منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير ، وصعود جماعة الإخوان المسلمين سياسياً وفرض سيطرتها على المنبر السياسي ( بلا شك ) ، ابتدأنا باكتشاف خيانة جهاز الشرطة وفساده ووجوب إعادة هيكلته وبدأ الترويج لذلك مستغلين سخط الشعب المصري على الشرطة التي كانت من أكبر أسباب اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير ، وها نحن إذاً مستمرين في اكتشاف الأجهزة الفاسدة حتى اكتشفنا فساد القضاء المصري ( الذي كنا نحلف بنزاهته ) في كل الأزمنة الماضية ، واستمرينا مارّين بفساد الإعلام المصري لمجرد سخط الإعلام المصري على ما يجريه الإخوان المتأسلمين من فساد وتدمير في البلاد مستغلين أيضاً سخط الشعب المصري على بعض الإعلاميين الذين خدعتهم الأحداث الجارية قبل الخامس والعشرين من يناير ولم تكن الصورة واضحة أمامهم ( من وجهة نظري وإن اختلف معي الآخرون ) . وما زلنا حتى اكتشفنا خيانة من هم أشد خطورةً على أمن مصر القومي ، بل هم أشد خطورةً على استمرار وجود كيان لدولة تسمى " مصر " ، كانت هذه المرة هي خيانة جيش مصر العظيم ، الذي كان يضرب به المثل في وطنيته وحرصه على أمن مصر واستقرارها وسلامة أراضيها حتى أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وصفهم بخير الصفات فقال عنهم ( خير أجناد الأرض ) ، وها نحن مستمرين حتى اكتشفنا من مؤيدي المعزول أن هذا حديث ضعيف ، بل واعتبره بعض أعضاء الجماعة حديثاً مختلقًا وغير موجود من الأصل ، فاكتشفنا ضعف المسلمين وأئمتهم في علوم الدين ، بل واكتشفنا أخطاء فادحة في كتب الدين التي أقرت بوجود أحاديث مختلقة ( من وجهة نظرهم بالطبع ) في ظل تولي محمد مرسي ( الرئيس المعزول والمخلوع ) ، اكتشفنا عدم أهليتنا ( نحن شعب مصر ) للديمقراطية التي يسلكها معنا رئيسهم العياط ، بل واكتشفنا عدم أهليتنا للمواطنة والحياة وسط هؤلاء الأطهار ( الإخوان بالطبع ) . اكتشفنا خيانة حزب النور ، الحزب الذي ظل لسذاجته مقتنعاً بأخوة واتفاق فكر جماعة الإخوان المسلمين السياسي والديني معهم ، حتى أن حزب النور ظل لفترة كبير أكبر حليف ومدافع عن جماعة فسد فكرها الديني والسياسي على حد سواء . اكتشفنا خيانة وكفر كل التيارات والأحزاب السياسية المناهضة لجماعة الإخوان المسلمين . مكملين ( على رأي كوكاكولا ) بس المرة دي في الفساد والتخوين والإطاحة بمؤسسات الدولة والتشكيك في وطنيتها والتشكيك في وطنية القائمين عليها ، فمروراً بتخوين الأزهر وعلماؤه ، وتخوين شيخ الأزهر ( إمام الإسلام والمسلمين في الداخل والخارج ) ، وتخوين الفريق أول عبد الفتاح السيسي ( الذي كان يقسم بشرفه وبوطنيته وكفاءته هم الإخوان ومؤيدي المعزول أنفسهم ) ، حتى وقفنا إلى تخوين من نوع خاص ، تخوين من أشد الأنواع خطورة على مصر ، هذا هو تخوين جهاز المخابرات ورجاله جهاز المخابرات أحد أهم أجهزة الدولة ، وأشدها حرصاً على مصر وأمنها القومي وسلامة أراضيها ، وأكثر رجال مصر وطنية على الإطلاق ( هذا ما نتعلمناه وعهدناه من هذا الجهاز ومواقف رجاله منذ فجر التاريخ ) أصبحوا اليوم خائنين للوطن . هذا جزء من سلسلة التخوين والتحقير والنيل من شأن المؤسسات في الدولة ، وما زالت السلسلة مستمرة لم نعثر على نهاية لها . بصرف النظر عن جرائم الإخوان الأخرى التي ارتكبت في حق كل مصري ، وبغض النظر عن اختلافي معها سياسياً وعقائدياً ( عقيدة الإخوان ) أتساءل الآن ، في ظل وجود كل هذا الفساد والخيانة في مصر ( كما تدعون ) ، كيف يمكن أن تتخيل الجماعة فكرة تحقيق مطلبها ( عودة المعزول للحكم ) ؟ وإذا افترضنا جدلاً عودته للحكم ، فمن سيحكم العياط ؟ وبمن سيحكم ؟ هل سيحكم بكل هذا الفساد والخيانة ( بدءاً بالشعب وانتهاءًا بالمؤسسات ) ؟ ، أم سيحكم بجماعته ؟