا الشهر سجلت أسعار القمح عالميا أعلى معدلاتها خلال عامين، فى أعقاب موجة الجفاف غير المسبوقة فى روسيا والمشكلات التى واجهتها بعض من كبريات الدول الأخرى المنتجة للقمح. وقال هول إن البيانات الخاصة بالتسلسل الجينى لصنف القمح الربيعى الصينى، الذى اختاره العلماء كصنف مرجعى، ستمكن الباحثين من التفرقة بين مختلف الأصناف ذات الصفات الإنتاجية عالية التميز. وقال الدكتور عبدالسلام جمعة الملقب بأبو القمح فى مصر إن «الإنجاز الجديد سيساعد فى زيادة إنتاجية مصر من القمح إذا استغل بشكل صحيح». ورأى أن رسم الخريطة الجينية للقمح سيساعد فى استنباط سلالات جديدة مقاومة للتغيرات المناخية وذات إنتاجية وجودة عالية، لافتا إلى أن عمليات استنباط السلالات كانت تقوم على الكروموزوم (الشريط الوراثى) لكن رسم خريطة الجينوم يعطى صورة دقيقة لجميع المعلومات الوراثية عن سلالة القمح الخاضعة للبحث. ودعا الخبير الزراعى إلى الاستفادة من السلالات الجديدة والتقنيات الحديثة، ولفت إلى أنه بالنظر إلى أن أقصى مساحة يمكن زراعتها بالقمح فى الفترة المقبلة لا تزيد على ثلاثة ملايين ونصف المليون فدان ونحن نحتاج إلى أن نصل إلى أربعة مليون فدان لتغطية 80 % من احتياجاتنا من القمح، لذا فإن الإنجاز العلمى الجديد سيسهم فى زيادة الإنتاج فى إطار المساحة المتوفرة حاليا. كما دعا الحكومة المصرية إلى تشجيع مزارع القمح المصرى من خلال رفع أسعار شراء المحاصيل لأن الفلاح يتحمل تكاليف عالية فى زراعة القمح أكثر من المحاصيل الأخرى. وكانت جهود رصد الخريطة الجينية للقمح من المهام شبه المستحيلة فى الماضى بسبب ضخامة حجم الجينوم، إذ يتألف من 17 مليار زوج من القواعد المكونة للحمض النووى، أى أنه يساوى خمسة أمثال حجم الجينوم البشرى.