طلبة لايتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة ويوم دراسى مبتور.. لاطابور صباح.. ولا حصص ولاجرس يدق.. ولا أساتذة تدرس!.. إنها الحال فى أغلب المدارس، وكان قرارا مجتمعيا بوقف الدراسة فى مواجهة الانفلونزا التى اخترقت المدارس بمئات الإصابات بين التلاميذ والمدرسين مات منهم تلميذ إعدادى ثانٍ بعد تلميذ حلوان، وبالتالى كان من المنطقى أن تتحول المدارس إلى ثكنات أمنية يحميها بودى جاردات من أى محاولة لاختراقها وسط حالة من القلق! حاولنا عدة مرات ورفض الجميع فى مدارس بالقاهرة والجيزة واشترطوا تصريحا من الوزارة التى ترفض بالثلث تجربة إثارة القلق والتأثير على سمعة المدارس، والتى تطبق مبكراً السيناريو الأسوأ! حاولنا دخول مدرسة المنيرة الاعدادية النموذجية بنين التى تبعد عن الوزارة عدة أمتار.. ووجدنا حالة من الهرج أمام بوابة المدرسة فتجمع ما يقرب من 20 طالباً بملابس لا علاقة لها بملابس المدرسة وعندما سألناهم عن أسباب تواجدهم فى منتصف اليوم الدراسى كانت إجاباتهم مختلفة بعض الشىء وإن اتفقوا على مضمون واحد فقال لنا محمد منصور إنه ينتظر خروج مدرس اللغة العربية الذى وعده بتأجيل موعد الدرس الخصوصى ليكون فى ميعاد الفسحة تقريباً. واتفق معه أن ينتظره مع بقية زملائه الخمسة حتى يحصلوا على الدرس فى أقرب منزل لأحدهم مشيراً إلى أنه لم يأت إلى المدرسة إلا مرة واحدة بعد إجازة عيد الأضحى فلم يجد فى فصله (2/10) الاعدادى سوى طالبين فقط حيث تم إغلاق هذا الفصل منذ 3 أسابيع تقريباً بسبب إصابة أحد زملائهم بالانفلونزا.. ومنذ تلك اللحظة وأعداد الطلاب ينخفض فكانت كثافة الفصل تصل إلى 40 طالباً فى اليوم الدراسى العادى وصلت إلى ما يتعدى 9 طلاب وهذا ما دفع بعض المدرسين لدمجنا فى بعض الحصص الدراسية كالرياضيات والعلوم مع فصول أخرى! ووجدنا 3 طلاب آخرين يحاولون تسلق السور محاولين الخروج. كل هذا أمام مسمع ومرىء الجميع حتى أمام بواب المدرسة الذى رفض دخولنا ومنع دخول الطلبة الذين لم يحضروا من بداية اليوم الدراسى.. وقال لنا الطالب (أحمد طارق) فى الصف الأول الإعدادى إن مستوى النظافة بالمدرسة متدنٍ جداً فى الحمامات فتملؤها الحشرات الزاحفة ولا يجدون أى مطهرات ممكن استخدامها، وكفاية علينا بعض الملصقات التى حرصت إدارة المدرسة على تعليقها بخطورة وباء أنفلونزا الخنازير وإحنا مش عارفين نعمل إيه نجى المدرسة ولا لأ لذلك اتفقنا نقعد فى البيت نتابع القنوات التعليمية اللى ملتزمة بشرح جميع جزئيات المنهج وفق الخطة الزمنية التى وضعتها الوزارة! أما عبدالله محمد الطالب بالصف الثالث الاعدادى فيحرص على المجىء لتقديم ملف الإنجاز فقط وهو عبارة عن نشاط منزلى مكلف به فى كل المواد الدراسية يتم احتساب درجاته كل شهر لتضاف نهاية النصف الدراسى على المجموع الكلى ويقول هناك 35 طالبا فى الفصل وكلهم يأخذون دروساً خصوصية فى أحد المراكز الدراسية فى كل المواد بأسعار تتراوح فيها الحصة ما بين 15 جنيهاً و 20 جنيهاً وإن كانت فى بعض المواد تصل إلى 30 جنيهاً لو عددنا قليل فهذه شروط المدرسين وعلينا أن ننساق لأوامرهم. بينما كشف لنا الطالب طارق إبراهيم فى غضب شديد إن المدرسين يأتون إلى المدرسة فقط لإثبات حضورهم ويتفقون على مواعيد الدروس الخصوصية، واحنا مش عارفين هنمتحن فى الجزئيات التى تم إغلاق الفصل فيها ولا لأ خاصة إن المدرسة لم تغلق وبقية الفصول أخذت هذه الجزئيات. حالة من البلبلة يعيشها الطلبة فيقضون ساعات طويلة فى المدرسة تائهين بين أحاديث المدرسين وأولياء أمورهم والشائعات التى يرددها البعض باحتمال إلغاء امتحانات نصف العام والاكتفاء بامتحانات الشهور التى تدخل فى درجات التقويم الشامل حيث تم ختم أوراق إجابات الطلبة لأول مرة كما قال لنا خالد مرسى إننى فوجئت بإلحاح مدرس الرياضة بحثنا عن الإجابة بشكل نموذجى ونتخيل أننا نجيب عن ورقة امتحان نهاية عام خلال امتحان التقويم الشهرى، كما تم ختم الورقة التى نجيب فيها وعندما سألنا المدرسين قالوا إحنا مش عارفين الفترة الجاية ممكن ينتشر المرض ولا لأ ولكننا ملتزمون بالمناهج التى تم تدريسها. وسرد لنا.. خليل عباس الطالب بالصف الثالث الإعدادى يومه الدراسى إنه يأتى فى الساعة السابعة والنصف صباحاً ولكن للأسف تم إلغاء الطابور فلا يجد سوى أعداد قليلة من المدرسين تعد على أصابع الأيدى فى فناء المدرسة، فيتم دخولنا إلى الفصول مباشرة، ولأن أعداد الغياب مرتفعة جداً فكان عددنا 46 طالبا أصبح اليوم فى المتوسط 9 أو 8 طلاب فلا يجد المدرس طلبة فيكتفى بالوقوف أمام الفصل حتى تنتهى الحصة التى تم اقتصارها إلى نصف ساعة بعد أن كانت ساعة إلا ربع وليس كل المدرسين يفعلون هكذا فهناك بعض المدرسين يدخلون الفصل ويشرحون جزءا من المادة فى مدة لاتتعدى العشر دقائق ويعطينا بقية الحصة نتسامر فيها، ويحملنا بكمية كبيرة من الواجبات الدراسية ولأن معظمنا يحصل على دروس خصوصية فلا يدقق فى سؤاله، مشيراً إلى أن حصص الألعاب لم يتم إلغاؤها فمشرف الدور يتركنا ننزل إلى فناء المدرسة بعد انتهاء كل حصة. وأضاف: إن المدرسين يتعاملون معنا بمنتهى الحذر بعد إصابة أحد زملائنا بالمرض وبرغم وجوده فى المنزل إلا أنه بعد الشفاء مباشرة وعودته للمدرسة يخاف المدرس التعامل مع تلاميذ هذا الفصل بالذات فيشرح عشر دقائق ثم يخرج بقية الحصة فى الطرقات. وفى المقال يدافع عماد أحمد مدرس الرياضيات بالمدرسة بقوله: إن الخريطة الزمنية للدراسة والامتحانات تسير فى موعدها المحدد الذى تم إبلاغنا به من قبل مديرية التربية والتعليم حيث ستبدأ امتحانات نصف العام فى 22 يناير من 2010 نافياً حدوث أى تسيب فى المدرسة قائلاً إن أولياء الأمور يخوفون بشكل مرضى على أولادهم حتى إنهم لا يأتون بهم فأحياناً نجد أن أعداد الطلبة بالفصول لاتتعدى 15 طالبا فى الوقت الذى قامت فيه الوزارة بتقليص أعداد الأيام الدراسية إلى 3 أيام فقط أسبوعيا. وبرر د. عادل عبدالغفار المستشار الإعلامى لوزارة التربية والتعليم هذا الغياب أنه مرتكز فقط فى محافظات القاهرة الكبرى حيث شهدت حوالى 80٪ من حالات الإصابة على مستوى الجمهورية بعكس بقية المحافظات التى تحظى بنسبة عالية من الحضور تصل إلى 90٪، قائلاً إن سياسة الوزارة واضحة فى المناهج حيث طلبنا من كل إدارة تعليمية حصر المدارس التى تم إغلاق فصول بها أو تم إغلاقها بالكامل لحذف المناهج الجزئية من الامتحانات، ومضيفاً بأن هذا الكلام لايعنى أننا سنلغى المناهج خاصة فى المرحلة الابتدائية والإعدادية وإنما سوف يركز واضعو الامتحانات على العناصر الرئيسية فى المناهج بعيداً عن الجزئيات الغامضة أو التى تكثر فيها الاستفسارات. وقال إننا اتخذنا عدة إجراءات أخرى للتيسير على الطلاب للتجاوب معهم فى هذه الظروف الاستثنائية فجعلنا تقييم امتحانات التقويم الشامل مرتين فى العام الدراسى بدلاً من ثلاث مرات كما أصدرنا توجيهات إلى جميع المديريات التعليمية بإعفاء الطلاب من الاختبار الشهرى فى المدارس أو الفصول التى يتم إغلاقها بشكل مؤقت حتى يتساوى الطالب فى درجة استيعابه ودراسته للمادة مع زميله الذى حصل على كم أكبر منه فى المناهج الدراسية وأنهى كلامه بأن خوف الناس غير مبرر لأن وزارة الصحة تعلن بشفافية أسماء المصابين من خلال مستشفياتها الحكومية بالإضافة إلى معامل التحاليل الخاصة التى وافقت على إجرائها هذه التحاليل وفق معايير محددة وضعتها وزارة الصحة حتى لايتسبب هذا الأمر فى حدوث بلبلة أو تتم المتاجرة بصحة المواطنين.؟ عام دراسى استثنائى! بكل ملامحه.. من بدايته وحتى الآن.. هذا العام الدراسى هو استثنائى جداً لم يمر علينا عام مثله من قبل، أو على الأقل منذ عشرات الأعوام!.. فالمدارس تحولت إلى مبان مهجورة لايزورها إلا عدد قليل جداً من الطلبة والمدرسين والعمال رغم أن الحكومة مصرة على استمرار العام الدراسى وترفض خسارته، أوتضييعه على تلاميذ مصر كما تقول! ورغم عودة المدارس منذ أسبوع بعد إجازة العيد إلا أنه عملياً المدارس لاتزال فى إجازة، فالتلاميذ يتحججون بالخوف من الأنفلونزا ولا يحضرون لمدارسهم واتفق أغلبهم على الاستسلام للبرامج التعليمية التى لايعانون من صعوبتها فى بعض المواد، وأجمعوا كلهم على اللجوء لمراكز الدروس الخصوصية الجماعية لترشيد النفقات خاصة أنهم يحصلون على دروس فى كل المواد، وفى المقابل يضطر المدرسون إن حضروا للمدرسة أن يضموا الصفوف على بعضها والغيابات الجماعية التى تزيد فى القاهرة الكبرى، حيث يتميز اليوم الدراسى خارجها بالانتظام بشكل كبير، بداية من طابور الصباح الذى غاب من العاصمة وحتى الحصص كاملة والمناهج كلها، بعيداً عن الجدل الذى يطارد التلاميذ حول الأجزاء التى سيأتى منها الامتحان! روزاليوسف قامت بجولة شملت العديد من المدارس والمعاهد الأزهرية لنقل صورة مهمة بالكلام من موقع الحدث عن أحوال مدارسنا، لكننا فوجئنا بنماذج إيجابية للغاية من النظافة والإجراءات الاحتياطية من مرض الأنفلونزا حتى الدراسة رغم أن فيها ما هو بين الحقول وفى قرى معدمة، وعلى النقيض كانت العديد من مدارس القاهرة هى التى تبعد عن الوزارة عدة أمتار، والتى اهتمت فقط بالتصريحات المهدئة ومنع أى غريب من دخول المدارس حتى لايشوه صورتها فى هذا الوقت الملىء بالبلبلة!