حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدد الممرضات المنقبات تضاعف وقرارات وزارة الصحة لم يسمع بها أحد

منذ سنتين ونصف حققت روزاليوسف واحدة من خبطاتها الصحفية حين رصدت ظاهرة انتشار النقاب في عدد كبير من مستشفيات مصر.. وقتها تحركت وزارة الصحة بعد مواجهة صحفية معها وتم اتخاذ قرار بتوحيد زي الممرضات في مستشفيات مصر المختلفة.
والآن بعد مرور ثلاث سنوات تقريبا فكرنا أن نعيد طرح السؤال وأن نقوم بزيارة ثانية لمستشفيات النقاب لنري هل انحسرت الظاهرة أم ازدادت وهل تم الالتزام بقرارات وزارة الصحة أم تحولت القرارات لهشيم تذروه الرياح.
النتيجة كانت كارثة.. فقد وجدنا أن عدد الممرضات المنقبات قد تزايد.. بل يمكن أن نقول أنه تضاعف في بعض الأماكن، أما قرارات وزارة الصحة فبعض المسئولين قالوا أنهم لم يسمعوا بها.. في حين بدا واضحا أن البعض يخشون تطبيقها.. هذه هي نتائج زيارة مفاجئة لمستشفيات النقاب بعد عامين ونصف من قرارات وزارة الصحة بحظر ارتداء النقاب.
رغم اتخاذ وزارة الصحة قرارا بتوحيد زي الممرضات في مارس 2008 وتأكيد د.حاتم الجبلي - وزير الصحة - علي ضرورة كشف 9630 ممرضة منقبة في مستشفيات وزارة الصحة وجوههن وأيديهن أثناء عملهن في المستشفيات، ومعاقبة من لا تلتزم بالنظام الجديد بالجزاءات الإدارية وصولا إلي الفصل من العمل.
إلا أنه ورغم مرور أكثر من عامين ونصف العام علي ذلك لا يزال نقاب الممرضات حقيقة صادمة داخل مستشفيات وزارة الصحة في مخالفة صريحة لآداب وسلوك مهنة التمريض.
•••
بعد ثلاث سنوات من حملة روزاليوسف ضد تفشي ظاهرة النقاب بشكل جماعي في مستشفيات وزارة الصحة، كانت الإشكالية التي صادفتنا في جميع المستشفيات التي زرناها هي استمرار تحدي النقاب للمهنة، في الفيوم كان نسبة المنقبات في أحد المستشفيات الحكومية العامة ( الفيوم العام) حوالي 20 منقبة 15 ممرضة و5 طبيبات وهو من كبري المستشفيات الحكومية، أما في مستشفي التأمين الصحي، فتجاوزت النسبة 40% وكان الاعتراف علي لسان مدير التأمين الصحي.
الكارثة ليست فقط في ارتفاع نسبة ارتداء النقاب في تحد واضح لقرار الوزير بل في قيام دعاة الظلام باختلاق قصص عن اضطهاد المنقبات والاعتداء عليهن لإرهاب أي مسئول يفكر في محاولة تفعيل القرار.. وفي الفيوم كان هناك الكثير من القصص أشهرها واقعة أصررنا علي التحقيق فيها رغم مرور عدة أشهر عليها، لكنها كشفت لنا الواقع الذي يتغذي عليه النقاب - وهي خاصة بزيارة قام بها وكيل وزارة الصحة الأسبق بالفيوم د. حسين صوفي أبو طالب المستشار الحالي لوزارة الصحة - لأحد المراكز الصحية بقرية دوار جبلة - والذي افتتحته د. مشيرة خطاب - وزيرة الأسرة والسكان - وفوجئ د. أبو طالب بالنقاب وحينما حاول إلزام إحدي الطبيبات المنقبات وتدعي (نشوي م. ن) بالالتزام بالزي الرسمي وخلع النقاب وقتها قامت الدنيا ولم تقعد أُختلقت القصص وتردد أن وكيل الوزارة حاول تمزيق نقاب الدكتورة نشوي بالقوة وأنه تهجم عليها أثناء زيارته للمركز وسط حالة من الذهول أصابت الممرضات والموظفين الذين وقفوا - علي حد الرواية المختلقة يراقبون الموقف، وأن الطبيبة استطاعت مقاومته ومنعه من تمزيق نقابها لتدخل في حالة بكاء هيستيري وانهيار تام.
الأمر الذي جعل وكيل الوزارة يغادر المركز مسرعا، وهو يهدد ويتوعد، وقد قامت الممرضات بالاتصال بوالد الطبيبة الذي حضر إلي المركز ليجد ابنته منهارة وتوجه بعدها إلي مديرية الصحة لمقابلة وكيلة الوزارة كما رفضت الطبيبة الحديث إلي أحد أو الرد علي التليفون، وأن والدها تقدم ببلاغ إلي النائب العام ضد وكيل الوزارة بتهمة التصرف مع ابنته بطريقة غير لائقة ومحاولة التعدي عليها.
حاولنا التحقق من الواقعة فاكتشفنا أن الرواية سالفة الذكر مختلقة، وأن وكيل الوزارة السابق كل ما فعله هو إقناع الطبيبة بالالتزام بالزي الرسمي، وأن المستشفي مكان للعمل، وليس مكاناً للعبادة وأنها كطبيبة قدوة للممرضات فكيف تمارس مهنتها بالنقاب.
•••
ذهبنا إلي دكتور حسين صوفي أبو طالب - مستشار الوزير - وتحدثنا إليه عن تحدي النقاب لمواصفات الزي الموحد، الرجل روي لنا تفاصيل الواقعة التي اتفقت مع رواية الطبيبة نشوي التي أنكرت ما تردد من شائعات عبر صفحتها علي الفيس بوك، وقال لنا أنا فعلا كنت في زيارة لوحدة صحية وكان عندنا تعليمات بضرورة الالتزام بزي محدد ففوجئت بطبيبة منقبة، فحاولت أن أقنعها بخلع النقاب احتراما للمهنة التي تمارسها.
وأضاف : تعليمات الوزارة بشأن النقاب لم تنفذ حتي الآن لأننا ليس لدينا الشجاعة الأدبية للأسف، كيف أطالب الممرضة بخلعه والطبيبة ترتديه والمفترض أنها القدوة، بل إن الممرضة تستقوي بالطبيبة التي تشد من أزرها وكأن الأمر قد تحول إلي نوع من أنواع الجهاد وتحولت المستشفيات إلي دور عبادة وأضاف : عندما دخلت المركز في زيارة مفاجئة فوجئت بالطبيبات ينصتن إلي القرآن فقلت لهن المستشفي للعمل والمسجد للعبادة، فواجهنني بثورة ضدي علي الفيس بوك قبل أن أترك منصبي كوكيل لوزارة الصحة بالفيوم.
د. أبو طالب أكد أيضا أن الأمر له علاقة بتركيبة المجتمع نفسه واصفا ما يحدث بأنه وضع غريب مبررا عجز الوزارة بسبب قوانين العمل التي لا تسمح باتخاذ إجراءات حاسمة لمن يتمرد علي التعليمات الإدارية.
وأكد أن الوزارة أصدرت تعليمات بزي موحد تمهيدا للخطوة الثانية وهي إصدار إجراءات يتخذ بشأنها قرار بالفصل من العمل، مشيرا إلي أنه كيف يصدر قرار وزاري بمنع ارتداء النقاب ونسبة لا يستهان بها من الممرضات منقبات خاصة في الوحدات الصحية بالأرياف قائلا : في نفس الوقت علينا أن نعترف بأننا لسنا مستعدين لعمل جولات يومية بجميع المستشفيات للتأكد من تطبيقه، هذا الأمر في حالة توزيع منشورات رسمية بذلك. لذا أصدرنا تعليمات تمهيدا لتوزيع منشورات كخطوة ثانية
وللأسف نحن في حالة تمرد جماعي ضد بديهيات لابد أن تنفذ والمجتمع كله عاجز بجميع مؤسساته في مواجهة المغالاة الدينية، فالأمر لا ينطبق فقط علي وزارة الصحة وإنما علي التربية والتعليم والتعليم العالي حتي شيخ الأزهر السابق عاني هو الآخر عندما حاول المواجهة. ووزارة الصحة مهمومة بالعديد من المهام مثل قضية نواب العلاج علي نفقة الدولة والأداء في المستشفيات وأحوال الاستقبال والطوارئ، وهؤلاء يجعلوننا نخوض معارك جانبية، فعلي المجتمع ككل أن يساعدنا لنبذ هذا الفكر المتطرف.
•••
خلال جولتنا داخل المحافظة اكتشفنا أن نسبة النقاب في ارتفاع بداية بالمركز والوحدات الصحية بالقري وحتي داخل الأقسام الداخلية والعيادات بالمستشفيات العامة، فحاولنا رصد ردود الأفعال المختلفة.
كانت المفاجأة في الاعترافات الجريئة التي أدلي لنا بها د. أحمد عبد الفتاح - مدير عام مستشفي أبشواي العام - بالفيوم حيث يقول: تلك المحافظة شهدت من قبل أزمة افتعلتها الممرضات المنقبات عندما قرر د. حاتم الجبلي - وزير الصحة - إصدار قرار وزاري بتحديد زي معين للممرضة ووقتها أصر الوزير علي تحديد مواصفات هذا الزي علي أن تلتزم كل ممرضة به وإلا ستعاقب ويتم اتخاذ إجراءات إدارية بشأنها.
فثارت الممرضات ضد الوزير وضد تفعيل القرار الصادر بشأنهن ثم مرت ثلاث سنوات علي صدور القرار وكان الوضع الحالي داخل تلك المستشفي صادما، حسب حديث د. أحمد عبد الفتاح - مدير ثاني - أهم المستشفيات العامة بالمحافظة اعترف لنا قائلا: تصدر الآلاف المؤلفة من القرارات الوزارية فنتحمس لتنفيذ القرار بعد صدوره مباشرة ثم يصدر بعد ذلك مئات القرارات التي تقلل من تحمسنا للقرار السابق عليها، ويبدأ التركيز ووضع الأولوية للقرار الجديد، وهكذا يكون تعاملنا مع جميع القرارات الوزارية، طبقا لمنطق الأهم فالمهم، ثم الأقل أهمية، وفقا للترتيب الزمني والأولوية التي تعطيها الوزارة لقرار دون غيره من القرارات من حيث مدي تفعيله ومتابعة تنفيذه، وبالتالي فإن قرار إلزام الممرضات بزي موحد وأزمة الممرضات المنقبات شهدت قصوراً من الناحية الفعلية بحيث أصبح تطبيق القرار تطبيقاً جزئياً في مستشفيات دون الأخري حسب الثقافة السائدة، ولكن الجانب الأهم في ذلك هو مدي تركيز الوزارة ومتابعتها لقرار ما لأن ذلك هو الذي يحكم تنفيذه من عدمه ثم يأتي بعد ذلك ثقافة المكان والإدارة التي يقع علي عاتقها الالتزام بالقرار واتخاذ قرارات ضد العاملين بالمستشفيات.
د. أحمد صرح لنا بأن انتشار النقاب في مستشفي أبشواي وصل إلي حوالي 50% وبرر ذلك قائلا: أي تغيير يصطدم بثقافة الناس ستكون الغلبة في النهاية للثقافة والفكر السائد علي حساب التغيير حتي ولو كان التغيير في صالحهم، وذلك ما حدث مع القرار الوزاري الذي يلزم المنقبة بزي معين كزميلاتها، حيث قوبل بثورة داخل بعض الأمكان التي يتواجد فيها النقاب بقوة في المحافظة.
فالمدير الذي لديه وجهة نظر تختلف مع ثقافة العامة كان (بيتكهرب) وبالتالي كان عليه أن يغض النظر عن موضوع النقاب، بصراحة - الكلام علي لسان دكتور أحمد عبد الفتاح - أي حكيم كان لا يصطدم بموضوع النقاب، بل كان يغض النظر حتي لا (يتكهرب).. وقت صدور القرار لم أكن مديرا للمستشفي ولكني كنت طبيباً، وقد رأيت بعيني جهودا مضنية لتفعيل القرار الوزاري، ومع ذلك زادت النسبة بسبب التجاهل وغض البصر عن النقاب ومازالت هناك نسبة ليست قليلة... رغم تطبيق الممرضات للزي الموحد، لكن مازالت الكثيرات يصررن علي نقاب الوجه.
ويؤكد د. عبدالفتاح: أن الوزارة الآن معنية بإجراءات سلامة المرضي أكثر من تفعيل قرار الزي الموحد للممرضات فلدينا 500 ألف حاجة عليها (STRESS) من المديرية والوزارة، وأي حاجة ثانية لا تلقي مستوي الاهتمام، لأن التركيز حاليا علي الالتزام بالدقة لسلامة المريض بعد حدوث أخطاء طبية متكررة، وهذا فكر دكتور ( سعيد راتب ) - مساعد الوزير لشئون الطب العلاجي - الذي يحاول تعميمه في وزارة الصحة حفاظا علي سلامة المريض كما يحدث في كل دول العالم.
كما أكد لنا د. علاء العشيري - مدير عام مستشفي الفيوم العام - بأن النقاب واقع في جميع المستشفيات ولم يخف هو أيضا بأنه لا يستطيع أن يجبر أو حتي يتحدث مع ممرضة أو طبيبة بشأن النقاب، وشدد علي التزام الممرضات داخل المستشفي بالزي الذي حددته الوزارة، لكن النقاب مازال أمرا شائكا.
•••
كانت المفارقة العجيبة في أن عدداً من الممرضات المنقبات بالفيوم في مستشفيات عامة مثل الفيوم العام والتأمين الصحي عبرن عن دهشتهن عندما سألهن عن أسباب عدم تنفيذ القرار الوزاري بالالتزام بزي موحد.
الممرضات أكدن أن الزي الموحد لا علاقة له بارتداء النقاب كما أن الضغوط التي مورست منذ أكثر من عامين لخلع النقاب لم تكن مستندة لقرار وزاري وإنما مجرد تعليمات ليست مرتبطة بقرارات. منهن كانت فرحة عبد الله بمستشفي الفيوم العام التي تحدثت بكل صراحة قائلة : أعمل هنا في المستشفي منذ 27 عاما إشراف عام، وقد ارتديت النقاب منذ سنوات قليلة وسمعت أن الوزارة معترضة علي ارتداء النقاب، لكن ده كان مجرد كلام وليس قراراً رسمياً.
«ماجدة .أ» ممرضة أخري منقبة اعترفت أيضاً أنها لم تتلق تعليمات مباشرة من إدارة المستشفي لخلع النقاب قائلة:
سمعت من زميلاتي عن غضب الوزارة من موضوع النقاب لكن ذلك كان في البداية، أما الآن فثلاثة أرباع الممرضات يرتدين النقاب ومفيش قرار رسمي.
ممرضة ثالثة بنفس المستشفي تدعي حنان وهي ترتدي النقاب أيضا قالت «لم نسمع شيئا عن منع النقاب هنا بالمستشفي ومعظم زميلاتي منقبات وحتي «أبله فرحة» المسئولة عن الإشراف منقبة ولم يوجه لها أي مسئول تنبيها بخصوص نقابها أو نقابنا، ولن يجرؤ أحد علي منعنا من ارتداء النقاب حتي رئيسة التمريض السابقة بالمستشفي عندما اعترضت علي نقاب الممرضات بالمستشفي هنا تم نقلها.
وتضيف حنان: «لكن الوضع مختلف في مستشفي التأمين الصحي، حيث يتم حرمان الممرضة المنقبة من الحوافز والمكافآت».
•••
ومن الفيوم إلي الشرقية حيث ترتدي الممرضات النقاب بشكل جماعي داخل مستشفيات الجامعة.
كان التغيير ملحوظًا داخل مستشفي الزقازيق العام حيث قلت نسبيًا حالات النقاب بعد الإجراءات التي اتخذتها الإدارة ضد بعضهن، كما تحدثت «وفاء يحيي» ممرضة داخل المستشفي بأن النسبة قد قلت خاصة مع حصول عدد كبير من المنقبات علي إجازات وضع ورعاية الأطفال، حتي إن الكثيرات منهن حصلن علي إجازة بدون مرتب، وهناك واحدة أو اثنتين خلعتا النقاب خوفًا علي مصدر رزقهما.
أما دكتور عصام عبدالله مدير المستشفي فتباهي أمامنا بأن نسبة الممرضات المنقبات لديه وصلت إلي 2% مقارنة بنسبتهن في مستشفيات الجامعة التي تفشي فيها النقاب ليصل إلي 80% في جميع الأقسام مما أثار ضجة إعلامية سبق أن أثارتها «روزاليوسف».
قال لنا: ماعنديش منقبات.. النقاب كان يمثل نسبة عالية في مستشفيات الجامعة حوالي 80%، أما في مستشفي الزقازيق العام فجميع الممرضات ارتدين الزي الموحد- وكانت في نبرة صوته حدة عندما قال: لابسين الزي الموحد غصب عنهن، الممرضة لازم تخلع النقاب بمجرد دخول الأقسام الداخلية.. كيف لها أن ترتدي النقاب في غرفة العمليات مثلاً؟!
دافع عن تطبيقه القرار الوزاري قائلاً: النسبة القليلة تمثل 2%، كما أن خلعهن للنقاب كان جراء نظام الحرمان من الحوافز فقررن خلعه حفاظًا علي لقمة العيش خاصة ومعظمهن داخل الأقسام الحريمي والأطفال.
وفي المقابل كانت إجابات د. خالد عبدالباري رئيس مجلس إدارة مستشفيات جامعة الزقازيق غير شافية لتساؤلاتنا، وكأن شيئاً لم يحدث.. تحدث بعدم اكتراث قائلاً: مفيش قرار جاء لنا بزي موحد، وحتي لو كان فيه فقد وزع علي المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، ونحن نتبع وزارة التعليم العالي.
•••
د. علاء مقلد مدير عام مستشفي الأحرار بالزقازيق نفي أن يكون هناك قرار وزاري بشأن النقاب فقال: لم يكن قرارًا إنما توصية ولم تشمل كل المستشفيات.
لكنه أكد أن النقاب يتعارض مع المهنة وأمن المريض الذي تعني به الوزارة عناية بالغة، معترفًا بأن نسبة النقاب في مستشفي الأحرار محصورة في أعمال إدارية ولا تشكل نسبة مخيفة كما كان في مستشفيات الزقازيق منذ عامين.
وأضاف: الرأي العام يؤكد أن النقاب يمثل خطورة خاصة في معظم الأقسام، كالحضانات والطوارئ والرعاية المركزة والعناية والقلب المفتوح، كما أن للمريض حقوقاً فعليه أن يأمن علي حياته ويتعرف علي من يقدم له الدواء، لكن للأسف لايزال النقاب قضية شائكة لم نتعامل معها بحسم خاصة ووجوده في المؤسسات الصحية أكثر خطورة عن وجوده في أي مؤسسات أخري.
•••
في مستشفيات كفر الشيخ، من الوهلة الأولي ستدرك أن النقاب بالنسبة للممرضات بل والطبيبات والإداريات أصبح أمراً واقعاً مثله مثل أعمدة المستشفيات، لا يمكن المساس به، ولكن الأكثر استفزازًا هو أن السمة التي كانت تميز الممرضات في حديثهن معنا هي لهجة التحدي المختلطة بالإحساس بالنصر علي مؤسسات الدولة، وعلي القانون نفسه.
في المرة الأولي ومنذ أكثر من ثلاث سنوات عندما أجرينا تحقيقًا عن نقاب الممرضات كان هناك تخوف من الحديث معنا وهروب أحيانًا، ولكن هذه المرة بدا لنا وكأنهن كن ينتظرن صحفيًا يوصل لهن رسالتهن، ففي المرة الأولي كن يخشين صدور قرار ضدهن، أما الآن فالضجة قد حدثت وسمعن بصدور قرار ومع ذلك القرار لم ينفذ ولم يستطع أحد أن يجبرهن علي خلع النقاب، فتلك هي الرسالة أنهن يشعرن بالانتصار ولديهن شعور أكيد بأنه لا يوجد أحد يجرؤ علي الوقوف ضدهن، وبالمناسبة الذي انتصر ليس الممرضات فقط بل بدا لنا أن كل طبيب ملتح وكل ممرضة وكل شخص منتم لهذا الفكر داخل المستشفيات يشعر بالنصر.
بعض الممرضات عرفن بالقرار وتجاهلنه فإحدي الممرضات المنقبات بمستشفي كفر الشيخ العام قالت لنا بتعال: لم أسمع بهذا القرار، ولا يجرؤ أحد علي اعتراض الدين، وبعد ذلك غيرت كلامها وقالت: «عرفت ولكن لم يضغط علي أحد لكي أخلعه ولن يستطيع أحد»، هي تعلم ذلك لأن مصدر قوتها وحمايتها أمام إدارة المستشفي وأمام القانون هو التدين علي طريقتها وليس العمل، أو الالتزام بالقانون، وهي تعرف أنه حصن منيع لا يمكن لأحد الاقتراب منه، فتجاهلت واعتبرت أن شيئًا لم يكن.
ممرضة منقبة أخري رفضت ذكر اسمها بمستشفي كفر الشيخ العام قالت لنا بتحد: «نعم سمعت بالقرار ولن أنفذه، ولماذا تطلبون منا تنفيذ هذا القرار بالذات؟ لماذا ترغبون في تنفيذ قرار يعارض دين الله والإسلام إذا كانت القرارات الدنيوية لا تنفذ!» الممرضة كانت تتحدث بثقة وهي تشعر أن منطقها صحيح ويسد الأفواه من زاوية ما.
معظم الممرضات رفضن ذكر أسمائهن، وإن وجهن كلمات عنيفة للجهات المعنية التي أصدرت القرار ولسان حالهن يقول: «هانحن بين أروقة المستشفيات بنقابنا ولم يضغط علينا أحد لنخلعه أو تقديم استقالتنا»، ولكنهن في الوقت نفسه لا يردن صدامًا آخر مع أحد، هن يردن أن يثبتن لنا أنهن كثرة وأن قوتهن في كثرتهن وأن عددهن في تزايد، وأنهن أقوي من أي أحد.
منقبة بمستشفي كفر الشيخ العام ألتقينا بها في قسم الأطفال وكانت تعد فطورها قالت لنا بتجاهل: «نعم قرأت تحقيق روزاليوسف عن النقاب منذ ثلاثة أعوام وكل المستشفي قرأته.. ولكن ماذا بعد، هل استفدتم شيئًا، وهل حدث شيء؟، ولن يحدث، بالعكس النقاب في تزايد لأن الله كما حفظ كتابه سيحفظ عباده المؤمنين وسيحفظ شريعته في الأرض والنقاب شريعة الله في الأرض، ولقد سمعنا عن منع الطالبات المنقبات من الدخول للجامعة، وقد رفعت الطالبات المنقبات بجامعة كفر الشيخ دعاوي قضائية وكسبن القضية، ولو أجبرنا أحد علي فعل ذلك سنرفع قضية مثلهن وسنكسبها»، وعلي الرغم من أن تلك الممرضة المنقبة كانت تتحدث معنا بقوة وتجبر إلا أنه عندما طلبنا منها التصوير رفضت، وبدا من كلامها أنها تتحدي القانون معتمدة علي نظام إداري واجتماعي ضعيف ومخوخ ليست به قواعد صارمة لاحترام القانون، هي ومن معها يدركن أن الفيضان إذا اجتاح مكاناً لا يمكن لقوانين أو دساتير أن تمنعه.
في مستشفي العبور للتأمين الصحي بكفر الشيخ قالت لنا مس «بشري» مشرفة التمريض وهي غير منقبة: «الكلام في هذا الموضوع حرام وما علينا فعلناه، فالممرضات قصرَّن النقاب وهو غير ضار غير في العمليات فقط، ونسبة النقاب في المستشفي في تزايد ولكنه حرية شخصية ولا يمكن إجبار أحد علي خلعه، فنسبته قد تصل إلي 40% بين الممرضات».. ولكن بالتجول داخل المستشفي وبالعين المجردة نستطيع أن نعرف أن عدد المنقبات زاد بنسبة كبيرة علي المرة الأولي التي ذهبنا فيها إلي كفر الشيخ من 3 أعوام، وفي قسم العمليات كان الدكتور أيمن زكريا يتحدث مع إحدي الممرضات المنقبات وعندما حاولنا الحديث معها قال بتعجب «لماذا تريدون أن تخلع الممرضات النقاب، هل سيعجبكم أن تمشي الممرضات بالميني جيب، ولا يعجبكم الحشمة والوقار؟ أنا أري أن الممرضة المنقبة، قد تكون أفضل أحيانًا وتعمل بكفاءة أكثر من غير المنقبة».
وهنا هتفت الممرضة المنقبة قائلة للدكتور أيمن «والله من أجل هذا الكلام الجميل سأعد لك كوبًا من الشاي»، وأضافت قائلة: «أنا قصرت النقاب وأضعه داخل ثيابي لكي لا أنقل العدوي»، وهنا قال الدكتور أيمن «النقاب لا ينقل العدوي بل هو ماسك طبيعي من عند الله».
أما «لولا محمد يوسف» مديرة التمريض بمستشفي العبور للتأمين الصحي قالت لنا: «هذا القرار لا أستطيع أن أقوم بتنفيذه لأن هناك منقبات رفعن قضايا في جامعة كفر الشيخ وكسبن القضية، وهناك قضايا مازالت معلقة ولم يبت فيها»، وأضافت: النسبة لدينا في المستشفي ليست كبيرة، فأنا لدي 231 ممرضة حوالي خمسين فقط منهن منقبات والنقاب لا يتعارض مع العمل، بالعكس هناك ممرضات منقبات ملتزمات في العمل أكثر»، وأثناء حديثنا مع الممرضة «لولا» كانت هناك بالصدفة ممرضة منقبة أخري وقالت «لا يستطيع أحد أن يجبرنا علي ذلك فهو قرار حرام وباطل»، وأضافت «لولا» مديرة التمريض بالمستشفي: «العدد في تزايد ويزداد مع زيادة الوعي الديني».
•••
د. أحمد فرج مدير مستشفي العبور للتأمين الصحي قال لنا «لم يأت لي قرار بمنع النقاب ولو جاء لي سأقوم بتنفيذه لأني مستاء من الوضع، وأري أن العدد في تزايد، ولأن المريض بالفعل من حقه أن يري وجه من يقدم له الخدمة، هكذا تعلمنا، ولكن أنا كمدير مستشفي ماذا في يدي أن أفعله وأنا ليست لدي تعليمات واضحة.. قرار مكتوب بتنفيذ ذلك».
مني أمين مديرة فرع التمريض بمستشفيات التأمين الصحي بكفر الشيخ، والتي كانت مديرة إدارة التمريض بمستشفي العبور عندما أجرينا تحقيقنا هناك من 3 أعوام قالت لنا: أنا لا أريد الحديث في هذا الموضوع يكفي ما حدث لنا من مشاكل في المرة الأولي، عندما تحدثنا لكم، وكان كلامها معنا يحمل الكثير من التخبط فقالت: «عندما تأتي التعليمات من وزارة الصحة سنقوم بتنفيذها، ولكن هناك وظائف كثيرة بها النقاب، فالمفترض أنه إذا كان هناك قرار لمنع النقاب يكون علي كل الوظائف ليس علي الممرضات فقط، والموضوع صعب لأن المنقبات يكسبن القضايا ضد منعهن وإن كان النقاب مخالفاً لقواعد مكافحة العدوي».
•••
في مستشفي كفر الشيخ العام كانت حنان الممرضة المنقبة تمشي في طرقة الدور الثاني بالمستشفي متشابكة الأيدي مع ممرضة محجبة، حنان التي تعمل في المستشفي منذ 13 عاماً قالت لنا: «لم يطلب منا أحد أو يضغط علينا أحد لخلع النقاب، ولم يتحدث معنا أحد أصلاً في هذا الموضوع ليس إلا «عبير الفخراني» مديرة إدارة التمريض بكفر الشيخ عندما تأتي في جولة تقول لنا: هذا النقاب ضار علي صحتنا لأنه ينقل العدوي ولكن لا يحدث شيء». وعندما سألناها عن نسبتهن كممرضات منقبات داخل مستشفي كفر الشيخ العام قالت أكثر من 50% منقبات، وهنا ضحكت زميلتها المحجبة قائلة: «والنصف الثاني من الممرضات في طريقهن للنقاب» قالتها بشكل عابر ثم ذهبت ولكنها كانت تعنيها ويبدو أن هذا هو الواقع لأنه بالعين المجردة عدد المنقبات زاد في الطرقات والوحدات علي المرة الأولي من زيارتنا للمستشفي من 3 أعوام ولا نستبعد أبدًا أن نأتي بعد 3 سنوات فنجد كل الممرضات منقبات إذا كان هذا الفكر يزيد بهذا الشكل الثابت وبتلك الخطي الواثقة.
•••
في الاستقبال كان هناك ممرض ذو لحية كثيفة تقف بجواره ممرضة منقبة كلاهما رفض ذكر الاسم، قال لنا بتحد: «أكثر من 75% من الممرضات منقبات، ونحن نعرفهن ولا يوجد أي داع لكشف وجوههن وأنا أغضب من أن نقول إنها ظاهرة بل هو شرع الله الذي بدأ في التحقق، وإذا كانت هناك حجة تروجونها وهي التعرف علي الممرضة فيكفي «البادج» الذي تعلقه ثم طلب من الممرضة أن تظهر لنا البادج وعندما طلبنا منها أن نصورها، غضب وأمرها الممرض بالدخول إلي غرفة التمريض وكأنه ولي أمرها.
وأضاف الممرض الملتحي بغضب: «هذا القرار خطأ، ألم تسمعوا عن زمن الفتنة، نحن في هذا الزمن، ولابد من النقاب لردع الفتنة، وأنا أعمل في تلك المستشفي منذ 10 أعوام، ولم يطلب أحد من الممرضات خلع النقاب، ولن يستطيع أحد فعل ذلك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.