– الفرح بالاضّطهاد: كتب بولس الرّسول رسالته إلى أهل فيليبي وهو في السّجن، ومع ذلك ورغم كلّ الصّعوبات الّذي يواجهها بولس المُضّطَهَد، يقول ويوصي: " افرحوا بالرّب كلّ حين، وأقول أيضاً افرحوا" ( فيليبي 4:4). وقد يتساءل البعض، كيف يمكن لنا أن نفرح وسط الصّعوبات والضّيقات؟ وكيف لمن يحمل آلاماً جمّة نتيجة القهر والظّلم أن يفرح؟. نحن لا نفرح بالاضّطهاد كفعل مشجوب ومرفوض ولا إنسانيّ، بل نحن نفرح لأنّنا نعلم أنّ حامل الحقيقة لا بدّ أن يرذله لصوص الضّلال. ونحن المتّحدين بيسوع المسيح، نحمل الحقيقة للعالم، وبقدر ما نشهد لها نتقدّس. ألا يقول الرّبّ: " طوبى لكم إذا عيّروكم واضطهدوكم وقالوا عليكم كذباً كلّ كلمة سوء من أجلي. إفرحوا وابتهجوا، لأنّ أجركم في السماوات عظيم. ( متى 12،11:5). كان بولس مبتهجاً في السّجن لأنّه كان واثقاً أنّه يعلن الحقيقة ويشهد لها. والحقيقة هي يسوع المسيح، فكر وحضور السّماء في تاريخ البشر، وكمال الإنسانيّة المعدّة لتسكن في قلب الله. – كيفية الاهتمام بالجانب الرّوحي عند الإنسان هو الجانب الأعمق في الإنسان والحياة الدّاخليّة الّتي قلّما يبدي لها اهتماماً حقيقيّاً. ففي وسط حياة متسارعة الأنماط، وضغوطات حياتيّة ومعيشيّة، يهمل الإنسان إلى حدّ بعيد الجانب الرّوحيّ. والاهتمام بالجانب الرّوحيّ يكون بالاختلاء مع الّذات ومع الرّبّ، وتخصيص الوقت لهذا اللّقاء بانتظام، وتقييم الّذات على ضوء يسوع المسيح. ولعلّنا اليوم نحيا في عالم ممنوع علينا فيه الاختلاء بذواتنا، بسبب اهتمامنا المفرط بالقضايا السّطحيّة والهشّة، وبالأخبار السّياسيّة والمناقشات الإعلاميّة الّتي لا تقدّم ولا تؤخر ..(أمَّا المُباحَثات الهذيانيَّة والأنساب والخصومات والمماحكات الناموسيَّة فاجتنبها، فإنَّها غير نافعة وباطلة.( تيطس 3: 9) وبسبب هدرنا للوقت في متابعة ما يقدّمه لنا الإعلام وشبكات التّواصل الاجتماعي من سلوكيّات تزيد من ابتزاز غرائزنا وعنصريّتنا. " يا ابني أعطني قلبك، ولتلاحظ عيناك طرقي." ( أمثال 26:23). أي، أعطني ذلك المكان الرّحب، حيث اختار سيّد الكون أن يمكث أبداً، وبسكناه تستنير أمامنا كلّ الطّرق. إنّه ذلك المكان العميق جدّاً الّذي إن تهنا عنه تشتّت تفكيرنا واضّطربت نفوسنا، وتفرّقنا عن إنسانيّتنا. – اسهروا وصلّوا. " متى صليتم فقولوا: أبانا الذي في السماوات". ( لو 11:2). بهذه العبارة المجيدة، رفع الرّبّ مستوى الصّلاة من العبادة التّقليديّة إلى مستوى الصّداقة مع الله. أصبحت الصّلاة علاقة متواصلة مع الحبيب الإلهيّ، بعد أن كانت توسّلات وتضرّعات على أمل الإستجابة. وأمست لقاءً مستمرّاً يعتني بالحضور الأبويّ الحقيقيّ، والتّفاعل البنويّ المرتبط بالحبّ. وبهذا اللّقاء المستمرّ والمتواصل، باتت الصّلاة منفتحة على الله كلّ حين، وخلقت مناجاة متواصلة بين الحبيب والمحبوب. وكأنّي بالسّيّد يريد بقوله: " اسهروا وصلّوا" ( متى 41:26)، أن يشدّد على صلة الحبّ بيننا وبينه، فنحبّه بثبات ونتقرّب من حبّه بحسب ما يحبّنا هو، وليس بحسب عواطفنا غير المستقرّة. ويعني بالسّهر المرتبط باللّيل، أي حالة الهدوء والسّكون، اللّقاء العميق والشّخصيّ بالرّبّ. ويكمل السّيّد: " لئلا تدخلوا في تجربة"، فيكون هذا اللّقاء المحبّ وهذه المناجاة الحميمة، رادعاً قويّاً وعظيماً كي لا نضيّع طريقه.