1695 طالبًا يؤدون الامتحانات العملية والشفوية بتمريض القناة    «تربية بني سويف» تنظم المؤتمر السنوي الأول لقسم الصحة النفسية    استقرار أسعار الذهب عالميا.. اعرف الأوقية بكام    قيادي ب«مستقبل وطن»: مشروع مستقبل مصر الزراعي نقلة نوعية للاقتصاد    وزير الإسكان: بدء تسليم الأراضي بحدائق اكتوبر الأحد المقبل    كامل الوزير: لا استيراد لأية مهمات خاصة بالسكك الحديدية وتصنيعها محليا    بنمو 28%.. بنك البركة يحقق 918 مليون جنيه صافي أرباح بنهاية مارس 2024    توريد 175 ألفا و925 طن قمح لشون وصوامع البحيرة حتى الآن    معدل التضخم في ألمانيا يستقر عند 2.2% في أبريل    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024 وعيار 21 الآن خلال بداية التداولات في الصاغة    الأونروا: 450 ألف شخص نزحوا من رفح الفلسطينية منذ 6 مايو حتى الآن    النائب أيمن محسب: القمة العربية تأتي في ظروف استثنائية وتوقيت صعب    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء القصف الإسرائيلي إلى 35173 شخصا    جاريدو: تعرضنا لظلم كبير في الكونفدرالية.. والأهلي سيتوج بلقب دوري الأبطال    الأهلي يُخطر إتحاد الكرة بموقفه النهائي من معسكر المنتخب في يونيو    أحمد شوبير: عقوبة «الشحات» مخففة جدًا.. ولابد من إيقاف «الشيبي» (فيديو)    بعد تصريحات التوأم.. 15 لاعبًا تألقوا وخطفوا الأضواء في الدوري الممتاز    برنامج الأهلي قبل السفر إلى تونس    «التعليم»: تسليم خطابات الندب للمشاركين في امتحانات الثانوية العامة 2024    طقس اليوم.. حار نهارا ومائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء    الحالة المرورية في شوارع وميادين القاهرة والجيزة.. كثافة على كوبري الساحل    أسرة «طبيبة التجمع»: «استعوضنا حق بنتنا عند ربنا»    إحالة عامل لحيازته 210 طرب حشيش في بدر للجنايات    يوسف زيدان يهدد بالانسحاب من "تكوين" بسبب مناظرة عبد الله رشدي    «الرقابة الصحية»: تطبيق معايير مراكز الرعاية الأولية تخفف العبء على المواطنين    تحذير رسمي من أشهر مسكن آلام وخافض للحرارة.. جار سحبه من الأسواق    طريقة عمل الفطير المشلتت في فرن البوتاجاز.. 3 وصفات سهلة    آينتراخت فرانكفورت الألماني يكشف حقيقة خضوع عمر مرموش لعملية جراحية    اللمسات النهائية قبل افتتاح الدورة 77 من مهرجان كان السينمائي الدولي    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الثلاثاء 14 مايو    اليوم.. «صحة النواب» تناقش موازنة الوزارة للعام المالي 2024-2025    المفتي يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمي    الفيوم تفوز بالمركزين الأول والتاسع في مسابقة التصميم الفني بوزارة التعليم    إطلاق مبادرة «اعرف معاملاتك وأنت في مكانك» لخدمة المواطنين بسفاجا    جامعة حلوان تستقبل وفدًا من الجامعة الأمريكية بالقاهرة لبحث سبل التعاون    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بنسبة 25%    المستشار الألماني يثبط التوقعات بشأن مؤتمر السلام لأوكرانيا    معلومات عن فيلم «ريستارت» لتامر حسني قبل انطلاق تصويره اليوم    «يهدد بحرب أوسع».. ضابط استخبارات أمريكي يستقيل احتجاجا على دعم بلاده لإسرائيل.. عاجل    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    غرفة صناعة الدواء: نقص الأدوية بالسوق سينتهي خلال 3 أسابيع    مسؤول أمريكي: بايدن لا يرى أن إسرائيل ستحقق نصرا كاملا بغزة    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    جوتيريش يعرب عن حزنه العميق لمقتل موظف أممي بغزة    «زي النهارده».. وفاة الفنان أنور وجدى 14 مايو 1955    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    وزارة العمل توضح أبرز نتائج الجلسة الأولى لمناقشة مشروع القانون    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    "الناس مرعوبة".. عمرو أديب عن محاولة إعتداء سائق أوبر على سيدة التجمع    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    صحيفة أوكرانية: بعض العائلات بدأت مغادرة خاركوف    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    خالد الغندور: الجميع يتفنن في نقد حسام حسن وأطالب القطبين بالتعاون مع المنتخب    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    القصة الكاملة لهتك عرض الطفلة لمار وقتلها على يد والدها بالشرقية    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    الأوبرا تختتم عروض "الجمال النائم" على المسرح الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقدم تُربي: خريجو الجامعات آخرتهم عندنا
نشر في الوفد يوم 14 - 04 - 2011

لم يكن عم زكى يتخيل قبل قدومه من بلدته بسوهاج في أربعينيات القرن الماضي أن الأقدار ستجعل منه تربيا شهيرا بمنطقة الإمام الشافعي يقوم بدفن مشاهير البلد من باشاوات وبكوات وفنانين، ولم يكن يتخيل أنه سيصبح أكبر تربي في المنطقة بعد أن بلغ من العمر 82 عاما.
من التجارة للدفن
يقول عم زكى ،الذى التقينا به في حوش محمود بك السمالوطى جالسا في إحدي غرف الحوش وسط الكراكيب والهدوم المهلهلة، ردا على سؤالي " انت اشتغلت تربي ليه " :
" لم أكن أتخيل أننى سوف أصبح تربيا، وكانت رغبتى فور قدومى من سوهاج أن أعمل في التجارة مثل كثيرين من الصعايدة.. أشترى وأبيع في الخضار والفاكهة، لكن حركة التجارة بالقاهرة في الأربعينيات لم تسمح بعمل الصغار في هذه المهنة، ومرت أيام وشهور سعيت فيها للرزق في أماكن شتى.
وفي أحد أيام الشتاء من عام 1946 قال لى أحد التربية ،وكنت أعرفه، إنه في حاجة إلى مساعدتى اليوم لدفن أحد الموتى بالإمام الشافعى، لأن مساعده تغيب لظروف طارئة و لابد من وجود شخص آخر يساعده في دفن الميت، وبالفعل ذهبت معه وقمت بتجهيز مونة من الرمل والأسمنت لتغطية باب التربة وقام أهل المتوفى بإعطائي بعض النقود مثلما أعطوا صديقى التربي.
وتكررت مرات ذهابي معه.. وبمرور الوقت أصبحت تربيا وتعرفت على أصحاب الأحواش في المنطقة، ومنحنى أحدهم مفاتيح الحوش ملكه كي أعتني به وأصبحت أنا المسئول عنه، وهو الحوش الذي أقيم به منذ 65 سنة.. والذي تزوجت فيه وأنجبت 6 هم كل أبنائي.
عم زكى قال إن مهنة التربي ليس لها دخل ثابت، فهى قائمة على عطية أهل الميت نظير الدفن، ونظرا لكبر سنه وصعوبة حركته أصبح القاصدون إليه لدفن ذويهم قلة، وبناء عليه انخفض دخله وأصبح الشئ الثابت الوحيد لديه هو معاش ابنه المتوفى والذي لا يتعدى 30 جنيها لا تكفى لشراء علبة دواء واحدة لزوجته العجوز التي تلازم الفراش منذ سنوات نتيجة إصابتها بجلطة في القدمين.
مواقف لا تنسى
وبسؤاله عن المواقف التى لا ينساها أثناء عمله قال : مشهدان لا أنساهما الأول منذ 16 سنة حينما كنت أقوم بدفن أحد الموتى.. فبينما كنت أحمل جثمان الميت وأنزل به إلى القبر وجدت نورا شديدا ينبعث من داخل القبر وانبعثت منه رائحه حلوة جدا لم أشم مثلها في حياتي..قلت على الفور "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ياأهل القبر" ، مثلما أفعل في كل مرة أقوم فيها بالدفن، فسمعت صوتا يرد السلام قائلا ( وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ) وكان الصوت منبعثا من جثمان شيخ تم دفنه في هذه المقبرة منذ سنوات طويلة.
منعنى الصوت من دخول القبر وكنت كلما حاولت الدخول أشعر بما يشبه حائطا غير مرئي يمنعني، وتكررت محاولات إنزال الجثة دون جدوى، فظننت آنذاك أن الشيخ لا يريد دفن هذه الجثة تحديدا معه في نفس القبر، واستأذنت أسرة الميت الجديد أن أدفنه في مقبرة أخرى.. فوافقوا بعد أن رأوا بأعينهم ما يحدث وبالفعل تم دفنه في قبر آخر.!
أما الموقف الثانى فكان خاصا بأحد الموتى الذي دفنته من سنوات، فعند فتح المقبرة عليه بعد ثلاثة أعوام لدفن جثة أخرى فوجئت أن القبر درجة حرارته مرتفعة بصورة لم أعهدها طوال فترة عملي، حتى أنني لم أحتمل البقاء بداخله إلا دقائق معدودة.. خرجت بعدها مسرعا وأنا على يقين أن هذه المقبرة بها جثث غضب الله عليهم والعياذ بالله.
أحوال المشاهير
عم زكى قام بدفن عدد من البكوات والباشاوات معظمهم من عائلتي السمالوطى و الفرجانى، بالإضافة إلى الفنان محمد عوض وأشقاء الفنانة ليلى طاهر وأشقاء الفنانة زيزى البدراوى، الوحيدة من المشاهير التى تداوم حتى الآن ،طبقا لرواية عم زكي، بزيارة مقابر عائلتها في المناسبات، في حين أن أسرة محمد عوض لم يأت منها أحد لزيارته منذ سنين طويلة.
ولأن كل مهنة عرضة للتطوير فقد فاجأني عم زكى بمقولة استوقفتني كثيرا عندما هممت بمغادرة المكان حين قال: حال التربية تغير الآن عن زمان ، فالمهنة أصبحت تضم خريجي الجامعة وأصحاب المؤهلات العليا التى ورثوها عن آبائهم من التربية الراحلين، وكان بعض التربية قديما يحملون سلاحا لحماية أنفسهم وحماية المقابر، ولكن هذه الأسلحة تم نزعها قبل 15 عاما، وبعدها كثرت أعمال نهب وسرقة المقابر والجثث.
بلطجية الموت
وعندما سألته هل يشعرون بالخوف هو وأسرته خاصة الأطفال من السكن بالمقابر والحياة مع الموتى.. أجاب ساخرا: الأموات مافيش منهم خوف، وسكت برهة ثم واصل كلامه وقد انقلبت سخريته إلى حزن : الأيام الأخيرة شهدت وجود بلطجية كثيرين في المنطقة يحملون الأسلحة البيضاء أدخلوا الفزع في قلوب أهالينا وبناتنا وبعضهم كان يضايقنا حتى أثناء عملية الدفن، يعني بعد طول عشرتنا للأموات .. الأحياء هما اللي بيضايقونا.. وهما اللي بنخاف منهم.
عم زكى طلب تحسين أوضاع التُربية ولاسيما كبار السن منهم، ومنحهم معاشا ثابتا و علاجهم بالمجان قائلا" أنا متفائل خير بعد رحيل مبارك.. وياريت الرئيس الجديد يكون حنين على الشعب".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.