نقابة الصحفيين المصرية تصدر قرارا بمنع بلوجر من دخول النقابة.    حزب مصر أكتوبر: تأسيس تحالف اتحاد القبائل العربية يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    محافظ مطروح يناقش استعدادات الاشتراك في المبادرة الرئاسية للمشروعات الخضراء الذكية    تراجع جديد لسعر الدولار في البنوك خلال التعاملات المسائية    عاجل| الحكومة تزف بشرى سارة للمصريين بشأن أسعار السلع    مصر للمقاصة تفوز بجائزة أفضل شركة للمقاصة في الوطن العربي    البيت الأبيض: احتمال تغيير سياستنا في حال اقتحام رفح الفلسطينية دون تأمين المدنيين    «بلومبرج»: «تركيا تعلّق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل»    كوريا الجنوبية ترفع حالة التأهب القصوى في السفارات.. هجوم محتمل من جارتها الشمالية    تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 Tom and Jerry لمشاهدة حلقات توم وجيري الكوميدية    "برنامج علاجي لتجهيزه".. الأهلي يكشف حجم إصابة أحمد عبدالقادر    «أكثر لاعب أناني».. مدرب ليفربول السابق يهاجم محمد صلاح    ظاهرة جوية تضرب البلاد خلال ال72 ساعة المقبلة.. 10 نصائح للتعامل معها    6 مصابين جراء مشاجرة عنيفة على ري أرض زراعية بسوهاج    مواعيد قطارات مطروح وفق جداول التشغيل.. الروسي المكيف    أحمد السقا عن مشهد الرمال بفيلم السرب لفاطمة مصطفى: كنت تحت الأرض 4 ساعات    ارسم حلمك ب«الكارتون».. عروض وورش مجانية للأطفال برعاية «نادي سينما الطفل»    ندوة توعوية بمستشفى العجمي ضمن الحملة القومية لأمراض القلب    «مايلستون» تنطلق بأول مشروعاتها في السوق المصري باستثمارات 6 مليارات جنيه    الصلاة والقراءات الدينية والتأمل في معاني القيامة والخلاص أبرز أحداث خميس العهد    بالصور.. كواليس حلقة "مانشيت" من داخل معرض أبوظبي الدولي للكتاب غدًا    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة فرضت عقوبات ضد 280 كيانا روسيا    تجديد حبس عنصر إجرامي بحوزته 30 قنبلة يدوية بأسوان 15 يوما    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    نادي الأسير الفلسطيني يعلن استشهاد معتقلين اثنين من غزة بسجون الاحتلال    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    النجمة آمال ماهر في حفل فني كبير "غدًا" من مدينة جدة على "MBC مصر"    الفائزون بجائزة الشيخ زايد للكتاب يهدون الجمهور بعض من إبداعاتهم الأدبية    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    ما هو حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام وكيفية القراءة؟    إمام الحسين: كبار السن يلاقون معاملة تليق بهم في مصر    بينها إجازة عيد العمال 2024 وشم النسيم.. قائمة الإجازات الرسمية لشهر مايو    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    كريم بنزيما يغادر إلى ريال مدريد لهذا السبب (تفاصيل)    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصة الشاعرة بين التأصيل والترجمة
نشر في شموس يوم 19 - 04 - 2014

إن المتأمل للقصة الشاعرة يجد أنها جنس أدبى جديد يقف متفردا بذاته وسط الزخم الإبداعى الذى تشهده فترة بعد ما بعد الحداثة التى نعيشها الاّن. ولقد استفادت القصة الشاعرة من تقنيات ألوان أدبية أخرى مثل شعر التفعيلة والقصة القصيرة والقصة القصيرة جداً دون التماهى فيها, حيث يطالعنا الشاعر محمد الشحات محمد - وهو المؤسس لهذا الجنس الأدبى الجديد (في حدود علم الباحثة) - بالقواعد التى أرساها للقصة الشاعرة والتزم بها مجموعة من المبدعين على مستوى الوطن العربى ليدشنوا بذلك مولد جنس أدبى عربى جديد بعيدا عن أى تبعية غربية. ولعل أهم ما يميز القصة الشاعرة هو التزامها بالتتابع الإيقاعى(التدوير الشعرى) والقصصى(التدوير القصصى) فى شكل دفقة/ نفس ابداعى يستمد تركيزه أو تكثيفه من وجود رمز يربط بين دلالات النص.
ويأتى التدوير الشعرى ليمنع أى تسكين داخل النص فيحافظ على خروج النص فى شحنة واحدة مكونة من عدد غير محدود من التفعيلات فتقترب بذلك القصة الشاعرة من شعر التفعيلة ويأتى التدوير القصصى من ناحية أخرى ليكثف حبكة السرد داخل النص فتقترب بذلك من القصة القصيرة والقصيرة جدا, ومع هذا فهى ليست بالشعر ولا بالقصة لوجود عوامل أخرى كالرمز الذى هو المرتكز الأساسى للقصة الشاعرة والذى يثير ذهن المتلقى ويدفعه للمشاركة فى سد فجوات المعنى والتوصل لرسالة النص فى لحظة تنوير تبرق بانتهاء القراءة, وكذلك علامات الترقيم التى تساعد فى توصيل المعنى وخلق فضاءات بصرية كالنقط الأفقية التى تسمح للقارئ بالتقاط أنفاسه دون قطع التدويرين الشعرى والقصصى, وإن كانت هذه التقنيات ليست بالجديدة إلا أن اجتماعها فى بوتقة جنس أدبى واحد هو ما يعطى القصة الشاعرة خصوصيتها.
ولما كانت القصة الشاعرة جنسا أدبيا عربيا خالصا تم التأسيس له فى مصر ومنها إلى العالم العربى فى النصف الثانى من عام 2006, كان لابد من التفكير فى تقديم هذا الوليد العربى إلى الأدب الغربى للتعريف به حتى يأخذ مكانه وسط الأجناس الأدبية المتعارف عليها عالميا, فكانت الترجمة ضرورة لابد منها, وجاءت هذه الدورة التى طال انتظارها لترتكز على "التأصيل والترجمة" ولعل التأصيل هو ما عنت به القصة الشاعرة على مدار السنوات الفائتة, وتأتى الترجمة لتفرض نفسها كضرورة حتمية حتى يتسنى لنا التقديم للثورة الإبداعية العربية التى تفتتحها القصة الشاعرة.
ولعل الخوض فى موضوع ترجمة الأدب عموما والقصة الشاعرة بخاصة, يفتح الباب على مصراعية أمام حزمة من المعضلات التى لابد من تفحصها بعناية حتى لا نضر النص المعنى بالترجمة ونسئ تقديم أنفسنا للاّخر. ولعل أول تساؤل يخطر ببال المترجم المهتم بترجمة القصة الشاعرة – وستكون الترجمة إلى الإنجليزية دون اللغات الأخرى هى مجال التطبيق فى هذا البحث - هو: أى الطرائق سأختار فى الترجمة؟ فللترجمة طرق واتجاهات عديدة, كما يرى درايدنDryden, 1963)), فمنها ما يعنى بالترجمة الحرفية المباشرة, ومنها ما يقوم بترجمة المعانى فقط, ومنها ما يعيد انتاج النص من جديد أو محاكاته ليصبح نصا جديدا تربطه فقط صلة قرابة بالنص الأصلى (عنانى, 2000, ص 147). ولقد ميز نيومارك (Newmark, 1981) بين اتجاهين أساسيين فى الترجمة: أولهما الترجمة الدلالية (Translation Semantic) والتى تهتم بنقل البنى النحوية للألفاظ ودلالاتها المعجمية السياقية من اللغة المصدر إلى اللغة الهدف دون النظر لأى مؤثرات غير لغوية داخل النص, وثانيهما الترجمة التوصيلية (Translation Communicative) التى تهتم بالتأثير فى قراء اللغة الهدف بأثر قريب من ذلك الذى يحدثه النص الأصلى فى قرائه بصرف النظر عن التكافؤ النحوى بين اللغتين (39). ولقد ظهرت نظريات أخرى فى الترجمة بعد نيومارك ولكن يظل اسهام نيومارك هو الأبرز.
و تشكل نصوص القصة الشاعرة مشكلة بالنسبة للمترجم لما تفرضه من تحديات, فلو اختار المترجم الترجمة الدلالية فسيحافظ إلى حد ما على شكل النص بتوفير المقابلات الإنجليزية المباشرة للمفردات العربية, ولكن سيعمل هذا التركيز على نقل المفردات بمعناها المعجمى وتركيباتها النحوية, دون النظر إلى الفروق الثقافية بين العربية والإنجليزية,وإلى غموض المعنى الذى يقصده مؤلف النص الأصلى, ولو اختار الترجمة التوصيلية فسينقل المعانى وظلالها أى روح النص ويضطر بذلك إلى إعادة صياغة البنى النحوية ودلالاتها المعجمية بما يتوافق مع ثقافة اللغة الهدف وبما يؤثر فى الوقت ذاته على شكل النص والإيقاع فيه.
وتتأتى صعوبة ترجمة القصة الشاعرة من أنها قد وضعت لنفسها محددات واضحة لتميزها عن باقى الأجناس الأدبية وبالأحرى لتميزها عن تلك الأجناس التى تتماس معها كشعر التفعيلة والقصة, وهذه المحددات بعينها هى المتسبب الأساسى فيما يواجهه المترجم من صعوبات:
- ترجمة المسمى
إن أول ما يواجهه المترجم هو ترجمة مسمى "القصة الشاعرة", وتكمن المشكلة فى الشق الثانى من المسمى, فالشق الأول "القصة" تعارف على ترجمته ب"story" ولا مشكلة فى ذلك, أما لفظة "الشاعرة" فهى المثيرة للجدل, فلا يمكن ترجمتها ب""Poetic والتى هى صفة بمعنى الشعرى أو الشاعرى, والمتصدى لترجمة هذا المسمى لابد أنه قد قرأ المبادئ التى أرساها محمد الشحات محمد لهذا اللون الأدبى والتى يفرق فيها بين القصة الشاعرة والقصة الشعرية/الشاعرية(محمد, 2007, ص6) وبذلك أصبح من المستبعد التفكير فى "Poetic" لأنها تدل على جنس أدبى اخر بسمات أخرى. وإذا حاول المترجم ترجمة مسمى "القصة الشاعرة" بما يميزها من سمات يجد أن كل سماتها ذات أهمية متساوية, فلو افترض تمييزها بالتدوير الشعرى لوجد أن التدوير القصصى على نفس القدر من الأهمية, ولو ميزها بالإيقاع لوجد أن الإيقاع غير قاصر على القصة الشاعرة, كما أن هناك سمات أخرى لا تقل أهمية كالرمز والترقيم مثلا. والنتيجة الحتمية التى سيتوصل لها المترجم أن القصة الشاعرة لا تمثل إلا نفسها. وهناك احتمالان للخروج من هذا المأزق, إما الإصطلاح على ترجمة مسمى "القصة الشاعرة" بنسبها إلى ما تملكه من ولادة عربية شرعية بعيدا عن أى أصول غربية لتكون "Arabic Story" أى "القصة العربية" تمييزا لها عن "القصة القصيرة" التى ظهرت فى الغرب فى القرن التاسع عشر, وعن "القصة الشعرية" التى تتميز بشاعرية مفرداتها أو تلك القصة الشعرية الناتجه عن تداخل جنسى الشعر والقصة. والإحتمال الثانى هو استخدام النقل الصوتى للحروف أو ما يسمى ""Transliteration ليصبح بذلك المقابل الإنجليزى للقصة الشاعرة هو ""Alkesa Alsha'era أى أن المسمى العربى يتم كتابته بحروف انجليزية بالظبط كما يتم تعريب بعض المسميات مثل النوفيلا أو "Novella".
- ترجمة الدلالات اللفظية
لعل المتأمل فى مفردات اللغة العربية يجد أنها ذات طبيعة خاصة فهى مفردات مرنة ذات ظلال واشتقاقات عديدة ومن الصعب العثور على مقابلاتها الدقيقة فى اللغات الأخرى, أضف إلى ذلك خصوصية المفردة داخل نص القصة الشاعرة, فهى مفردة رباعية الأبعاد, أى مشحونة بدلالات أخرى, أى أنها لا تنقل المعنى المعجمى للمفردة بل دلالتها داخل السياق بما فى ذلك من اختلاف بين المعنى والدلالة (عنانى, 2004, ص34), فكيف نضمن ترجمة مفردة القصة الشاعرة إلى مقابلاتها الإنجليزية مع الحفاظ على أبعاد الإيقاع والقص والمعنى الذى يضمره المبدع والبعد الرابع وهو الإختزال؟ فعندما تقول الكاتبة الفلسطينية ربيحة الرفاعى فى نصها "على ثراها",
على أملٍ بأن غدا سيحمل نكهة أحلى، توضأ ثم نحو البيت سار بخطوة عجلى، يصارع فكرة التضييع كيف "أتى الذي ولّى", وكيف القوم باعوا القدس في ترنيمة القتلى، وكيف أتى بنو صهيون كيف استأسدوا في الناس تنكيلا وكيف بغزة الثكلى أقام العزل والتجويع، والإقدام ما كلَ؟!، وعند الباب غازل غصن زيتون على كتف الجدار أقام واستعلى، تأمله بإعجابٍ وفي ظل استدارة أمه الخضراء أغرق في تسابيح قبيل العصر ثم بظلها صلى ..
نجد أن كل مفردة قد احتلت مكانها الصحيح الذى لا تستطيع مغادرته وإلا اختل النص, مرتكزة على الإيقاع الواضح أو التدوير الشعرى دون وجود تسكين, والتدوير القصصى الذى يبدأ مع بداية النص مع هذا الشخص الذى توضأ ثم ينتهى بصلاته فى نهاية النص, بالإضافة إلى رسالة النص المضمرة فى مفردات "القدس", "بنو صهيون", "غصن زيتون" وأخيرا التكثيف والإختزال فى كل مفردات النص.
Lingering upon the hope that tomorrow will put on a sweeter flavor, he performed ablution, then he quickly headed for the house, fighting the idea of loss, "how did the past come back again", how did the people sell Al-Qouds upon the hymn of the murdered, how did the sons of Zion come, how did they intimidate and harass people, and how did segregation and starving lurk there in the bereaved Gaza, even though courage is so adamant?!, At the door, he courted an olive branch that stood so aloft and grew on the height of the wall. He contemplated it with admiration, and in the shadow of the roundness of its green mother, he occupied himself with the hymns before Al-Asr, then he did pray under its shadow ..
والمتأمل لترجمة(1) نص ربيحة الرفاعى يجد أن الترجمة قد عنيت فى المقام الأول بتوصيل المعنى الذى تقصده الكاتبة, بأقل عدد ممكن من الكلمات, دون حشو أو اسهاب, كما يظهر التدوير القصصى جليا من خلال استخدام الأفعال مثل "performed ablution", "headed for", " "courtedأما عن التدوير الشعرى (عدم التسكين), فإن التسكين من علامات التشكيلDiacritical Marks) ) التى تخص اللغة العربية دون الإنجليزية, فالإنجليزية من اللغات القليلة التى لا تحتوى على علامات تشكيل, فنادرا ما يوجد كلمات مشكلة بالإنجليزية والتى تكون فى الغالب كلمات مستعارة من لغات أخرى كالفرنسية مثلا, أى أن هناك موسيقى لغوية خاصة بكل لغة, ويختلف الإيقاع الموسيقى فى النص العربى عنه فى النص الإنجليزى بسبب اختلاف اللغتين.
وقد يؤدى التكثيف الشديد للألفاظ أوعدم استيعاب الرمز إلى أن يسئ المترجم فهم بعض المفردات وبالتالى سينقل معنى اّخر غير الذى يقصده مبدع القصة الشاعرة, ففى نص "براءة" لمحمد الشحات محمد, نجده يقول:-
"في آخرِ يومٍ امتحنَ الطلاَّبُ أرادتْ تفجير مُشاكسةٍ مع إخوتها", وكانت ترجمة حسن حجازى كالتالى : "It was the last day when he examined the students , she wanted to arouse a quarrel with her brothers", فلفظة "الطلاب" فى النص الأصلى نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة كما هو واضح من التشكيل, فى حين أن المترجم جعلها مفعولاً به وجعل الفاعل "he" "هو" ولا نعرف على من يعود ضمير الفاعل هنا, أى أنه أقحم على النص شخصية جديدة غير موجودة فى النص الأصلى. ونجد المترجم, فى نفس النص, يترجم " وهزَّتْ أركانَ البيتِ حكايةَ فيروساتِ الأنفلونزا وغياب الطفلةِ " إلى "The corners of the house were strongly shaken by the tales of the flu-virus and the students' absence" أى أنه ترجم "غياب الطفلة" فى النص الأصلى إلى "غياب الطلاب" وشتان بين الترجمة والأصل المقصود. مثال أخر من نفس النص ونفس الترجمة, نجد أن محمد الشحات محمد يقول " وتمَّ النقلُ إلى العملياتِ" أى تم النقل إلى غرفة العمليات "Operating room" فى حين أن المترجم قد ترجمها ترجمة حرفية مباشرة إلى "the operation's" والتى تعنى معنى أخر.
ترجمة الخصوصيات الثقافية
اللغة جزء من ثقافة أى شعب, وبالتالى فإن أى لغة تحمل فى طياتها الخواص الثقافية للمتحدثين بها (عنانى, 2000, ص121), وطبقا للإتجاه التوصيلى فى الترجمة الذى سبق الحديث عنه لنيومارك, فعلى المترجم أن يحاول تطويع النص المترجم بما يناسب ذائقة وفهم قراء اللغة الهدف حتى ولو كان ذلك على حساب البنى النحوية والدلالات اللفظية فى النص الأصلى, فمثلا عندما يتم ترجمة المثل الإنجليزى ""Actions speak louder than words إلى "الأعمال أعلى صوتا من الكلمات" فهى ترجمة صحيحة بلاشك ولكن عندما يترجمه أحدهم ترجمة أخرى مثل "السيف أصدق أنباء من الكتب" فهو بذلك يراعى الفروق الثقافية بين اللغتين ويقدم للقارئ العربى شعرا عربيا وهو ما يألفه ويتفاعل معه بشكل أفضل من الترجمة الأخرى.
ونستعرض نصا أخر من نصوص القصة الشاعرة بعنوان "خوف" لخالد البوهى:
ما زالت تلك الحية تقبع وسط البيت، تبث سموماً قاتلة، قالت دع عنك كتابة شعرك، واصمت، لكني كالعادة – لم أنطق خوفاً، هدمت ركن البيت المشروخ، وألقت بالحجر الأسود من شرفتنا المفتوحة دوماً، لكني كالعادة - لم أنطق خوفاً، رقصت في ليلة زار صارخة، ذبحت طفلاً من أطفالي كي تخرج روحي الشريرة منّي، لكني كالعادة - لم أنطق خوفاً، ذبحت طفلي الثاني، رقصت، صرخت، خرجت روحي.
That serpent is still lurking at the center of the house, expelling fatal poisons. It said, do out with writing poetry, and shut up. But – as usual – I did not utter out of fear. It wrecked the cracked house corner, threw the black stone from our always-open window, but – as usual – I did not utter out of fear. It danced in a blatant Zaar night, slaughtered one of my kids to extract my wicked spirit from me, but– as usual - I did not utter out of fear. It slaughtered my second kid, danced, cried; my spirit went out.
هذا النص(2) مشحون بمفردات لغوية خاصة بالثقافة العربية دون غيرها ف"الحجر الأسود" له مدلوله الدينى العربى, لكن ماذا سيفهم القارئ الإنجليزى من مفردة ""the black stone؟, هو لن يفهم أكثر من أنه حجر ولونه أسود إن لم يقم المترجم بتوضيح الإختلاف الثقافى فى هذه المفرده. أيضا مفردة " زار", فى نفس النص, خاصة أيضا بالثقافة العربية, والقارئ الإنجليزى لا يعرف أن مبدع النص يقصد تلك الطقوس والأجواء الفلكولوريه التى يعتقد أنها تطرد الأرواح الشريرة, فهى ثقافة تخص العرب وحدهم ولذلك تم ترجمة المفردة كما هى عن طريق النقل الصوتى للحروف ""Zaar, وللمترجم حرية الإختيار ما بين ترجمة هذه المفردات كما هى ثم توضيحها داخل النص ذاته أو فى الحواشى, أو ايجاد المقابلات الثقافية فى اللغة الهدف.
- ترجمة الفضاءات البصرية
يلعب الشكل دورا مهما فى القصة الشاعرة, فهى تتبنى الشكل القصصى أو الجمل المتجاورة, كما تلعب علامات الترقيم (Punctuation marks) دورا مهما فى خلق فضاءات بصرية تمكن القارئ من إلتقاط أنفاسه كما يتضح من نص "برق"(3) لمبدع هذا الجنس الأدبى محمد الشحات محمد:
جلس الجد وراح الطفل يحكي :- "كان حلمًا ماتعًا ، وكان نهارًا .. ، تشرق الشمس مع السحْب التي شقّت صفاء الجو كالعصفور صلى عندما أسقط فلاحٌ من العشّ عصيفيرًا ضعيفًا ، ظهر التمساح في الحلم يغني .. ، دقت الأجراس في قلب الميادين .. تولى الحاجب الجلسة حتى دخل القاضي ، فاشتقتُ إلى أمي التي غابت على صدر رصاصات التدني ، قمتُ بعضًا من ثوانٍ .. عُدْتُ ، عاد الحلم مرّاتٍ كأني ... " فكر الطفل قليلاً ، ثم قال الآن تسّاقطُ فوق الرأس شمسٌ .. ليتني أسمع بعضًا من حكاياتك أنت الرمز للأطفال مثلي .. ضحك الجد طويلاً ، بينما البرق تجلّى .
The grandfather sat down and the child commenced narration:- "It was a pleasurable dream, and it was day .. . The sun rises with the clouds that outdid the serenity of the weather just like a bird praying when the peasant drops a weak fledgling from the nest. The crocodile appeared singing in the dream .. . The bells rang amidst squares .. The court usher took charge of the session till the judge entered. I missed my mother who went for ever carried by the treacherous bullets. I got up for some seconds .. slept again, the dream returned many times as if I ... ". The child thought a little bit, then he said: a sun will drop above the head right now .. I would like to hear some of your stories. You are the symbol for the kids like me .. The grandfather laughed for a long time, while the lightning flashed at that time.
واستخدام علامات الترقيم جديد على اللغة العربية فلقد تم نقلها حديثا عن اللغات الأخرى, لتنظيم عمليتى الكتابة والقراءة(علامات, 2009). ولا يقتصر دور علامات الترقيم فى القصة الشاعرة على تنظيم القراءة والكتابة فقط, بل تتعدى هذا الدور لتصبح عنصرا مميزا بين جنسين أدبيين اذا ما تم استخدامها بشكل خاطئ وقطعت أحد التدويرين الشعرى أو القصصى. وترجمة علامات الترقيم إلى الإنجليزية لا تشكل صعوبة بالغة كما يتضح من النص السابق لتشابهها بين اللغتين. وتلعب علامات التنصيص دورا واضحا فى التمييز بين الحلم الذى راّه الطفل فى النص السابق وبين حديثه للجد. وتتيح النقط الأفقية لقارئ الترجمة نفس الفترة الزمنية التى تتيحها لقارئ النص الأصلى حتى يلتقط أنفاسه أو يفكر أو تعطى انطباعا بأن الراوى يفكر مثلما فعل الطفل فى النص السابق.وقد يلجأ المترجم إلى استبدال بعض أدوات الترقيم بأخرى لإستقامة المعنى فى اللغة المترجم إليها مثل استبدال الفاصلة بالنقطة فى بعض الجمل فى ترجمة النص السابق, أو إضافة بعض علامات الترقيم مثل النقطتين الرأسيتين فى "then he said: a sun will drop" رغم عدم وجودهما فى النص الأصلى. وعند تكرار حرف العطف "و" فإنه يتم استبدالة بفاصلة عند الترجمة إلى الإنجليزية وذلك لإختلاف قواعد الكتابة فى اللغتين, فهل تغير هذه الإضافات أو هذا الحذف من خواص القصة الشاعرة المترجمة؟ أعتقد نعم إذا استخدمت فى غير محلها أو أسيئ استخدامها.
وأخيرا, فإن القصة الشاعرة جنس أدبى جديد ذات خصوصية عربية, يطمح إلى تشكيل هوية عربية خالصة من خلال ظهوره على أيدى مجموعة من الكتاب العرب وتناوله لموضوعات أغلبها عن الوطن ومحاربة الإستعمار, وبذلك فإن ترجمة القصة الشاعرة إلى أى لغة أخرى تتطلب مترجما أديبا, حتى يشعر دلالة الألفاظ ويفهمها قبل أن يترجمها, ولابد أن يكون مثقفا أيضاً مدركاً للخصوصيات الثقافية لكل لغة يترجم منها أو إليها حتى يعطى هذا الجنس الجديد حقه ولا يبخسه.
الحواشى:
(1) ترجمة ريهام حسنى
(2) ترجمة ريهام حسنى
(3) ترجمة ريهام حسنى
المراجع العربية:
-البطل, م. (2006). ترجمة الأدب المصرى المعاصر. الجيزة: الشركة المصرية العالمية للنشر-لونجمان
-علامات الترقيم في الكتابة العربية ومواضع استعمالها (2009). ديوان العرب.
http://www.diwanalarab.com/spip.php?article19986 تم الوصول إليه بتاريخ 6/4/2014
-عنانى, م. (2004). الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق. الجيزة: الشركة المصرية العالمية للنشر-لونجمان, ط 3.
-عنانى, م. (2000). فن الترجمة. الجيزة: الشركة المصرية العالمية للنشر-لونجمان, ط 5.
- محمد, م. ِش. (2007). الموج الساخن ...قصص شاعرة جنس أدبى جديد. القاهرة: دار النسر الأدبية.
المراجع الأجنية:
Dryden, J. (1963). Essays of Dryden. Sharrock.-
-Newmark, P. (1981). Approaches to Translation. Oxford: Pergamon Press.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.