كشفت تقارير غربية أن الدرع الصاروخى الجديد الذى أعلنت واشنطن عن اعتزامها نشره عبر سفنها بدلا من إقامته فى بولندا والتشيك، سيتعامل بشكل رئيس مع التهديدات الصاروخية الإيرانية لحلفاء واشنطن فى منطقة الشرق الأوسط، حيث يعتمد الدرع الجديد على سفن حربية تجول فى البحر المتوسط والخليج العربى وبحر الشمال وذلك فى إطار صفقة أوسع مع روسيا. وذكرت صحيفة التايمز البريطانية أنه بموجب نظام الدرع المعدل، سيحتفظ البنتاجون بوجود ثلاث سفن حربية مسسلحة بصواريخ اعتراضية فى أى وقت داخل وخارج البحر المتوسط وبحر الشمال من أجل حماية «مناطق المصالح». وفى هذا السياق قال الجنرال جميس كاترايت، نائب رئيس هيئة قادة الأركان المشتركة: «لدينا الآن فرصة لنشر مجسات وصواريخ اعتراضية فى شمال وجنوب أوروبا التى تستطيع فى المدى القريب توفير تغطية دفاعية صاروخية ضد التهديدات الأكثر إلحاحا من إيران وغيرها من الدول». وبحسب التايمز، فإن النظام الصاروخى المعتمد على السفن يعطى الولاياتالمتحدة القدرة على تحريك الدرع وتمديده أو تقليصه. «فمع سفن رابطة فى البحر المتوسط، فإن الدرع سيمتد لتغطية تركيا ولبنان وإسرائيل ومصر والمناطق الفلسطينية وشمال مصر. بينما ترابط سفينة أخرى فى الخليج العربى من أجل حماية الدول العربية»، على حد قول الصحيفة. وسيتعامل الدرع المعدل مع الطبيعة المتغيرة لبرنامج الصواريخ الإيرانية، حسبما قال الرئيس الأمريكى بارك أوباما. وفى هذا السياق، قال مارك فيتز باتريك مدير برنامج منع الانتشار ونزع السلاح بمعهد الدراسات الإستراتيجية إنه «إذا كان هناك سببا للحماية من التهديد الإيرانى، فإن ذلك (الدرع المعدل) يبدو منطقيا»، مشيرا إلى أنه أيضا سيكون أقل كلفة. وبحسب الصحيفة، فإن من مزايا النظام الجديد هو أنه قد يساعد فى منع سباق التسلح الذى يخشى اندلاعه فى الشرق الأوسط» فإذا استطاعت إيران امتلاك سلاح نووى سيتوسع التوتر بالمنطقة، ولن يمكن وقتها إيقاف مصر وتركيا والسعودية عن اشعال سباق تسلح فى واحدة من أكثر المناطق غير المستقلة فى العالم. وذكرت الصحيفة فى هذ السياق أن السعودية تحديدا من أكثر دول الشرق الأوسط التى تطالب واشنطن باسدال مظلة دفاعية على المنطقة لحمايتها من التهديد الإيرانى. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية حذرت منذ عامين من أن إيران ربما تتمكن من إيصال صواريخها إلى السواحل الأمريكية بحلول عاما 2015. لكن الآن يبدو هذا الأمر مبالغا فيه، بحسب الصحيفة. وعلى الرغم من ذلك، فإن من أولويات إيران تطوير ترسانة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى ستكون قادرة على الوصول لأهداف فى الشرق الأوسط وجنوب أوروبا وتركيا. وتختلف التقديرات بشأن ترسانة إيران لكن من الواضح أن أطول صواريخها فى المدى هو شهاب 3 وهو عبارة عن صاروخ صينى تم تطويره بحيث يصل مداه بين 1500 و2500 كيلومتر. ويعطى ذلك إيران قدرة على ضرب مدن مثل اسطنبول والرياض وتل أبيب لكن ليست الأهداف فى غرب أوروبا والولاياتالمتحدة والتى صمم الدرع الصاروخى فى عهد بوش لحمايتها. ويقول خبراء الأسلحة إن إيران تحتاج إلى ثمانية أعوام أخرى من أجل بناء صاروخ يستطيع ضرب لندن. ويقول الخبراء إن الدرع الجديد سيكون «أكثر فعالية فى حماية المصالح الأمريكية فى الداخل والخارج من تهديد الصواريخ الإيرانية». وكان مشروع الإدارة الأمريكية السابقة ينص على نصب رادار قوى فى الجمهورية التشيكية بحلول العام 2013 وعشر منصات لاعتراض صواريخ بالستية بعيدة المدى فى بولندا. وهدفه رسميا كان التصدى لاحتمال إطلاق صواريخ بعيدة المدى من إيران، لكن هذا المشروع أثار غضب موسكو التى رأت فيه مساسا بأمنها. وقالت التايمز: «إن نظام الدرع السابق لم يتعامل مع التهديد الحالى التى تمثله الصواريخ الإيرانية لجيرانها وترك حدود أوروبا الجنوبية غير محمية بما فى ذلك تركيا العضو الأساسى فى حلف الاطلنطى». ويبدو أن الرئيس أوباما قد أراد بالتخلى عن نشر الدرع الصاروخى فى أوروبا أن يضرب عصفورين بحجر واحد، حفلن تكون بادرته التى رحبت بها روسيا «مجانية»، خاصة أنه يريد من موسكو أن تبدو أكثر حزما مع إيران وأن تعدل عن تسليح طهران بصورايخ حديثة مضادة للطائرات، وهو ما يزيد الضغط على الجمهورية الإسلامية مما قد يدفعا للقبول بحزمة الحوافز الغربية فى إطار تسوية للازمة حول برنامجها النووى. وفى هذا السياق، أفاد مصدر دبلوماسى لصحيفة «كومرسانت» الروسية أمس أن واشنطن تريد مقابل التخلى عن مشروع الدرع المضادة للصواريخ أن تعتمد موسكو موقفا أكثر حزما حول البرنامج النووى الإيرانى المثير للجدل. وقال هذا المصدر إن الولاياتالمتحدة تطالب أيضا روسيا بأن تعدل عن بيع طهران نظام دفاع مضاد للطيران «اس 300» يمكن أن ينشر فى محيط منشآت نووية إيرانية. وأوضح الدبلوماسى الرفيع المستوى للصحيفة أن «الأمريكيين يشددون على مسالتين أساسيتين. يطلبون منا وقف تسليم إيران صواريخ اس 300 ودعم قرار فى مجلس الأمن الدولى ينص على فرض عقوبات ضد طهران». وبرغم نفى مسئولين روس وأمريكيين رسميا أن يكون إلغاء مشروع الدرع المضادة للصواريخ فى أوروبا نتيجة اتفاق بين الطرفين، فإن التصريحات الروسية الأخيرة تعكس غير ذلك. فلم تكتف روسيا على لسان رئيس وزراءها فلاديمير بوتين بوصف قرارا أوباما ب«الصائب والشجاع» فقط، بل أعلنت أمس تخليها عن مشروع نشر صواريخ اسكندر فى كالينينجراد (الجيب الروسى الواقع بين بولندا وليتوانيا) الذى اطلقته ردا على الدرع الصاروخى، بحسب وكالة انترفاكس الجمعة عن مصدر دبلوماسى عسكرى. ومن ناحية، أخرى، ألمح الرئيس الروسى ديمترى مدفيديف قبل يومين أن بلاده قد لا تمانع حزمة جديدة من العقوبات على إيران إذا لم تتعاطى بشكل إيجابى مع المقترحات الغربية لتسوية الملف النووى، فيما بدا أنه اتجاه روسى جديد للضغط على طهران.