بعد قبول الطعن على وضعه ب«قوائم الإرهاب».. هل يحق ل أبوتريكة العودة إلى القاهرة؟    وزير التعليم: حريصون على بذل الجهود لدعم التمكين الحقيقي للأشخاص ذوي القدرات الخاصة    وزير الصحة يشيد بدور التمريض في رعاية مصابي غزة    الحصاد الأسبوعي لوزارة التعاون الدولي.. مشاركات وفعاليات مكثفة (إنفوجراف)    اليوم ختام رايز أب 2024 بحضور رئيس الوزراء    «مستقبل وطن»: إدانة مصر للممارسات الإسرائيلية أمام المحكمة الدولية خطوة لحل القضية    حزب الله: استهدفنا تجمعا لجنود الاحتلال الإسرائيلي في ثكنة راميم بمسيرة هجومية    إجلاء آلاف الأشخاص من خاركيف وسط مخاوف من تطويق الجيش الروسي لها    إعلام عبري: تفكيك كابينت الحرب أقرب من أي وقت مضى    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    عودة صابر وغياب الشناوي.. قائمة بيراميدز لمباراة الإسماعيلي في الدوري    «شكرا ماركو».. جماهير بوروسيا دورتموند تودع رويس في مباراته الأخيرة (فيديو)    نجم الترجي السابق ل «المصري اليوم»: إمام عاشور قادر على قلب الطاولة في أي وقت    بوروسيا دورتموند يتفوق على دارمشتات بثنائية في الشوط الأول    قرار مهم من محافظ المنوفية بعد تداول أسئلة مادة العربي للشهادة الإعدادية    هام لطلاب الثانوية العامة.. أجهزة إلكترونية ممنوع دخول لجان الامتحان بها    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    «القومي للمرأة» يشارك في افتتاح مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صابرين تؤكد ل«الوطن»: تزوجت المنتج اللبناني عامر الصباح منذ 6 شهور    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    وزير الصحة: «الذكاء الاصطناعي» لا يمكن أن تقوم بدور الممرضة    جامعة طنطا تقدم الرعاية الطبية ل6 آلاف و616 حالة في 7 قوافل ل«حياة كريمة»    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    «الحرية المصري»: مصر لن تتخلى عن مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    تعرف على تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي.. في العناية المركزة    مسؤولو التطوير المؤسسي بهيئة المجتمعات العمرانية يزورون مدينة العلمين الجديدة    وزير الرياضة يترأس لجنة مناقشة رسالة دكتوراه ب"آداب المنصورة"    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    بعد الخلافات العديدة.. إشبيلية يعلن تجديد عقد نافاس    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    «المصل واللقاح»: متحور كورونا الجديد سريع الانتشار ويجب اتباع الإجراءات الاحترازية    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير الري يلتقي سفير دولة بيرو لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في مجال المياه    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ممثل بك منذ عام 1923 !
نشر في شباب مصر يوم 07 - 02 - 2011

ولد يوسف عبد الله وهبى عام 1898وفى فمه ملعقة من ذهب , و لكنه طرحها جانبا , و بنى مجده بلبنات من الحرمان و الجوع ... وهو الذى جاهد فى سبيل الانضمام الى قافلة اهل الفنون وعلى الرغم من ثروة والده الضخمه من الاراضى الزراعيه فى الفيوم الا انه اثر العمل فى المسارح مؤديا لفن المونولوج وكان يصاحبه فى تلك الهوايه محمد عبد القدوس وايضا حسن فايق ونجح ولكن هناك مؤشرات فى حياته تدعوه الى اعتلاء خشبة المسرح ممثلا للادوار الدراميه وبعيدا عن الفن الهزلى للجمهور وكانت البدايه فى الليلة الخالدة التى ارتفعت فيها الستارة على قصة المسرح المصرى الحديث , بارتفاعها على الفصل الاول من مسرحية " المجنون" بمسرح رمسيس سنة 1923 حتى سار مؤلفا و ممثلا و مخرجا و منتجا , على المسرح و الستارة ,وكان يلقب ويحمل لقب (بك ) فى عناوين الصحف ومنهم مجلة اللطائف المصوره -ان هذا المجد الذى ابتناه لنفسه انما ابتناه بيديه وحده بلبنات من الحرمان و الجوع و العرق و الدموع !... يوسف وهبى ... ولد وفى فمه ملعقة من ذهب . وعاش وفى فمه ملعقه من ذهب ايضا .. ما ابعد الفارق بين الملعقتين ... لقد وضع الاولى فى فمه قدر ناعم اراد له ان يكون طفلا من ابناء النعمة ابوه من البشوات السراة و لكن الطفل , قبل ان يبلغ السابعة القى من فمه بهذه الملعقة و بدا قصة الحرمان و الهرب و التشرد و الجوع و الكفاح و جعل من كل اولئك جسرا عبره الى النصر ... الى الشهرة و الثراء و النعمة التى عاش فيها . فالملعقة الذهبية التى تعيش فى فمه هى من صنع يديه من صنع الحرمان و الجوع و العرق و الدموع \ قضى على يوسف فى طفولته ان يستشعر الوحدة فامه فى القاهرة لترعى اخوته , اما هو ففى صحبة ابيه مفتش عام الرى بسوهاج يومئذ و كان انيسه فى هذه الوحدة هو خادم فيه لمسة الفن , يسهر الليالى , يرتاد المقاهى المتواضعة و الحانات و الملاهى الشعبية فى سوهاج و ياخذ يوسف الصغير فى يده فى غفلى من عينى ابيه. و يجيل الطفل عينيه فيما حواليه من صنوف الناس و يشهد نشوة السكارى و احلام المخدرين و يستمع الى اهازيج الليل فى مجامع الساهرين و اساطير الربابة وفن الطريق ثم يتسلل مع خادمه بعد منتصف الليل او قبيل الفجر عائدين الى البيت تحت جنح الظلام فى طرق موحشة و دروب قاتمة . ثم جاء الحدث الضخم الذى زلزل كيانه الطفل , يوم جاءت الى سوهاج فرقة " ابو خليل القبانى " وهو سورى الاصل - لتقدم مسرحية " عطيل " و كانت لابى خليل مدرسة فى المسرح و طريقة فىالاداء و ذهب يوسف مع ابيه ليشهد التمثيلية ثم عاد الى البيت , و قد اصابته حمى المسرح , كانت حمى لها كل اعراض الحميات القاسية التى تترك بعد ان تزول وطاتها اثرا باقيا فى كيان المريض الى الابد .ووجده ابوه ينتفض و وجد حرارته عالية فاشفق عليه و دعا اليه حتى زالت الوعكة ..و بقى الاثر فلم يعد يوسف يطيق ان يمد يده الى طعام او الى شراب الا اذا كانت امام عينيه ستارة كستائر المسرح ! ثم عاد مع ابيه ليستقرا مع بقية اهل البيت فى القاهرة , فى ذاك الحى العريق .. المنيرة .. و هناك تعرف الى صبى من ابناء جيران الحى اسمه محمد كريم ( فيما بعد المخرج ) و فرح كل منهما بالاخر فقد كانا يسيران فى اتجاه واحد , و كان كريم يحيا الحياة التى طالما تمناها يوسف لنفسه كانت له غرفة فى البيت فيها " مسرح " و جدرانها مغطاة باعلانات السينما .و انخرط الصبيان محمد و يوسف و ثانيهما يومئذ فى الثانية عشرة فى فرقة من الهواة برئاسة حسن شريف ( متعهد الحفلات ) و كان فيها محمد توفيق و داوود عصمت ومحمد عبد القدوس وسيد مصطفى واستيفان روسيتى واحمد جلال وحسن فايق وعبد الرحمن رشدى وفوزى منيب وفردوس حسن وعبد الحميد زكى وغيرهما من الهواة المبكرين و ذهبا ذات يوم فى زياره لجماعة انصار التمثيل و موقعها فى بيت بحى الفجالة الدور الاول فيه ناد لجماعة انصار القوة , برئاسة المصارع الجبار عبد الحليم المصرى ومن بين اعضائها زكى رستم , فاحب يوسف الدورين معا و انخرط فيهما معا . كانت مصر تزهى فى ذلك العهد بجماعة انصار التمثيل و من اعضائها محمد تيمور و فؤاد رشيد و عبد الخالق صابر و سليمان نجيب ومارى منصور و قدمت الجماعة الوانا من الفن البارع وتميزت بادوار الانوثة فيها روز اليوسف وميليا ديان وابراهيم ذو الفقار واليس رازار وحسين فوزى وعبد الحميد القلعاوى ومحمد التونى ومحمد كمال المصرى و نظلة مزراحى وغيرهم ومن هنا جعل يوسف وهبى يكثر من تردده على مقاهى الممثلين فى ذلك العهد و منهم احمد فهيم
1
و عبد العزيز خليل و منسى فهمى و عمر وصفى و يستمع اليهم و يحفظ عنهم .و كان سيد المسرح يومئذ هو الاستاذ الكبير جورج ابيض , الذى نقل من الكوميدى فرانسيز ليزف روائع المسرح الفرنسى و ينقل اسلوب هذه المدرسة الى مصر , و كثر مقلدوه و لكن احدا لم يصل الى سمائه لان جورج عبقرية فى قوة الحنجرة و سلامة اللفظ و لا يسهل على احد ان يقلده , و لا شك ان هذه المدرسة الجديدة بروائع فنها قد تغلغلت فى نفس يوسف وهبى و حرضته على ما اقدم عليه فيما بعد .ولابد ان نذكر ما نعرفه عنه فى بداية حياته العلميه وايضا الموسيقيه . كان طالبا بالسعيدية حين تعرف الى مختار عثمان فاشتركا فى تلحين و القاء المونولوجات التى تدور فى جو تصويرى و تنحو نحو الموسيقى الغربية و من الالحان والتى غناها والمشهورة فى ذلك العهد مونولوج " شم الكوكايين " وكان قد تم حفظه من صاحبه ومؤلفه ومردده عام 1922 الفنان عبد الله شداد وتقول مقاطعه شم الكوكايين – خلانى مسكين – مناخيرى بتون وقلبى حزين – وعنيه فى راسى رايحين جايين \ و كان يوسف قد تعلق بالعزف على البيانو , اخذه عن شقيقه محمد الذى كان من كبارالعازفين فى عصره ... ثم بدا يلحن للمسارح الغنائية كفرقة امين صدقى و له كثير من الالحان التى اشتهرت و جرت على السنة الناس كلحن " حنّوا يا ناس عالفقير " و لحن " الالاتية " و لحن " الحواة " و كان طالبا فى مدرسة الزراعة فى مشتهر حينما توثقت الصلة بينه و بين الفنان العظيم عزيز عيد و الفنانة العظيمة روز اليوسف و انشأ عزيز فرقة استأجر لها مسرح " كازينو دى بارى " الذى كان يقوم مكان سينما ستديو مصر و جعل ليوسف البطولة براتب قدره ثمانون جنيها فى الشهر , كان ذلك سنة 1918 والاغرب ان الفرقة القومية حينما انشئت بعد ذلك بجيل و نصف جيل من الزمان عرضت عليه راتبا قدره اربعون جنيها فى الشهر ! وحينما وزعت الاعلانات فى الطرقات و وقع احدها فى يد ابيه ,وكان لحزن والده ,وقع سئ على الشاب يوسف ولكنه استمر حبا فى الفن !ووقعت القطيعة بينه و بين ابيه لذلك ,ومن الفرق والتى عمل معها ايضا فرقة صديقه عزيز افندى عيد (وهذا لقبه فى تلك الوقت) ولكن سرعان ما انفرط عقدها لان السكارى من جنود الانجليز فى اخريات الحرب الاولى كانوا يكثرون من ارتياد المسارح و كانوا يدخلون الى الكازينو دى بارى فلا يفهمون شيئا و لا يسعهم حينئذ الا ان يقذفوا الممثلين بالبيض و الطماطم و باشياء اخرى ... و تسرع الجماهير بالانصراف . و طرق الحب باب قلبه للمرة الاولى ... و كانت بطلة قصة الهوى شابة اغريقية حسناء امتلكت عليه كل عواطفه و استرسلا فى قصة الهوا فهجر البيت و المدرسة و اقام معها و تفرغ لها وحدها كانت هذه تحويلة حياته فقد اتفق معها على ان يسافر للخارج و يثبت اقدامه فى شىء ثم يستدعيها لتعيش معه بقية العمر .و سافر خلسة الى ايطاليا ... ولتلك قصه طريفه فتى دون العشرين , طريد اهله , غريب عن وطنه جائع شريد و هناك عرف الجوع كما لم يعرفه فنان فى الارض ... قابله فى ايطاليا " بتسوتو " عامل النجاره بمسرح ايدن بميلانو , الذى رآه جالسا على باب المسرح جائعا مثلوجا فاكرمه و اواه فى بيته و ادخله المسرح من الباب الخلفى ... الى ان قدمه الى سيد المسرح الايطالى , الفنان العظيم كيانتونى ... و كان هذا هو الفجر الصحيح فى حياة يوسف فى ايطاليا , عمل يوسف كخادم و جرسون و ( كومبارس ) على الستارة الصامتة و اعمال صغيرة و لكنه يعتز منها بدور الخادم الخاص لكيانتونى ... ذلك الدور الذى قربه الى سيد المسرح فعطف عليه , و الحقه بالكونسرفتوار " الدراما الايطاليه " و هناك برز الفتى المصرى على اقرانه و كان الاول عليهم جميعا و ابتسم له الحظ ففاز بادوار كبيرة مع استاذه كيانتونى و يمثلها على الستارة وايضا قام بالتمثيل فى السينما الايطاليه ادوار بسيطه ومن تلك الافلام عين الثعبان 1920 – اللعنه1920 - الذى لا يهزم 1922 - واما قصة حبه الاول فقد وئدت فى المهد و لكنها لم تمت قبل ان تورث ليوسف اول موهبة فى التاليف ... لقد علمته كيف تكون " العقدة " فى القصة , و تكاثرت عليه قصص الهوى هناك واحدهم والاشاره اليها وهى التى ردته الى مصر , ذلك انه احب الممثلة ́فيرا فرجاى ́و كان حبها لونا من الضعف و كان اول مظاهره الضعف نحو الوطن ... الحنين الى مصر وكان السبب هو ايضا موت ابيه فشد الرحال عائدا الى ارض الوطن فى اوائل سنة 1923 حيث التقى بالفنان الكبير عزيز عيد مرة اخرى و قال له ان ابواب السماء قد تفتحت و انه سيذهب به الى ايطاليا حيث توثقت صلاته باحدى شركات السينما فيها و ستضحك لهما الاقدار هناك و سافرا و لكن النحس الذى لازم عزيز عيد طوال حياته ابى الا ان يسافر معه .. وصلا الى ايطاليا فوجدا ان الشركة السينمائية قد افلست واغلقت ابوابها. .و شدا الرحال الى فرنسا لعلهما يجدان مخرجا ... و هناك قابلهما امير الشعراء احمد شوقى و نصح لهما بان يعودا الى مصر لانها احوج الى جهودهما و اكد لهما ان الوعى الفنى الجديد فى مصر يضمن لهما المستقبل و عادا ... و اقدم يوسف على مغامرته الكبرى و انشأ مسرح رمسيس . فى رمسيس , بدا الاهتمام بتفاصيل المسرح فى الجو الصحيح فى المناظر و الملابس و الاضاءة و المكياج و فى دراسة العصور اعتمادا على اصدق مراجعها وبدا الممثل فى رمسيس يشعر بمكانته و كرامته و احترامه فى المجتمع و ارتفع مستوى معيشته و احس بالاستقرار و عدم الخوف من البطالة لاول مرة لانه يعمل بصفة مستمرة فى مسرح ثابت راسخ ومن ناحية التاليف بدا بترجمة روائع الغرب مما تستسيغه الحياة المحلية و تهضمه كروائع شكسبير ثم جهده لخلق المؤلف المصرى .وكان الوعى الاجتماعى بالاتجاه الى المسرحية التى تعمل على هدم الاوضاع الفاسدة و الغاء نظام الطبقات , و الثورة على الظلم فى الداخل و الخارج و هدم المجتمع الارستقراطى ولكن .نضوب المورد كانت عائق ... لقد كان رمسيس ينفق عن سعة على المسرحيات , كان يقدم كل اسبوع رواية جديدة بمناظر و ملابس جديدة و باثاث جديد و كان يبدا ( بروفاته ) قبل الموسم بثلاثة اشهر و كانت الخسائر تتكدس عاما بعد عام على امل فى مزيد من اعانة الدولة ... الدولة التى لم تلق بالا الى الفن فى العهد المنصرم حتى لقد اربت الخسائر على ربع مليون من الجنيهات و اكلت ايراد المسرح و ما ورثه عن امه وابوه ... فقد يخيل اليك اذ تراه على المسرح او فى الطريق انه انسان متكبر او متجبر او انه يعيش لنفسه او انه لم يصطنع اسلوبه فى الحياة او الحديث اصطناعا يبعده عن الطبيعة . و لكنك اذا اقتربت منه لوجدت انه انسان فلسفته فى الحياة هى الاحساس بالالم قبل الفرحة و مشاركة غيره فى هذا الالم مشاركة عملية , تتمثل فى مسرحياته فى اختياره للمسرحية المترجمة او المقتبسة او المؤلفة ليشارك بها مواطنيه فى الالم و الشقاء . و هو يؤمن بان المسرح هو المنبر الاسمى ... نفس الفكرة التى آمن بها شكسبير و موليير و ديماس و هوجو.ومن مسرحياته و كان الزواج الاول . و جاءت معه الى مصر و كانت سنده فى مطلع رمسيس و لكنها لم تكن من اللون الذى يستطيع ان ينسى فنه فى سبيل بيته... كانت تعمل على مسارح الاوبرا و لها عقود تجبرها على كثرة التنقل بين مسارح العالم و لم يشا يوسف ان يقف عقبة فى طريق فنها الذى احبته فسرحها باحسان . و جاءت الثالثة ... التى لا يزال يوسف يذكر لها فضل التضحية بالكثير من مالها فى سبيل تحقيق اهدافه المسرحية و يقول انها السيدة الاولى التى احتملت خسائر المسرح المصرى ثم كانت الفرقة بينهما . و اخيرا لاحت فى افق حياته السيدة التى علمت يوسف لذة الاستقرارا اول مرة .. الشريكة التى تفهم حياته و تقدر رسالته و تقف الى جانبه ... الى الابد . وكانت اجابته على الاعتزال اذا ما شعر الفنان بانه لم يعد قادرا على اداء الرسالة كاملة فالسن اذن لا دخل لها فى الاعتزال بل المقدرة و معظم الفنانين الخالدين برزوا فى اعمار متقدمة اما اذا شعر الفنان بالعجز و اصاب صوته وفنه الهزال و تعبيره الوهن و احس ان الجماهير قد بدات تنفض من حوله فهنا يجب ان يفسح الطريق لغيره و يعتزل و هو فى قمة المجد .وهناك مقولة جميلة لدى يوسف وهبى تقول : قل لى ماذا تقرا ... اقل لك من انت , قلتها ليوسف فقال ان اعظم التى وجهت حياته هى الياذة الشاعر الايطالى دانتى اليجيرى صاحب " الكوميديا المقدسة " و مسرحيات نيكوديمى الايطالى و مؤلفات شكسبير عامة ... هذه فى بدء تكوينه اما الان فانه يقرا كل ما يستطيع و اكثر ما يقرا عن المسرح و المسرحيات التى تضم بين جلداتها العلم و الفلسفة و الدراسات الخلقية ... و العالم باسره فى صورة مركزة اما عن السعاده فيقول .ان سعادة الممثل هى فى نزول الستاة على الفصل الاخير من روايته , ومن رواياته المسرحيه كرسى الاعتراف – راسبوتين – القضيه المشهوره – الاخرس – الرعب الدائم – امراه لها ماضى - - الحلق اللولى – جوهره فى الوحل – بنات الريف – يا تلحقونى يا ما تلحقونيش – بريمو المواساه وشر فى حياته اجمل كؤوس المسرح يوم نزول الستارة على مسرحية " المجنون " فى اول ليلة من ليالى رمسيس حبن ضحت الصالة بالهتاف و التصفيق يقول فى مذكراته آمنت يومئذ بنفسى و بالجماهير . \اما عن الشقاء فى حياته فيقول عرفته كما لم يعرفه احد لقد كانت حياتى ترمومترا من السعادة و الشقاء و النجاح و الفشل و الثراء و الافلاس و اشقى ايام حياتى يوم اضطررت الى اغلاق ابواب رمسيس سنة 1933 بعد ان فقدت كل شىء و عندما ذهبت الى مدينة رمسيس فوجدت على ابوابها حراسا يمنعوننى من الدخول و كان وراء الاسوار
كل ما جمعته فى حياتى من معدات مسرحية و سينمائية و حتى ملابسى الخاصة و عدت و انا من الدنيا صفر اليدين لا املك بيتا و لا سترة غير التى البسها و فى جيبى جنيه واحد!وقدم يوسف وهبى العشرات من الافلام السينمائه وكان الفيلم الصامت زينب 1930 والبطوله للفنانه بهيجه حافظ ومن اخراج صديق كفاحه محمد كريم – اولاد الذوات الفيلم الاول والناطق 1932 مع امينه رزق واخراج محمد كريم - وكان فيلم الدفاع عام 1935 من اخراج وقصة وحوار وسيناريو والبطوله وانتاج يوسف وهبى لاول مره فى السينما – المجد الخالد عام 1937 ولاول مره الراقصه امينه محمد ( خالة امينه رزق) وكان الاخراج والبطوله والقصه والانتاج والسيناريو ليوسف وهبى هذا هو يوسف وهبى – 1938 ساعة التنفيذ وتتوالى الافلام 1939 ليله ممطره- 1941 ليلى بنت الريف وعاصفه على الريف و ليلى بنت مدارس عريس من استانبول – 1942 بنت الذوات – اولاد الفقراء – 1943 الطريق المستقيم و جوهره – 1944 ابن الحداد و سيف الجلاد و برلنتى و غرام وانتقام – 1945 بنات الريف و الفنان العظيم – 1946 ملاك الرحمه ويد الله و شمعه تحترق – 1947 القناع الاحمر و ضربة القدر و شادية الوادى – 1949 كرسى الاعتراف و بيومى افندى و غزل البنات – 1951 اولاد الشوارع و حبيب الروح – 1952 ناهد و المهرج الكبير – 1953 بنت الهوى و بيت الطاعه – 1954 اسعد الايام و حياه او موت – 1955 عهد الهوى و بحر الغرام - 1958 حبيبى الاسمر و الملاك الصغير و الرحمه من السماء – 1959 مفتش المباحث – 1960 الناس اللى تحت واشاعة حب مال ونساء – 1962 الخيانه العظمى و الاستعباد – 1963 ايام زمان – 1966 نورا – 1968 شنبو فى المصيده – 1969 دلع البنات و الحلوه عزيزه و ميرامار وكيف تسرق القنبله الذريه – 1971 الاختيار وعشاق الحياه و موعد مع الحبيب – 1972 ازمة سكن - 1973 البحث عن فضيحه و البؤساء – 1976 البنات لازم تتجوز و زمان يا حب – 1981 دماء فى الثوب الوردى وعدد 75 فيلم سينمائى قام خلالهم الفنان يوسف وهبى فى تقديم العشرات من النجوم والنجمات للسينما المصريه ومنهن المطربات نور الهدى واسمهان وصباح وليلى مراد ومن الممثلات فاطمه رشدى وامينه رزق وراقيه ابراهيم ومديحه يسرى وامينه محمد ومن نجوم السينما فيما بعد محمد فوزى ومحمد الكحلاوى وعبد الغنى السيد و في أيامه الأخيرة تعكر مزاج يوسف وهبي كثيرًا لأن الإذاعة بثت خبر وفاته كذبًا ذات مرة، ثم إنه بدأ يشعر بقرب النهاية وهو ما أصابه باكتئاب شديد، تنقل عنه د.لوتس قوله «لا راحة نفسية أبدًا بعد أن فقدت كل ما يريحني.. كانت سعادتي لوقت قريب في قراءة مسرحية باللغة الإيطالية كل ليلة، الآن نظري لا يساعدني.. لقد فقدت عينًا من عيني الإبصار تمامًا، وضعفت الأخري لدرجة لا تفيد معها أية نظارة»، المدهش أن الطريقة الوحيدة التي كان يخرج بها يوسف وهبي من حالته هذه، هي أن يذكره أصدقاؤه بأسماء بعض أفلامه ومسرحياته التي ربما مر علي بعضها أكثر من نصف قرن ثم يتركون له تمثيل بعض من الحوار.. بالنص كما هو، ويتذكر ما كان يقوله فى فيلم سفير جهنم «بلد تعلم الإنسان الخسة والطغيان، ينفع فيها الفسدان والحية والثعبان».. وكأنه كان يردد للدنيا ملخص خبراته في الحياة! ويتذكر ويقول بأن روح الفنانة الراحلة «أسمهان» قد أتته قبل عرض فيلم «غرام وانتقام» - الذي شاركت في بطولته، لكنها لقيت مصرعها في حادث سيارة قبل الانتهاء منه- لتقول له «مبروك»، ليفاجأ في اليوم التالي بالملك فاروق يمنحه لقب الباكوية فى العرض الخاص للفيلم يوم السبت الموافق 10 ديسمبر 1944 للفيلم في سينما ريفولي! ايضا لاننسى دور السيده سعيده قرينته عندما قالت فى نهايات حياته .كان عميد المسرح يمتلك منزلاً خاصًا: «كانت أسفارنا تتم بدعوة من الملوك والأمراء والرؤساء وكان مجتمعنا كله بين هؤلاء.. أجل كانت له مغامرات نسائية عنيفة لكني كنت أتغاضي وأتجاهل وأصفح وأنسي لأنه دائمًا يعود لي نادمًا، الشيء الوحيد الذي كان ينغص حياتي هو ولعه بلعب البوكر وخسائره الفادحة التي ذهبت بكل أمواله في أخريات حياته»، هذا هو الجانب الآخر من سيرة فنان الشعب الذي مات وهو لا يملك أي مال تقريبا لدرجة أن شقيقه إسماعيل خصص له مصروفًا يوميًا يقدر ب160 قرشًا رغم أنه قدم 302 مسرحية وشارك في بطولة 70 فيلما، وهو حال دفعه لأن يبيع قصره الفخيم بالهرم تدريجيًا لأصحاب أحد الفنادق، حتي إنه عندما رحل عن الدنيا لم يعد هناك أثر للقصر واتمنى ان اكون اضفت الكثير فى تلك المقال عن فنان خالد بيننا فاننى لم اوافيه حقه الدنيوى من ما قدمه للجميع من ادباء وفنانين طيلة حياته, وما وما كتبت وسطرت عنه الا اقل القليل عن قصته الجميلة فى تاريخ الفن المصرى \ وغادر عالمنا فى هدوء 17 اكتوبر 1982 المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجيه ندى وللتواصل 0106802177 [email protected].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.