أكشاك بيع السجائر والحلويات، محال بيع الخضار والفاكهة، مشروعات لزراعة عش الغراب، أو تجهيز و تعبئة الخضراوات، كلها نماذج لمشروعات صغيرة،تحتاج رءوس أموال محدودة ولا يزيد عدد العاملين فيها على خمسة أشخاص، أى كلها تعد من المشروعات متناهية الصغر. ووفقا للتعريف العالمى، فإن المشروع المتناهى الصغر، هو المشروع الذى لا يزيد عدد العاملين فيه على خمسة أفراد، منهم صاحب المنشأة، ومنهم فرد أو اثنان من نفس الأسرة، وعادة لا يزيد حجم التمويل الذى يحتاجه المشروع على 30 ألف جنيه. «سوق تمويل الشركات متناهية الصغر كبيرة، والطلب عليها يتزايد، ويقدر عدد المحتاجين لهذا التمويل فى السوق المصرية بنحو 4 ملايين فرد»، كما جاء على لسان عمرو أبوعش، الرئيس التنفيذى لشركة «تنمية»، وهى ذراع تمويل المشروعات متناهية الصغرالتابع لمجموعة القلعة للاستثمارات المالية، وإحدى الشركات التى بدأت أخيرا فى طرق هذا المجال. وعلى الرغم من حداثة عهد الشركة، والتى بدأت تقدم خدماتها منذ ثلاث أشهر فقط، فقد قدمت الشركة تمويلا إلى سبعة آلاف مشروع فى أنشطة مختلفة، صناعية وخدمية، «وهو ما يعتبر دليلا على وجود احتياج لهذا النوع من التمويل». حسب أبوعش. وتختلف قيمة التمويل متناهى الصغر حسب قدرة الجهة التى تقدمه، لكن حده الأقصى يصل إلى 250 ألف جنيه، وهو الحد الأدنى لتمويل المشروعات الصغيرة، كما حدده البنك المركزى. ويتوفر التمويل المتناهى الصغر فى مصر، من خلال الجمعيات الأهلية، وبعض البنوك، وهى بنوك القاهرة، والإسكندرية، والوطنى للتنمية، ومصر، وشركتان تابعتان للقطاع الخاص، هما شركتا «تنمية»، والتى تمتلكها مجموعة القلعة للاستثمار، بنسبة 51%، والبقية يملكها البنك المصرى الخليجى، ومؤسسان من القطاع الخاص، والثانية شركة «ريفى»، التى يساهم فيها الصندوق الاجتماعى بنسبة 20%، والنسبة المتبقية للقطاع الخاص. وتبعا لتقديرات فؤاد ثابت، رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات التنمية الاقتصادية، وهو اتحاد لجمعيات غير الهادفة للربح، «تستحوذ الجمعيات الأهلية على أكثر من 50% من حجم التمويل المتناهى الصغر الذى يتم تقديمه فى المجتمع». ووفقا لبيانات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بلغ عدد الجهات التى تقدم التمويل متناهى الصغر فى يونيو من العام الماضى، 279 جهة، استفاد منها 1.130 مليون عميل، ليبلغ حجم التمويل الذى حصلوا عليه 1.8 مليار جنيه. ويعد البنك الوطنى للتنمية، من أقدم البنوك، التى بدأت العمل فى مجال التمويل متناهى الصغر، قبل 20 عاما مع الوكالة الأمريكية للتنمية، وقد بدأت البنوك تلتفت لهذا النوع من التمويل مع بداية الألفية الجديدة، ليؤسس بنك القاهرة، وحدة لهذا النوع من التمويل فى عام 2001، ثم تبعه بنوك الإسكندرية، ومصر. «يستحوذ بنك القاهرة الآن على نحو ثلث حجم التمويل المتناهى الصغر، ويبلغ حجم محفظته التى خصصها لهذا النوع من التمويل نحو 500 مليون جنيه». تبعا لأبوعش، والذى كان يشغل منصب رئيس وحدة التمويل متناهى الصغر فى البنك قبل انتقاله ل«تنمية». وقد أعفى البنك المركزى، فى مطلع العام الحالى، البنوك التى تقدم إقراضا للمشروعات الصغيرة، والمتوسطة، من الاحتفاظ بنسبة ال14%، من حجم الودائع الموجودة لديها مع البنك المركزى وذلك رغبة من الأخير فى تشجيع البنوك على تقديم هذا النوع من القروض. فجوة بين العرض والطلب وبحسب ثابت، تتراوح نسبة التمويل المتاح للمشروعات متناهية الصغرما بين 30 و40% من التمويل المطلوب، بينا يضع أبوعش، عدد المحتاجين إلى هذا النوع من التمويل عند أربعة ملايين فرد. ويقول أبوعش إن «هذا العجز يعد فرصة للقطاع الخاص، للدخول فى هذا النوع من التمويل»، مشيرا إلى أن هذا النوع من التمويل «بيزنس مربح جدا وفى نفس الوقت فهو تمويل ذات مخاطر عالية». وتعد وزارة الاستثمار فى الوقت الحالى مشروع قانون لتنظيم هذا النوع من التمويل، بما يضمن تسهيل مهمة الشركات العاملة فى هذا المجال. وبحسب تصريحات سابقة لمحمود محيى الدين، وزير الاستثمار، فإن القانون الجديد، لن يخضع له الصندوق الاجتماعى للتنمية، أو البنوك العاملة فى هذا المجال. يرى ثابت، أن نجاح تمويل المشروعات متناهية الصغر مشروط بدراسة احتياجات المجتمع الذى سيقام به المشروع، والتى يجب أن يلبيها المنتج الذى سيقدمه المشروع متناهى الصغر. يقول ثابت إن جمعية جنوب بورسعيد للتنمية، وهى واحدة من الجمعيات الأهلية التى تقدم تمويلا متناهى الصغر، اشترطت على أبناء المنطقة التى توجد فيها الجمعية، والذين تقدموا بطلبات للحصول على تمويل لإقامة مشروع متناهى الصغر، العمل مع أحد مصانع الأدوات الكهربائية بالمنطقة. ويضيف ثابت إن الأفراد الذين حصلوا على تمويل اشتروا معدات وأدوات، وعملوا فى تجميع «الفيش الكهربائية»، وبعض المستلزمات، وتم بيعها للمصنع مقابل 25 قرشا للقطعة، مشيرا إلى أنه مع توفير فرص عمل حقيقة لهم نجحوا فى تسديد هذه القروض. شروط كبيرة لمشروعات صغيرة ورغم وجود فجوة بين العرض والطلب على هذا النوع من التمويل، إلا أن هناك الكثير من العقبات تحد من التوسع فيه. تقول عالية المهدى، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن هناك الكثير من المشكلات التى تعوق انتشار التمويل المتناهى الصغر، منها عدم توافر تمويل يتناسب مع حجم احتياج العملاء فى السوق. وتضيف المهدى أنه لا توجد كوادر بشرية داخل الجهاز المصرفى مؤهلة للتعامل مع الأعداد الكبيرة من العملاء، التى تحتاج هذا النوع من التمويل. متناهى الصغر، كما أن بعض جهات التمويل تشترط أن تكون المشروعات التى سيتم توفير التمويل لها مشروعات مسجلة. ويقول الرئيس التنفيذى لشركة «تنمية»، إن الشركة تضع شروطا عند تقديمها تمويل لمشروع متناهى الصغر، منها أن يكون المشروع قائم بالفعل منذ عام على الأقل، وأن يكون التمويل المطلوب الهدف منه التوسع فى النشاط القائم بالفعل. ويبرر عش هذه الشروط، بوجود مخاطرة فى تمويل هذا النوع من المشروعات، مع ارتفاع معدل تعثر المشروعات على مستوى العالم. وتعد تجارب جمعيات رجال الأعمال بالإسكندرية، وجمعية سيدات كفرالشيخ، ورجال الأعمال بالمنيا، نماذج للجمعيات الأهلية، التى نجحت فى تقديم هذا النوع من التمويل.