منذ ما يزيد على العامين يحاول أحمد بركات الأستاذ المساعد بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية أن يجد ممولا لمشروعه عن الكوميكس الإسلامى، ولكن دون جدوى. أحمد بركات هو أحد المهتمين بفن الكوميكس وله أعمال عديدة فى هذا المجال، كان من أشهرها تصميم شخصيات كرتون ال«مغامرين الخمسة» الذى عرض فى التليفزيون المصرى عام 2006. ما إن أنجب أحمد ابنه سيف الدين الذى يبلغ من العمر عامين حتى بدأ يفكر فى الرسوم الكرتونية التى سيشهادها طفله حين يكبر ووجد أن أغلب الشخصيات الكرتونية المستوردة من الولاياتالمتحدة مثل: «سبايدر مان» و«باتمان» لا علاقة لها بالمجتمع العربى، وتروج لقيم غريبة عنه. يضرب أحمد مثالا بالجزء الأول من فيلم سبايدرمان «الرجل العنكبوت» الذى تظهر فيه الشخصية الخارقة لتروج عن فكرة مسئولية أمريكا عن حماية العالم، خاصة أن الفيلم قد أعيد كتابته وتصويره بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر ليتناسب مع الموقف. يسخر بركات من مثل هذه الشخصيات التى تجد قبولا لدى الأطفال حول العالم قائلا: «من الهبل أن نقدم لأطفالنا مثلا أعلى عبارة عن إنسان مهجن بحشرة لا تحمل أى قيمة أو رمز، الشخصيات الخارقة الأمريكية غالبا ما تستخدم فى الدعاية والإعلان لغرز قيم استهلاكية لدى الطفل». يوضح بركات أن أغلب الشخصيات الكرتونية العربية والإسلامية إما تخلو من عناصر التشويق والإبهار مثل قصص الأنبياء، وإما متأثرة بالأسلوب الأمريكى لدرجة تجعلها «تقليدا أعمى» كرسومات «99» الإسلامية التى كان أبطالها يرتدون ملابس غربية، ويملكون قدرات خارقة كالطيران والتحكم فى الطبيعة. وعلى ذلك؛ قرر بركات أن يبدأ تنفيذ حلمه فى رسم شخصيات إسلامية تجمع بين عناصر الإبهار الجاذبة للأطفال وبين المضمون الجيد. ويشرح فكرته قائلا: «أعتمد فى رسوماتى على المبالغة وإضافة صفات أسطورية للشخصيات، أيضا أعتمد على زوايا رؤية توحى بالعظمة حتى أجذب الأطفال الذين يعشقون فكرة البطل الأسطورى»، وبناء على هذا، استخدم بركات هذا الأسلوب لتصوير الشخصيات الأكثر شهرة فى التاريخ الإسلامى بين الأطفال: بلال مؤذن الرسول وخالد بن الوليد سيف الله المسلول. هل تضفى أعماله نوعا من القدسية على الشخصيات التاريخية؟ يدافع بركات عن رسوماته قائلا: إن تربية الأطفال على احترام شخصيات تاريخية كعمرو بن العاص حتى لو أثار جدلا حول دوره التاريخى هو أفضل من تركهم أمام أبطال الغرب الخياليين، يقول: «أريد لابنى حين يكبر أن يرغب فى شراء الأزياء التنكرية لصلاح الدين الأيوبى مثلا بدلا من أن يحاول القفز عاليا مثل سبايدرمان أو يتلون باللون الأخضر مثل هالك»، ويضيف: إن كتاب «رجال حول الرسول» لخالد محمد خالد هو أحد المصادر التاريخية الرئيسية التى اعتمد عليها فى عمله. بدأ بركات فى تصميم عدة شخصيات وكتابة مشاهد مبدئية لسلسلة كوميكس تحمل اسم «جند الله». أكثر الشخصيات التى اهتم بركات برسمها هى شخصية صلاح الدين الأيوبى، وقرر أن يصمم وجه صلاح الدين بشكل يشبه الفنان أحمد مظهر إلى حد كبير، لارتباطه بشخصية صلاح الدين من خلال الفيلم الذى قام مظهر ببطولته. لاقى أحمد بركات تشجيعا من أساتذته وتقدم بمشروعه للعديد من دور النشر والجهات الثقافية الحكومية دون جدوى. ثم قام بنشر بعض رسوماته على موقع الفيس بوك ولاقت رواجا كبيرا، خاصة أنه قد نشر عددا من الفيديوهات بجودة عالية تُظهر مهارته فى اختيار زوايا الكاميرا وفن التحريك أو الأنيميشن. كما نشر أيضا عددا من الماكيتات التى توضح نوعية الألوان والأساليب الفنية التى يحلم أن يراها يوما على الشاشة، وهى تعتمد فى معظمها على أسلوب الرسم بالكمبيوتر أو Digital Painting. لكن ظلت مشكلة التمويل قائمة وحتى الآن لم يظهر الممول المتحمس ل«جند الله» رغم أنه يتلقى أسئلة عدة من الجمهور على الإنترنت عن موعد ظهور هذه الرسومات فى الأسواق. بركات يؤكد «الكوميكس الإسلامى هو مشروع عمرى، وليس مجرد فكرة تجارية من الممكن أن أتخلى عنها إن لم تحقق ربحا ماديا». وحتى يأتى ذلك اليوم يستكمل بركاته عمله فى البحث والدراسة حالما بإنشاء استديو لإنتاج الأنيميشن والكوميكس فى مدينته الإسكندرية. و يقول: «طبيعة الإسكندرية وهدوؤها يجعلان أهلها ذواقين للفن بالفطرة، إلا أن الكثيرين من فنانى الإسكندرية يضطرون للهجرة إلى القاهرة بحثا عن إمكانات وفرص عمل لا تتوافر خارج العاصمة».