مع تحسن أداء الاقتصاد المصرى فى العام المالى الماضى مقارنة بالتوقعات، رفعت وحدة أبحاث الإيكونوميست تقديراتها للنمو فى 2009/2010، لكنها حذرت من استمرار تأثير الأزمة على سوق العمل ومن ثم الاستهلاك الخاص. توقعت وحدة الأبحاث التابعة لمجلة الإيكونوميست البريطانية أن ترتفع نسبة العجز فى العام المالى الحالى مع تراجع إيرادات الدولة، وزيادة نفقاتها خصوصا مع إقرار حزمة جديدة للإنعاش الاقتصادى، وقدرت أن يصل العجز إلى 9% من الناتج المحلى الإجمالى فى حالة زيادة قيمة الحزمة عن مستواها المقترح «فى مشروع الموازنة، والذى بلغ 7 مليارات جنيه، أو أن يدور حول 8.4% إذا بقيت بنفس القيمة»، تبعا لما ذكره تقرير للوحدة. وترى شيرين الشواربى، أستاذ الاقتصاد فى جامعة القاهرة، أنه مع التحسن فى الأحوال الاقتصادية على المستوى العالمى بصفة عامة، بالإضافة إلى أداء الاقتصاد المصرى الذى جاء أعلى من التوقعات بصفة خاصة، فقد ينخفض العجز فى العام القادم إلى أقل من 8%، «فكل القطاعات، وإن كانت قد تراجعت على خلفية الأزمة العالمية، إلا أن انخفاضها كان أقل من المتوقع». وعلى الجانب الآخر رفعت الإيكونوميست توقعاتها للنمو الاقتصادى المصرى خلال العام المالى 2009/2010 من 3.9% إلى 4.5%، وذلك بعد أن فاق النمو المتحقق فى العام المالى الماضى، المنتهى فى يونيو 2009، تقديراتها. غير أن التقرير ذكر أنه «على الرغم من أن نمو 4.5% يعتبر معدلا جيدا، فإنه سيكون بمثابة ركود اقتصادى بالنظر إلى النمو المتحقق خلال السنوات الثلاث السابقة». كما أنه على الرغم من تحسن بعض المؤشرات، تبعا للتقرير، فإن آثار التباطؤ الاقتصادى ستستمر فى الظهور خصوصا على سوق العمل مما سيسهم فى تراجع الطلب الاستهلاكى الخاص خلال العام المالى الحالى، والذى يعتبر قوة دفع أساسية للنمو الاقتصادى. وكانت التقديرات الحكومية للنمو فى العام الحالى تدور حول 4.5%، ثم تم رفعها إلى 5.5% مع إقرار حزمة إنعاش اقتصادى ثانية.. واستبعدت الشواربى أن يقل معدل نمو الاقتصاد فى أسوأ الأحوال عما حققه فى نهاية العام السابق، وهو 4.7%، خصوصا مع بدء الحكومة فى إضافة ضرائب جديدة ومد مظلة ضرائب المبيعات إلى قطاع الخدمات مما سيحسن من العوائد الضريبية. وترى الشواربى أن العالم بأكمله يتعافى فى الوقت الحالى من الأزمة، «والاقتصاد المصرى أبلى بلاء حسنا فى الربع الأخير من العام المالى الماضى، فلماذا نتوقع أن يكون أداؤه أقل فى العام الحالى»، موضحة أن «الحكومة تفضل دائما افتراض السيناريو الأسوأ ولكن المؤشرات كلها تنبئ بأداء أحسن للاقتصاد المصرى فى العام المقبل». وتقول الإيكونوميست أن بعض عوامل الشك تظل قائمة حول تقديراتها للنمو مع وجود مخاطر للتراجع فى بعض المجالات خصوصا على المدى القصير، فيشير التقرير إلى أن استمرار التراجع فى الطلب العالمى سيؤثر على حجم الصادرات المصرية. يبقى الطلب المحلى قوة دفع أساسية تقلص من آثار الأزمة على الاقتصاد المصرى، تعززه خطط الإنفاق الحكومى، إلا أن انعكاسات الأزمة على سوق العمل ستؤدى لتراجع نسبى فى الاستهلاك الخاص، كما أن حزمة الإنعاش الاقتصادى الجديدة، ستدفع الطلب الخاص جزئيا، فى نظر الإيكونوميست، من خلال تقليصها للآثار السلبية للأزمة على كل من الصناعة وسوق العمل. ولكن «إذا لم تتعاف أسواق التصدير وتتحسن أحوال السياحة والخدمات فإن الخروج من الأزمة لن يتم بالسرعة المتوقعة»، كما يوضح التقرير. ومن جهة أخرى يتوقع التقرير بقاء أسعار الفائدة مستقرة عند مستوياتها الحالية، أو خفضها مرة إضافية حتى نهاية 2009 أو بداية العام الجديد، بحد أقصى 0.25%، مع استمرار معدلات التضخم فى الانخفاض. وكان البنك المركزى قد خفض سعر الفائدة ست مرات متتالية منذ بداية العام، كان آخرها فى السابع عشر من الشهر الحالى، عندما خفض الفائدة على الودائع إلى 8.25% وعلى الإقراض إلى 9.75%، بينما أبقى على سعر الخصم دون تغيير عند 8.5%.