وزير الصحة: الطب ليس مهنة الثراء السريع وهذا سبب نقص عدد الأطباء في مصر    عمرو درويش: موازنة 2025 الأضخم في تاريخ الدولة المصرية    في قضية تزوير توكيلات الانتخابات الرئاسية.. تأييد حبس مدير حملة أحمد طنطاوي    صور.. وكيل "أوقاف الفيوم" يستقبل وفد الكنيسة الأرثوذكسية للتهنئة بعيد الأضحى    وزير التعليم العالي: الجامعات الأهلية تمتلك زخمًا من الخبرات الأكاديمية    رئيس جامعة طنطا يتفقد الامتحانات بمركز الاختبارات الإلكترونية بالمجمع الطبي    مركز طبي ومزرعة بحثية.. رئيس جامعة الإسكندرية يتفقد المنشآت الجديدة بفرع تشاد (صور)    سعر جرام الذهب اليوم الإثنين 3 يونيو 2024 (آخر تحديث)    المعايير المؤهلة لإدخال غاز طبيعي لعقار سكني بالجيزة    "المصرية للاتصالات" تنفي تلقيها أي عرض لشراء الأبراج التابعة لها    "الجزار" يتابع موقف تنفيذ عمارات "سكن لكل المصريين" والإسكان المتوسط بمدينة 15 مايو    البورصة تربح 5 مليارات جنيه في منتصف تعاملات اليوم الإثنين    محافظ القاهرة: تكلفة الخطة الاستثمارية تجاوز مليارا و575 مليون جنيه    مصدر: إدخال أكثر من 950 شاحنة مساعدات إنسانية من مصر إلى غزة خلال الأسبوع الماضي    وزير الخارجية: مصر تسعى لتطوير العلاقات مع إسبانيا ورفع مستوى التبادل التجاري    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    ألمانيا تستضيف تدريبات جوية لقوات الناتو    فرق الإنقاذ الألمانية تواصل البحث عن رجل إطفاء في عداد المفقودين في الفيضانات    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    الرئيس الأوكراني يوجه الشكر للفلبين لدعم قمة سلام مقبلة في سويسرا    صحيفة إسبانية تكشف موعد قرعة دوري أبطال أوروبا 2024-2025    ليكيب تكشف مدة عقد مبابي مع ريال مدريد    شوبير: محمد عبد المنعم رفض مد تعاقده مع الأهلي    مواعيد مباريات الإثنين 3 يونيو.. ألمانيا وإنجلترا وكرواتيا للاستعداد ل يورو 2024    "ما حدث مصيبة".. تعليق ناري من ميدو على استدعائه للتحقيق لهذا السبب    التشكيل المتوقع لودية ألمانيا وأوكرانيا ضمن استعدادات يورو 2024    ظهرت الآن، نتيجة الشهادة الإعدادية في بني سويف    شروط التعاقد على وظائف المعلمين وإجراءات التقدم بالمدارس المصرية اليابانية    رئيس بعثة الحج الرسمية: لم تظهر أية أمراض وبائية لجميع الحجاج المصريين    تحرير 111 محضرا خلال حملات تموينية وتفتيشية بمراكز المنيا    خلال 24 ساعة . . تحرير 555 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    الحماية المدنية تنقذ مركز شباب المنيب من حريق ضخم    تخرج دفعة جديدة من ورشة الدراسات الحرة بقصر السينما (صور)    شقيق الفنانة سمية الألفي يكشف تطورات حالتها الصحية بعد حريق منزلها    لماذا رفض الروائى العالمى ماركيز تقديم انتوني كوين لشخصية الكولونيل أورليانو في رواية "100 عام من العزلة"؟ اعرف القصة    صديق سمير صبري: سميرة أحمد كانت تزوره يوميا والراحل كان كريماً للغاية ويفعل الخير بشكل مستمر    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    ما عدد تكبيرات عيد الأضحى؟.. 3 أقوال عند الفقهاء اعرفها    "صيادلة الإسكندرية": توزيع 4 آلاف و853 علبة دواء في 5 قوافل طبية    نقابة الصيادلة بالإسكندرية: توزيع 4 آلاف و853 عبوة دواء خلال 5 قوافل طبية بأحياء المحافظة    وزير الصحة: منصة إلكترونية للدول الإفريقية لتحديد احتياجاتها من الأدوية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    المكتب الإعلامى الحكومى بغزة: أكثر من 3500 طفل معرضون للموت بسبب سياسات التجويع    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    النقل تناشد المواطنين المشاركة في التوعية من مخاطر ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    وزير الصحة: نفذنا 1214 مشروعا قوميا بتكلفة تقترب من 145 مليار جنيه    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أسعار اللحوم البلدي والضاني اليوم الاثنين 3-6-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    أفشة: كولر خالف وعده لي.. وفايلر أفضل مدرب رأيته في الأهلي    مقتل شخص وإصابة 24 فى إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للعقلاء فقط ....الأغبياء و الحمقى يمتنعون
نشر في شباب مصر يوم 13 - 01 - 2011

بين نعيق المطالبين بدولة قبطية ، و الداعين إلى إبادة الأقباط الصليبيين ، يقف العقلاء حياري بين هؤلاء و أولئك.
شخصياً لا أعلم ما يدور برؤوس هؤلاء و هم يقودون البلاد و العباد إلى فتنة لا يعلم مداها إلا الله ، لكن ما أدركه أننا مقدمون على خراب لو أصبحت اليد العليا للفريقين .
يعتقد أقباط الفتنة أنه لو حدثت فتنة أو حرب طائفية مع المسلمين فإن أمريكا و الأمم المتحدة و المجتمع الدولي لن يتركوهم فريسة سهلة و لقمة سائغة للمسلمين ، و أنهم سيتدخلون لصالحهم ، و ربما أدي ذلك إلى قيام دولة إنفصالية تكون نواة لدولة مسيحية في جنوب مصر على غرار إسرائيل و على غرار الدول المزمع إنشائها في جنوب و شرق السودان على أسس عرقية و طائفية. .
أما مسلمي الفتنة فيعتقدون أنهم سيبيدون الصليبيين ( كما تحلو لهم تسمية الأقباط ) و يمحونهم من الوجود في ساعات قلائل لأنهم يمثلون أغلبية عددية تفوق الأقباط بتسعة أضعاف على الأقل.
وهناك فريق ثالث ، خليط من الفريقين ، يرى أن الغلبة ستكون لمسيحيي مصر لأنهم ، من وجهة نظرهم ، أعدوا أنفسهم جيداً بالتدريب تحت رعاية غربية و بما لديهم من سلاح مكدس داخل أقبية الكنائس و أماكن أخرى مجهولة ستظهر عند اللزوم.
لكن أيهم أصح ؟!
في الواقع لا يمكن لأي عاقل أن يجيب على سؤال مصيري كهذا بمعزل عن التاريخ و الاستئناس و الاعتبار بدروسه . لذلك اخترت نموذجين من تاريخنا المعاصر أحدهما من آسيا ، والآخر من أفريقيا لأرى ما آلت إليه الأمور بعدما علا صوت التطرف و اشتعلت نيران الفتنة. و دعونا نبدأ بالنموذج الأول و هو النموذج اللبناني.
1- لبنان
يتألف النسيج الاجتماعي اللبناني من ثماني عشرة طائفة هي : السنة ، الشيعة ، الدروز ، العلويون ، الإسماعيليون ، المسيحيون ، الموارنة ، الروم الأرثوذكس ، الروم الكاثوليك ، الأرمن الأرثوذكس ، الأرمن الكاثوليك ، السريان الأرثوذكس ، السريان الكاثوليك ، الأقباط الأرثوذكس ، الأقباط الكاثوليك ،الكلدان ، اللاتين ، الآشوريون ، الإنجيليون البروتستانت. لكن هذا البلد الصغير في مساحته ، الكبير بمواطنيه شهد حوادث طائفية هزت استقراره بشدة و كادت تعصف به عدة مرات أبرزها حوادث 1840 ، 1842 ، 1860 ، 1975.
أولاً أحداث 1840 : بعد عدة بعد عدة اضطرابات و قلاقل قادها الدروز و الموارنة ضد حكم محمد علي بالشام ، و تحت وطأة هزيمة محمد على أمام التحالف الأوربي و تراجعه و انكماشه داخل حدوده في مصر و السودان ، وجد حلفاء الأمس ، الدروز و الموارنة ، أنفسهم و جهاً لوجه لاختيار من يحكم و يتولى دور الملتزم الذي يجبي الضرائب للسلطان العثماني و يؤمن مصالح الإقطاعيين و كبار العائلات من الطرفين ، و ما كان أي الفريقين ليرضى بالملتزم من غير طائفته ، تأزمت الأمور و احتقنت الأوضاع و صُعد الموضوع إلى مستوى السلطنة و تدخلت بعض الدول الكبرى في حينه لوضع تصورات لحل هذه الأزمة ، لكن بما يتواءم و مصالحهم الاستعمارية. و على هذا يُمكن تقسيم أطراف الموقف في حينه إلى:
1- قوى داخلية و تنقسم إلى : أ- الحاكم ب- الجبهة الدرزية ج- الجبهة المارونية بما فيها من قوى موجهة كالإكليروس ( الكنيسة ) و الإقطاعيون.
2- السلطة العثمانية و تشمل : السلطان و الولاة في بيروت و دمشق.
2- قوى خارجية و تشمل:
أ- الحكومات الأوربية و قناصلها في الشام ، لاسيما سفراء بريطانيا و فرنسا و روسيا و النمسا.
ب- الهيئات التبشيرية.
إذاً أصبحت لبنان ميداناً لسياسات متضاربة بعضها محلي و بعضها دولي ، ولم تستطع أطراف الصراع الارتفاع فوق الطائفية و قادت الزعامات المحلية ضيقة الأفق أنانية المصالح طوائفها و لبنان نحو الطريق الوعر و هو الحرب .
أعلن الموارنة استعدادهم لأي مواجهات و ثقتهم في سحق كل من يتجرأ عليهم ، و اعتبروا أنفسهم أسياد لبنان و القوة المهيمنة عليه.
لكن هجوماً مباغتاً دبره الدروز بليل ، و بدءوه بحصار بلدة " دير القمر" ذات الأغلبية المارونية ، جعلت صفوفهم تضطرب و الفوضى تدب في تنظيمهم فأصبحوا هدفاً سهلاً للدروز .
طلب البطريرك الماروني إغلاق الكنائس و طالب كل ماروني قادر على حمل السلاح الانضواء تحت لوائه ، و هاجمت القوات المارونية المواقع الدرزية ، فاستعر لهيب الحرب بسرعة جنونية ، و تبادل الطرفان أعمالاً بشعة فحرقوا القرى و مثلوا بالقتلى و الأسرى و اغتصبوا النساء و قتلوا الأطفال و سلبوا الأموال .
رجحت كفة الدروز فسيطروا على المناطق المارونية الجنوبية ثم شرعوا يدقون الشمال الماروني عبر نهر الكلب. و وقف المسيحيون الأرثوذكس إلى جانب الدروز خشية أن يجبرهم الموارنة على التحول إلى مذهبهم. أما فرنسا فرأت أن هزيمة الموارنة هزيمة لفرنسا لأن الموارنة أصدقائهم و امتداد لعقيدتهم في لبنان ، فأرسلوا بعض وحدات بحرية لمساعدتهم و وزعت القنصليات الفرنسية السلاح عليهم بكثافة ، ففرح الموارنة و رفعوا أعلام فرنسا فوق كنائسهم و أديرتهم . هذه الخطوات الفرنسية أزعجت عدوتها اللدود انجلترا التي أعلنت بدورها تحيزها الكامل للدروز ، فأصبح للصراع محوران محور فرنسي ماروني و محور بريطاني درزي مما زاد الأمور تأزيماً و الصراع احتداماً دون أن يلوح في الأفق منتصر فعمت الفوضى و انعدم الأمن إلى أن تدخل الباب العثماني فاقترح تقسيم الحكم إلى قائقمتين أحدهما درزية و الأخرى مارونية تتولى كل طائفة ترشيح من يحكمها منها ، ومع ذلك لم تهدأ الأمور بسبب وجود قرى مختلطة لم ينفع فيها الفرز الطائفي لتشابك المصالح و تعقدها ، و إحساس الفلاحين بالغبن الواقع عليهم من إقطاعييهم الذين قادوهم لتلك الفتن و الضرر الذي حاق بهم بسبب الضرائب المفروضة باسم الالتزام فحدثت ثورة الفلاحين التي مهدت لحوادث 1860.
حوادث 1860: كان نابليون الثالث ، إمبراطور فرنسا ، يعاني من معارضة الكنيسة لحكمه ، فسعى لاتخاذ مواقف متطرفة خارج فرنسا ليثبت إخلاصه و ولائه للكاثوليكية ، و كانت لبنان أحد ميادين أفعاله ، فسعى للظهور بمظهر البطل الذي سيعيد أمجاد الصليبيين في المشرق ، فتلقف العلاقة الخاصة مع الموارنة لتكون مفتاحه للعودة إلى الشام وبدأ سياسة ترسيخ هذا المفهوم في نفوس قناصله و أعضاء الكنيسة المارونية. هذا السلوك و النشاط الفرنسي دفع المتطرفين إلى الإقدام على خطوات مشحونة بالتعصب الطائفي مستندين إلى الدعم الفرنسي و مساعدته و دفاعه عنهم وقت اللزوم . كما سعت المؤسسات الدينية ، لاسيما اليسوعيين و الإكليروس الماروني ، لاستغلال الفرص لترسيخ تلك الأفكار والمفاهيم و تعزيز ذلك الاتجاه في نفوس الشباب . بالطبع لم تقف انجلترا مكتوفة الأيدي أمام بوادر التهديدات الفرنسية لنفوذها في المنطقة فنشطت هي الأخرى مع الجانب الدرزي .في ظل ضعف و إهمال و تراخي تركي و تضخيم الفكر الطائفي و تصوير الأحداث وردها مهما كانت تفاهتها إلى أسباب طائفية و استخدام الفكر الطائفي في الاحتكام عند المنازعات المحلية ، و إسناد القيادة المحلية إلى المتطرفين من الطرفين ، تعقد الموقف و ظهرت أعراض الاحتقان الطائفي و تغولت يوماً بعد يوم مما جعل لبنان تقف على برميل بارود مشتعل قابل للانفجار في أي لحظة ، و قد انفجر بأحداث دموية عُرفت بأحداث الستين ، و هي مصادمات دموية جرى فيها الذبح و التمثيل و الاغتصاب .
الحرب الأهلية 1970: حرب بشعة بدأت 1975 و انتهت 1990 ، لكن بين التاريخين أرقام كبيرة لخسائر فادحة في البشر و الحجر.
مع أحداث أيلول الأسود و انتقال الفلسطينيون من الأردن إلى لبنان زادت التركيبة السكانية اللبنانية ، كما اختلفت خارطة العالم ببروز الولايات المتحدة و روسيا بعد الحرب العالمية الثانية كوريثين لبريطانيا و فرنسا و ظهور إسرائيل كمغتصب لفلسطين و تشريد أهلها.
بدأت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية بقيام مجهولون بمحاولة اغتيال بيار الجميّل رئيس حزب الكتائب ، الذي نجا و فقد أربعة من مرافقيه منهم اثنين من الحراس الشخصيين حياتهم. ردت ميليشيات حزب الكتائب بالتعرض لحافلة كانت تقل أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فقتلت 27 فلسطينياً. سميت الحادثة بحادثة البوسطة و كانت بمثابة الشرارة لبدء القتال في كل أنحاء البلاد ، فسرعان ما اندلعت الاشتباكات بين الميليشيات الفلسطينية والكتائبية في انحاء المدينة.
في 6 ديسمبر 1975، عُثر على اربعة جثامين لأعضاء من حزب الكتائب ، فنزل المقاتلون كالمجانين إلى الشوارع و أقاموا المتاريس و أوقفوا الناس و أجبروهم على إبراز هوياتهم فمن كان غير مسيحي أُقتيد إلى مكان مجهول حيث يتم إعدامه و التمثيل به بدم بارد. و انقسمت بيروت و معها لبنان إلى شرقية و غربية وبدأت بها أكبر عملية فرز طائفي عرفته عبر تاريخها ، و أصبح الأفراد يستقوون بطوائفهم و يحتمون بها ، و أجبرت الميلشيات الأفراد المحايدون على اتخاذ موقف في صفهم ، و من كان يشذ كان يترك كفريسة طريدة مستباحة للمليشيات الأخرى.
كانت بيروت الشرقية محاطة بمخيمات الفلسطينين المحصنة مثل منطقة الكرنتينا ومخيم تل الزعتر. في 18 يناير 1976 قامت الميليشيات المسيحية باقتحام منطقة الكرنتينا ذات الأغلبية المسلمة والواقعة تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية والتي كان يسكنها أكراد وسوريون وفلسطينيون. قتلت المليشيات المسيحية 1500 من سكان المنطقة. ردت الميليشيات الفلسطينة بعدها بيومين باقتحام بلدة الدامور المسيحية وقتلت المئات من السكان المسيحين. هرب الآلاف من السكان بحراً حيث كانت الطرق مقطوعة ، أدت هاتين الحادثيتين إلى هجرة جماعية للمسلمين والمسيحين حيث كل منهم يلجئ للمنطقة الواقعة تحت نفوذ طائفته. انقسمت بيروت الشرقية وبيروت الغربية بشكل متزايد إلى بيروت المسيحية والمسلمة
أيضاً وقعت أعمال عنف بين المليشيات نفسها كتلك المذابح التي وقعت بين الكتائب و تيار المردة و مليشيا نمور الأحرار فيما عُرف بمجزرتي إهدن و الصفرا.
دخلت سوريا على الخط و حدثت اشتباكات بينها و بين الفلسطينين و بينها و بين المليشيات ، ثم تدخلت إسرائيل لحساب الكتائب و حاصرت مخيمي صابرا و شاتيلا حيث دخلت قوات الكتائب فقتلت 3500 فلسطيني في مجزرة عرفت بمذابح صابرا و شاتيلا.
في عام 1990 اجتمع جميع الأطراف ليتفقوا على الصلح في الطائف.
لكن ما حصيلة تلك الحرب ؟
144240 قتيل و 197506 جريح و 17115 مفقود ، بالإضافة على ملايين المهاجرين الذين قطعوا تذاكر ذهاب بلا عودة هرباً من جحيم الحرب الطائفية.
من انتصر و من استفاد؟
الكل خرج مهزوم ، المواطنون على اختلاف طوائفهم دفعوا الثمن إما قتلاً أو انتهاكاً لآدمية أو تشريداً أو إعاقة، لكن بقى زعماء الفتنة كما هم لم يمسسهم سوء ، بل استفادوا بالمناصب التي مُنحت على أساس المحاصصة الطائفية ، كما استفادوا من الأموال التي كانت تأتيهم من الأطراف الدولية المستفيدة من استمرار الصراع ، واستفادوا أكثر ببيع السلاح فيما بعد.
من الخاسر؟
الحمقى الذين ساروا كقطيع النعاج إلى المذبح خلف زعامات طائفية لم تضعهم في حساباتهم ، و المواطنون البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة.
ما الوضع الآن؟
الكل مجبر على التعايش مع الكل ، لكن هل كانوا بحاجة لكل تلك الخسائر حتى يعودوا من حيث بدأوا ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!
2- رواندا
رواندا دولة أفريقية تضم قبائل مختلفة تنتمي لعرقيات مختلفة ، أشهر تلك القبائل قبيلتي الهوتو والتوتسي وهي قبائل هاجرت إلى تلك المنطقة في القرن الرابع عشر قادمة من القرن الأفريقي بحثاً عن الكلأ و المرعى.
وعلى الرغم أن الهوتو يمثلون الأغلبية العددية ( خمسة أضعاف التوتسي أو يزيد تقريباً ) ، فإن التوتسي تسيدوا الموقف و سيطروا على الهوتو ويرجع ذلك لحسن تنظيمهم العسكري حيث اجتمعت كل فروعهم تحت لواء قائد واحد ، على عكس الهوتو الذين ظلوا قبائل متفرقة تتمتع كل قبيلة بحكمها الذاتي ، كما أن فرنسا أولت التوتسي عنايتها و دعمتهم ، بالأخص في المجال التعليمي، حيث كثرت المدارس الفرنسية في أوساط التوتسي وزادت البعثات التعليمية لأبنائها، الأمر الذي أهلهم لتولي المناصب السياسية الهامة في الكونغو بعد ذلك. وكانت المعادلة كالآتي : أبناء التوتسي يشغلون الطبقات العليا في النظام الاجتماعي وأبناء الهوتو الطبقات الدنيا ، كما أن فقراء التوتسي كان يُنظر إليهم على أنهم من طائفة الهوتو. أما ثروة الهوتو المتمركزة في شكل أعداد كبيرة من الماشية أو غير ذلك من المال كان يتم استيعابها في طائفة التوتسي . هذا بالإضافة إلى نظام عشائري سائد ، تعرف فيه عشيرة التوتسي باسم ناينغينيا أو أقوى الأقوياء. وقد عمل الناينغينيا طوال القرن التاسع عشر على توسيع نطاق نفوذهم عن طريق الغزو وتوفير الحماية في مقابل جزية .
في أواخر الخمسينات من القرن العشرين ، ومع بزوغ حركات التحرر الأفريقية الكبرى ، بدأت تتبلور في رواندا حركة الهوتو السياسية التي يمثل حكم الأغلبية مكسباً لها، و التي قاومتها بعض شرائح من مؤسسة التوتسي لأنها مثلت تهديداً لكيانها المسيطر مما سيؤدي بالتبعية إلى فقدان مزاياها المكتسبة .
في نوفمبر 1959 انطلقت أول شرارة عنف عرقي استمرت إلى عام 1962 تم فيها قتل المئات من التوتسي و تشريد 120.000 ألف شخص معظمهم من التوتسي . استمرت حلقة جديدة من الصراع والعنف الطائفي بعد الاستقلال. وبدأ اللاجئون من التوتسي في تنزانيا وزائير الساعين لاسترداد مواقعهم السابقة في رواندا ينظمون أنفسهم ويشنون الهجمات على أهداف للهوتو وعلى حكومة الهوتو فوقعت عشرة هجمات من هذا القبيل في الفترة بين 1962 و1967، كانت تستتبعها عمليات قتل انتقامية لأعداد كبيرة من التوتسي المدنيين في رواندا كرد فعل انتقامي مما خلّف موجات جديدة من اللاجئين. وبحلول أواخر الثمانينيات كان نحو 000. 480 من الروانديين قد تحولوا إلى لاجئين ، بصفة رئيسية في بوروندي وأوغندا وزائير وتنزانيا ، ولم يستطيعوا العودة مع رفض الرئيس الرواندي إعادة توطينهم بحجة الزيادة السكانية و قلة الفرص الاقتصادية المتوفرة مما لا يسمح باستيعاب لاجئي التوتسي .
في عام 1972 ، استطاع التوتسي الاستيلاء على الحكم ووقعت عمليات انتقامية قتل فيها حوالي 300 ألف من الهوتو، واستهدفت تلك العمليات الصفوة المتعلمة وذوي النفوذ من أبناء الهوتو. ونظم الهوتو مظاهرات في بوروندي للمطالبة بالديمقراطية عام 1993 بعد اغتيال بعض المرشحين للانتخابات النيابية من الهوتو واتهام قادة الجيش من التوتسي بتنفيذها، فتحولت المظاهرات الشعبية إلى أعمال عنف راح ضحيتها أكثر من 250 ألفا معظمهم من التوتسي، وهاجر ما يزيد عن 300 ألف إلى البلدان المجاورة، وحل الجزء الأكبر منهم في شرق الكونغو الديمقراطية.
في عام 1988، أنشئت الجبهة الوطنية الرواندية في كمبالا، بأوغندا، بوصفها حركة سياسية وعسكرية ذات أهداف معلنة تتمثل في تأمين عودة الروانديين المنفيين إلى الوطن وإعادة تشكيل الحكومة الرواندية و تقاسم السلطة السياسية. تألفت الجبهة الوطنية الرواندية بصفة رئيسية من التوتسي المنفيين في أوغندا ، الذين سبق للكثيرين منهم أن خدموا في جيش المقاومة الوطنية التابع للرئيس يوري موسيفيني ، الذي أسقط الحكومة الأوغندية السابقة في عام 1986 ، ومع أن صفوف الجبهة ضمت بعض الهوتو ، فإن غالبيتها، خاصة من يشغلون المناصب القيادية ، كانوا من اللاجئين التوتسي.
في أكتوبر 1990، شنت الجبهة هجوماً كبيراً على رواندا من أوغندا بقوة تضم 000 7 مقاتل. وبسبب هجمات الجبهة شُرد الآلاف ، وبفعل لجوء الحكومة إلى سياسة دعائية استهدافية عامدة، جرى وصم جميع أبناء التوتسي داخل البلد بأنهم شركاء للجبهة، ووصم جميع الهوتو الأعضاء في أحزاب المعارضة بأنهم خونة. واستمرت وسائل الإعلام، وبخاصة الإذاعة، في نشر الإشاعات مما أدى إلى تفاقم المشاكل العرقية.
في 6 ابريل 1994، أشعل مصرع رئيسي بوروندي ورواندا في حادث سقوط طائرة على إثر هجوم صاروخي جذوة عدة أسابيع من المذابح الكثيفة والمنهجية و عمليات القتل و أعمال الإبادة الجماعية.
في عام 2006 تم وضع حد للحرب و تعلم الطرفان أن يتعايشا في سلام ، لكن بعد ماذا؟!! بعد أن وصل إجمالي ضحايا الحرب العرقية بين الفريقين إلى مليون ونصف من الطرفين و اغتصاب ما بين 000. 150 إلى 000. 250 امرأة أو بمعنى آخر إضافة مئات الآلاف من اللقطاء الذين لا ذنب لهم سوى هوس البعض العرقي و الديني .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.