مش هتقدر تغمض عينيك، مسلسلاتك عندنا واسأل مجرب من رمضان اللى فات، مافيش حاجة اسمها حصرى وكله على التليفزيون المصرى.. هذه هى العبارات التى استخدمتها القنوات الفضائية للإعلان عن شكلها فى رمضان، وعبر تنويهات الشاشة أو إعلانات الشوارع الممتدة فى الميادين والطرق من الإسكندرية إلى أسوان، اتبعت سياسة الإلحاح على المشاهدين بكل الوسائل الممكنة، فى محاولة لاسترداد الملايين التى تم إنفاقها على هذه المسلسلات، وذلك من خلال عرضها فى الموسم الرمضانى الذى يحقق أعلى عائدات إعلان، وبهذا التكالب على مساحات العرض فى الشهر الكريم، حصر صناع الدراما مواسمهم فى شهر واحد تاركين باقى شهور العام للمسلسلات التركية تحصد منه ما تشاء، بينما ترضى الأعمال العربية الهزيلة بالفتات بعد أن فاتها قطار العرض الرمضانى، أصبحت موصومة بصفة المستبعدة من جنة رمضان. قال الإذاعى الكبير وجدى الحكيم، فى حديث دار بيننا: إن شوارع القاهرة كانت الحياة تتوقف فيها تماما فى أثناء عرض المسلسل الإذاعى «أدهم الشرقاوى» فى فترة الستينيات من القرن الماضى، رغم أنه لم يكن يعرض فى شهر رمضان، ولكن جودة العمل ومساحات الصدق وأغانى الراحل الجميل محمد رشدى جمعت الناس حول الراديو للاستمتاع بالمسلسل، وفى الثمانينيات كنت شاهدا على عرض مسلسل «عصفور النار» للقدير محمود مرسى والعظيمة أمينة رزق، وكان يذاع فى الخامسة عصرا بالتليفزيون المصرى وكانت معظم شوارع القاهرة، والأقاليم تبدو خالية من المارة طوال فترة عرض المسلسل، ولم يكن ذلك أيضا فى شهر رمضان الكريم، ولم يكن أبطاله من نجوم السينما السوبر. الحكاية ببساطة تكمن فى مستوى العمل وموضوعه والأداء الراقى لفنانين ينتمون لمدرسة الفن الجاد، وهى المدرسة التى اختفت تماما فى زمن التيك آواى ومسلسلات 30 حلقة يتم تصويرها ما بين 60 و100 يوم، على طريقة «يلا نشوط مسلسل» فأصبحت كل الأمور متشابهة، والوجوه مكررة، وباع كثير من الكبار تواريخهم من أجل حفنة جنيهات أو الوجود تحت الأضواء بنجاح زائف تصنعه مكاتب العلاقات العامة والاتصال الصحفى، ورمضان كريم..