شهدت نقابة الصحفيين بالتحديد 19 يوليو الماضى، مؤتمرا صحفيا أعدته بعض المنظمات الحقوقية، طارحة فيه تقريرا عن أحوال التمريض فى مصر تحت عنوان «رغم تصاعد كفاحهن.. الممرضات بين السخرة والنظرة الدونية»، كما وفرت فيه فرصة لممرضات وممرضين، بل وأطباء أيضا، ممن أرادوا أن يعرضوا مشكلاتهم ومطالبهم، ويوصلوا للمسئولين معاناتهم. فى المؤتمر طالب الممرضات والممرضون والأطباء بالآتى : 1- تحسين صورة الممرضة من خلال الإعلام الذى ساهم فى تشويه صورتها. 2- زيادة الرواتب. 3- المساواة فى البدلات مع غيرهم من العاملين بالقطاع. 4- تخفيض سن المعاش «حاليا 65 سنة». 5-حضانات من أجل أطفال الممرضات. 6- تحسين مستوى الوجبات المقدمة للممرضات والممرضين. 7- توفير تعليم وتدريب على مستوى عال للتحسين من مستوى الممرضات . عمل الممرضة يتطلب الاحتكاك المستمر بالأطباء والمرضى من الرجال وتمضية ساعات طويلة مع هؤلاء، وحتى يومنا هذا تسمح بعض الأذهان المريضة لأنفسها بأن تعتقد بل تؤمن أنه لا توجد امرأة تستطيع الحفاظ على خلقها وشرفها ونزاهتها فى مثل هذه الظروف «التى قد تعرضها بالطبع لتحرشات وانتهاكات»، المجتمع يتداول عبارات ك «الممرضة عندما تفجر تعمل راقصة، والراقصة عندما تحب أن تتوب تعمل ممرضة» . كما أن الدراما المصرية والأجنبية أيضا ساعدت على ترسيخ هذه الصورة للممرضات، فالممرضة سيئة السمعة، مستغلة ظروف عملها الملائكى للقيام بأمور قبيحة، بالرغم من أن ظروف عملها لا تختلف كثيرا عن ظروف عمل الطبيبة، ولكن الممرضة تنفرد بهذه الإدانة الاجتماعية. وضرب محمود سالم، ممرض بمستشفى أبوالريش، بالقاهرة، خلال المؤتمر مثالاً لما يتعرض له لمجرد عمله كممرض، فقال إنه عندما أخبر أحدهم بمهنته ، قال الأخير «يا عم دا إنت تلاقيك سهران طول الليل مع الممرضات !» . كما تنفر هذه الصورة الكثير من الرجال من النساء المشتغلات بها، مما يتسبب فى ابتعاد الكثيرات عن المهنة خشية من العنوسة والسمعة السيئة. والنتيجة أن كثيرات يخجلن من أن يفصحن عن مهنتهن، وروت إحداهن أنها فى أى دائرة اجتماعية، يعطيها منظرها وأسلوبها الراقيان مكانة فى أذهان من تتعرف عليهم، لكن بمجرد أن يعرفوا أنها تعمل ممرضة «أنزل فى نظرهم على الفور، تسربت هذه النظرة داخل المستشفى وإلى الأطباء أنفسهم، فوضعت الكثير من الممرضات محل انتهاكات تصل إلى حد الضرب والتحرش . بدل عدوى ووفقا لإحصاءات وزارة الصحة للعام الماضى، يوجد 4,120 ألف ممرضة وممرض مقيدون، منهم 13 ألفاً فى إجازات لأسباب مختلفة، مما يجعل العجز فى الممرضات يصل إلى 30 ألف ممرضة بالمستشفيات الحكومية، كما تستعين اليوم المستشفيات الخاصة ب 6 آلاف ممرضة أجنبية والمثير للقلق أن 90% من الممرضات المصريات من خريجى مدرسة الثلاث سنوات، أى دبلوم التمريض، والباقى خريجو المعاهد العليا التى تعطى درجة البكالوريوس، فما أعلى. وحسب التقرير المطروح فإن المحافظة ذات العدد الأكبر من الممرضات هى الغربية، بينما 42% من إجمالى الممرضات والممرضين يعملون بالطب العلاجى، و35% بالقطاع الريفى. يحصل الممرضون على أجر يبدأ من 180جنيهاً شهريا، «بينما تستطيع الممرضة الحصول على راتب يصل إلى حوالى 5000جنيه لو عملت بدول الخليج»، ويحق لهم بدلات عدة امتنعت بعض المستشفيات عن صرفها، منها بدل نوبتجية يختلف قدره مع اختلاف جهة العمل ومنصب الممرض أو الممرضة، فممرضو وزارة الصحة، على سبيل المثال، يتقاضون جنيها ونصف عن نوبتجية الصباح «من 8 صباحا إلى 8 مساء» وتزاد إلى 2 جنيه، لو كانت مسائية من «8 مساء إلى 8 صباحا» بالإضافة إلى بدل العدوى وهو 15 جنيها شهريا، فى حين أن بدل العدوى للأطباء 40% من الراتب. بالرغم من أن «الأطباء» و«الممرضين»، معرضون للخطر ذاته. وفى حال المرض فعلا، لا يحق للممرضة أو الممرض، إلا كشفان فقط شهريا بالمستشفى. أما العاملون فى القطاع الخاص، فأغلبهم لا يتمتع بتأمين صحى أصلا. ومن التقرير إلى أرض الواقع حيث قامت روز اليوسف بجولة فى عدد من المستشفيات وكانت النتيجة كالتالى: تعانى الممرضة داخل المستشفيات الحكومية من مشاكل عديدة تواجهها خلال العمل اليومى سواء على مستوى مهام المهنة ومتطلباتها أو على صعيد تعامل المرضى وذويهم معها. جولة صغيرة فى مستشفى حكومى تكتشف بعدها مأساة أى امرأة تمتهن التمريض.. داخل مستشفى «أم المصريين» تصدر المشهد بوقائع تحرشات وإهانات وإذلال وصلت إلى درجة الضرب. «م. أ. س» - ممرضة بقسم الاستقبال والطوارئ داخل المستشفى العام - لخصت لنا مأساتها كإنسانة قبل أن تكون ممرضة.. فى البداية وصفت المستشفى الذى تعمل به بالمستودع، وأن أمن المستشفى يسمح لأى شخص بالدخول مما عرض بعض زميلاتها للتحرش من قبل أهالى بعض الحالات التى يستقبلها المستشفى قائلة: نتعرض للسب والشتائم والتهديد المستمر سواء من أهل المريض أو المريض نفسه ويصرحون لنا بوجبات لاتصرف إلا للحيوانات. ليس الضرب والشتائم فقط وإنما التحرش الجنسى أيضا يهدد الممرضات.. كما أكدت شيماء محمد بالمستشفى أن زميلاتها تعرضن للتحرش من قبل إحدى الحالات التى كانت فى حالة سكر. الممرضة تعامل كالحيوانات كما وصفت أ.أ.س «ممرضة»: لا يوجد كشف طبى وقد تعرضت زميلة لى داخل المستشفى للإصابة بأعراض أنفلونزا الخنازير ولم نتلق أى معاونة طبية. العجز فى طاقم التمريض يؤثر فى أداء الممرضات فمثلاً فى أقسام الطوارئ والاستقبال لن تجدى سوى اثنتين تواجهان العشرات من الحالات بمفردهما بحيث تكون الأمور صعبة جداً، كذلك فى غرفة الحقن الطبية لا توجد سوى ممرضة واحدة فقط تواجه بمفردها هذا الوضع السيئ بسبب هروب نسبة كبيرة من الحاصلات على دبلوم تمريض والالتحاق بالمعاهد العليا بسبب ضغوط ومتطلبات المهنة، والعمال والعاملون بالمجال الصحى يتعاملون مع الممرضة وكأنها راقصة ولهذا ستجدين منا العوانس والمطلقات.. وتضيف: أحد الأطباء قام بضرب ممرضة زميلة «صفعها على وجهها» وتم اتخاذ إجراء ضده بنقله من المستشفى، وآخر شاب حاول التحرش بممرضة أثناء النوبتجية لكنها قاومته. أنا أبلغ من العمر 40 عاماً ومكافأتى 71 جنيها وعاقبونى ذات مرة وفوجئت بالمكافأة تهبط إلى 18 جنيها وراتبى الأساسى بلغ 400 جنيه. أيام السهر قد تصل إلى 30 يوما متتالية ولا توجد أى حضانات للأطفال ولا يوجد صندوق زمالة فى أوقات الأزمات. وحتى داخل الجزء الاستثمارى أو القطاع الاقتصادى فى قصر العينى هناك نفس المشاكل وإن هدأت وطأتها بعض الشىء. الوضع داخل القطاع الاقتصادى - وحسب اعترافات الممرضات - يسير وفقاً لمنطق تلبية خدمة المريض وذويه بكل السبل مادام هناك مقابل مادى مجز، فعلى الممرضة أن تمتثل لجميع الأوامر والطلبات وبغض النظر أن هناك منهن من ترتضى أن تفعل أى شىء - حسب قولهن - مقابل المادة إلا أن الكثيرات تضررن من تلك النظرة الفوقية من قبل أهالى المرضى المرفهين مادياً واجتماعياً، فحسب ما ذكرته - سماح.ح- لنا: فإن من يلتحق بالقطاع الاقتصادى يأتى إلينا وفى ذهنه فكرة وحيدة وهى الخدمة الفايف ستار.. جاء إلى المكان من أجل تلبية جميع طلباته حتى وإن كانت خارجة عن طبيعة مهنة التمريض ودون مراعاة لأى شىء. سماح دفعة «1994» تدرك أهمية وطبيعة المهام المطلوبة منها كممرضة وفى الوقت ذاته تتضرر من ساعات العمل الشاقة التى لا تفرق بين خريجة حديثة من مدرسة التمريض وأخرى تعمل فى ذات المستشفى لعقدين أو ثلاثة عقود، فالفارق الزمنى لا معنى أو أهمية له من وجهة نظر إدارة المستشفى باستثناء الدرجة الوظيفية التى تتطلب رفع راتب الممرضة عن زميلاتها الأخريات الأحدث سناً أو التحاقاً بالمستشفى. وكان الغريب فى الأمر أن الممرضات فى المستشفى الاستثمارى لا يصرفن قيمة بدل العدوى. الاحترام مقابل الخبرة.. هذا ما رصدناه من طبيعة العلاقة التى تربط بين طاقم الأطباء والممرضات على عكس المستشفيات الحكومية، فالطبيب الشاب كما تصف هانم يحتاج إلى خبرة الممرضة التى تكون على خلفية طبية وتمريضية بحكم عامل السن والممارسة فهى الأكثر احتكاكاً بالمرضى وعلى دراية بكيفية التعامل مع الحالات مما يفرض نوعاً من الاحترام، بينما يختلف الوضع فى علاقة المشرفة وهى «خريجة معهد عالٍ» والممرضة حاملة دبلوم التمريض وكثيراً ما تحدث مضايقات من المشرفات كما ذكرت «حنان محمد» بقسم الأشعة بأن الممرضة تكون أقل سناً وتفرض نوعاً من الرقابة والإشراف القاسى على ممرضة قد تكون فى «سن والدتها» مثل نوع الحذاء والمظهر الخارجى وقد تتعسف لأتفه الأسباب وتتسبب فى نقلها، وأحياناً تختلق بعض المشكلات رغم أنها لا تبذل ذات المجهود. شكت أيضاً من طبيعة الوجبات التى تقدم لهن حيث يفرض عليهن مواعيد معينة فقط من الساعة 9 حتى 11 صباحاً لتناول الوجبة مع حظر تناول أى أطعمة طوال اليوم وتعترف فاطمة سيد قائلة: هناك استهانة بالوجبات لا يوجد سوى بانيه أو فراخ بأعداد محددة يتم الاشتباك بالأيدى أحياناً لزيادة الطلب عليها حيث يميز الأطباء ومشرفات التمريض عن الممرضات فى الوجبات. كما قالت «هناء - ف» أن الممرضة أحياناً تكون مطالبة بحمل المريض وتلبية أغراضه الشخصية بدلاً من أسرته وينظر لها على أنها جشعة مرتشية لا تراعى ضميرها. وتضيف: الأفلام دائماً تتحدث عن مهنة التمريض كأنها ستار تحتمى به سيئات السمعة فتظهر الراقصة فى فيلم ما لتقول للناس بأنها تعمل ممرضة وكذلك العاهرة والمنحرفة سلوكياً فتظهر كل امرأة تترك منزلها وأسرتها لتقضى سهرتها على أنها ممرضة تعمل فى مستشفى ويكتشف فى النهاية أنها امرأة منحرفة. وأضافت هبة إبراهيم بعدم وجود كشف طبى دورى للممرضات ف.ى حالة الإصابة أو العدوى قائلة: التأمين الصحى تابع للمستشفى ومع ذلك فمعظم الأدوية لا نجدها.؟ مدير إدارة التمريض :لم نسمع بالتقرير د. نوال عبدالمنعم فؤاد - مدير الإدارة المركزية للتمريض بوزارة الصحة - علقت على التقرير الذى يرصد معاناة الممرضات قائلة: لم أسمع بهذا المؤتمر ونقابة التمريض لم تقم بإخبارنا به، ولم يتم توجيه الدعوة إلى وزارة الصحة.والممرضة المصرية مظلومة فى الإعلام، وتعمل فوق طاقتها وفى ظروف صعبة، والوزارة تعمل على تحسين أوضاع الممرضات ود. حاتم الجبلى - وزير الصحة - رفع حوافز ومكافآت ونوبتجيات الممرضة فى السنة الأخيرة إلى 120% وإدخال نظام التدريب المستمر للممرضات لرفع مستواهن المهنى. الممرضة كانت تأخذ من 3: 5 جنيهات مقابل ساعات النوبتجية المسائية تم رفعها من 3: 5 و10 جنيهات لإخصائية التمريض. وأضافت: مشاكل التمريض أو الممرضة المصرية مثلها مثل مشاكل العاملين فى الدولة حيث إنه طبقًا لقانون العمل فإن ساعات العمل الرسمية هى 6 ساعات من الثامنة صباحًا حتى الثانية ظهرًا، والحقيقة أن الممرضة تعمل 8 ساعات، وهناك أماكن فى المستشفى الممرضة تعمل 12 ساعة أو أكثر حسب احتياجات العمل، وذلك بسبب النقص الموجود فى عدد الممرضات والذى يقدر ب30 ألف ممرضة على مستوى الجمهورية ولأنها تعمل فى ظروف صعبة والعائد المادى لا يتناسب مع المجهود والوقت المبذول فى رعاية المرضى وهو وضع اقتصادى عام فى المجتمع قامت الوزارة برفع مكافآت الممرضات والحوافز وبدل السهر. وأصدر الدكتور حاتم الجبلى قرارًا وزاريًا رقم 292 لسنة 2010 بزيادة حوافز التمريض إلى 125% زيادة والوزارة بصدد جمع القوانين والقرارات الخاصة بالتمريض بهدف توحيد القرارات والمكافآت، ومن ثم العمل على إيجاد نظام مناسب يتناسب ويتلاءم مع ساعات عمل الممرضة ويكون حافزاً لها على تأدية عملها على أفضل وجه، ونحن كوزارة الصحة - والكلام للدكتورة نوال - نعترف بأن العائد المادى للتمريض «الممرضة» لا يتناسب مع عملها، وبالنسبة لعدم وجود حضانات بالمستشفيات لأبناء الممرضة لتوفير الراحة النفسية لها حتى تقوم بعملها وهى مستريحة البال، تقول د. نوال عبدالمنعم: يوجد قانون يجبر أى منشأة عامة أو صحية يعمل بها مائة عاملة أو أكثر توفير حضانة، فإن هذا القانون غير مفعل بشكل عام وأيضاً غير مفعل فى المستشفيات بسبب عدم وجود مكان. وتضيف: ولكن هذا الطلب ولأنه مهم جدًا لعمل الممرضة وسوف ينعكس على أدائها وتقديمها الخدمة سوف نأخذه فى الاعتبار فى المستقبل، ونحاول مخاطبة المستشفيات بضرورة توفير مكان للحضانة بالمستشفى . وتوضح د. نوال عبدالمنعم أن الوزارة تعمل على تصحيح صورة الممرضة، ويتم من وقت لآخر مخاطبة الإعلام وأيضاً تقوم بجذب عدد أكبر من الفتيات للعمل فى مهنة التمريض، وذلك بزيادة الحوافز والمكافآت .