فى منطقة الإمام الشافعى بالقاهرة القديمة الموتى والأحياء يعانون مأساة من نوع مختلف حيث تهدمت بعض القبور والأحواش فظهرت عظام الموتى كما تعرضت الكثير من البيوت العتيقة لخطر التصدعات فهجرها أهلها خوفا من الموت تحت أنقاضها ولم يعد الأحياء أو الأموات يعرفون إلى من يشتكون .. فى هذا التحقيق نرصد بالصور معاناة مئات المواطنين فى منطقة الإمام القديمة أو منطقة الموتى والأحياء حيث تتداخل أحواش الموتى مع سكان الأحياء فى مزيج فريد يجمع الدنيا بالآخرة فى مكان واحد ومعاناة واحدة .. تصوير: محمد لطفى تعد منطقة الإمام الشافعى من أقدم مناطق القاهرة القديمة واكتسبت مكانة خاصة فى قلوب المصريين لأنها تحتضن جثمان الإمام الشافعى رضى الله عنه وأرضاه فى المسجد الشهير بالمنطقة وعلى مدار الزمن كان غالبية سكان الإمام من الفقراء والبسطاء وظلت بيوتهم على حالها دون تطوير والآن يشتكون من الخوف من الموت تحت أنقاض منازلهم المتهالكة .. وتم الإعلان عن تشكيل لجنة فنية هندسية من جامعة عين شمس لمعاينة حالة المبانى فى محاولة لوضع حلول لها .. جولة فى شوارع هذه المنطقة العريقة تكشف عن شعور المئات من المواطنين البسطاء بالخوف من سقوط بيوتهم القديمة فوق رءوسهم نتيجة تصدعها .. فغالبية البيوت تعود لبدايات القرن العشرين ورغم أنها تحدت الزمن طيلة العقود الماضية إلا أنها استسلمت أمام هذا الكم الهائل من الصدوع والتشققات التى ضربتها وفى بعض الشوارع حدث هبوط أرضى وأصبح ممنوعا تماما سير السيارات خوفا من اتساع هذا الهبوط .. فى شارع صبحى الطحاوى على وجه التحديد المشكلة أكثر وضوحا .. كانت البداية بالنسبة لنا من حوش حسن بغدادى والذى أوقفه قديما للفقراء .. والذى يشهد حاليا مأساة إنسانية حيث هجرته بعض الأسر التى كانت تقيم فيه نتيجة سيطرة مشاعر الخوف عليهم بعد ظهور عظام الأموات من بين القبور المتهدمة منها أسرة عمر بكر عبد الواحد والذى يسكن هو وأطفاله وزوجته فى شقة صغيرة داخل الحوش لكن الشقة تعرضت للتصدع وأصبحت عرضة للسقوط فقررت الأسرة الرحيل خوفا من الموت أسفل الأنقاض. ثورة القبور فى الإمام الشافعى ويقوم على رعاية الحوش مصطفى حسن جبر والذى أكد لنا أن الأوقاف مسئولة عن الاهمال الذى يضرب مقابر وبيوت الإمام الشافعى القديمة لكن الأوقاف لم تتحرك .. و يقول مصطفى حسن إن هذا الحوش أوقفه حسن بغدادى منذ زمن لصالح الفقراء وأوقف عمارة كبيرة للإنفاق عليه ومن المفروض حسب الحجة التى أملكها أن يكون لى مرتب أو دخل أو ريع من الأوقاف لكن الوزارة تتجاهل ذلك كما تتجاهل أن تتدخل لحماية هذه الأحواش وترميمها والعناية بالمقابر القديمة الموجودة . ويذكر مصطفى حسن أن المقابر تهدمت وظهرت عظام الموتى ولم يتدخل أحد وتقدمنا بشكاوى عديدة للمحافظة والأوقاف والحى ولم يتدخل أحد على الإطلاق ويضم هذا الحوش عددا من الأسر التى ليس لها مأوى آخر . مشهد عظام الأموات استفزنا فسألنا الأهالى لماذا يتركون هذه المقابر عارية بهذا الشكل ولماذا لا تكون هناك حرمة للأموات فكانت الإجابة أكثر استفزازا حيث يقول ياسر حمدان صاحب محل بالشارع : عندما تكون هناك كرامة للأحياء نبحث عن كرامة الأموات .. الناس تنام فى الشارع عرايا خوفا من سقوط البيوت أما الموتى فهم فى حالهم ولن ينظر إليهم أحد .. منطقة الإمام الشافعى خارج حسابات الدولة والحى لا يسأل فينا وعندما تقدمنا بشكوى لإصلاح ماسورة المياه التى تسببت فى كل هذا الخراب قالوا لنا إن الدولة واقفة اليومين دول ومافيش حكومة فقالنا لهم إن الحى هو المسئول فقالوا لنا فى سخرية " حى على الفلاح" .. هنا لا توجد خدمات والصرف الصحى من أيام الملك فاروق ورغم ذلك يعمل بكفاءة لأنه نفذ بضمير لكن المشكلة كلها فى مواسير المياه التى تضرب تحت الأرض وتسير هذه المياه أسفل البيوت وتتسبب فى تفكيك التربة بهذا الشكل فتتصدع البيوت وتنفصل عن بعضها وتنهار المقابر القديمة ونحن لم نشعر بغزو المياه أسفل البيوت ولكن فجأة وجدنا الشوارع تسقط من تحت أقدامنا فأبلغنا الحى وتم إصلاح الماسورة بعد خراب مالطا .. ويضيف ياسر حمدان أن مقابر الإمام الشافعى مهددة بالمياه الجوفية والمياه التى تتسلل من مواسير المياه النقية ولا أحد يلتفت لذلك ومع هذا قيل إن الفلول والناس اللى فوق أخذوا احتياطاتهم وقاموا بتأمين مقابر عائلاتهم خوفا من المياه ولتذهب قبور الموتى الفقراء إلى الجحيم وهناك مقابر تخص والد سوزان مبارك وتحظى باهتمام كبير ولم تصل إليها يد الإهمال ولهذا نحن نطالب الدولة والمحافظة بحل هذه المشكلة وإصلاح البنية التحتية وإحلال وتجديد مواسير المياه لحماية عظام الموتى وبيوت الأحياء على السواء. ثورة القبور فى الإمام الشافعى وفى العقار رقم 16 اضطرت الأسر التى تسكن به إلى الرحيل إلى الشارع .. الحاجة فتحية محمد عراقى (70سنة) سيدة فقيرة ومسنة ومريضة يسيطر عليها الخوف والرعب ولهذا نقلت أثاث غرفتها من البيت ووضعته فى الشارع وحاليا تسكن فى الشارع رغم أنها بنت ناس لكن الحياة اضطرتها لذلك ولم تكن تتوقع أن يأتى اليوم الذى تجد نفسها فيه فى الشارع بعد هذا العمر الطويل .. تقول الحاجة فتحية : البيت هيقع على دماغى والشقوق فى كل حتة .. أنا عايشة هنا من 60 سنة ومش عايزة إلا الستر من الحكومة أو من أهل الخير .. البيت قديم وعمره 100 سنة وصاحبه نقل حاجته وتركنا فى الشارع . أما أسرة عم حسن حلوة فتعانى هى الأخرى من نفس المشكلة بنفس العقار لكن عم حسن الموظف السابق بهيئة النقل العام قرر تسليم أمره لله حيث ينام فى البيت هو وأسرته فى غرفة صغيرة استأجرها منذ بداية حياته مقابل 5 جنيهات شهريا والآن البيت سيسقط وتسقط معه حجة الإيجار ولن يجد سوى الشارع ولهذا كما يقول عم حسن ان الحياة والموت متساويان .. عم حسن يطالب بتدخل المحافظة لتنكيس البيت وهدمه وبنائه خاصة وأن صاحبه يرفض هدم المنزل. أما فى الشوارع والحوارى الأخرى فى الشافعى فالمشكلة وإن لم تكن واضحة بشكل كبير إلا أنها ملحوظة خاصة وأن الأهالى أصبحوا يشتكون من وجود طفرة فى البناء وهدم البيوت القديمة بعد الثورة ونظرا لأن المنطقة قديمة وبيوتها فى حالة سيئة فقد أدى دخول معدات البناء الثقيلة إلى الشوارع إلى إحداث تصدعات فى البيوت وهبوط فى الشوارع وأصبحت هناك عمارات وأبراج ضخمة فى الشافعى يجاورها بيوت صغيرة وقديمة حيث يقول محمود حسين صبرة (66 سنة) موظف على المعاش من أهالى الإمام أن منطقة الشافعى فقدت هدوءها ولم تعد هناك حرمة للأموات ولا الأحياء وإما أن يتم هدم كل البيوت القديمة وتجديدها أو تبقى على حالها ولكن إقامة بعض الأبراج أو العمارات الجديدة سيؤثر على المنطقة. ثورة القبور فى الإمام الشافعى ثورة القبور فى الإمام الشافعى ثورة القبور فى الإمام الشافعى