يقال والعهدة على الراوى.. والراوى هنا صديق عزيز يعمل صحفيًا برلمانيًا منذ عقود، عاصر خلالها 3 رؤساء مجلس شعب، يقول صديقى: إن رئيس المجلس، وهو فى أوج نشوته بالانتصار وفرحته برئاسة اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، وبينما هو جالس على عرش رئاسة مجلس الشيوخ مزهوا بالنجاح الساحق لحزبه الساعى لجمع «المجد» من أطرافه كلها، موزعا شزر النظرات تجاه «المستقلين»،.. مطلقًا قذائف الكلمات إلى نحور الليبراليين، موزعا الابتسامات الباهتة تجاه الوفديين، وغير الباهتة نحو السلفيين.. وموجها لاذع النقد إلى عصام سلطان، نائب «الوسطيين» (نسبة لحزب الوسط)، مطمئنًا إلى الموافقة على مشروع قانون عزل الفلول، الذى يتم تفصيله على مقاس سيادة «الشفيق» فريق وسيادة «الولاء» سليمان – لا يحكم المولى بهما على شقيق أو صديق – وبينما رئيس المجلس على هذه الحال، إذ جاءه راكضًا أحد المساعدين.. وهمس فى أذنه بكلمتين انقلبت بعدهما ملامح وجهه ورفع الجلسة المهمة، وسارع مهرولاً إلى مكتبه، وأشعل اللمبة الحمراء ساعة، وهو يتلقى مكالمة «ساخنة»، خرج بعدها وهو يبسمل ويحوقل ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وتبدلت حاله من فرح وسرور وحبور، إلى هم وغم وتفكير عميق، وظل يفكر ويفكر.. ثم أخذ يفكر ويفكر، ورفض أن يكشف لخلصائه ومعاونيه عن سر المكالمة المهمة، ودارت الهمسات واللمزات فى «البهو الفرعوني» الشهير، بين النواب والإعلاميين، وكان أهم ما تأكد أن المكالمة كانت من «قيادة سياسية رفيعة»، وبينما الناس يفكرون ويحللون ويتغامزون، ويتلامزون، إذ بالمنادى ينادى خلصاء الرئيس، ورموز قيادات الحرية والعدالة، ووكيلى المجلس وبعض المخضرمين، إلى اجتماع عاجل ومغلق فى حضرة الرئيس، وسارع العسس والحراس للحيلولة بين المجتمعين وبين الإعلاميين والبصاصين الخباصين، وما هى إلا ساعة حتى خرج الجميع، وقد أصبحت حالهم مثل حال رئيسهم.. ذاهلين.. سارحين.. شاردين بين البسملة والحوقلة والاستعاذة من الشياطين، وما هى إلا هنيهة، حتى انتشرت الأخبار عبر وكالة «يقولون».. مفادها أن تهديداً شديد اللهجة تلقاه رئيس المجلس فى شكل إنذار أخير بأن الموافقة على صدور قانون «منع ترشيح الفلول» قد تكون المسمار الأخير فى نعش المجلس، بعد أن فاض الكيل من حالة «النشاط الإيجابى» التى انتابته أخيرًا، والتى أسفرت عن الموافقة على مشروع تعديل قانون العاملين بالدولة وتثبيت المؤقتين، ومشروع عدم إحالة المدنيين للقضاء العسكرى.. والأهم إقرار الحد الأقصى للأجور الذى يشمل الغنى والفقير و«المشير» والخفير، و«القاضى» والوزير. وتوقعوا صدور قرارات مفاجئة.. وردود فعل صادمة خلال الأيام القادمة.. وادعوا معى أن يلهم المولى تعالى أولى الأمر.. أقصى درجات ضبط النفس، حتى «نعبر» على خير. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. جريدة المصريون