حمل الحادث الإرهابي الذي استهدف اتوبيس سياحي بطريق المريوطية بمنطقة الهرم مساء امس الجمعة، تطورا نوعيا جديدا على الساحة المصرية، خاص باستهداف السائحين، والذي لم يحدث منذ موجة أرهاب التسعينات التي قادتها الجماعة الإسلامية، وسط تباين كبير بشأن المجموعة التي تقف وراء ذلك الحادث. على الرغم من أن المنطقة التي وقع بها الحادث الإرهابي، واحدة من مناطق نشاط مجموعة "حسم " الإرهابية المحسوب على أحد أجنحة جماعة الإخوان، وطريقة التنفيذ التي تشير إلى استخدام عبوة ناسفة بدائية الصنع، إلا أن طبيعة الهدف في هذه العملية يتعارض مع الأهداف المعلنة للتنظيم، ويقترب من المنهج الفكري والعقائدي للمجموعات التي تتبنى فكر تنظيم داعش الإرهاربي، من استهداف المخالفين في الأفكار والتنظيم والمعتقد. المنطقة التي وقع بها الحادث والتي تعد الطريق الأساسي للمناطق الأثرية بسقارة وميت رهينة بمحافظة الجيزة شهدت خلال السنوات الماضية 3 حوادث إرهابية، جميعها تبتنها مجموعات "حسم" الأولى كانت في فبراير 2014، واستشهد خلالها اثنين من أفراد الشرطة المكلفين بتأمين المنطقة الأثرية في الطريق المؤدي إلى هرم زوسر بسقارة، والثانية كانت في الثامن والعشرين من نوفمبر 2015 عندما هاجم مسلحون كمين للشرطة راح ضحيته 4 أفراد، ضمن القوات المكلفة بتأمين الطريق السياحي، والمعروفة إعلاميا ب"الهجوم على كمين المناوات"، فيما كانت الحادثة الثالثة في 14 يوليو 2017 والتي استهدفت سيارة شرطة، بعد هجوم قام به مسلحون، وأسفرت عن استشهاد 5 أفراد شرطة قبل أن يلوذوا بالفرارمستخدمين دراجة نارية. الحادثة الأخيرة التي سقط خلالها 3 سائحين من الجنسية الفيتناميية ومرشد سياحي مصري، تحمل مزيجا بين أساليب "حسم" وأهداف داعش ، يجعل الأمر محسوما بين خيارين إما أن من وقف ورائه مجموعات عشوائية انضمت للتنظيم وبايعته الكترونيا عبر شبكة الانترنت ، وإما أن نكون أمام مجموعة تحولت من حسم إلى داعش، وذلك الأمر ليس بالجديد، ويفض الاشتباك فيه واقعة مماثلة ، حيث كانت المنطقة ذاتها شاهدة على تحول إحدى الخلايا التي كانت تابعة للجان النوعية لجماعة الأخوان التي انبثقت منها حركتا "حسم" و "لواء الثورة"، إلى تنظيم داعش، في الواقعة المعروفة إعلاميا ب "تفجير شقة اللبيني"، في 21 يناير 2016 ، والتي تم فيها نصب كمين لقوات الشرطة أسفرعن استشهاد 7 أفراد من الشرطة، وإثنين من المدنين بالمنطقة، قبل أن ينشب نزاع بين لجان الإخوان النوعية، وتنظيم داعش على تبعية العملية ومسئوليتها حيث أصدر كل منهما بيانا يعلن فيه مسئوليته عن العملية، ليتم الكشف بعد ذلك عن أن المنفذين كانوا عبارة عن خلية تابعة للجان النوعية أنشق بعض أعضائها، وبايعوا تنظيم داعش. بالعودة إلى حادث استهداف الاتوبيس السياحي فإنه يندرج ضمن العمليات العشوائية التي يصعب على أي أجهزة أمن السيطرة عليها أو منع وقوعها، خاصة وأن وقوع الحادث هذه المرة لا يحمل أي شبهة قصور أمني، في ظل التأمين القوي لتلك المنطقة عبر أكمنة ثابتة، وقوات متحركة تكون مرافقة للحافلات السياحية ، المارة بذلك الطريق والذي يضم مجموعة كبيرة من البازرات السياحية، وخير دليل أنه لم يتم تنفيذها عبر هجوم مباشر بالأسلحة الألية كما حدث في الوقائع الثلاث السابقة. المجموعات المحسوبة فكريا على الإخوان، وتنظيميا على أحد الأجنحة المتصارعة داخل الجماعة، والمتمثلة في "حسم و"لواء الثورة" والتي تصنفها الولاياتالمتحدة كمنظمات إرهابية، وكانت في وقت سابق تمثل ما يعرف باللجان النوعية، وحملت السلاح في وجه الدولة ركزت عمليتها الإرهابية في المقام الأول ضد القضاة ورجال الشرطة والجيش؛ حيث يبتعدون لأسباب سياسية برجماتية دائما عن استهداف السائحين بشكل خاص، والأجانب بشكل عام؛ خشية فقدان الدعم الأوروبي الذي تحرص عليه الجماعة دائما. الاستثناء الوحيد لتلك القاعدة، تمثل في استهداف "حسم" في الأول من أكتوبر 2017 لسفارة دولة ميانمار بمنطقة الزمالك، بعبوة ناسفة بدائية الصنع ، مبررة ذلك الهجوم بأنه جاء انتقاما من حملة جيش ميانمار على مسلمي الروهينجا.