أحاديث المصريين مثل سماء الشتاء مُلبدة بالغيوم أحيانا تمطر وأحيانا تبقي الغيوم وفي جميع الأحوال يلزم الإكتئاب جراء دوام مسببات الهموم. الداء إذا مستحكم والشفاء قدري ولابد من الأخذ بالأسباب في ظل ملازمة السقم وعدم قابلية الجسد للدواء. الدواء خلوا من السم الناقع ولكن البدن يأبي الشفاء لأن اليأس تملك وفي ظل دوام الألم يستعصي الشفاء ليبقي المرء علي باب الرجاء علي أمل أن يجد في العيش مايستدعي التمسك بإرادة الحياة الغائبة عن المصريين جراء مشاهد قوامها الإحساس بالظلم والهوان. هي العدالة التي خاطبت العدم يوم أن ظن الشعب ان القصاص آت فإذا الشعب يموت كمدا لأن القصاص مؤجل إلي يوم الحساب. قاضي الأرض يحكم بالأوراق التي هي دوما مهترئة وقد جُمعت من كل حدب وصوب لتضحي ألافا مؤلفة في العدد والمحصلة براءة تلو براءة لأن الأوراق قد "خلت" من مسببات الإدانة. كان لابد من عاجل القصاص أخذا بلغة الرصاص فور الإمساك بزبانية العهد الأسود الذي حول مصر إلي حطام وقد إنتهبت طويلا ليضحي الكمد مستديما لأن الحراس قد داوموا علي إستلاب المقدرات ليفجع الشعب وقد تعذر عليه إيجاد مايقتات إلي أن خرج ذات صباح ثائرا لأجل العيش والحرية والعدالة الإجتماعية ليموت الآلاف دون بصيص أمل فيما تمت من أجله الثورة تلو الثورة. في مصر القوانين خُلقت لتُقهر لا لتسهر ولأجل هذا فقد الشعب الإحساس بالعدل وهو يري كل جبار آثم يخرج من محبسه ولسان حاله ينطق بأنه الأقوي وأن القانون لايمتد إليه وإنما إلي المعدمين والغارقين في همومهم. أزمة مصر صارت مستحكمة لأن في القلب غصة من حُزن والهموم لن ترحل بالتمني بل بكفكفة دموع المصريين ورفع الظلم عنهم وجعل الوطن بأسره يُحصن بالعدل. في الفم ماء وفي القلب ألم وفي العين دموع وفي الخيال وطن مازال بعيدا عن أبناءه في ظل دوام العلاج بالتمني وتعذر الإقتراب من مسببات الألم . للتاريخ وذات زمان وتحديدا في 25 ديسمبر سنة 1989 كان في رومانيا طاغية إسمه تشاوشيسكو" عذب" شعبه وحكم بالحديد والنار إلي أن خرجت رومانيا بأسرها ثائرة وفي خلال دقائق من الثورة كان الطاغية وعقيلته في مدرعة إلي حيث ثكنة عسكرية وكانت الإجابة في" الإعدام" رميا بالرصاص "إعلانا" عن القصاص العادل لحاكم روُع شعبه. أجدني أفكر وأسرح قليلا لو أن تشاوشيسكو قد حوكم وقتها"مدنيا" لظل "حتي"اليوم حي يرزق يقيم في أي مصحة إلي أن يموت الشعب كمدا كي يحيا" تشاوشيسكو"!