تكذيب الأكاذيب.. مصطفى بكري ينفى تصريحه بأن اتحاد القبائل العربية فصيل من فصائل القوات المسلحة    غدا وبعد غد.. تفاصيل حصول الموظفين على أجر مضاعف وفقا للقانون    الكنيسة الأسقفية توفر ترجمة فورية بلغة الإشارة وتخصص ركنا للصم بقداس العيد    بث مباشر| البابا تواضروس يترأس قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    البنك المركزي: 8.9 تريليون جنيه سيولة محلية في البنوك بنهاية 2023    مدحت نافع: حزمة ال57 مليار دولار مع الشركاء الدوليين ستمثل دفعة قوية للاقتصاد المرحلة المقبلة    «القومى للأجور» يحدد ضمانات تطبيق الحد الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل للأسرى    سفير فلسطين لدى تونس: الصراع مع إسرائيل ليس ثنائيا.. وشعبنا يدافع عن الإنسانية    حريات الصحفيين تدين انحياز تصنيف مراسلون بلا حدود للكيان الصهيوني    ريال مدريد يقترب من لقب الدوري بثلاثية في قادش    قوات الإنقاذ النهري تكثف جهود البحث عن غريق سيدي كرير غرب الإسكندرية    تشييع جثمان العجوزة قتلت علي يد جارتها لسرقة مصوغاتها الذهبية بالفيوم    أسوان .. وفاة شخص سقط فى مياه النيل بمركز إدفو    تعرف علي موعد عيد الأضحي ووقفة عرفات 2024.. وعدد أيام الإجازة    أسبوع حافل لقصور الثقافة.. إطلاق ملتقى الجنوب في الشلاتين والاحتفال بعيد القيامة وشم النسيم    اكتشاف كتب ومخطوطات قديمة نادرة في معرض أبوظبي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أحمد كريمة يعلن مفاجأة بشأن وثيقة التأمين على مخاطر الطلاق    استشاري يحذر من شرب الشاي والقهوة بعد الفسيخ بهذه الطريقة (فيديو)    خبير تغذية يكشف فوائد الكركم والفلفل الأسود على الأشخاص المصابين بالالتهابات    بالصور.. محافظ الوادي الجديد يزور كنيسة السيدة العذراء بالخارجة    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    استشاري تغذية يقدم نصائح مهمة ل أكل الفسيخ والرنجة في شم النسيم (فيديو)    لوبتيجي مرشح لتدريب بايرن ميونيخ    أمريكا والسفاح !    شروط التقديم على شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. والأوراق المطلوبة    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    رسميا .. مصر تشارك بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    بعد القضاء على البلهارسيا وفيروس سي.. مستشار الرئيس للصحة يزف بشرى للمصريين (فيديو)    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    حريق بمنزل وسط مدينة الأقصر    لاعب تونسي سابق: إمام عاشور نقطة قوة الأهلي.. وعلى الترجي استغلال بطء محمد هاني    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    السكة الحديد تستعد لعيد الأضحى ب30 رحلة إضافية تعمل بداية من 10 يونيو    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات بمدينة شرم الشيخ.. اليوم    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم المصرى بين المجانية والإلزامية
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 11 - 2018

بحسب ما نشره موقع اليوم السابع بتاريخ 10/ 11/ 2018، فى معرض حديث وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى د. طارق شوقى عن مجانية التعليم خلال اجتماع لجنة المشروعات الصغيرة بالبرلمان حول دعم التعليم الفنى قال الوزير فى نص اعتراضه: «مجانية التعليم تحدد قدرتنا على الحركة، اللى كتب الكلام دا عام 1952 مكنش يعرف أن مصر هيبقى فيها هذا العدد من السكان، إزاى عندنا إصرار نِعلم الخايب والشاطر زى بعض، وأنا بسأل اللى بيتكلموا عن العدالة الاجتماعية فى هذه النقطة، يعنى إيه عدالة اجتماعية، هل أضيع الكل لما أدى للشاطر زى الخايب، لأ أنا مش مع هذا النوع من العدالة ولا مؤمن بيها، فكرة العدالة المبسطة دى فيها ظلم فاحش، ظلم اجتماعى متساوى، فَلَو انتوا عاوزين تصلحوا بجد، لازم تناقشوا هذه الأفكار من جديد». وأضاف الوزير بأن المواطنين تدفع لما يسمى بالسناتر الخاصة مبالغ طائلة، فلم لا تدفعها للدولة؟.
وبحسب ما نشره الموقع ذاته فى اليوم التالى عن نفى وزير التعليم للحديث السابق، أكد وزير التربية والتعليم أنه لم يتطرق لمجانية التعليم وأن كلامه أخرج من سياقه، ولكنه تطرق خلال حديثه فى اجتماع اللجنة حول اقتصاديات التعليم وكيفية تطويره والمضى قدما فى المنظومة الجديدة التى تم وضعها، وأضاف أنه يرغب فى الاستفادة من المبالغ التى تنفقها الدولة على التعليم، وهو مبلغ يفوق 90 مليار جنيه، إضافة إلى ما تنفقه الأسر وهو مبلغ يقدر بنحو 120 مليار جنيه.
فهل هذا يعنى وجود نية لدى مؤسسات الدولة مفادها التخلى عن التعليم المجانى، ليصبح بعدها التعليم سلعة تخضع لقواعد السوق من عرض وطلب، وهو ما تشير إليه سابقة أعمال الحكومة فى تجربة المدارس الخاصة، ومحاولة التخلص من المدارس التجريبية، وهو الأمر الذى سيُخرج الكثير من الفئات الشعبية خارج المعادلة الشرائية لانعدام قدراتهم المادية على الدخول فى أى مستوى تنافسى لشراء المراحل التعليمية المختلفة، وذلك بشكل خاص فى هذه الآونة التى تمر بها حياة المواطنين من ضعف مادى يواصل تصاعده منذ سنوات عديدة، مع ثبات معظم دخول الأسر المصرية، وتحرك أسعار معظم الحاجات الأساسية ومتطلبات الأسر من مواد غذائية أو دوائية، ولكن أن يصل الأمر إلى أن تسعى الدولة إلى دخول المسألة التعليمية كذلك فى هذا السوق، فهو بالبديهة أمرا لن تقدر عليه غالبية الأسر، وستصبح السلعة التعليمية مقصورة على أرباب الدخول المرتفعة، ومن ثم تنحسر العملية التعليمية فى شريحة مجتمعية صغيرة قد لا تمثل عشر عدد سكان المجتمع.
***
وقبل أن أتعرض إلى أهمية التعليم كضرورة مجتمعية ودافعة بكيان الدولة إلى التقدم والرقى اقتداء بسائر بلدان الدنيا، أتوجه بالعديد من التساؤلات المشروعة إلى المسئولين فى الدولة، وبشكل خاص، إلى المعنيين منهم بأمر التعليم، أليست هنالك طرق أخرى بخلاف الخصخصة قد تؤدى إلى تطوير التعليم، وتحسين مستواه؟ وليكن من بينها محاربة تلك الأماكن المخصصة للدروس الخصوصية، وتكون بأسعار فوق المتوسطة أو الغالية، إذ لا يقل سعر الساعة التعليمية عن خمسين جنيها للمادة الواحدة. أليس بإمكان وزارة التعليم مجابهة تلك الظاهرة، ونرفق بها ظاهرة الدروس الخصوصية برمتها؟ وأرى أن الحلول بسيطة جدا فى ذلك وبيد السلطة ذاتها العديد من أدوات أو وسائل الحل، غير التجريمية، لأن تجريم تلقى الدروس الخصوصية، لم يثمر، ولن يُنتج شيئا، سوى المزيد من الدروس الخصوصية من خلال بيوت المدرسين أو الطلاب باختلاف الشرائح المجتمعية، والقيمة النقدية المدفوعة، ألم يدر بتفكير المسئولين محاولة حصار هذه المشكلة أولا، قبل التفكير فى أن تتولى الدولة بذاتها الخصخصة التعليمية، ويبدأ الأمر برفع رواتب المعلمين حسب فئاتهم، وذلك بعد أن تتولى رفع قدراتهم التعليمية، بعقد المزيد من الدورات التدريبية الحقيقية، وليست الصورية، أو إعادة تأهيل صغار المعلمين جامعيا تحت إشراف باحثين وعلماء متخصصين فى ذلك الأمر، وأن تعتمد وزارة التعليم ما تنتجه مراكز البحث العلمى المتخصصة فى رعاية المعلمين، أو زيادة قدراتهم العلمية، وهناك العديد من المراكز البحثية من بينها ما هو داخل وزارة التعليم ذاتها، مثل مركز تطوير المناهج التعليمية، وأن تتولى المؤسسات التعليمية كيفية تنظيم فصول التقوية لرفع قدرات الطلاب فقط، أو لتحسين مستوى ضعفاء المستوى منهم، وإن لم تكن المؤسسة التعليمية قادرة على تنظيم ذلك بشكل يخفف العبء الاجتماعى والاقتصادى عن الأسر، فلتلجأ إلى معاونة الجمعيات الأهلية كحل بديل، وتتولى الجمعيات تنظيم ذلك بأجور تتوافق مع متوسط الدخول، وذلك تحت رعاية وزارة التعليم ذاتها.
ومن زاوية مغايرة هل تهدف الدولة إلى تبنى سياسات تعليمية جديدة، تقدم فيها الدولة الدعم للطالب المتفوق فقط، أو ترفع يدها عن الأمور المالية فيما يخص المرحلة التعليمية الجامعية مثلا. أحاول جديا أن أتناول الموضوع بالعديد من الأشكال النقاشية، ولكننى أُذهل حين يصطدم نقاشى مع ذاتى مع ما أعلمه جيدا من مستوى دخول غالبية الأسر، وارتفاع الأسعار بشكل مطرد، حتى أن صار التخلى الجبرى عن العديد من الاحتياجات الأساسية أمرا لابد منه فى أوساط مجتمعية ومناطق شعبية كاملة، وفى الغالب تلجأ الأسر إلى وسائل غير تقليدية للصمود إزاء تلك الأحوال الاقتصادية، ومحاولتهم ضمان مستوى تعليمى متقدم لأبنائهم، تحت مظلة حلم محاولة ضمان مستقبل أفضل لهم.
***
ومن هنا أرى أنه يقع على عاتق الدولة تنمية التعليم لأنها هى المسئولة عن العملية التربوية والمؤسسات والمدارس وهى التى تؤهل المعلمين للعمل بهيئة التدريس وهى التى تضع المناهج التعليمية لذا فإنها المسئولة الأولى عن تطوير التعليم لابد من جعل المناهج تتفق مع قدرات الطلاب، فليس عليها أن تهتم بتلقين الطلاب أساسيات التعليم الخاصة بتعليم القراءة والكتابة ومساعدة المتعثرين من الطلاب، ولابد من تطوير المناهج الدراسية من أجل تعليم شامل، تكون محصلته النهائية هى تطوير الفرد والمجتمع، والنهوض بأوضاع الدولة والتقدم نحو المزيد مما وصلت إليه بلدان كانت أقل منا مستوى فى نواح عدة، وهو ما أنتج لهذه الدول ضمان مستقبل تعليمى ومعرفى للأجيال المقبلة.
إن روشتة الإصلاح المؤسسى التعليمى المصرى فى الوقت الحالى يجب أن يخرج منها المعادل المادى، والبحث فى العديد من البدائل الأخرى التى تتواكب مع حال المجتمع المصرى الاقتصادى، ومع المستوى التعليمى بشكل عام، أما عقد المقارنات ما بين المؤسسات الرسمية للتعليم، وبين العديد من الكيانات غير الرسمية « السناتر» فهو أمر لا يُقبل ويجب ألا يمر بشكل عابر، وأن على الدولة أن تضع هدفها الرئيسى فى تطوير التعليم، وخصوصا فى مراحله الأولى، التى يتكون فيها عقل ومدركات الطلاب، ويجب مكافحة تلك الظواهر بما يخفف عن عاتق الأسر، ويضمن حسن سير العملية التعليمية، وأرى أن على مجلس النواب المصرى فى دورته الحالية دورا مهما وثقيلا، وخصوصا فى ظل ما أدلى به وزير التربية والتعليم أمام إحدى لجانه البرلمانية، وأن هناك فروق خطيرة ما بين السلع الترفيهية، وإلزامية التعليم فى مراحله الأولى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.