احمد زكى حسن لقد اقبل الاقباط على تعلم اللغة العربية ، بعد مرحلة الاستقرار بدات مرحلة التعريب اللغوى . فقد كانت اللغة الرسمية قبل الفتح العربى لمصر هى اللغة اليونانية ، فكانت لغة السياسة والادارة ولغة الثقافة والعلم ، واصبحت لغة العبادة فى الكنائس المصرية . اما اللغة القبطية فقد كانت اللغة اليومية لعامة الشعب المصرى من الاقباط .وعندما أصبحت اللغة العربية هى لغة الطبقة الحاكمة بعد الفتح العربى ، كان من المنطقى ان يُقبل المصريون على تعلمها ، ولكن ظل انتشار اللغة العربية محدودا حتى عرب الخليفة الاموى عبد الله بن مروان دواوين مصر ، فتضاءلت اللغة القبطية ، وعظم انتشار اللغة ، واصبحت بمرور الوقت لغة المصرين فى الدين والثقافة والادارة وفى العمل والبيت.. وبلغ الامر ان صارت جميع وثائق االاقباط سواء كانت تتضمن عقد بيع او شراء او عقود الزواج ، تكتب باللغة العربية ، ومن الامثلة على ذلك بردية تتضمن عقد زواج تم فى الاشمونين . بين يوحنس بن شنودة وبين زوجتة القبطية ، ويجدر بنا ان نذكر انتشار اللغة العربية فى العصر الفاطمى بين الكتاب والمؤرخين ، حيث جاء الاسقف ساويرس بن المقفع ، اسقف مدينة الاشمونين ، فكتب كتابه المشهور "سير الآباء البطاركة " فى اواخر القرن الرابع الهجرى ( العاشر الميلادى ) ، فى عهد الخليفة المعز لدين الله باللغة العربية ، وكان ساويرس يقوم بجمع الوثائق اليونانية وترجمتها الى اللغة العربية ، مما يؤكد لنا ان اللغة العربية اصبحت لغة التخاطب بين المصرين عامة . ويقول ساويرس فى مقدمة كتابه " فاستعنت بمن أعلم إستحقاقهم من الاخوة المسيحين ، وسألتهم مساعدتى على نقل ما وجدناه منها ، بالقلم القبطى واليونانى الى القلم العربى ، الذى هو الان معروف عند اهل الزمان ، باقليم ديار مصر ، لعدم اللسان القبطى واليونانى من اكثرهم " . وعلية يبدو مدى مقدرة القبط على فهم اللغة العربية وتعلمها ، وهى لغة حكامهم المسلمين ، أما إهمالهم اللغة القبطية ، قد ادى تدريجيا وبمرور الوقت الى فقدان اللغة القبطية واهميتها ، كما ان المستخدمين القبط لم يعودوا يستخدمون اللغة القبطية فى حديثهم ولا فى كتاباتهم ، وانما كانوا يستخدمون اللغة العربية مما ادى الى نقص اهمية اللغة القبطية ثم اختفائها تماما فى مصر . وتطور الامر بعد ذلك الى ان اصبح القبط يستخدمون اللغة العربية الى جانب اللغة القبطية فى الكنيسة ، فقد قرئ تقليد القس انبا مقارة بطركا فى كنيسة المعلقة فى عهد الخليفة الفاطمى الامر باحكام الله ، باللغات اليونانية والقبطية والعربية . وفى القرن الخامس الهجرى ( الثانى عشر الميلادى ) أمر البطريرك انبا غبريال القُسُس بقراءة الصلوات والمزامير الدينية باللغة العربية ، كما عُنى أيضا بترجمة جميع الكتب والطقوس الدينية الى اللغة العربية حتى يفهما عامة الشعب جميعا .