«أبو الغيط»: جريمة الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا لا يمكن تحمله على أوضاع العمال في فلسطين    انطلاق دورة مهارات استلام بنود الأعمال طبقا للكود المصري بمركز سقارة.. غدا    انتشار بطيخ مسرطن بمختلف الأسواق.. الوزراء يرد    إزالة فورية للتعديات ورفع للإشغالات والمخلفات بمدن إدفو وأسوان والرديسية وأبوسمبل    توريد 27717 طن قمح لشون وصوامع البحيرة    مرتبطة بإسرائيل.. إيران تسمح بإطلاق سراح طاقم سفينة محتجزة لدى الحرس الثوري    لقطات لاستهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي عناصر حزب الله في جنوب لبنان    "الفرصة الأخيرة".. إسرائيل وحماس يبحثان عن صفقة جديدة قبل هجوم رفح    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    السفير البريطاني في العراق يدين هجوم حقل كورمور الغازي    بعد الفوز على مازيمبي.. اعرف موعد مباراة الأهلي المقبلة    محمد صلاح على أعتاب رقم قياسي جديد مع ليفربول أمام وست هام «بالبريميرليج»    طارق يحيى: المقارنة مع الأهلي ظالمة للزمالك    وزير التعليم يصل الغربية لتفقد المدارس ومتابعة استعدادات الامتحانات    بعد ليلة ترابية شديدة.. شبورة وغيوم متقطعة تغطى سماء أسوان    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق    10 صور من حفل عمرو دياب على مسرح الدانة في البحرين| شاهد    سينما المكفوفين.. أول تعاون بين مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير ووزارة التضامن    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    استاذ الصحة: مصر خالية من أي حالة شلل أطفال منذ 2004    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    المقاولون العرب" تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ السكان بأوغندا"    الإمارات تستقبل 25 من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    اليوم.. استئناف محاكمة المتهمين بقضية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    محافظ الغربية يستقبل وزير التعليم لتفقد عدد من المدارس    تفاصيل جريمة الأعضاء في شبرا الخيمة.. والد الطفل يكشف تفاصيل الواقعة الصادم    «اللتعبئة والإحصاء»: 192 ألفا و675 "توك توك" مرخص في مصر بنهاية عام 2023    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    أول تعليق من الإعلامية مها الصغير بشأن طلاقها من الفنان أحمد السقا    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    محافظة القاهرة تشدد على الالتزام بالمواعيد الصيفية للمحال التجارية والمطاعم    هيئة كبار العلماء: الالتزام بتصريح الحج شرعي وواجب    متى يحق للزوجة الامتناع عن زوجها؟.. أمين الفتوى يوضح    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    وزارة الصحة: 3 تطعيمات مهمة للوقاية من الأمراض الصدرية    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية الخطارة بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    استقرار أسعار الذهب في بداية التعاملات يوم السبت 27 أبريل 2024    بعد ارتفاعها.. أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل| كرتونة البيض في مأزق    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    الأهلي ضد الترجي.. نهائي عربي بالرقم 18 في تاريخ دوري أبطال أفريقيا    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    %90 من الإنترنت بالعالم.. مفاجأة عن «الدارك ويب» المتهم في قضية طفل شبرا الخيمة (فيديو)    رسميا| الأهلي يمنح الترجي وصن داونز بطاقة التأهل ل كأس العالم للأندية 2025    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حار جاف.. مصرى
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 04 - 2016

فى ظهيرة يوم قائظ، تتزاحم السيارات البطيئة، تحت أشعة الشمس الحارقة. تتزايد كثافة الإحساس بالاختناق عند الجميع. ضيق يعلو وجوه السابلة.. المنظر يوحى ببداية اندلاع مشاجرات.. وسط تلك الأجواء المتوترة، يلتفت البعض إلى عربة أجرة، بداخلها، على المقعد الخلفى، تجلس فتاة بفستان الزفاف الأبيض، بجانبها رجل عجوز، فورا، ينقلب الحال. تنفرج الأسارير المتجهمة. البهجة تتسلل سريعا للوجوه. بنات وأولاد يلوحون للعروس. كلاكسات السيارات تطلق نغمات التحية المتداولة. ابتسامة عريضة تضىء ملامح العروس، خاصة حين تسمع أمنيات طيبة.
هذا المشهد القاهرى تماما، يحققه مخرجنا الشاب، المتمكن فى أدواته، صاحب الحس الإنسانى، شريف البندارى، فى فيلمه الذى بدا خير افتتاح لمهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، فى دورته ال«18».
«حار جاف صيفا»، أقرب للآهة المصرية الصادقة، النابعة من القلب والعقل، يمتزج فيها الألم بالأمل، الغضب بالتسامح، العناء بالقدرة على الصمود، الرضا بما هو خارج عن السيطرة، الإيمان العميق بإمكانية الإنقاذ من المصائر الفاجعة.. هذه كلها، من المعالم الجوهرية للشخصية المصرية، يعبر عنها، ببساطة وبلاغة، الفيلم المعتمد على طاقات إبداعية ذات شأن كاتبة السيناريو، نورا الشيخ، المتفهمة لأعمال أبطالها، بضعفهم وقوتهم.. المصور الجديد، صاحب العين اليقظة، المتسعة الأفق، فيكتور كيردى.. المونتير، عماد ماهر، بنعومة قطعاته ووصلاته، حتى إن الفيلم يبدو كأنه يتنفس الحياة، بسلاسة.. ثم، من قبل ومن بعد.. شريف البندارى.
يبدأ الفيلم صباحا، الرجل العجوز، عم شوقى، بأداء خلاب من محمد فريد، ينشر الغسيل على حبال شرفة شقته المتواضعة فى بيت قديم. سرواله يقع.. على صوت تنبيهات ابنه الذى لن نراه، يستكمل ارتداء ملابسه البسيطة، ولا يفوته حسب التوجيهات أن يحمل الأشعة والتقارير الصحية كافة، لعرضها على طبيب الأورام الألمانى الزائر..
الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، من أهم ايجابيات الفيلم، تمنحه مذاق الحياة. زجاجة مياه مثلجة، يحملها عم شوقى بإعزاز، يبلل بجرعات صغيرة منها حلقه الجاف فى هذا النهار الحار.. السروال، يجده حين يغادر باب البيت، يلتقطه من الأرض، يضعه فى كيس الأشعة والتقارير.. لاحقا، فى عيادة الطبيب، يسقط السروال. ينشغل شوقى فى سحب السروال، بقدمه، بينما يعرب الخبير الألمانى عن دهشته من بقاء العجوز على قيد الحياة، حتى الآن. يصرح بأن الرجل سيغادر الدنيا، خلال فترة وجيزة.. أما كيس الأشعة، فإنه سيصبح أحد أبطال الفيلم!
فى سيارة التاكسى، قبل الذهاب للطبيب، تستأذن الفتاة المتعجلة، دعاء «ناهد السباعى»، فى الركوب، بجانب عم شوقى، ومعها صديقتها، لإيصالها فى الطريق، خاصة أنها تحمل الكثير من مستلزمات الفرح.. تنزل من العربة، حاملة معها لفافاتها، بما فى ذلك كيس الأشعة والتقارير.. يصبح لزاما على عم شوقى البحث عنها.. بعزيمة من حديد، ينتقل العجوز المنهك، من صالون تجميل إلى شقة تأجير فساتين الزفاف، إلى أن يعثر على مبتغاه.. لا يفوت الفيلم إلقاء الضوء على جانب من حياة المصريين، وقيمهم، فى الحاضر.. نساء يعملن، بلا كلل، هنا وهناك.. دعاء، الشعبية، تتحايل على عريسها، عن طريق المحمول، من أجل السماح لها بإظهار خصلة من شعرها، كى تظهر بها فى صورة الزفاف.
محمد فريد، ممثل يتمتع بحضور محبب، ظهر فى عشرات الأفلام، فى أدوار ذات طابع كوميدى.. لكن، فى هذه المرة، يختلف تماما، ليس بسبب طبيعة دوره كرجل استفحل المرض بداخله وأسقط شعر رأسه وذقنه وحاجبيه، لكن لأنه يعايش الحالة، بحركته، لفتاته، صوته، روحه كلها.. إلا أن ثمة لقطة أو أكثر، ترتفع به، ويرتفع بها، إلى درجة تستحق الإشادة والتأمل.
بناء على إلحاح «دعاء»، يذهب معها إلى استديو التصوير، انتظارا لعريسها الذى تأخر لأنه يحضر أسرته من طنطا.. مع مرور الوقت يقترح المصور أخذ لقطات لعم شوقى، فى وضع العريس، ثم، حين يأتى المتأخر، يصوره منفردا، وعن طريق «الفوتومونتاج» يضع صورة العريس مكان صورة العجوز.. أثناء التصوير، أكثر من مرة، تلتمع عيون المريض، للحظات، بألق عشق الحياة، التمسك بتلابيبها، الرجاء بالبقاء فيها.. إنها من أجمل مواقف الفيلم، خاصة تلك اللقطة الكبيرة لكفه النافرة العروق حين يضعها فوق كفها المترعة بالشباب.
«حار جاف صيفا»، الذى يدور فى عدة ساعات، ينتقل، زمنيا، إلى ما بعد عام: «عاء» حامل، عندها طفل يلعب، صورتها مع عريسها تزين المكان.. بينما عم شوقى، يجلس فى شفرته، منتشيا بمزاق «الآيس كريم».. تتراجع الكاميرا للوراء، لنلمح صورته كعريس مع الفتاة الشعبية، فالواضح، أن المصور، أو البنت، أو العريس، سمحوا له باستبقائها معه.. إنه فيلم جميل، موغل فى مصريته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.