احتفال الآلاف من الأقباط بأحد الشعانين بمطرانيتي طنطا والمحلة.. صور    جامعة بني سويف تستقبل لجنة المراجعة الخارجية لاعتماد ثلاثة برامج بكلية العلوم    محافظ بني سويف يُشيد بالطلاب ذوي الهمم بعد فوزهم في بطولة شمال الصعيد    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    «التنمية المحلية»: قنا الأولى في استرداد الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    مساعد وزير التموين: أزمة السكر لم تكن مشكلة إنتاج ولكن «سوء التوزيع» السبب    فرق 60 دقيقة عن المواصلات.. توقيت رحلة المترو من عدلي منصور لجامعة القاهرة    «التنمية المحلية»: 40 ورشة عمل للقائمين على قانون التصالح الجديد بالمحافظات    مدير صندوق النقد الدولي: ندعم إجراءات مصر للإصلاح الاقتصادي    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و454 شهيدا    دخول 176 شاحنة مساعدات غذائية عبر معبر كرم أبو سالم|فيديو    «أبو مازن»: اجتياح إسرائيل لرفح الفلسطينية سيمثل أكبر كارثة في تاريخ شعبنا    السفير الروسي بالقاهرة: الدولار تحول إلى وسيلة للضغط على الدول |فيديو    عبد الرازق خلال لقائه رئيس الشيوخ البحريني: حريصون على تنمية العلاقات بين البلدين    تغريم عمرو السولية وحسين الشحات ماليا بسبب مباراة مازيمبي.. اعرف السبب    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة لها    «حميد حامد» رئيسا للإدارة المركزية لامتحانات المعاهد الأزهرية    «الداخلية»: ضبط 15 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    الطقس في الإسكندرية اليوم.. انخفاض درجات الحرارة واعتدال حركة الرياح    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    لماذا غير الفنان الراحل نور الشريف اسمه في وثيقة الزواج؟.. سر بذكرى ميلاده    عالماشي يحقق 127 ألف جنيه إيرادات في يوم واحد ويحتفظ بالمركز الثالث    لن أغفر لمن آذاني.. تعليق مثير ل ميار الببلاوي بعد اتهامها بالزنا    بحضور محافظ مطروح.. قصور الثقافة تختتم ملتقى "أهل مصر" للفتيات بعد فعاليات حافلة    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    «الصحة»: المبادرات الرئاسية كشفت عن 250 ألف مريض بسرطان الكبد في مصر    بنك QNB الأهلي وصناع الخير للتنمية يقدمان منح دراسية للطلاب المتفوقين في الجامعات التكنولوجية    انطلاق فعاليات البرنامج التدريبى للتطعيمات والأمصال للقيادات التمريضية بمستشفيات محافظة بني سويف    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    جدول امتحانات التيرم الثاني 2024 لصفوف النقل والشهادة الإعدادية (القاهرة)    نجم الأهلي: أكرم توفيق انقذ كولر لهذا السبب    تشكيل إنتر ميلان الرسمي ضد تورينو    إدارة الأهلي تتعجل الحصول على تكاليف إصابة محمد الشناوي وإمام عاشور من «فيفا»    البنية الأساسية والاهتمام بالتكنولوجيا.. أبرز رسائل الرئيس السيسي اليوم    أحمد مراد: الخيال يحتاج إلى إمكانيات جبارة لتحويله إلى عمل سينمائي    أول تعليق من مها الصغير على أنباء طلاقها من أحمد السقا    رئيس هيئة الدواء يجتمع مع مسؤولي السياسات التجارية في السفارة البريطانية بالقاهرة    المصري الديمقراطي الاجتماعي يشارك في منتدى العالم العربي بعمان    واشنطن بوست:بلينكن سيتوجه إلى السعودية هذا الأسبوع لعقد اجتماعات مع الشركاء الإقليميين    29 جامعة مصرية تشارك في مهرجان الأنشطة الطلابية في ذكرى عيد تحرير سيناء    مراجعة مادة علم النفس والاجتماع ثانوية عامة 2024.. لطلاب الصف الثالث الثانوي من "هنا"    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن لمن تخطوا سن ال65 عاما    وزير الصحة: «العاصمة الإدارية» أول مستشفى يشهد تطبيق الخدمات الصحية من الجيل الرابع    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    "بتكسبوا بالحكام".. حسام غالي يثير الجدل بما فعله مدرب المنتخب السابق ويوجه رسالة لشيكابالا    المصري والداخلية.. مباراة القمة والقاع    بسبب وراثة غير طبيعية.. سيدة تلد طفلا ب 12 إصبعا    ألفا طالبة.. 4 محافظات تحصد المراكز الأولى ببطولة الجمهورية لألعاب القوى للمدارس -تفاصيل    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 28 أبريل    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يكرهون المدرسة؟
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 23 - 10 - 2010

سألنا طلبة ابتدائى وإعدادى وثانوى من مدارس مختلفة، حكومية وتجريبية ولغات عن أسباب كراهيتهم للمدرسة رغم تغير الحال على الأقل فى شكل المدارس ودخول أنماط جديدة من التعليم، وتطور العلاقة بين التلميذ والأستاذ إلى مستوى أكثر إنسانية من ثنائية الضحية والجلاد.. بحثنا داخلهم عن أسباب إضافية بخلاف كثافة الفصول، وقسوة المدرسين، وغياب الأنشطة، وتخلف المناهج، وكانت المفاجأة أنهم ردوا على سؤالنا بسؤال صادم ومحفز هو: ولماذا لانكره المدارس؟!!!!
المعنى.. أنهم قادرون على صياغة أسباب تجعل الكراهية هى الفعل الأكثر منطقية.. وقد فعلوا.. قالوا أسبابا كثيرة تستدعى الانتباه والدراسة.. ولو أخذها المسئولون والأهالى على محمل الجد لتغير حال المدارس إلى الأفضل، بحيث تتخلص من القبح المحبط الذى أشار إليه د.مصطفى الرزاز فى حوارنا معه، وتربى شخصيات يمكنها أن تتحمل مسئولية الغد بكل تعقيداته، وليست معامل تفريخ المدمنين والمتطرفين بحسب ما قاله د.إسماعيل يوسف أستاذ الطب النفسى بجامعة قناة السويس فى حوار آخر.
هناك العديد من التفاصيل المزعجة التى تفرض نفسها على اليوم الدراسى، تجعله أقرب إلى احتفالية تعذيب يومية، وتزيد فتور الطالب تجاه المدرسة حتى يصبح الذهاب إليها مثل مهمة ثقيلة على الروح والأعصاب.. ولا شفاعة فى ذلك لطالب مدرسة أجنبية أو حكومية، أو تجريبية.. الكل كارهون رغم الرغبة الجامحة التى تطارد الشهادات، والتى لايهدئ روعتها وإيقاعها يقين الطلبة بأن مصيرها السكن فى برواز كئيب معلق على حائط شاحب أكثر كآبة.
مدارس الحكومة.. الخرطوم مفتاح التفوق
البداية مع طلبة ابتدائى من سنة أولى إلى رابعة.. هويدا محمد تحكى: أكثر ما أكرهه فى مدرستى أن «الأبلة آمال» التى تعلمنا الحروف تضربنى.. إذا وقفت بجانبها كى أعرف الواجب ضربتنى.. إذا نسيت شيئاً تضربنى.. كذلك يضايقنى «العيال» فى المدرسة، لأنهم يتشاجرون طول الوقت مع بعضهم ومعى، فيضربوننى ويوقعوننى على الأرض أثناء «المرواح» ولا أحد من المدرسات تدافع عنى أو تساعدنى على الوقوف.
جدولى ليس فيه حصص ألعاب، أو أنشطة مشوقة.. كما أنى أجلس فى «التختة» الأخيرة. علياء عبدالراضى تقول: يضايقنى الأستاذ صلاح، فهو يطلب منا أن نضع رءوسنا على «التختة» وننام حتى نهاية اليوم الدراسى.. «الحمامات» رائحتها سيئة جدا.. مرة ولد قطع «ودن» شهد زميلتى، والأبلة لم تفعل له: شيئاً، ومرة أخرى بكت زميلتى فى الفصل وقالت للأستاذ: عاوزة أروح الحمام، فرفض، فبكت وقالت له عاوزة أرجع الحضانة، لذلك أخاف أن أتحدث مع أحد من المدرسين.
أحمد عبدالدايم: أحب المدرسة ولكنى أخاف من منظر «الخرطوم» فى يد الأساتذة. ومن الزحام الشديد، أشعر أنى أختنق، والأبلة إيمان تضربنى دون أن أفعل شيئاً. رضوى منصور: الفصل شكله وحش قوى، لونه أوحش.. التختة مكسرة، والحيطان أيضا مكسرة، ومبنى المدرسة نفسه «متوسخ» والحوش مليان زبالة.. أكره حصص العربى، لأن الأستاذ لا يقرأ ولا يشرح.. يكتب على السبورة كلاماً كثيراً، ولا يتكلم وحين يسأل أحدنا فى شىء يضربنا بشدة. فى المرحلة الأخيرة من الابتدائية، تظهر أسبابا جديدة للكراهية.. تقول شروق: أكره المدرسة بسبب الضرب، وقلة أدب الصبيان، إنهم يدفعوننا من فوق السلم، ويسبون الدين بسبب ومن غير سبب.
نور محمد: أكره المدرسة بسبب الصبيان فهم يقومون بخلع الدكك، وعمل عصيان منها ليضربونا بها، ويقومون بالبصق فى الورق وإلقائه على وزميلاتى، وحين نشتكى للمدرس يضرب الجميع على أساس أن السيئة تعم.
رحاب عبدالعزيز: مفيش عدالة.. مثلا أستاذ الرياضيات نقصنى درجات شهرين لأنى لم آخذ درساً عنده.. كما نزلت لمسئول المسرح، وطلبت منه أن أنضم إلى فرقة المدرسة لكنه رفض دون إبداء أسباب.. ورغم أن لنا حصتين ألعاب فى الأسبوع حسب الجدول إلا أن مدرس الألعاب يقول لنا: العبوها فى الفصل، ويشعل سجائره ويكتب فى كشكول الإنجاز ما يفترض أننا أخذناه.. أستاذ العربى ينادينا ب «يا أولاد الجزمة»، مدرس الرياضة يضربنا بالخرطوم، وحين نطلب من أستاذ المكتبة النزول إليها يقول: «يخرب بيت أبوكم، يخرب بيت أمكم»، أستاذ الكومبيوتر لا يضرب البنات لكنه يضرب الأولاد على ظهر يدهم بالمقشة.
عبير إبراهيم: كلمة كراهية لاتكفى لوصف مشاعرى تجاه المدرسة، أنا أخافها، فقد قام مدرس بحمل طالب من رقبته، حتى كاد يلفظ أنفاسه، وظل عاجزا عن التنفس لفترة، وأمره بالوقوف حتى آخر الحصة ومنع أيا منا أن يعطيه مياها كى يشرب.
من إحدى مدارس البنات الإعدادية بالدقى، قالت مارينا عاطف: أكره «شخبطة» البنات على الجدران، وصمت الأساتذة هذا يضايقنى بشدة.. غالبا أشعر أن ذهابى إلى المدرسة سدى، فالمدرسون لا يشرحون.
وفى مدرسة إعدادية أخرى بمنطقة باب اللوق، قالت ندى عبدالوهاب، فى الصف الثانى: المدرسة تضييع وقت، حتى الآن لم يدخل لنا مدرس عربى، كان لنا مدرس انتقل إلى مدرسة أخرى، وظللنا نحن بلا مدرس، نقضى حصص العربى وهى كثيرة بلا عمل.. الملل يقتلنا.. مدرس الرياضيات أحبطنى وزميلاتى، كلما رآنا يقول «سوف ترسبن».
وفى إحدى مدارس بولاق الدكرور الإعدادية، قالت منى عبدالوهاب فى الصف الثالث: حين أدخل إلى المدرسة أصاب باكتئاب، المدرسة فى واد، ونحن فى واد، تضايقنى أيضا مشاجرات البنات التى تنشط عقب الفسحة، لأتفه الأسباب.. المناهج غريبة، كتاب العربى بالذات، لا أدرى فيه أين يبدأ الدرس وأين ينتهى.. يزعجنى أن ألتزم فى حين لا تلتزم زميلاتى، يأتين بملابس مخالفة، طرح بمبى، وأصفر، وموف.. ومدرسون «أشكالهم تخوف» مدرس العربى بالذات، ذقنه طويلة، وآخرون يأتون إلى المدرسة بملابس لا تليق بأستاذ، بعضهم يرحل بعد الحصة الثانية.
نادية القاضى: أكره المدرسة بسبب المدير الذى يتعامل معنا كأننا غنم، والتغيير المستمر فى المناهج حتى إن مدرستنا تقول إن منهجنا من ثانية ثانوى.. الضغط كبير بين الدروس والمجاميع واستغلال المدرسين، الذين يقولون صراحة: من لن يدفع سيندم.. فى الفصل يعاملنا المدرسون بطريقة غير محترمة، يهرجون بحجة أنهم مثل آبائنا، ولكن نظراتهم تفضحهم.
مدارس تجريبية.. ممنوع اللعب فى ذكرى أكتوبر
المدارس التجريبية مختلفة بعض الشىء عن المدارس الحكومية فى أسباب الكراهية.. من إحدى المدارس التجريبية فى الجيزة، يقول أحمد عماد فى الصف الخامس الابتدائى: أكره المدرسة لأن الفسحة 5 دقائق فقط، لا نلحق خلالها أن نأكل، والأيام التى يكون عندى فيها مجموعة لا أرحل فيها من المدرسة قبل الساعة السادسة.. فكيف هذا؟ متى آكل؟
أكره المدرسة لأن فيها مدرساً كلما رآنى ينادينى «يا كلبوظة»، أيضا ميس إيناس تجذبنى من القميص بصورة تضايقنى كلما رأتنى، وفى إحدى المرات كدت أن أقع حين قررت أن تأكلنى «نص» فى وسط الحوش، فوقعت هى، أما ميس الإنجليزى فدخلت لنا ووضعت يدها فى وسطها وقالت «مين عنده شخصية؟ كلكم معندكوش شخصية» فوقفت وقلت لها «أنا عندى شخصية»، فضحكت وسخرت منى وأمرتنى بأن أجلس.
عمر إبراهيم، فى الصف الثانى الإعدادى قال: إنهم يأخذون منا ولا يعطوننا شيئاً فى المقابل، يوم حرب أكتوبر، كافأنا الأستاذ أن منعنا من نزول حصة الألعاب..! جلسنا فى الفصل لنتعذب، فالمراوح فى الفصل لا تعمل، وإن عملت فهى تتأرجح حتى تكاد تقتلنا، حتى إننى أبتعد عنها كى لا تصيبنى إن سقطت، الدسكات كلها مسامير، وكذلك الجدران، فتتمزق ملابسى باستمرار.. ينغص على فى المدرسة زملائى المدخنون، وخراطيم الكهرباء البرتقالية فى أيدى الأساتذة.
سور المدرسة منخفض جدا، يرمينا منه شباب الثانوية بالطوب، وأحيانا يتشاجرون معنا بالمطاوى.
عاصم صفوت: إن كانوا يريدون إرجاع الضرب، فليس لدرجة «الخراطيم» والغشومية حتى إن ذراعى كاد ينكسر بينما كان أحد المدرسين يلوح بعصاه فأصابتنى.. أحد أبرز أسباب كراهيتى وكراهية كثير من زملائى للمدرسة هو شعورنا بالعجز أمام بلطجية المدرسة، حيث إن هناك مجموعة من طلبة الثانوية يفرضون على من هم أصغر «كارتة» بمعنى أنهم يقفون على سلم المدرسة، ويقومون بتثبيت من يستضعفونه بمطاوٍ، ليأخذوا منه خمسين قرشا أو جنيهاً، أو لو شعروا أنه ضعيف جدا يمدون أيديهم فى جيوبه ويأخذون كل ما فيها، فإن أبلغ مدرساً أو مديراً فإنه ينال «علقة» محترمة منهم مجتمعين.. والبلطجة ليست من أجل المال فقط، بل من أجل الاستعراض أمام البنات ولفت أنظارهن، وحين يرى المدرسون ذلك لا يحركون ساكنا وتلك هى الكارثة، فى مدرستى يجب أن تكون مجرما كى يحترمك الآخرون، لى زميل يكره المدرسة لأنه يتعرض للضرب يوميا على أيدى هؤلاء الطلبة، فهو ضعيف البنية، قليل الكلام، يقوم طلبة الثانوى بضربه، أغلبهم يحمل مطواة دبلة، وأمريكان ستيك، ولا أعرف كيف يتركهم المدرسون.. أو كيف يسمحون لبعض الشباب بأن يطيلون شعورهم ويضعون فيها «توكة».
مدارس خاصة.. اختفاء الكولدير بعد يومين
دينا محمد الصف الخامس الابتدائى تقول: لازم أحب المدرسة، لكن أيام بكون خايفة لما أنسى حاجة، لأن الميس ستضربنى.
محمد شريف، طالب بالصف الثالث الابتدائى، قال: لا أكره المدرسة، ولكنى أتضايق من المجىء لها بسبب مادة العربى، لأنه علىَّ طوال الوقت أن أكتب حروفاً، وأنا لا أحب كتابة الحروف. آية جمال، الصف الثانى الإعدادى: أكره عصبية المدرسة، وبرود الطلبة فى التعامل مع المدرس، والبجاحة أيضا.
أحمد شعبان الصف الرابع الابتدائى: مش بناخد حصة ألعاب، المستر حارمنا منها، ورغم إنى بحب الرسم إلا إن حصته وحشة، المدرسة كئيبة، حتى حين أحاول أن أكتب فى كراستى بأقلام ملونة بمبى وأخضر وموف يضربنى المستر، ويطلب منى ألا أكرر.. وإذا اشتكى أحدنا إلى المستر أحد زملائه ويطلب نقله إلى فصل آخر، يضرب الأستاذ الشاكى وينقله. هو نفسه إلى فصل آخر، فى إحدى المرات قام زميلى بجلب «موس» معه.
إحدى مدرسات العربى بالمدرسة قالت: أكثر شىء يدفع الطفل لكراهية المدرسة عدم حبه للفصل، وتعنيف المدرس الدائم له، خاصة لو كان مستواه ضعيفاً، فإنه يصاب بعقدة من دخول الفصل، لأنه يشعر بنقص مقارنة بزملائه.
أحمد عادل، الصف الثالث الابتدائى: أحيانا يمسك الأستاذ «ماسورة» ليضربنا بها، المدرسون يضربون بسرعة شديدة، فلا أستطيع أن أشرح وجهة نظرى أو أدافع عن نفسى.
نبوى عبدالقادر، الصف الخامس الابتدائى: الميس تجبرنى على الجلوس فى الصف الأخير، رغم أن عينى تؤلمنى، ولا أستطيع أن أرى من هذا المكان، وحين أشكو تضربنى.
سارة عادل الصف الثالث الإعدادى: أكره الحمامات، ليست نظيفة، ووجودى بالمدرسة ممل، خاصة فى الصيف، لأن المياه تكون ساخنة، رغم أنهم أحضروا «كولدير» وفرحنا، ولكنه اختفى بعد يومين فقط.
المدارس الأجنبية..كلنا محاصرون
للطالب هنا أسباب مختلفة.. آلاف الدولارات لم ترحمه من ألم اليوم الدراسى.. سلمى آدم، الصف الثالث الإعدادى بإحدى المدارس الألمانية تقول: لا أستطيع أن أقول إننى لا أحب المدرسة، ولكن بها أشياء كثيرة تضايقنى،فمثلا لماذا تكون المدارس صباحا.. هذا شىء مزعج لماذا كل هذا الملل فى الحصص؟ خاصة تلك التى تدور حول موضوعات لا تجذب الانتباه أو تثير الفضول.. أكثر ما يضايقنى المدرسون كبار السن، لأنهم يكونون «عصبيين».. ولماذا تأخذ مادة واحدة حصتين متتاليتين..ثم لماذا الزى المدرسى، ماذا لو كان لكل طالب الحرية فى ارتداء ما شاء؟
راجية عمران، الصف الأول الثانوى: كثيرا ما أشعر أن ذهابى للمدرسة كابوس، وذلك حين يكون عندنا امتحانات، لأنها غالبا صعبة، أخاف من النتائج السيئة. يضايقنى مدرس العربى والدين، فهو فخور بنفسه جدا، ولا يراعى ضميره فى الوقت نفسه، العام الماضى لم يستكمل معنا المنهج قبيل الامتحانات، لأنه يتحدث طوال الوقت فى أمور خارج الدراسة، وقد كنت خائفة بحق أن يدرس لى هذا العام، وقد حدث، اليوم كان يتحدث عن حرب أكتوبر، وكيف أنه حارب فيها، ثم قال لنا «منهجكوا زبالة».. لم أفهم علاقة كل هذا بالحصة أو المنهج.
ليلى سليمان، تشتكى من أن المنهج ثقيل، نأخذ فى اليوم من7-9 حصص، الحصة45 دقيقة، والمنهج صعب، يشعرنى هذا بالعجز، ويزداد الأمر سوءا مع مدرس العربى، الذى يمثل التدريس ولا يقوم به، فهو يتعامل معنا بسياسة القطيع، وقد ظهر هذا بوضوح فى مادة التعبير، حيث أعطانا ما دعاه «مقدمة، وخاتمة» حفظها الطلبة، ودخلوا وكتبوها فى الامتحان، ورغم أننا كتبنا جميعا ذات المقدمة والخاتمة، إلا أننا نجحنا جميعا، فريدة كريم: ولما بيكون فى حصة فاضية، لا يتركوننا نلعب، وإنما يشغلونها بحصة ألمانى أو إنجليزى.
نور الدين علام الصف الأول الإعدادى: لو أتيحت لى فرصة إدارة المدرسة فسوف أحرق أستاذاً بعينه، لأنه يحكم على كل من يريد الذهاب إلى دورة المياه أن يحصل على «كارنيه» يفيد بأنه ذاهب إلى الحمام،وهناك عقاب سخيف، للبعض، يكون بإعادة بعضنا إلى المدرسة فى يوم الأجازة الجمعة أو السبت، وبقائه فى تلك الغرفة يكتب..! المدرسون.. أغلقوا «السيبرات»
الأستاذة ثناء عبدالكريم، أستاذة اللغة الإنجليزية بالمدرسة قالت: كيف يحب الطالب المدرسة، وسبب مجيئه لها غير متوافر؟ الطلبة لم يتسلموا كتب اللغة الإنجليزية بعد، أنا نفسى اشتريت كتاب المدرسة وكتب المستوى الرفيع ب45جنيهاً، يضاف إلى هذا خروجهم من المدرسة فى الثالثة يوميا،
كيف يكون لهم أن يذاكروا ويناموا ويذهبوا لمدارسهم أو حتى يأتون فى اليوم التالى؟
هدى واصف، أستاذة العلوم بإحدى المدارس الخاصة رأت أسباباً مختلفة قد تدفع طلابها لكراهية المدرسة.
قالت : واحدة من أبشع الظواهر التى جعلت الطلبة يكرهون المدرسة، بل ويهربون منها، هى «السيبرات» المجاورة لكثير من المدارس، حيث يجرى عليها الطالب عقب المدرسة، وأحيانا يذهب لها قبل المدرسة، فيجد نفسه تأخر، فيضطر لأن يقضى اليوم بها، أغلب هذه السيبرات تتعمد أن تفتح أبوابها إلى جوار المدارس مستغلة الأعداد الكبيرة، واستعداد الطلبة للهروب والانحراف فى سن مبكر كالابتدائى والإعدادى، حتى لو كان الولد محترماً ومؤدباً، يذهب حبا فى الاستطلاع، لذلك يجب أن يتم مراعاة عدم منح تراخيص للسيبرات إلى جوار المدارس.
د. مصطفى الرزاز: مدارسنا قبيحة جداً
د.مصطفى الرزاز، الفنان التشكيلى المعروف، وأستاذ الفنون وصف شكل المدارس بأنه كئيب ومنفر، ويؤثر سلبا على الطلبة.. وقال خلال حواره مع روزاليوسف أصبحنا نرى فى المدارس ألواناً وتجميلاً وزخرفة متخلفة، تشبه وضع الكثير من أصناف الطعام التى تؤدى إلى التخمة.
كيف ترى المدرسة المصرية؟
مثل الفرن البلدى.. المسئولون فيها وعنها يتعاملون بثقافة أصحاب الأفران.. كلاهما لا يهتم بالشكل.
صاحب الفرن يكتفى بتوفير الرغيف الذى يملأ بطون الناس «ويبوسوا إيديهم وش وضهر»، والمسئولون عن المدارس يتغنون بجهودهم فى توفير مقاعد وأماكن للطلبة، كأنهم يقولون للأهالى «احمدوا الله على كده» وهذا لا يمكن أن يكون طموح مسئولين يريدون التقدم، ويسعون له.
ما هو رأيك فى زخرفة الأسوار الخارجية للمدارس؟
- بخلاف عدم مراعاة الشكل المعمارى والجمالى أو التناغم بين الألوان والمساحات، أجد تنافرا غير طبيعى فى الملصقات والرسومات والتى تتميز بدرجة كبيرة من الفجاجة. كان للدكتور حسين كامل بهاء الدين، اهتمام بالفنون، وحاول أثناء فترة توليه للوزارة أن يشجع الفنون فى المدارس عبر مسابقة يرسم خلالها الأطفال الأسوار الخارجية لمدارسهم، فتصبح واجهتهم الخارجية من صنعهم ونتاج عقولهم..
مشروع محترم، ولكن تنفيذه خضع للفرض والطاعة والأداء الوظيفى، دون أدنى إيمان بالفكرة، فخرجت فجة، فضلا عن الأخطاء التربوية الرهيبة التى نتجت عنها، حيث استعان العديد من المدارس برسامين تجاريين، وبعضهم كلف مدرسى التربية الفنية فى المدرسة بالمهمة، وهو التصرف الذى أكد للطلبة أن كلا من المدرسين والمدرسة كذَابون، وأنه مثلهم وافق أن يكون كذابا، وهو ما أدى إلى حالة تربوية مضادة وخطيرة، حولت الفكرة النبيلة إلى فكرة مشوهة، سيئة.
وكيف قد يؤثر الشكل على الطالب؟
- الشكل الجمالى ينعكس بالتأكيد على حب الطلبة للمدرسة، وبالذات الأطفال، وقد علمت مؤخرا أن نسبة مئوية معينة من الأطفال يهربون من بيوت أهلهم كى لا يذهبوا إلى المدرسة.. أى أن الطفل فى مرحلة ما قد يفضل التسكع على الرصيف على الذهاب إلى المدرسة.
هل ما تراه من تصاميم وألوان يؤثر سلبا أم إيجابا على نفسية الطالب؟
- لو أن المرء ارتدى كوفية أو ايشاربا زاهى اللون، على تى شيرت زاهى اللون، على بنطلون زاهى اللون، على حذاء زاهى اللون، بالتأكيد سيكون الشكل منتهى الفجاجة.. يجب أن يكون هناك لون محايد كى يبرز جمال اللون الزاهى.. ليس كافيا أن تزين وتضع ألوانا زاهية جميلة، المهم أن تنسقها وتجعلها تتحدث عن نفسها.
كيف يمكن تحسين شكل المدارس على أوضاعها الحالية؟
- فى العصر الحديث، هناك طريقة أفضل لبناء الكيانات الضخمة، كالمولات وسلسلة المحلات، حيث تستعين الشركة الأم بمصمم أو مهندس فنان موهوب، يضع لها تصميماً موحداً مميزاً لكل فروعها فى أنحاء العالم، وتعطى له كل ما يطلبه من أموال، مقابل التصميم، ومن الممكن أن تقوم هيئة الأبنية التعليمية بنفس الفكرة.
د. إسماعى يوسف مدارسنا تربى مدمنين ومتطرفين دينيين
عذابات الذهاب إلى المدرسة، شكلها، ملل الحصص وإلقاء المدرسين، صوت الجرس المزعج، خناقات الطلبة مع بعضهم أو مع أساتذتهم.. مشاهد لم تنمح بعد من الذاكرة وربما لن تنمحى.. مازالت تؤرقنا، وتؤكد أن الصدمة التى تتركها أيام الدراسة فى نفوسنا ليست بالبسيطة أو السطحية.. كيف يمكن إنقاذ الطلبة من هذا المصير؟ الدكتور إسماعيل يوسف أستاذ الطب النفسى بجامعة قناة السويس، أكد أن هذا الكابوس يراوده هو نفسه.. عن هذا الهم المشترك كان الحوار.
هل المدرسة بشكل عام عبء؟
- الدراسة عبء على الطلبة مهما كانت خفيفة، أو بسيطة.. البشر بطبيعتهم لا يطيقون تلقى كميات ضخمة من المعلومات والبيانات.. فى إنجلترا نفذوا تجربة، قامت على منح الحرية الكاملة للطلبة، وذلك بفتح فناء واسع لهم، ومنحهم الحرية فى اختيار العلوم والأنشطة التى يريدون، وحق الاختيار بين اللعب والدراسة، دون التزام بمنهج أو دراسة أو حضور فى أوقات بعينها، إن أراد الحضور أتى، وإن لم يرد فليحضر ما يريده من أسئلة وموضوعات ويأتى للتباحث بشأنها، ولكن هذه الفكرة فشلت فشلا ذريعا، لا يوجد حل أمام الطالب إلا أن يقبل على المعرفة.
ماذا عن المعاناة؟
- العبء النفسى الواقع على الطفل المصرى ضخم، فضلا عن المخاوف التى تستمر معه وتثنيه عن تحقيق نفسه أو التعبير عنها، فيتحول إلى إنسان انطوائى، يفضل الابتعاد عن الآخرين على التعامل معهم.
ماذا عن المدرس؟
يجب أن يخضع اختيار المدرسين، خاصة هؤلاء الذين يتعاملون مع طلبة المرحلة الابتدائية لدراسات شديدة، فلو كان شخصا سخيفا أو غير مقبول شكلا أو موضوعا، لا يجب أن يصبح مدرساً، هذا ما تطبقه دول مثل ألمانيا، وهولندا، أما فى السويد فيلتقون المدرس صباح كل يوم، ويتحدثون معه لدقائق فإذا وجدوه غاضبا أو به نكدا لأسباب شخصية أو وظيفية، يأمرونه بالعودة من حيث أتى، فهم يرون أن وجود أستاذ كئيب «متعكنن»، يؤثر على مستوى تحصيلهم.
المعاملة السيئة .. كيف تؤثر فى الطالب؟
- كوارث التعليم من ضرب، وإهانة فعلية ولفظية تنتج نوعية من الأشخاص لديهم مشاعر متبلدة، وانتهازية، وكرامة معدومة، وهذا النوع من البشر لا يحترم كرامة الآخرين.
هل ينتج عن ذلك أمراض نفسية؟
- لو أن المدرس أحرج الطفل أمام زملائه، أو أرهبه من امتحان أو عقاب، يظل هذا الطفل يعانى طوال عمره، قد لا يدرى المدرس خطورة ما فعل، ولكنها تأثيرات تدوم على المدى الطويل، تزلزل التكوين النفسى للمرء، وتجعله مضطرب الشخصية، هى معاناة شائعة عند الكثيرين، لا يدرك أغلبهم أن سببها الأساسى هو المدرسة.
لماذا مازالت المدارس تؤدى بهذا الشكل؟
- هذا تراث قديم ورثناه عن مدارس أوروبا فى القرون الوسطى، حينها كانت المدرسة تستخدم لتعليم الانضباط واحترام النظام العام، كانت بشعة، تضع التعليم فى مرتبة متأخرة من أولوياتها، ورغم أنهم وصلوا الآن إلى المرحلة التى أصبحوا معها يتشاورون مع الطلبة فيما سيتم تنفيذه، إلا أننا، مازلنا نتعامل مع طلبة بلا موقف، أو رأى.
وكيف يؤثر طول اليوم الدراسى؟
- البقاء لمدة طويلة فى اليوم الدراسى، ولسنوات طويلة فى مراحل التعليم المختلفة، مع كميات المعلومات الضخمة، دفعت المختصين إلى محاولة إيجاد طرق أفضل للتعليم ونقل المقررات، منذ قرنين وهم يحاولون تقليل المعاناة من العملية التعليمية، الطفل بطبيعته يكره الهدوء والمعرفة، يود أن يلعب ويستمتع ويلهو.
وماذا عن غياب حصص الموسيقى والنشاط الفنى بشكل عام؟
- لو أننا أردنا حقا تقويم الاتجاهات المتطرفة لدى الطلبة، فعلينا أن نهتم بالفن والموسيقى فى المدارس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.