الحمد لله الذى لايحمد على مكروه سواه والمكروه هنا هو مجلس نقابة الصحفيين ونقيبهم بعد قيام النقيب بتسليم النقابة ورقبة الصحافة والصحفيين "تسليم مفتاح" للإخوان . أقول ذلك الأن بعد ظهورالخيط الأبيض من الخيط الأسود . فى البداية أنا لم أصدق الزميل ممدوح الولى أثناء دعايته الانتخابية على منصب "النقيب" بأنه ليس إخوانيا ، صدقه البعض ولم يصدقه البعض ، إما عن يقين ومعلومات أو إحساس ومشاعر المهم نجح وأصبح نقيبنا ، وهو للأمانة على المستوى الشخصى مهذب للغاية وزميل أعتز بآرائه الاقتصادية رغم اختلافى الأيديولوجى معه فى هذه الأراء . لكن يبدو أن المنصب والكرسى والحلم بالمناصب الأخرى جعلته يكشف القناع ويظهر الانتماء الحقيقى والواقعى للإخوان المسلمين ، وهو بالمناسبة ليس عيبا ،وأنا شخصيا ادافع عن بعض قراراتهم بل وانتخبت د. مرسى فى الإعادة عندما وضعت فى الاختبار الصعب بينه وبين النظام الذى ثرنا عليه . ولكننا تعودنا فى نقابتنا أن نخلع رداءنا الحزبى والفكرى والأيديولوجى ، ونتركه خارج النقابة ، حتى إذا ما خرجنا من بيتنا النقابى ارتدى كل منا رداءه ، كلنا فى النقابة سواء يجمع بيننا حب صاحبة الجلالة والدفاع عن حرية التعبير عن الوطن . وحتى لايكون الكلام معمما أذكر بعض الأمثلة : لايوجد صحفى واحد تعامل مع محمد عبد القدوس على أنه من الإخوان المسلمين ، ولم يتعامل أحد منا مع فيليب جلاب أو أمينة شفيق أو صلاح عيسى على أنهم من اليسار ، ولم نتعامل مع جلال عارف أو يحى قلاش على أنهم من التيار الناصرى ، والكل وقف وراء كامل زهيرى فى معركته ضد السادات باعتبار عضوية النقابة كالجنسية لايمكن إسقاطها ، وإن نقابتنا قلعة للحريات وليست ناديا، وكذلك الحال مع مكرم محمد أحمد ... الخ، بل أجبر الصحفيون بصمودهم أمام حسنى مبارك ونظامه أثناء معركة القانون 93 عام 1995فى جعل نقيبهم إبراهيم نافع يترك خندق السلطة الذى كان أحد أهم رموزها باعتباره رئيسا لتحرير ومجلس إدارة الأهرام لينضم إلى صفوفنا للمطالبة بحرية الصحافة . فى البداية أنا لم أصدق الزميل ممدوح الولى أثناء دعايته الانتخابية على منصب "النقيب" بأنه ليس إخوانيا ، صدقه البعض ولم يصدقه البعض الأن ولأول مرة يقف نقيب الصحفيين ضد إرادة الأغلبية ، رغم أنه مطالب بالدفاع عن الجميع والتحدث باسمهم حتى ولوكانوا أقلية أومختلف فكريا معهم ، لأن الصحفيين انتخبوه ليكون لسانهم ومحاميهم ومندوبهم أمام الحكومة ، ولم يختاروه ليكون مندوبا عن الحكومة فى نقابتهم !! للأسف أصبح نقيبنا مندوبا عن الحكومة والإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة فى كل الاختبارات التى وضع فيها بخصوص الصحافة والصحفيين ... وعلى سبيل المثال لا الحصر : ** أولا : دافع ، بل وكان رأس الحربة فى إصدار مجلس الشورى لتعيينات رؤساء تحرير الصحف القومية ، وهى خطوة رغم اختلافنا عليها من حيث المبدأ ، وبعيدا عن الأشخاص ، لكن عدم حصوله على منصب فيها جعله يبدو أنه ليس صاحب مصلحة من اقراراها . ** ثانيا : لكن اختياره رئيسا لمجلس إدارة الأهرام جعلنا نقول أن هناك صفقة تمت على جثة صاحبة الجلالة ، وإن ثمنا قبضه من دم واستقلال وحرية الصحافة والصحفيين فى الصحف القومية . وتأتى الخطوة الثالثة بتوزيع مناصب المجلس الأعلى للصحافة على المنتمين للإخوان وفى مقدمتهم النقيب ليكون وكيلا للمجلس ، وكانت الكوميديا السوداء صارخة فى تسرب التشكيل قبل الانتخابات بنحو إسبوع ، يعنى وزعوا الغنائم قبل الجلسة الإجرائية مع استبعاد بعض رؤساء تحرير صحف حزبية لأسباب واهية .فضلا عن تشكيل المجلس نفسه الذى غابت فيه الوجوه المعروفة وللدرجة التى جعلتنا نسأل عن الكثير من الأسماء ولانعرفها ونحن فى المهنة منذ نحو 27 عاما، وكله تم بتدبير النقيب !! وتأتى الخطوة الرابعة لتكون القنبلة الكبرى عندما يصف المستشار حسام الغريانى رئيس اللجنة التأسيسية لوضع الدستور مساء أول أمس النصوص المقيدة للحريات فى الدستور الجديد بال "قمعية" ويصف نصوص إغلاق الصحف بالقمعية قائلا : وإذا تجاوز بعض الصحفيين فلا يصح أن تكون العقوبة على المؤسسة الصحفية بالكامل من صحفيين آخرين وعمال في المطابع وغيرها لأن العقوبة شخصية ولا تتعدى شخص من ارتكب الفعل المؤثم. جاء ذلك خلال تعقيب الغريانى على دعوة عمرو موسى، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية لعقد جلسة استثنائية لمناقشة مسألة الحرية بخاصة ما يتعلق بحرية الصحافة لسد الباب أمام تسريبات وتصريحات لأعضاء بالجمعية بشأن عقوبات فى الدستور الجديد تصل إلى غلق الصحف أو حبس للصحفيين. وقال الغرياني إنه ستتم مناقشة باب الحريات مرة ثانية لطمأنة الناس موضحا أنه تم إعداد جدول حول المقترحات حول كل مادة وما تم حيال هذا المقترح سواء من اللجنة أو من لجنة الصياغة . يعنى عمرو موسى والمستشار الغريانى يدافعان عن حرية الصحافة ... ونقيبها ومجلس نقابتها فى سبات عميق !!! الأمر المهم أيضا أن هناك مقترحات تمت مناقشتها قبل عدة أشهرفى لجنة التشريعات بنقابة الصحفيين و المجلس الأعلى للصحافة حول المواد الخاصة بحرية الصحافة المطلوب إدخالها بالدستور الجديد والأخطر من ذلك أن هناك مناقشات تمت ، ونصوصا تمت صياغتها ، وسيعاد مناقشتها مرة ثانية لطمأنة الناس ، على حد قول المستشار الغريانى ، ولاأعرف كيف سيطمئن الناس والغريانى بنفسه يصف هذه النصوص بالقمعية . كل ذلك والنقيب ومجلسنا فى سبات عميق !! الأمر المهم أيضا أن هناك مقترحات تمت مناقشتها قبل عدة أشهرفى لجنة التشريعات بنقابة الصحفيين و المجلس الأعلى للصحافة حول المواد الخاصة بحرية الصحافة المطلوب إدخالها بالدستور الجديد، وكانت ثمرة النقاش عبارة عن ثماني مواد مقترحة حول حرية التعبير و الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ، وحظر الرقابة على الصحف أوانذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري وحرية تملك وإصدار الصحف بمجرد الإخطار، وحق الحصول علي المعلومات وتلتزم الدولة بتمكين مواطنيها من التمتع بهذا الحق ومعاقبة من يعطل ذلك بما لا يتعارض مع الأمن العسكري للدولة. كما طالبت المقترحات بعدم السجن فى قضايا واعتبار الصحافة سلطة رابعة، باعتبارها سلطة شعبية تمارس رسالتها ورقابتها لصالح الشعب ويقوم على شؤون الصحافة مجلس وطني مستقل عن سلطات الدولة، و آخر مستقل لوسائل الإعلام، والمجلسان مسؤولان عن صيانة الحقوق والحريات . انتهت المقترحات ولم نعرف مصيرها ولم نجد أحد يتبناها ،ولم نجد نقابة تعترض أو تجادل حولها. وقبل أن أختم كلامى وللحق أقول أننى أرفع القبعة لمطالبة النقيب لرئيس الجمهورية برفع بدل التكنولوجيا للصحفيين إلى 1200 جنيه مثل الحد الأدنى الذى تطالب به كل فئات المجتمع ، لكن استجابة الرئيس لم يتم ترجمتها على أرض الواقع مع السنة المالية الجديدة مثلما حدث مع المعلمين وغيرهم ، فهل حدث ذلك لأسباب حكومية بحتة ، أم لأسباب نقابية انتخابية ، بمعنى أن يتم ذلك ( إن تم ) قبل الانتخابات النقابية لتكون رشوة انتخابية مثلما كان يفعل الحزب الوطنى ليضمن نجاحه !! والسؤال الأخيرالذى اتوجه به إلى النقيب ومجلسه : إذا لم تنتفضوا اليوم من أجل حرية الصحافة فمتى تنتفضون ؟ القضاة انتفضوا عندما شعروا بوجود مواد ضد إرادتهم ،والصحفيون الآن يتامى و يدافع عن حريتهم عمرو موسى والمستشار الغريانى ، ونقيبهم ومجلسه فى سبات عميق !! أخيرا أهمس فى أذن النقيب أرجوك خيب ظنوننا ولو لمرة واحدة بالدفاع عن صاحبة الجلالة وحريتها ، وليس عن الإخوان المسلمين وحريتهم وعدالتهم !! ... المصدر: مصر المحروسة . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.