لعل البعض قد ظن أنني فى مقام حديث عن إنجازات ثورة 23يوليو 1952م عندما تكلمت عن دور الثورة فى تعريب كل المكاتبات الرسمية وغير الرسمية والإعلانات وأسماء المحلات وغير ذلك من الحديث بلغتنا العربية الجميلة فى كل المحافل الدولية ، وبث أخبارنا بالفصحى فى الإذاعة والتلفزيون وغير ذلك كالسخرية ممن يلوون ألسنتهم بلغات أجنبية لا يعرفون عنها شيئا حتى لا يعرفون اسمها ! ولم أكد أن أنتهي إلا وصدمت من البعض ممن ظنوا بأنني أقدم ذلك للحديث عن انجازات ثورة 23 من يوليو 1952م فإن كان ؛ فليس عيبا أن نذكر بمحاسن وإنجازات أيا من كان من حكامنا من إنجازات حقيقية لا إعلامية دعائية زائفة لأى حاكم كما قلت مهما احتلفنا معه فى الرؤى والغاية وإن كنت لم أقصد إلى ذلك فليست من مهمتى.. ! ومن ثم قلت : أنا لا أتحدث عن إنجازات.. ملك .. أو رئيس .. أو وزير .. أو خفير .. إننا نتحدث عن كل من يستطيع أن يخدم لغتنا العربية .. وتمتد له أيدينا بالمساعدة .. ذلك مثل رجل كان مارا بعزبة فى طريقه إلى عمله أو بلده .. فوجد من يبنى مسجدا ، فنزل عن دابته .. وألقى السلام على جماعة العمل .. فاستأذنهم فى أن يضع طوبة بيده .. أو أن يقبلوا منه مبلغا مساهمه منه فى ذلك البناء الخيري .. ! أما لماذا حديثنا اليوم .. ؟ لقد وصلت السفاهة بالمصريين والعرب أن يكتبوا القرآن بحروف أجنبية.. ! هل هناك فضيحة أفظع من ذلك ؟! لقد بات تحريف اللغة هدفا للمتربصين بنا الدوائر من هنا وهناك .. ناهيك عن افعلام الماجور وبرامج التوك – شو المنحلة .. نساء ورجالا .. مقدمين وضيوفا .. ! إنها ثقافة الفاشلين .. ! إنهم يلوون ألسنتهم باللهجة القاهرية فيأتون بالعجائب ويدعون على أنفسهم وعلى أهليهم وأولادهم وهم لا يشعرون ، فمن ذلك مثلا : 1- نقول الأم أو الأب لابنه أجيبلك ( لؤمة ) .. ألا ترى أنه أراد ( لقمة ) فنطق لؤمة وهى الخبث 2- تقول الزوجة لزوجها : أنت رايح فين ؟ فيقول : رايح السوء ( أراد السوق فنطق السوء .( 3- وقال الأولاد : رايح فين يا بابا ؟ قال الأب : رايح دي سوء ( أراد دسوق .. فنطق دى سوء .( وغير ذلك مما فصلته فى كتيب صغير قريبا إن شاء الله جمعت فيه بعض تحريفات اللهجات للغتنا الجميلة من المعايب والمصايب بسبب عوج لسان الجهول . ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) *** هذا ، وهناك سببا آخر .. وذلك بمناسبة أن هناك احتفال عالمي بيوم اللغة العربية. هذا اليوم حددته منظمة اليونسكو .. وهى منظمة دولية من منظمات الأممالمتحدة وظيفتها تهتم بالثقافة والتعليم .. فكان اعترافا منها بفضل اللغة العربية على الحضارة الإنسانية كلها. كان أن حددت يوما يكون عيدا للغة العربية بتاريخ 18 من ديسمبر من كل عام. وهذا .. يعنى اعتراف دولي وعالمي بأهمية اللغة العربية الحضارية .. .. وهى كذلك ؛ فهى أقدم لغة عرفها التاريخ البشري ! وإن كنا نحن نعلم أن عيد لغتنا الجميلة ليس يوما واحدا .. لأن عيدها .. أن نستعيدها كما كانت حتى تعم كل شئ فى بلادنا : 1- نطقا . 2- وكتابة. 3- وتربية . 4- وتعلما . 5- ومظهرا .. . فلغتنا العربية الجميلة .. الكاملة .. المكملة .. مكون أساسي فى حضارتنا وهويتنا وعقيدتنا .. لغتنا جميله من يعمل على نشرها .. وتعريب بلادنا من كل نلك الصور المشوهة التى تراها رائحا غاديا على جدران المدارس .. والمستشفيات .. والمنازل .. والمعارض .. والبوتيكات .. والملابس .. والمحلات .. وعلى لسان خوجات مصر الجدد من نساء مميلات ورجال مخنثون .. ممن لا يعرفون لغة الخواجات إلا تفتفة وجهلا .. ! أنا لا أدعى فقد علمت كمدرس للغة الإنجليزية ومدرس أول بمدارسنا الإعدادية والثانوية والتجارية أكثر من ستة عشر 16 سنة من حصولى على الدكتوراة و العمل بالجامعة ! فى هذه العجالة نحن مع كل من يطالب بإحياء لغتنا العربية واستعادتها لدورها فى مجتمعاتنا بعدما قام سراق المال العام ممن يسمون برجال الأعمال من رجال حسنى مبارك وصبيانهم باستيراد لغات أجنبية مع بضائعهم الفاسدة .. والمغشوشة .. ومظاهر ثقافية سيئة وبذيئة دخيلة على مجتمعاتنا العربية.. أنا لا أتحدث عن إنجازات.. ملك .. أو وزير .. فكل الناس لهم نقائص .. وعيوب .. وسلبيات .. وسيئات .. فى حق شعوبهم .. وفى حق أمتهم العربية والإسلامية! نحن نتحدث عن مطالبة بحماية لغتنا العربية .. وكان من أعمال ثورة يوليو 1952م أن عربت كل شئ . أنا لا أحدثك عن إنجازات. أنا شاهد ما حدث فى مصر. أنا عاصرت جميع الأنظمة الفاشلة منذ فاروق الملك فاروق وحتى الآن. أنا لا أكتب إلا ما أعرفه .. وما حضرته . إننى أطالب مع الغيورين على لغتنا الجميلة بالدفاع عنها. فلك أن تنظر فقط لأسماء المحلات وعناوين معارض البوتيكات .. فضائح .. ! إن من لا يعرفون اللغة الإنجليزية يعلنون عن محلاتهم بأسماء أجنبية .. ومصانعنا تروج منتجاتها بأسماء أجنبية .. فمن لا يعرف اللغة الإنجليزية يرتدى قمصان .. وملابس مكتوب عليه باللغة الإنجليزية .. فلا يعرف إن كان المكتوب شتائم .. أو ألفاظ بذيئة . وحتى لو كانت ألفاظا ليست بذيئة. لماذا نروج فى بلادنا للغة غيرنا ؟ أعرف أنك تعترض! ولكن – قبل أن تعترض .. انتظر لتعرف ما أثصد .. فلا تتعجل .. فشهوة الكلام من أخبث الشهوات .. ! هذا ، فلك أن تعرف أن .. هناك فرق بين أن نتعلم لغة غيرنا من أجل التعارف بين الشعوب .. والمعاملات الاقتصادية والتجارية .. والروابط السياسية .. والمعاهدات الدولية والمواثيق .. والتواصل الحضاري.. فرق بين ذلك وغيره وبين أن نهمل لغتنا .. وهويتنا العربية والإسلامية .. فبدون لساننا العربي الجميل نفقد كل شئ . وانظر إلى أمير الشعراء أحمد شوقى بك ماذا قال فى ذلك : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** إن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا وأستطيع أن أقرأ البيت هكذا : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** إن هموا ذهبت ( لغتهم ) ذهبوا ونستطيع أن نقول أيضا : إذا الإيمان ضاع فلا أمان ** ولا دنيا لمن لم يحي دينا هل تستطيع أن تحمى دين دون أن تحيى لغته ؟! والسؤال الأخطر هو : هل كره الناس أنفسهم .. وأحبوا غيرهم .. ؟ لغتنا أجمل لغات الأرض .. فلا مثيل لها .. فهى التى حملت العلم .. والفضيلة .. ومحاسن الأخلاق .. والرقي الحضاري لكل شعوب الأرض .. فلا بد من تجد بصمة للغتنا الجميلة فى كل مكان .. وفى كل بلد تزوره ! ولنا تنويه واجب: لقد استطاع الرئيس الجزائري هوارى بومدين إنقاذ بلده .. فهو خريجى الأزهر .. فاستطاع تعريب الجزائر بعدما كان خطيب الجمعة لا يستطيع وهو على المنبر أن يكمل جملة عربية واحدة فيضطر إلى نطقها بالغة الفرنسية . وأكرر ، أنا لا أتحدث عن إنجازات.. ملك .. أو وزير .. فكل الناس لهم نقائص .. وعيوب .. وسلبيات .. وسيئات .. فى حق شعوبهم.. وفى حق أمتهم العربية والإسلامية .. لكن – ولا بد من قول : لكن.. ألست معي أيضا أن للناس محاسن .. وفضائل .. وإلا كيف يتعامل الناس فيما بينهم لو نظر كل واحد منهم فقط لعيوبهم ونواقصهم .. ؟! ( والله غالب على أمره( [email protected]