اعرف أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن اليوم    الحكومة تنفي انتشار بطيخ مسرطن في الأسواق    قطع المياه عن قريتين في مركز ناصر ببني سويف لأعمال الصيانة غدا    معلومات عن نظام باتريوت.. واشنطن رفضت تزويد أوكرانيا به    شيماء البرديني: نتنياهو يريد استمرار الحرب للأبد ويستخدم شعبه كدروع بشرية    قبل مواجهة الترجي.. ماذا يفعل الأهلي في نهائي أفريقيا أمام الأندية العربية؟    هدف تاريخي ينتظر محمد صلاح في مباراة ليفربول ووست هام يونايتد اليوم    «رياضة القليوبية» تطلق مبادرة «العمل حياة بناء مستقبل» احتفالا بعيد العمال    حالة الطقس اليوم.. انخفاض درجات الحرارة ونشاط الرياح نهارا وبرودة ليلا    ضبط 16 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    فيلم عالماشي بالمركز الثالث في شباك التذاكر    ناهد السباعي عن مشاركتها في مهرجان أسوان: كانت تجربة ممتعة    عمرو دياب يتألق في أضخم حفلات صيف البحرين (صور)    حكم من مات ولم يحج وكان قادرا عليه.. الأزهر يوضح ما يجب على الورثة فعله    أستاذ «اقتصاديات الصحة»: مصر خالية من شلل الأطفال بفضل حملات التطعيمات المستمرة    «صحة كفر الشيخ» تنظم قافلة طبية لمدة يومين ضمن «حياة كريمة»    «الصحة» تعلن جهود الفرق المركزية في متابعة أداء مراكز الرعاية الأولية    الأوراق المطلوبة لاستخراج شهادات فحص المقبلين على الزواج للمصريين والأجانب    «الداخلية»: حملات أمنية لضبط حائزى المخدرات والأسلحة تضبط 56 قضية ب4 محافظات    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    طارق يحيى: المقارنة مع الأهلي ظالمة للزمالك    كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة بتسيس قضايا حقوق الإنسان    صوامع الإسكندرية تستقبل 2700 طن قمح محلى منذ بدء موسم التوريد    سينما المكفوفين.. أول تعاون بين مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير ووزارة التضامن    حماس تتسلم رد إسرائيل بشأن الصفقة الجديدة    نظام امتحانات الثانوية العامة في المدارس الثانوية غير المتصلة بالإنترنت    اليوم.. استئناف محاكمة المتهمين بقضية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    تفاصيل جريمة الأعضاء في شبرا الخيمة.. والد الطفل يكشف تفاصيل الواقعة الصادم    إصابة 10 أشخاص إثر انقلاب أتوبيس في الشرقية    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    «اللتعبئة والإحصاء»: 192 ألفا و675 "توك توك" مرخص في مصر بنهاية عام 2023    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    المقاولون العرب" تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ السكان بأوغندا"    "الشيوخ" يناقش جودة التعليم والتوسع في التصنيع الزراعي، الإثنين المقبل    متى يحق للزوجة الامتناع عن زوجها؟.. أمين الفتوى يوضح    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    بعد رأس الحكمة وقرض الصندوق.. الفجوة التمويلية لمصر 28.5 مليار دولار    حزب الله يعلن استشهاد 2 من مقاتليه في مواجهات مع الاحتلال    سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    وزير الري: الاستفادة من الخبرات العالمية فى استثمار الأخوار الطبيعية لنهر النيل    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    بعد ارتفاعها.. أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل| كرتونة البيض في مأزق    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    الأهلي ضد الترجي.. نهائي عربي بالرقم 18 في تاريخ دوري أبطال أفريقيا    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمير فريد يكتب: تحفة من شريف البندارى فى افتتاح مهرجان الإسماعيلية اليوم
نشر في الفجر يوم 21 - 04 - 2016

يفتتح اليوم مهرجان الإسماعيلية السينمائى الدولى الثامن عشر للأفلام التسجيلية والقصيرة، الذى ينظمه المركز القومى للسينما فى وزارة الثقافة برئاسة أحمد عواض وإدارة محمد عاطف، ويعلن جوائزه فى حفل الختام الثلاثاء المقبل.
يعرض فى الافتتاح الفيلم المصرى الروائى القصير «حار جاف صيفاً» (30 دقيقة)، وهو أحدث أفلام المخرج شريف البندارى، ويعتبر جوهرة الأفلام المصرية الروائية القصيرة عام 2015، ومن تحف الإبداع السينمائى المصرى بصفة عامة.
ولد شريف البندارى يوم 29 سبتمبر عام 1978 فى القاهرة، وتخرج فى كلية الفنون التطبيقية عام 2001، وعمل لفترة مهندساً فى أحد مصانع النسيج، ثم تخرج فى المعهد العالى للسينما عام 2007. وفى السنوات العشر الماضية، أخرج البندارى خمسة أفلام قصيرة هى الفيلمان التسجيليان «6 بنات» 2005، و«فى الطريق لوسط البلد» 2011، وثلاثة أفلام روائية هى «صباح الفل» 2006، و«ساعة عصارى» 2008، و«حظر تجول» 2011، وهو مقطع من الفيلم الطويل «18 يوماً» عن ثورة يناير 2011.
منذ فيلمه الأول، وفى كل أفلامه، أثبت شريف البندارى أنه من المواهب الحقيقية التى تصنع حاضر ومستقبل السينما فى مصر. وفى فيلمه السادس «حار جاف صيفاً» يصل إلى درجة عالية من النضج، ويقدم نموذجاً للفيلم الروائى القصير.
تدور أحداث الفيلم الذى كتبته نورا الشيخ، وهى كاتبة سيناريو من الطراز الرفيع، فى يوم واحد قائظ الحرارة فى الزمن الحاضر وسط القاهرة، حيث نرى شوقى، وهو أرمل عجوز يعيش مع ابنه الوحيد ويعانى من مرض السرطان، يستقل تاكسياً اعتاد التعامل مع سائقه للذهاب إلى طبيب ألمانى زائر. وفى الطريق، وكما هو معتاد فى القاهرة، تطلب دعاء أن تستقل نفس التاكسى يوم زفافها للذهاب إلى دار الأزياء حتى ترتدى ثوب الزفاف، ثم إلى استديو التصوير لالتقاط صورة الزفاف، وترافقها صديقتها المقربة. تحدث مفارقات عديدة فى حبكة متقنة عندما تأخذ دعاء تحاليل شوقى بالخطأ إلى دار الأزياء، وينجح شوقى فى استردادها، ولكنها تطلب منه أن يذهب معها إلى استديو التصوير حتى ترضى عريسها ولا تكون وحدها. وفجأة يعتذر العريس لانشغاله، فيطلب المصور من شوقى أن يحل محله، ثم يقوم بعمل «فوتوشوب» وتركيب صورة العريس.
وأخيراً يصل شوقى إلى العيادة، ونسمع الطبيب الألمانى يتحدث مع زميله المصرى بالإنجليزية ويؤكد أنه لا أمل فى شفاء شوقى، وأن أيامه فى الحياة معدودة. وفى المشهدين الأخيرين نرى دعاء بعد سنوات من الزواج وقد أنجبت أول أطفالها، وحامل فى الثانى. ثم نرى شوقى جالساً فى شرفة منزله وقد عاد شعره إلى النمو بعد أن كان قد فقده، ويأكل «آيس كريم» بمتعة كبيرة، وتتحرك الكاميرا إلى الحائط، وعليه صورته مع دعاء وهو يمثل دور العريس. كل فنون السينما تتكامل تحت قيادة شريف البندارى: تصوير فيكتور كريدى (ديجيتال ألوان)، ومونتاج عماد ماهر، وميكساج توماس فالمان، وديكور أحمد فايز، وأزياء ريم العدل، والأداء التمثيلى لكل من محمد فريد فى دور شوقى، وناهد السباعى فى دور دعاء، وكلاهما يقدم درساً فى فن التمثيل أو التمثيل كفن يرقى إلى مستوى العزف الموسيقى بالأداء والإلقاء والماكياج والأزياء المناسبين تماماً. ووراء هذا التكامل أربعة من المنتجين الجدد الذين يدركون أن السينما فن، وهم كلوديا الجعبة وصفى الدين محمود وحسام علوان وصبرى السماك. إنه فيلم قصير ولكنه إنتاج كبير، ليس من حيث الميزانية فقط، وإنما من حيث مستواه الفنى. ومنذ فيلمه الأول، وفى كل أفلامه، يبدو شريف البندارى «تشيكوفياً» أصيلاً. والمعروف أن الكاتب الروسى العظيم تشيكوف هو من جعل القصة القصيرة أدباً كاملاً بقدرته على تحويل موقف محدود إلى رؤية شاملة بغير حدود، وتحويل الإنسان العادى البسيط إلى «بطل» تراجيدى نبيل. تشيكوف هو الذى قال يوماً «قدس الأقداس عندى هو الإنسان»، وهذا ما عبر عنه فى مسرحياته وقصصه القصيرة.
فى «حار جاف صيفاً» نرى شوقى على وشك مغادرة الحياة، ودعاء على وشك أن تبدأها، وهو من الطبقة الوسطى الصغيرة، وهى من قاع هذه الطبقة. هو يستسلم لمصيره راضياً بقضاء الله، ونسمع على شريط الصوت فى المشهد الأول وهو يستعد للذهاب إلى الطبيب آيات من القرآن، ولا يهتم بالحوار الذى يدور بين الطبيبين حتى لو كان يعرف الإنجليزية. إنه يحمل زجاجة مياه ليروى ظمأه فى ذلك اليوم الحار منذ أول لقطة، وفى عيادة الطبيب نرى الزجاجة وقد أصبحت فارغة تماماً. وهى لا تريد شيئاً سوى أن تتزوج وتنجب قبل فوات الأوان حتى إننا لا نرى العريس، وتحقق حلمها بارتداء ثوب الزفاف والتقاط صورة الزفاف حتى لو «فوتوشوب»، وحتى لو فرض أهل العريس عليها أن تنتقل من القاهرة لتعيش معهم فى طنطا. مثل نجيب محفوظ، لأسماء الشخصيات دلالاتها. شوقى يصارع الموت ويشتاق إلى الحياة، ودعاء تصارع الحياة وتدعو أن تتحقق أحلامها. ويعبر شريف البندارى عن إيمانه التشيكوفى بالإنسان فى نهاية الفيلم التى يخرج فيها النور من قلب الظلمات، وينتصر شوقى على المرض، وينتصر القدر على العلم. وكما قال شكسبير فى مسرحية «هاملت» على لسان بطله عندما استنكر هوراشيو تصديق هاملت لظهور شبح أبيه «هناك أشياء كثيرة بين السماء والأرض تفوق كل ما تراه حتى فى الأحلام يا هوراشيو». لقد استعاد شوقى قدرته على الحياه عندما وجد نفسه عريساً مع دعاء بالصدفة، وكأن هذه اللحظة عون من السماء. وتبدو براعة المخرج عندما يقتصر استخدام المناظر الكبيرة (الكلوز أب) للممثل على مشهد تصوير صورة الزفاف، أو لحظة التنوير. وكذلك فى استبعاد الموسيقى على شريط الصوت والاكتفاء بأصوات الحياة، وفى أن تكون اللقطة الأخيرة لصورة الزفاف الحقيقية، وليست الصورة المزيفة «الفوتوشوب». شريف البندارى ينسج فيلمه، ويبدو أنه تأثر بعمله فى هندسة النسيج فى التعبير الدرامى بقدر ما تعلم الحرفة فى معهد السينما.
«حار جاف صيفاً» تعبير قوى عن جمال الحياة، وغموض الوجود، ونشوة الفن، فى آن واحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.