«زراعة النواب» تطالب بوقف إهدار المال العام في جهاز تحسين الأراضي وحسم ملف العمالة بوزارة الزراعة    البورصة تربح 31 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    رئيس الوزراء يلتقى مسئولى إحدى الشركات المتخصصة في الري تحت السطحي    محافظ الإسكندرية يشارك في معرض تكنولوجيا المياه والصرف الصحي في ألمانيا    لجنة الطاقة بمجلس النواب توافق على موازنة وزارة البترول بإجمالي 18 مليار جنيه    انطلاق القمة العربية فى البحرين بحضور الرئيس السيسى    محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا.. ماذا قال الجاني عن دوافعه؟ (فيديو)    سفير فلسطين في موسكو: الوضع الكارثي في غزة يعيد إلى الأذهان حصار لينينجراد    عالم الزلازل الهولندي يثير الجدل بحديثه عن أهرامات الجيزة    رابطة الأندية تعلن تقديم موعد مباراة الإسماعيلي وبيراميدز بالدوري    آرسنال يكشف عن قميصه للموسم الجديد 2024-2025    أتلتيك بيلباو يحبط برشلونة بسبب ويليامز    الجمعة .. انطلاق نصف نهائي بطولة العالم للإسكواش بمصر    ضبط 3800 لتر سولار قبل تهريبها وبيعها بالسوق السوداء في الشرقية    علي ربيع الأقل جماهيرية في شباك تذاكر أفلام السينما الأربعاء    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان أعمال تطوير مستشفى حميات ديروط    إنشاء وحدات اقتصادية لتحسين الموارد بمستشفيات بالقليوبية    رئيس «الرعاية الصحية»: حل 100% من شكاوى المنتفعين بالتأمين الشامل خلال إبريل 2024    «تدخل في صلاحيات الأمير».. أمر بضبط وإحضار النائب الكويتي أنور الفكر    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات فلكيًا.. (أطول إجازة رسمية)    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    غدا.. إعادة عرض فيلم "زهايمر" احتفالا بميلاد الزعيم    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    جامعة المنوفية تتقدم في تصنيف CWUR لعام 2024    أوكرانيا تشن هجومًا جديدًا على مطار روسي عسكري في القرم    معهد التغذية: نسيان شرب الماء يسبب الشعور بالتعب والإجهاد    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    تداول 10 آلاف طن و585 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    رئيس جامعة المنيا يبحث مع الجانب الإيطالي تطوير معامل ترميم الآثار بالجامعة لخدمة الباحثين    لهذا السبب.. ياسمين عبد العزيز تتصدر تريند "جوجل"    جولة جديدة لأتوبيس الفن الجميل بمتحف الفن الإسلامي    «التربية والتعليم» تنظم فعاليات مسابقة المعلمة الفعالة    تراجع دور بيلينجهام في ريال مدريد بسبب مبابي    شوبير السبب.. كواليس إيقاف الحكم محمود عاشور من إدارة مباريات الدوري المصري    نقابة العاملين الأكاديميين بجامعة كاليفورنيا تجيز إضرابا ردا على قمع احتجاجات غزة    نصائح للحجاج للحماية من العدوى في موسم الحج 2024    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    المشدد 6 سنوات لعامل ضبط بحوزته 72 لفافة هيروين في أسيوط    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    وزير الخارجية اليمني: هجمات الحوثيين لم تضر سوى باليمن وشعبه وأشقائهم العرب    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    الأحد.. عمر الشناوي ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    مد فترة التقديم لوظائف القطار الكهربائي الخفيف.. اعرف آخر موعد    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    محافظ أسيوط يستقبل مساعد وزير الصحة ويتفقدان مستشفى بني محمديات بأبنوب    عبد العال: إمام عاشور وزيزو ليس لهما تأثير مع منتخب مصر    اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    الشهادة الإعدادية 2024، بدء توافد الطلاب على اللجان بالقاهرة (صور)    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    تنظيم 50 أمسية دينية في المساجد الكبرى بشمال سيناء    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريف يونس: كل ما تنشره الصحف يدخل فى باب الأيديولوجيا
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 10 - 2009

د. شريف يونس اسم بدأ يتردد بقوة فى الآونة الأخيرة، فهو مترجم قدير، ترجم كتاب الدكتور خالد فهمى «كل رجال الباشا»، وكتابا آخر مهما هو «تاريخ الاستشراق وسياساته: الصراع على تفسير فى الشرق الأوسط»، وهو أستاذ تاريخ مهموم.. تبدو كتاباته مختلفة عما هو سائد، حتى وصل الأمر إلى أن قال له المشرف على رسالته للدكتوراه: «إن رسالتك اعتداء على تاريخ مصر وعلى الحقيقة».
من يقرأ كتبه أو مقالاته يجدها صادمة للناس؛ إذ تقدم جانبا آخر من تاريخ مصر لم نتعود على مطالعته. يعكف الآن على استكمال مشروعه عن دراسة الأيديولوجيا فى المرحلة الناصرية، ذلك المشروع الذى بدأه منذ 11 عاما، وأصدر جزءا منه تحت عنوان: «الزحف المقدس.. مظاهرات التنحى وتشكل عبادة ناصر».
ومن المقرر أن تصدر دراسته عن الناصرية كاملة عن دار «الشروق». وتتناول تلك الدراسة الأيديولوجيا فى مصر من عام 1954، الذى شهد انتصار «الضباط الأحرار» النهائى على كل القوى السياسية الأخرى وتصفيتها (مارس، أكتوبر/ نوفمبر 1954)، حتى عام 1967 الذى شهد هزيمة يونية التى أدت إلى تغير جوهرى فى المشهد الأيديولوجى.
سألته: ما الداعى لدراسة الأيديولوجيا فى الفترة الناصرية؟ فأجاب: قبل الإجابة أود أن أنبه أنه لا توجد فى مصر دراسات سابقة عن الأيديولوجيا، فهو مجال جديد. وقد بدأ الأمر معى حين أراد صديقى عادل العمرى أن يدرس الناصرية وله دراسة غير منشورة تحت عنوان «الناصرية فى الثورة المضادة»، وحين قررت الحصول على دراسات عليا فكرت أن أدرس الأيديولوجيا فى المرحلة الناصرية، وقدمت رسالتى تحت عنوان «تطورات الأيديولوجيا فى مصر منذ 1954 حتى 1967» أى بدأت من استقرار الحكم إلى أن اهتز بعد هزيمة 67 فدرست «الناصرية النقية».
وهى دراسة عن الأيديولوجيا لا عن الاقتصاد أو السياسة أو الاجتماع فى الناصرية. ولذلك حاولت أن أبحث عن كيفية تشكيل الوعى العام فى تلك الفترة بأدوات السلطة وبأيدى رجالها، ومحتوى هذا الوعى. وقد واجهت العديد من المشاكل بسبب هذه الدراسة التى رأى المشرف على الرسالة أنها اعتداء على التاريخ وعلى الناصرية.
قلت له: تبدو فكرة الأيديولوجيا غامضة وتحتاج إلى توضيح.
أجاب: «لابد أن نعرف أن الأيدولوجيا ليست هى الفكر السياسى، وإنما هى دراسة الوعى العام وتشكيله. وقد ظهرت كلمة «أيديولوجيا» للمرة الأولى فى أواخر القرن الثامن عشر فى فرنسا على يد مفكر فرنسى، هو دستوت دى تراسى Destutt de Tracy حيث قرر أن الأفكار تعتمد على الإدراك الحسى وبالتالى فإنها فرع من البيولوجيا، أو علم الأحياء. وقد أطلق على دراسة الأفكار من حيث أسسها من هذه الزاوية «علم الأفكار»، أى أيديولوجى.
وكان لهذه الدراسة هدف سياسى يتسق مع أفكار التنوير التى شاعت فى الأوساط الثورية الفرنسية وقتها، وهو تخليص عقول البشر من الأحكام المسبقة والخرافة وإعدادهم لإصدار أحكام عقلية سليمة. والأيديولوجيا فى جزء منها تشمل الأشكال الحقوقية والسياسية والدينية والفنية والفلسفية، أى مجمل الأفكار الاجتماعية، وتوضع فى مواجهة الأساس الذى تقوم عليه، وهو البناء التحتى الاقتصادى.
ولنأخذ مثالا على ذلك وهو خطاب تنحى عبدالناصر ومظاهرات الناس بعد الخطاب، وهو ما ذكرته فى كتاب «الزحف المقدس» الذى يطرح تفسيرا ل9 و10 يونية وتضافر عمل التعبئة الطويلة واستنهاض العفوية، بفعل ظروف وطبيعة خطاب التنحى قبل مضمونه.
وحاولت فى تفسير هذه العفوية أن أوضح أنها ليست انبعاثا تلقائيا لجوهر أصيل كامن تسميه الأدبيات الرومانسية «روح الشعب»، وإنما منتَج تاريخى مترتب على إفقار سياسى من نوع مميز.
فالعفوية بوصفها أدنى درجات الوعى العام كانت نتاج تحلل الروابط السياسية بين السكان، والتى حال النظام السياسى دون عقدها، حتى تحت لوائه الخاص. فجاء رد الفعل العام غير المنظم يعكس بالدرجة الأولى ما ترسب فى وعى السكان من أفكار مجردة، صيغ بموجبها شعب واحد موحد، يمنح السلطة للزمرة الحاكمة سرا، إذ يبثها وحيه، ويتلقاها منها على لحمه الحى علنا فى مقاعد المتفرجين، كطرف غير سياسى بالتعريف.
ومثل أيديولوجية نظام يوليو، يعتبر الطرفان ضمنا أن الشعب فى حالته التلقائية، أى كأفراد يفتقرون للنشاط السياسى الخاص، يمثل فى هذه الحالة بالذات النبع الصافى الخام والتعبير الأكثر أصالة عن روح الشعب الأصلية المفترضة. وبالتالى فإن الشعب المنظم فى أحزاب وجمعيات وخلافه مستقلة عن السلطة، لا يكون بهذا الصفاء، إذ «لوثته» النخب السياسية وغير السياسية المختلفة وذهبت به مذاهب شتى، على نحو ما رأينا نقد نظام يوليو للحزبية.
وبالتالى ينطلق الطرفان من عداء أصلى للسياسة، بتراتبيتها بين قادة ونخبة وكوادر وجمهور مشارك وآخر سلبى، وتعدديتها بين مشارب ومصالح وتيارات. فالوعى العفوى هو الوعى البكر.. النقى.. حالة الطبيعة التى لم تلوثها أفعال النُخب «المُغرضة». وتوصلت فى النهاية أن خروج الناس كان نتاج عمل دءوب لنظام سياسى امتلك أجهزة إيديولوجية طاغية أى أن العفوية كانت بنت التعبئة.
سألته: وما المصادر التى تعتمد عليها فى معرفة الأيديولوجيا فى الفترة الناصرية؟ أوضح أن مصادره مجموعة من النصوص التى رسمت حدود وطبيعة المجال الأيديولوجى فى تلك المرحلة، وعلى رأسها خطب الرئيس عبدالناصر، وزملائه من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وتصريحاتهم وأحاديثهم الصحفية، فضلا عن مقالات أعلام الصحافة فى ذلك الحين مثل مصطفى أمين ومحمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين وإحسان عبدالقدوس ومحمد التابعى وغيرهم، لدورهم البارز فى تشكيل المجال الأيديولوجى للفترة، ودراسة مانشيتات الصحف وما ورد بها من أخبار بشأن أدوات التعبئة الأيديولوجية المختلفة.
إلى جانب ذلك اعتمدت بصفة مكملة على مذكرات المشاركين فى تلك الفترة وعلى عدة دراسات كُتبت عن جوانب متعددة من تاريخها. وتتعرض بشكل مختصر للتحولات الاقتصادية / الاجتماعية التى أجراها النظام فى تلك الفترة وآثارها الأيديولوجية.
فقلت له: ألا ترى أن الصحف مادة ثانوية فى دراسة التاريخ ولا يمكن إطلاق أحكام على فترة من الفترات عبر دراسة الصحف والتى فى النهاية تعبر عن سياسة تحريرية يضعها رئيس التحرير؟ فأكد: «ما لم يكتب فى الصحف ليس إيديولوجيا، فالأيديولوجيا معلنة ويجب أن تكون كذلك فأنا لا أتكلم عن السياسة أو الفكر السياسى أو أشياء غير معلنة.
لذلك فالصحف فى مجملها بالنسبة لدراستى هى المادة الأساسية، وهى المعبرة عن الأيديولوجيا فى مصر موضوع دراستى، خاصة أن النظام الناصرى الأكثر كلاما فى تاريخ مصر، وهذا ليس عيبا فلا أقصد أنه نظام يحب الكلام فقط، ولكنه نظام كان يشكل وعى الناس ويبحث لذاته عن وعى. وذلك لأنه نظام غير مستقر وغير متسق وجديد فكان لابد له من الكلام للناس وكان الكلام الكثير هو بنية النظام الناصرى.
ثم سألته: من يقرأ مقالاتك أو كتابك الأول يجدك منحازا لبعض الأفكار ومن ثم تدرس الناصرية وأنت مسبقا ضدها؟ فقال: «فى الحقيقة لم أقصد ذلك. فلم أعرف نتائج البحث إلا بعد إجراء تحليل شرعية الضباط ومظاهرات التنحى. كما أن هذا المجال بكر فى الدراسات التاريخية أى لم يبحث أحد فيه، ولذلك لم أكن أعرف ما الذى سأتوصل إليه بعد الانتهاء منه، ولا أستطيع أن أتبنى وجهة نظر مسبقة طالما لم أدرس وأحلل خاصة أنه لا توجد دراسات سابقة لأتبنى منها وجهة نظر معينة ضد الناصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.