عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين: أترك مصيري للقضاء.. وضميري يحتم عليّ رعايتهما    الإفتاء: إذا طلبت الزوجة الطلاق في هذه الحالة لا تشم رائحة الجنة    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    إبراهيم عيسى: التفكير العربي في حل القضية الفلسطينية منهج "فاشل"    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    استخراج اسماء المشمولين بالرعاية الاجتماعية الوجبة الاخيرة 2024 بالعراق عموم المحافظات    تمويل السيارات للمتقاعدين دون كفيل.. اليسر    رابط نتائج السادس الابتدائى 2024 دور أول العراق    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    اشتباكات عنيفة قرب سوق الحلال وانفجارات شرق رفح الفلسطينية    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    شارك صحافة من وإلى المواطن    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجل ومعه أكثر من زوجة.. أترى تذكرونه أم نسيتوه؟
نشر في شموس يوم 13 - 06 - 2015

منذ أن تشكك كتاب ومثقفون بمقام إباحة تعدد الزوجات في شريعة الإسلام ووقفوا ضده، استلهمت الدراما والأعمال التليفزيونية أفكارهم لتكريس محاربة التعدد وتشويه من يقوم به من الرجال، حتى وصموا بالشهوانية أو بظلم المرأة أو العين الزائغة، أو على أقل تقدير اتهموا بأنهم غير جديرين بالمسؤولية وبتربية الأبناء.
وإذا كان التفكير العقلي السليم في موضوع التعدد، يستمع إلى التجربة ويخضع لها، فإن من تجارب المتزوجين بأكثر من امرأة ما يدفع ذلك التفكير إلى إعادة النظر في الصورة المغلوطة عن الزواج بأكثر من واحدة.
الشاعر محمد الشحات محمد، يسرد تجربته فيقول: كنت – ذات يوم – طالبا بكلية الهندسة، حين أقنعتني العائلة بضرورة الزواج للتحصين، وكان ذلك تقليدا سائداً حيث الزواج في العشرين يساعد الزوج والزوجة في تحصيل العلم وتحمل المسئولية مبكراً ويؤدي إلى فك شفرات الحياة ومواجهة أعبائها بروح الشباب وخصوصاً عندما يكبر الأولاد في حضن الأبوين الشابين.
تم الزواج فعلاً، ولكن القدر لعب دوره عندما توفيت والدتي وبعدها زوجتي التي خلفت لي طفلتين ، وكان علي أن أتزوج لرعاية الطفلتين، ورزقني الله بطفلين من زواجي الثاني ِ وبدأت الخلافات بين زوجتي وابنتي اللتان حان زواجهما ، وهنا تزوجت بثالثة حتى تتنافس كل زوجة مع الأخرى لإرضائي، وذلك بإسعاد البنتين العروستين ً ثم تأتي كل زوجة لي على انفراد كي تشوه الأخرى ، وما كان مني إلا أن أقنع كل واحدة بأنها الأقرب إليقلبي وبمجرد زواج البنتين سأطلق الزوجة المنافسة ، وهكذا حتى اقتنعت كل واحدة من الزوجتين أن عليها التحمل قليلاً وستحظى بما تريد في المستقبل.
ومرت السنوات وقد رزقني الله بطفل من الزوجة الثالثة، والبنتان تزوجتا وأصبحت جداً لأبناء البنتين ، وكبر الأبناء الثلاثة، ودخلوا في مراحل التعليم المختلفة ، وتحول التنافس بين الزوجتين من أجل أن يكون ابن كل واحدة أفضل من الآخر، وتلخص دوري في حل مشكلات جميع الأطراف بابتسامة أحياناً ، والتوجيه أحايين، مع الالتزام بالهدايا الرمزية لكل امرأة على حدة ، ومع مراعاة أن الزوجتين لا تقبلان هذا الوضع إلا إذا توددت لها ولمست أنني أحترم خصوصيتها، وأغار عليها أكثر من الأخرى ، ولكن الالتزامات الاجتماعية تفرض التعاون والحفاظ على الروابط الأسرية.
ومن ثم لابد من تنشيط الحالة العاطفية من وقت لآخر، مع توفير متطلبات الحياة الرئيسية.. وليعلم الأزواج أنهم أغلى من الحلي عند زوجاتهم، فتتباهى الزوجة بزوجها أمام أسرتها وأهلها وصديقاتها وجيرانها.. ويكون كل ذلك سهلاً كلما نجح الزوج في حب زوجته وجدانا وفكرا، مع الإقرار بثابت المتغيرات ، وتجديد الأفكار وآليات التواصل مع الأفكار المختلفة لكل زوجة في ضوء الاحترام المتبادل بين جميع الأفراد، وفي إطار ذكاء الزوج الساعي إلى عدم الاصطدام رغم ظاهر ديكتاتوريته تلك الديكتاتورية التى يؤمن الجميع أنها ديكتاتورية أبوية مهمة للحسم في القرارات المصيرية وفي ذات الوقت هي تمنع ولا تمانع من الألفة والمودة والحب والحنان.
ويقول المهندس محمد فؤاد ناصر، من الإسكندرية: الحياة الزوجية لا تخلو من المنغصات ومهما كان الوفاق بين الزوجين فهناك فترات تمر عليهما يشعر أحدهما أو كلاهما بالملل والرجل بما له من حق مشروع في التعدد لا يجد حرجاً ولا مانعاً في أن يرتبط بزوجة أخرى.
وليس الدافع الوحيد في هذه الرغبة الناحية الجنسية فقط ولكن هذا الزواج عالج في نفسي نقائص كانت تشوبها وحقق لي من الاتزان العاطفي ما كنت أفتقده في ظل وجود زوجة واحدة.
أحياناً كانت تمر عليّ أوقات يصل بي الانفعال فيها مداه جراء استفزاز أو عناد من زوجتي الأولى إلى الحد الذي كاد يؤثر على صحتي لكن بمجرد خروجي من البيت وذهابي لزوجتي الثانية يذهب شيطان الغضب فأجدني بين يديها وكأنني في واحة استرحت في ظلها من نار الشمس المحرقة.
ومع ذلك لم يخطر ببالي ولو للحظة واحدة التخلي عن زوجتي الأولى أم أولادي لأسباب عديدة منها الأولاد والمصالح المالية المشتركة بيننا والتي تكونت عبر عقدين أو ثلاثة من الزمان وهي مصالح يصعب التنازل عنها.
أضف إلى ذلك أن الرجل المحترم مهما اختلف مع زوجته أو كره منها خلقاً فلا ينسى جوانب فضلها التي ترضيه منها فيصعب عليه التجني عليها أو ظلمها.
أما ممتاز راغب، رجل الأعمال فيقول: تزوجت الأولى وأنجبت منها 4 أبناء، وتوفيت بعد 20 سنة من الزواج وتزوجت بالثانية وكانت مطلقة لم تنجب لرعايتي ورعاية الأولاد، وكانت لي ابنة عم متزوجة حديثا هي التي اختارت لي زوجتي الثانية.
وبعد مشكلات كثيرة دارت بين ابنة عمي وبين زوجها وصلت إلى المحاكم ومن ثم انتهت إلى الطلاق البائن مع الإبراء، انشرح صدري لطلب يدها وبالفعل تزوجتها بعد انقضاء عدتها وأنجبت منها طفلة هي قرة عين لي ولها.
البعض تطاول علي بالتهم الجارحة وبخاصة من أقاربي ومعارفي وأغلقت في وجهي بيوتاً كنت أزورها خوفاً من التأثير على أربابها وأحسست أنني في حصار اجتماعي بسبب ما أقدمت عليه لكن سبحان الله لم يمر عام حتى اقتدى بي نفر من هؤلاء الأقارب الذين نقموا علي في البدء الزواج بأكثر من واحدة.
والذي دفعهم إلى ذلك دفعا ما انتشر من زواج سري غير رسمي في محيطهم السكني، فقالوا لأنفسهم "لماذا نحوم حول الشبهات ولنا في فلان ابن عمنا المثل والقدوة"!
يؤصل لنا هذا الموضوع تأصيلاً شرعياً، فضيلة الشيخ صبري عسكر أحد أئمة وزارة الأوقاف المصرية فيقول: علينا أن نعرف أن تعدد الزوجات – أي الزواج بأكثر من واحدة – يجيزه التشريع الإسلامي للرجل ويبيحه، ولا يوجبه أو يلزم به أحدًا ولكن: هل يؤجر المسلم على التعدد؟ والجواب: نعم لأنه يتحمل مسؤولية امرأة أخرى، فيكون عائلاً لها ويكفيها حاجتها، من الطعام والشراب والكسوة والسكنى، وسد حاجاتها من الأمور الأخرى كالوضع الاجتماعي والستر والعاطفة ولقاء الزوجية وما إلى غير ذلك.
وأما الذين في صدورهم شيء من التعدد فأقول لهم: من أنتم حتى تردوا قول الله تعالى : { فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلاثَ وَرُبَاعَ } [ سورة النساء : 3 ]، ألا تبًا لمن يعترض على الزواج ولا يعترض على الانحراف والمجون.
إن الذي يفكر في الزواج بأخرى، رجل عرف طريق الاستقامة، وحدد هدفه وغرضه من الزواج، رجل يثق بأن الأرزاق بيد الله، وأن الذي رزقها في بيت أبيها سيرزقها في بيته، فعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر ما يلي:
رجل زوجته لا تنجب ولا تحب مفارقته، وتتوق نفسه لأن يكون أبًا فيتزوج بامرأة يكفلها، ويكون سببًا في عفتها ويحقق لها استقرارًا اجتماعيًا وأمنًا أسريًا، فلماذا نحرمه من أمر مشروع ونحول بينه وبين ما يريد.
رجل يعاني من تقصير زوجته معه في الفراش، ويعاني من شح في العواطف والمشاعر، ولا يحب أن يفارقها، ولا يعلن عيوبها وتقصيرها فيمسك عليها ويتزوج بأخرى تكمل له ما يعانيه من نقص.
رجل عنده فحولة زائدة، وزوجته لا تطيق ذلك وتنفر منه ولا تستجيب لرغباته، فيتزوج بأخرى تعاني من الحرمان، فيتحقق له ما يريد، ويكون سببًا في إسعاد أخرى دون أن ينتقص من حق الأولى شيئًا.
رجل يرغب فيما عند الله من الأجر والمثوبة، فيتزوج بفتاة تأخر زواجها عن المعتاد عرفًا، أو أرملة أو مطلقة، فيعولها وأولادها، ويكفلهم وينزلهم منزلة أولاده فيكون لهم نعم الأب، وللزوجة عوضًا عما أصابها وعونا لها على تربية أولادها.
رجل مسافر للعمل أو للدراسة، ويصعب اصطحاب زوجته معه في سفره، لانشغالها بأولادها، أو دراستها، أو عملها، فوجد الزوجة التي يغض بها بصره ويحصن بها فرجه، ويحفظ بالتالي نفسه من الانحراف الذي لو حدث – لا قدر الله – سيكون سببًا في الوبال والفقر عليه وعلى أهل بيته؛ فيتزوج ويحفظ دينه ونفسه وأهله.
رجل يعاني من قبح زوجته، وتتوق نفسه لامرأة جميلة ( إذا نظر إليها سرته ) بل وأغنته عن النظر المحرم، فتزوج بأخرى، وعف نفسه، وأمسك الأولى لرغبتها في البقاء معه.
رجل يرى في نفسه القدرة على تحمل المسؤولية، لإقامة بيت جديد، وإدارة أسرة تكون لبنة جديدة من لبنات المجتمع، فيعمل أكثر، ويتحمل المشقات من أجل تحقيق غرضه، فهذا رجل له تقديره واحترامه، وهو في هذه الحالة أفضل من ذلك الرجل الذي لم يقم بحق زوجة واحدة، فعاش أعزبًا، أو طلق من كانت معه لعجزه عن القيام بحقها، أو الصبر على تبعات الزواج .
رجل يكره زوجته لسوء خلقها معه، وترفعها عليه وعدم الاهتمام به، فتجعله يفتقد الهيمنة والقوامة، فتتوق نفسه إلى زوجة تحبه ويحبها، وتحترمه وتعطيه حقه من الطاعة والقوامة، فيتزوج، وربما تنصلح الأولى بعد ذلك فيرتفع رصيدها عند زوجها ويعلو قدرها.
ومع ذلك، أكد الشيخ صبري عسكر أن تعدد الزوجات أمر في غاية المشقة، فمن يرغب في التعدد مطالب بأمور منها:
اختيار الزوجة المناسبة له، فتسد حاجته، وما يعانيه من نقص مع الأولى.
إعطائها مهرًا بالقدر الذي يرضيها، ومن ثم تجهيز مسكن الزوجية، إلا أن يكون لديها مسكن وتكفيه هذا الأمر.
يدفع لها نفقة تكفيها لمعاشها وكسوتها، من بداية العقد إلى أن يفارقها بطلاق أو بوفاة.
يقسم لها في الليالي، ويتحمل إرضاء زوجته الأولى، وأولاده منها، والصبر عليهم وعلى متطلباتهم.
ربما يكون متوسط الحال أو فقيرًا فيعمل أكثر وربما يكون له عمل إضافي كي يفي بمتطلبات البيتين.
يعدل بين زوجتيه، أو زوجاته، في النفقة، والكسوة، والمبيت، وإلا جاء يوم القيامة وشقه مائل، ويفتضح أمره بين يدي الله يوم يكون المآل إلى جنة أو إلى نار.
يحفظ للأولى كرامتها، وحقها، وإلا رفعت عليه دعوة للطلاق، وتحصل على كافة حقوقها، أو تخلعه وتتنازل عن حقوقها مقابل الافتداء منه؛ فيخسرها وربما يضيع أولاده بذلك.
أن لا يتجاوز العدد أربع زوجات، مهما كانت الأسباب والظروف والأحوال، إلا إذا طلق إحداهن، وأراد أن يتزوج بغيرها، فيمتنع حتى يستوفي مطلقته عدتها.
ويضيف الشيخ صبري عسكر: لو تزوج كل رجل بامرأة واحدة فقط لبقي في المجتمع نساء لا يقابلهم رجال، والواقع يشهد بذلك، في كثير من دول العالم إن لم يكن في كل العالم، ويأبى الله جل وعلا إلا أن يظهر آيات قدرته ودلائل رحمته حينًا بعد حينٍ، وإذا كان على المؤمن أن يخضع لحكم ربه ولو لم يدرك علة الحكم، فإن غير المؤمنين يكتشفون في كل حين من أسرار التشريع الإلهي وحكمته، ما يجعل المنصفين منهم يقرون بالحق، ويحنون رؤوسهم لتشريع رب العالمين.
وأمام هذه الزيادة الفعلية في عدد النساء، لابد لنا من حلول، والتعدد هو أحد هذه الحلول، وأفضلها على الإطلاق؛ لأنه لو لم يكن التعدد بعقد زواج رسمي وبيت وأسرة وإشهار، ومن ثم بنين وبنات، فيكون الحل الثاني: أن نتركهن يمتن كمدًا من الحرمان من أبسط حقوقهن في الزواج والمتعة الحلال، أو ينحرفن ويفسدن المجتمع، وتحل الرذيلة مكان الفضيلة، ويلحقن بأهلهن العار والشنار، وتمحق البركة من حياتهن، ومن يسير في ركابهن من الشباب والرجال المنحرفين، علاوة على ما يترتب على ذلك من جرائم القتل والسرقة وخراب البيوت.
أليست الزوجة الثانية هي ابنتنا، أو أختنا، أو عمتنا، أو خالتنا، ولها حق الحياة والعيش الأسري كغيرها من سائر النساء؟ فلماذا نعترض نحن في أمر يكون سببًا لسعادتهن؟
ولنا أن نعلم، أن المرأة التي تقبل أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة تقبل باختيارها لأنها اختارت أمرًا من أربعة أمور:
الأول: أنها رأت فيه شخصية فذة قوية وأهلا لتحمل المسؤولية ورجولة تميزه عن غيره في أمور – رأتها هي – واقتنعت بها.
الثاني: أنها وجدت فيه، ما يناسب ظروفها، فهي مشغولة بأبويها أو بأولادها من زواج سابق، أو بإخوانها وأخواتها المتكفلة بهم بسبب وفاة والديها أو أحدهما، فلن يشغلها كل الوقت، لكونه متزوج بأخرى، أو بأخريات.
الثالث: أنها قارنت بينه وبين المطلق، فرأت المبقي على زوجته، رغم تقصيرها في حقه، والمتكفل بها وبأولاده منها، أفضل من الذي تخلى عن زوجته وطلقها وتفرغ لنفسه فقط، فرأت أنه قد يفعل بها ما فعل بغيرها، فرضيت بالمتزوج وفضلته.
الرابع: أنها انتظرت أن يأتيها غير المتزوج، فلم تجده، فكان الخيار الذي أمامها هو أن تتزوج برجل متزوج، يأتيها في الأسبوع ليلة أو أكثر ويتكفل بنفقتها ويتحمل مسؤوليتها، أفضل من أن تبقى وحيدة، يمضي بها العمر، دون أن يكون لها زوج.
وبالنظر إلى المتزوج بأخرى، فإما أن يجد في زوجته الجديدة بغيته، أويعرف قدر زوجته الأولى، وفي حالة الانسجام مع الجديدة، فسيتحمل أذى القديمة، من منطلق إنساني بحت، أو لأجل أولادها – خاصة أنه سيغيب عنها بضع ليال، مما يجعله ينسى الإساءة أو يشتاق إليها.
وبالنظر إلى الزوجة الجديدة، فقد وجدت زوجًا، بعد أن كانت تعاني من الوحدة، والحرمان، وبالتالي ستحرص على أن المحافظة عليه، خشية أن يطلقها، وتنفرد به زوجته الأولى، أو يتزوج عليها كما تزوجها على غيرها.
وبالنظر إلى الزوجة القديمة، فقد تتضرر في الظاهر لكون زوجها تزوج عليها، لكنها تستفيد بأمور منها:
إما أن يكون مزعجًا، فترتاح منه بعض الليالي والأيام، وإما يكون محبوبًا فتتهيأ له، وتستعد لاستقباله، وتنعم بليلتها أو لياليها معه على أكمل وجه.
يكون لديها بعض الأيام والليالي، التي يغيب فيها الزوج، فترتاح من مشقة تجهيز الطعام وخدمته، وربما تكتفي ببواقي الطعام أو الأكلات الخفيفة.
تفرغ من تنظيف شقتها، وغسيل الملابس في غيبة الزوج، مما يجعلها تهنأ بزوجها، وتتفرغ له وحده، عند حضوره عندها.
يمكنها أن تستفيد من غيبة الزوج، في تطوير نفسها بالقراءة والرياضة والخروج للتنزه أو للزيارات الاجتماعية.
الغيرة التي تشعر بها بعد زواجه عليها، ستجعلها تهتم بنفسها، وتحسن معاملته، لتثبت وجودها في حياته فتفيد وتستفيد.
ربما لا يجد الزوج ضالته في زوجته الجديدة، فيكون الاهتمام بالأولى أكثر، ويكون أشد حرصًا عليها، وعلى التمسك بها، فيرتفع قدرها وتعلو مكانتها، ولله في خلقه شؤون.
وبسؤال الشيخ صبري عسكر: بماذا نرد على شبهة من يقول باستحالة العدل بين الزوجات، مستنداً إلى قوله تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُوا } [ سورة النساء : 3] ثم أخبر – سبحانه – في نفس السورة بأن العدل غير ممكن وذلك في قوله تعالى :{ وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا } [ سورة النساء : 129 ]؟
أجاب فضيلته: ما كان الله ليحل شيئًا بل ويأتي بصيغة الأمر في قوله تعالى ( فانكحوا ) ويشترط لذلك العدل ثم يقول في نفس السورة أنكم لن تستطيعوا العدل بين النساء ولو حرصتم، فهل الآية الثانية نسخت الأولى؟ لو كان كذلك لما كان التعدد في عهد النبوة والصحابة والتابعين مشهورًا لدرجة مألوفة ومعتادة جدًا عندهم، ولكن حين نفهم الآيتين ونتدبر محتوى كل منهما نصل إلى ما يلي:
الأولى التي أباحت التعدد واشترط الله العدل فيها، فالمقصد هنا العدل المطلق، لكن الآية الثانية تأتي لترفع ذلك الحرج، ولتبين للمسلمين بأن العدل المطلق في كل شيء أمر غير مستطاع حتى مع من كان حريصًا عليه.
ولذلك، روي عن عائشة – رضي الله عنها – ( أنَّ النَّبيَّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – كان يقسِمُ بين نسائِه فيعدلُ ويقولُ اللَّهمَّ هذا قَسْمي فيما أملِكُ فلا تلمْني فيما تملِكُ ولا أملِكُ ) رواه البخاري.
والقارئ للآية الثانية { وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } على أنها تمنع التعدد، استخدم أسلوب من يقرأ: ( فويل للمصلين )، ويسكت، ليوهم المستمع، أن الويل للمصلين وليس لتاركي الصلاة، لكن في خاتمتها، يقول الله تعالى: { فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا } [ سورة النساء : 129 ] إذن، رب العالمين لم يقل: لا تعددوا؟ بل رفع الحرج عن مفهوم العدل المطلق، وأن الميل المحرم، هو كل الميل، وليس بعضه أو نوعه، والله أعلم، وهو بعباده رؤوف رحيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.