دكتور / عبد العزيز أبو مندور قال الله سبحانه وتعالى : " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)" انظر فقد جعل الله تعالى لهذه الأمة المحمدية الأمة الخيرية ثواب قيام ليلة واحدة هى ليلة القدر خير من ثواب ألف شهر يعنى كأن العمل الصالح فيها يساوى مدة ( 83.5 ) ثلاثة وثمانون عاما وستة أشهر من عمر رجل صالح تعبد الله فيها لا تفتر .. ! وقد حاول المسلمون أن يعرفوا تحديدا ليلة القدر ما هى الليلة المخصوصة من شهر رمضان بليلة القدر . وفى ذلك جاء فى ( صحيح مسلم )عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له فلما انقضين أمر بالبناء فقوض ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر فأمر بالبناء فأعيد ثم خرج على الناس فقال : " يا أيها الناس إنها كانت أبينت لي ليلة القدر وإني خرجت لأخبركم بها فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان فنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان ؛ التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة . قال : قلت : يا أبا سعيد إنكم أعلم بالعدد منا . قال : أجل نحن أحق بذلك منكم . قال : قلت : ما التاسعة والسابعة والخامسة ؟ قال : إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها ثنتين وعشرين وهي التاسعة ، فإذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة ، فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة ." و قال ابن خلاد مكان يحتقان يختصمان. إذن هى فى الليالى الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان . ولكن البعض حددها تحديدا بليلة السابع والعشرين ؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنها ليلة سبع وعشرين". قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان: سمعت عبدة وعاصما، عن زر: سألت أبي بن كعب قلت : أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول : من يقم الحول يصب ليلة القدر. قال: يرحمه الله ، لقد علم أنها في شهر رمضان ، وأنها ليلة سبع وعشرين. ثم حلف. قلت: وكيف تعلمون ذلك ؟ قال : بالعلامة - أو: بالآية-التي أخبرنا بها ، تطلع ذلك اليوم لا شعاع لها ، أعني الشمس . ومن علاماتها ما جاء فى ( تفسير ابن كثير) : إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة، كأن فيها قمرا ساطعا، ساكنة سجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب يرمى به فيها حتى تصبح. وأن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية، ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ. قال أبو داود الطيالسي، حدثنا زمعة، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر: " ليلة سمحة طلقة ، لا حارة ولا باردة ، وتصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء" . وقد حكي عن بعض السلف أنه حاول استخراج كونها ليلة سبع وعشرين من القرآن ، من قوله تعالى :" هي " لأنها الكلمة السابعة والعشرون من السورة ، والله أعلم. والحق أن المسلمون اهتموا بالعدد فاستجلبوا وعدوها فكانت كذلك . لكن منهم من هم أصحاب دراية بالإعجاز العددي للقرآن الكريم ؛ فقد زادونا معارف بأن ليلة القدر تحديدا هى ليلة السابع والعشرين( 27 ) من العشر الأواخر من شهر رمضان . ولا تعجل وتتبع ما قالوه واحسب العدد إن كنت ممن يعقل الحساب ..! 1- المسألة الأولى : أن عدد حروف سورة القدر 114 حرفا بعدد سور القرآن الكريم. 2- المسألة الثانية : أن عدد كلمات سورة القدر 30 ثلاثون كلمة بعدد أجزاء القرآن الكريم . 3- المسالة الثالثة : • ذكرت كلمة ( ليلة القدر ) عدد ثلاث 3 مرات فى القرآن الكريم فى ثلاث 3 آيات من ذات سورة القدر. • عدد حروف ليلة القدر = 9 تسعة حروف. • وبحسبة بسيطة ؛ قم بضرب 3 × 9 = 27 والآن ما عليك إلا أن تقوم كما أمرت بصيام ليلة القدر وقيامها صلاة وذكرا ودعاء . وأفضل دعاء كما ورد فى الحديث الصحيح من رواية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم كما فى سنن الترمذي قالت : قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : " قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني " . ( قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ) قال تعالى : " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " ( البقرة : 186 ) وقال تباركت أسماؤه وعظم سلطانه : " أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ " ( النمل : 62 ) و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن : اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه وأبدله مكان حزنه فرحا " قالوا : يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات . قال : " أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن." ( مسند الإمام أحمد ) اللهم لا تحرمنا ثواب هذا الدعاء فى ليلة القدر ولا تحرمنا ثواب ليلة القدر وارحمنا وأدخلنا فى رحمتك التى كتبتها لعبادك الصالحين .آمين. ( وعلى الله قصد السبيل ) دكتور / عبد العزيز أبو مندور