فيما تعتزم نخبة من المفكرين والعلماء والفلاحين وعالمة الأنثروبولوجى المصرية الدكتورة زينب الديب التقدم ببلاغ للنائب العام، يتهمون فيه الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة بإجهاض وتجميد "المشروع القومى الإنمائى لتطوير البيئة الإنسانية بصحراء مصر"، أصدرت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (فاو) تحذيرا من أزمة غذاء فى مصر على خلفية ارتفاع أسعار القمح العالمية. من ناحيتها اتهمت زينب الديب وزارة الزراعة بإجهاض المشروع الذى أشرفت عليه بين عامى 1990 و1997، ويهدف إلى النهوض بمحصول القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتى منه حتى وصلت إنتاجيته فى التسعينيات إلى 35 إردبا للفدان، علما بأن أعلى إنتاجية حققتها الأراضى المصرية 18 إردبا للفدان، وكذلك الحفاظ على الصفات الوراثية للمحاصيل والحبوب المصرية من الضياع.
وعادت الديب من باريس منذ أيام قليلة، حيث تعمل فى جامعة السوربون، لترتيب الأوراق اللازمة لتقديم البلاغ بالتعاون مع الكاتبة سكينة فؤاد، وقالت، إن المشروع القومى الذى استعان بخبراء مركز البحوث الزراعية ومركز بحوث الصحراء وهيئتى المساحة والجيولوجيا وصل بإنتاجية الفدان من القمح إلى 35 إردبا للفدان، بحسب وثائق قالت إنها ستكشف عنها قريبا، وكان من المأمول للمشروع أن يحقق الاكتفاء الذاتى من القمح بزراعة نصف مليون فدان فى مراحله الأولى. واتهمت وزير الزراعة الأسبق يوسف والى بتدمير المشروع وتحويله من أيدى الدولة إلى القطاع الخاص، وهو ما رفضته بشكل قاطع ورفعت دعوى قضائية إثر المكاتبات التى تمت بينهما، مؤكدة أنه استولى على المقر المخصص لها فى شارع وزارة الزراعة ويتخذه الآن مقرا له.
وأكدت الديب اختفاء الأصناف التى استنبطها علماء مركز البحوث الزراعية ومن بينهم الدكتور عبدالسلام جمعة بفعل فاعل، قائلة إنها لا تستبعد اختفاءه لصالح دول معادية من مصلحتها الإضرار بمصالح مصر والقضاء على مشروع مصر الزراعى.
من ناحيتها, حذرت منظمة الأغذية والزراعة العالمية من أن يواجه المصريون صعوبة فى توفير الغذاء خلال الفترة المقبلة، حيث إن "أزمة ارتفاع أسعار السلع المرتبطة بالقمح، على خلفية قرار روسيا حظر صادراتها، تتزامن مع زيادة أسعار اللحوم والأرز فى السوق المحلية، مما يمكن أن يكون تهديدا للأمن الغذائى فى مصر"، بحسب تقرير حديث للمنظمة.
وتبعا للتقرير، فإن السياسة التى تنتهجها الحكومة المصرية المتعلقة بتخفيض المساحات المزروعة من الأرز لتوفير المياه، هى السبب الرئيسى وراء ارتفاع أسعاره.
ومن المنتظر أن تعقد الفاو اجتماعا طارئا يوم 24 من الشهر الحالى تدعو فيه الدول المستوردة والمصدرة للقمح لمناقشة كيفية مواجهة أزمة حظر القمح الروسى بعد مده حتى نهاية 2011، وقد ذكرت المنظمة، فى بيان سابق لها، أن المخاوف من حدوث إضرابات اجتماعية فى الدول المستوردة للقمح، ومنها مصر، نتيجة للغلاء المتوقع، أهم الأسباب التى دفعتها إلى عقد هذا الاجتماع.
سنتفادى أعمال الشغب! من ناحية أخرى، أكد المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، أن الحكومة دبرت كميات القمح التى تحتاجها لتفادي أي نقص فى الخبز المدعم، مشدداً على أنها لن تواجه "أعمال شغب" بشأن الغذاء على غرار ما حدث فى 2008 بسبب نقص الخبز.
وقال رشيد، رداً على سؤال لوكالة رويترز، اليوم السبت، إذا ما كانت تتوقع الحكومة أن تثير طفرات سعر القمح العالمى اضطراباً عاماً فى مصر "مستحيل، لأن السياسة واضحة جداً، فقد دبرنا كل الكميات التى نحتاجها لاستهلاكنا". وأضاف "دبرنا أيضاً الأموال اللازمة لزيادة ميزانية الدعم وهو ما يعنى فى نهاية الأمر أن المستهلك المصرى لن يشعر بأثر زيادة الأسعار عالمياً".
وتستهلك مصر نحو 14 مليون طن من القمح سنوياً وتعتمد على الإمدادات الأجنبية فى حوالى نصف تلك الكمية.
كانت وزارة التجارة قد قالت الشهر الماضى إنها تتوقع أن تؤثر تحركات أسعار القمح العالمية فى ميزانية السنة المالية 2010/2011. بما يتراوح بين 2.5 مليار و4 مليارات جنيه.
فى السياق ذاته، أشار رشيد، إلى أن هيئة السلع التموينية قامت على مدار الشهرين الماضيين بتغطية احتياجات البلاد من القمح حتى شهر فبراير المقبل.
ولفت إلى استبدال الهيئة نحو 540 ألف طن قمح روسى رفضت موسكو توريدها، إثر قرارها فرض حظر على تصدير الحبوب، بدءاً من 15 أغسطس الماضى، لمواجهة موجة جفاف حادة ضربت البلاد.
ونفى وزير التجارة وجود تقاعس من جانب هيئة السلع التموينية عن مراقبة وضع سوق الحبوب فى روسيا، مشيراً إلى أن ما يلمح إليه بعض المحللين من أن الهيئة كان يجب عليها توقع فرض روسيا حظراً على تصدير القمح بسبب موجة الجفاف "محض افتراء"، موضحاً أن الجميع لم يكن يتصور أن تصبح موسكو أحد أكبر موردى القمح فى العالم فى هذا الوضع.
وأكد أن دعم أسعار المواد الغذائية سيساعد على احتواء أثر ارتفاع أسعار الغذاء، مضيفاً أن وزارة الزراعة تتخذ أيضاً خطوات لزيادة إنتاج القمح محلياً، لكنه أضاف أن مصر ستحتاج رغم ذلك إلى استيراد 6 ملايين طن من القمح سنوياً على مدى الأعوام القليلة المقبلة.
وقال رشيد "ما ننظر إليه هو ضمان أنه مهما كان ما ننتجه، فإنه سيواصل الزيادة تدريجياً، لكن من الواضح أننا سنظل مستورداً رئيسياً للقمح على الصعيد العالمى فى السنوات القليلة المقبلة".