يقضي المئات من العراقيين من كلا الجنسين يوميا ساعات طوال في التجول بين عشرات الأنواع من الزهور في مهرجان دولي هو الثاني من نوعه الذي يقام في بغداد في مرحلة ما بعد الإطاحة بصدام حسين. ويشارك في المهرجان شركات ومكاتب متخصصة في زراعة الزهور من جنسيات عربية وأجنبية، غير مبالين للتجاذبات بين الساسة العراقيين حول تشكيل الحكومة المقبلة. وقال عادل العرداوي -أحد أعضاء لجنة مهرجان بغداد الدولي الثاني للزهور- لوكالة الأنباء الألمانية إن: "لجنة المهرجان استفادت كثيرا من الدورة الأولى للمهرجان والتي أقيمت العام الماضي وأسست القاعدة الأساسية لإقامة مثل هذا المهرجان". وأضاف أن: "السنوات المقبلة ستشهد مشاركة واسعة وأن المشرفين على هذا المهرجان يعملون على أن يكون مهرجان بغداد للزهور تقليدا سنويا". وأقيم مهرجان بغداد الدولي للزهور هذا العام في حديقة الزوراء كبرى حدائق بغداد، وبدأ يوم الخامس عشر من أبريل ويستمر حتى يوم غد تحت شعار "بغداد زهور وإعمار" بمشاركة نحو 20 شركة عربية وأجنبية ومن شركات القطاع الخاص العراقي ومن دول بينها هولندا والولايات المتحدة والصين ولبنان وسوريا وإيطاليا وإيران وبلجيكا. وقالت منار خالد -24 عاما- وهي طالبة جامعية: "المعرض جميل .. لم أكن أتوقع أنني سأرى هكذا معرض في بغداد ، والأمر يستحق التقدير والثناء على كل العاملين والمشرفين عليه لأنني لأول مرة أشاهد معرضا للزهور في بغداد تشارك في دول أجنبية ، وهي تجربة يمكن الارتقاء بها". وأضافت أن: "المشرفين على المعرض يسمحون لنا بالتجوال قرب الزهور من دون وضع موانع وهذا أمر يدعو أيضا إلى التقدير". واشتملت المعروضات على أنواع مميزة من الزهور والشتلات الموسمية والنباتات الظلية التي تم تنسيقها بشكل هندسي جميل وسط عدد من النافورات والنشرات الضوئية على مساحة خضراء تبلغ 25 دونما، وبوسع العراقيين شراء أنواع من هذه المعروضات بعد انتهاء مدة المهرجان فضلا عن تعاقد أمانة بغداد مع الشركات المشاركة في المهرجان لزراعة أنواع من الزهور في المساحات الخضراء في شوارع بغداد وأقسام الدوائر البلدية. وقال الطبيب علي الكعبي -53عاما-: "أعتقد أن إقامة مثل هذه المعارض والمهرجانات أمر مهم للعراقيين للخروج من أجواء العنف والتشنجات السياسية وبعث روح الأمل بالحياة والأمان ، كما أنها تسمح للجميع بمشاهدة أنواع مميزة من الزهور لم يعرفها من قبل لأنها تزرع في بلاد بعيدة وبالتالي فإن توسيع هذه الفعاليات ستفتح جسور المحبة والتعايش الثقافي مع دول العالم". وأضاف: "أن الزهور والمساحات الخضراء هي رسالة سلام وأمن واستقرار تنعش القلوب وتفتح أبواب الأمل". وذكر عدد من المشرفين على إقامة هذا المهرجان أنه كان من الممكن أن يشهد مشاركة دولية أوسع لكن قصر فترة توجيه الدعوات انعكس سلبا على حجم المشاركة الدولية ، وكان من المفترض توجيه الدعوات قبل أشهر من موعد انطلاق المهرجان لضمان مشاركة أوسع والأخذ بنظر الاعتبار الوقت الذي تحتاجه الشركات المشاركة في إدخال الزهور عبر المنافذ الحدودية والأعمال الفنية الأخرى . وقال فاضل الأسدي -41 عاما- وهو موظف حكومي- إن إقامة مثل هذه المهرجانات هي فرصة للترفية والتسلية للابتعاد عن حالة الشد والجذب السياسي التي أربكت الشارع العراقي بعد إعلان نتائج الانتخابات حيث برزت حالة الانقسام والتصريحات المتناقضة من جديد وكأن هؤلاء السياسيون غرباء عن بعضهم أو كأنهم يلتقون بعضهم البعض لأول مرة". وأضاف: "الوضع السياسي في العراق مربك للغاية ولا يستطيع أي محلل سياسي في العالم فهم ما يجري لان حالة التناحر والتباين في الآراء تتناقض كل يوم ولا يوجد موقف يمكن من خلاله القول إن هؤلاء ممكن أن يشكلوا حكومة خلال فترة قياسية". ويجب الاعتراف أن مشهد تجول العراقيين وجلوسهم وسط الزهور حالة فريدة من نوعها منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ، حيث لا يكاد يفيق الناس من كابوس الأوضاع الأمنية غير المستقرة إلا وترهقهم السجالات السياسية العقيمة.