أسعار الخضراوات اليوم 27 أبريل في سوق العبور    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 27 أبريل    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف إسرائيلي على النصيرات وسط غزة    إسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت ومركبات مدرعة ودبابات "ليوبارد" إلى كييف    كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية    بعد قليل.. الحكم في اتهام مرتضى منصور بسب عمرو أديب    اليوم.. الجنايات تنظر محاكمة متهمي "خليه المرج"    دينا فؤاد: أنا مش تحت أمر المخرج.. ومش هقدر أعمل أكتر مما يخدم الدراما بدون فجاجة    ميار الببلاوي تبكي متأثرة من هجوم أزهري عليها: خاض في عرضي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    الرئيس العراقي يدين الهجوم على حقل كورمور للغاز ويدعو إلى اتخاذ إجراءات وقائية    استقرار أسعار الذهب في بداية التعاملات يوم السبت 27 أبريل 2024    بعد ارتفاعها.. أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل| كرتونة البيض في مأزق    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    الجيش الأمريكي: جماعة الحوثي أطلقت صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر    4 أيام متواصلة.. تعرف على عطلة شم النسيم وعيد العمال والإجازات الرسمية حتى نهاية 2024    بالطيران المسير.. المقاومة الإسلامية في العراق تضرب هدفا حيويا في إسرائيل    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    حدث بالفن|شريهان تعتذر لبدرية طلبة وفنان يتخلى عن تشجيع النادي الأهلي لهذا السبب    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    تحرير 17 ألف مخالفة مرورية متنوعة على الطرق السريعة خلال 24 ساعة    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    وسام أبو علي يدخل تاريخ الأهلي الأفريقي في ليلة التأهل للنهائي    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة أصلح من الرجل علي منصة القضاء

أجرينا حوارات مع 5 قاضيات عربيات فأجمعن: النساء أصلح من الرجال للقضاء
في بداية حواري معها بادرتني رباب مصطفي قاضية المحكمة العليا بالخرطوم بإجابة عن سؤال لم أسأله لها قائلة بابتسامة: «نعم أستطيع أن أوازن بين بيتي وعملي كقاضية ولا أقصر تجاه أي منهما»..أنهت كلامها وضحكت ففيما يبدو أن كل من حاورها من الصحفيين والتليفزيونيين سألوها ذلك السؤال حتي أنها أخذت تردد إجابته قبل أن تُسأل.. فأكدت لها أن هذا هو السؤال الوحيد الذي لم يكن في نيتي أن أسأله لها، بل إنني أرفض أن أسأله لأي امرأة من الأساس.. فلو كنت أتحدث إلي قاض بالمحكمة العليا أو إلي وزير مرموق أو مسئول مهم هل كان من الممكن أن أسأله: «سيدي.. كيف توازن بين عملك في القضاء أو بين أعباء الوزارة وبين أمور منزلك وأسرتك؟» وإذا حدث أغلب الظن أنه - أي القاضي أو الوزير أو المسئول المحترم - سوف يطلب إنهاء الحوار فورا وسيعتبر ذلك السؤال تهكما علي مكانته وإنقاصا من شأنه وتضييعا لوقته الثمين جدا وكأن البيت والأبناء هما مسئولية خالصة للزوجة ناقصة العقل والدين!
نعم مسألة الموازنة بين البيت والعمل كانت إحدي المعضلات (من وجهة نظرهم) التي اتخذها قضاة مجلس الدولة الأفاضل ذريعة للاعتراض علي عمل المرأة في القضاء، لكننا هنا وفي هذا الموضوع لسنا بصدد إثبات استطاعة المرأة العمل في القضاء ولا الحديث عن شرط الموازنة بين العمل علي المنصة والمسح والكنس والطبخ والرضاعة وتدليل الزوج.. إنما نعتبر أن هذا أمر مفروغ منه.
لسنا بصدد مناقشة أمور مجرد الحديث عنها يعتبر ردة حضارية ولن أبالغ إذا قلت أخلاقية.. فما دار في مجلس الدولة يعتبر انتكاسة بكل ما تحمله كلمة انتكاسة من معان.. ولمن لا يعلم فإن الانتكاسة هي تلك التي تصيب المريض أثناء تعافيه إذا لم يأخذ الاحتياطات اللازمة فيعود المرض إليه مضاعفا.. ونحن أثناء تعافي مجتمعنا ظننا أنه وصل إلي مرحلة الشفاء التام ولم نقه من عدوي الجهل والتخلف والتطرف فانتكس.
لذلك ومن خلال خمسة حوارات أجريناها مع 5 قاضيات عربيات من تونس والمغرب ولبنان والأردن والسودان وصلن إلي مناصب قضائية عليا كن مشاركات في المؤتمر الذي أقامته رابطة المرأة العربية الأسبوع الماضي وإستمر ليومين بجامعة الدول العربية بالإشتراك مع عدد من القاضيات المصريات نحاول أن نلقي الضوء علي نماذج مستنيرة لعلها تكون بمثابة هواء نقي أو ربما «نشادر» صادمة يستنشقها المجتمع فيفيق من كبوته، ونعد أن نواصل معه حتي ينتهي من مرحلة النقاهة.
1- زلفا.. قاضية الأمور المستعجلة ببيروت: أحتفظ بأنوثتي علي منصة القضاء
زلفا الحسن.. قاضية الأمور المستعجلة ببيروت العاصمة اللبنانية.. لا تحتاج إلي النظر إليها أكثر من لحظة واحدة لتدرك أنها أنثي بكل ما تحمله كلمة أنثي من معان.. جميلة، رقيقة، هادئة الملامح والخلق لكن بريق عينيها يحمل نوعا من الجدية الصارمة.. سألتها.. أنت امرأة عاطفية؟
فأجابتني.. «أنا مع أن المرأة تحافظ علي أنوثتها أيا كان منصبها.. تكون أنثي في تصرفاتها.. تكون أنثي في مظهرها.. لا أحب أن أكون قاسية بقساوة الرجل»..
سألتها هل تضعين مساحيق التجميل علي المنصة؟
فأجابت «نعم أضع قليلا من مساحيق التجميل وأحرص علي مظهري بشكل عام كامرأة».. دار حديثها معي بصوت خافت كحفيف الشجر لكنه يحمل بين طياته نبرة ثقة تجبرك علي التركيز..
سألتها: «هل صوتك علي منصة القضاء يكون بنفس هذه النبرة الهادئة التي تتحدثين بها معي الآن؟
».. فقالت «صوتي علي المنصة يكون أعلي من ذلك قليلا لكنني لا أصرخ أبدا.. لا يمكن أن يدفعني أحد للصراخ علي المنصة».. كيف تتصرفين إذا انفلت زمام المحكمة كما يحدث من حين إلي آخر..؟
قاطعتني «الكل يحترم جلساتي.. يجب علي القاضي أن يفرض نفسه علي الجلسة رجلا كان أم امرأة ولم يسبق أن انفلت زمام المحكمة وأنا علي منصتها».
تنقلت «زلفا» من منصب إلي آخر فقد عملت كمستشارة لوزير العدل عام 2003 وفي عام 2004 أصبحت قاضية الأمور المستعجلة ببيروت ولازالت كما أنها جمعت بين العمل القضائي والأكاديمي حيث تحاضر في مادة قانون الأعمال بالجامعة الأمريكية بلبنان.. سألتها «في رأيك لماذا وقف الرجال في وجه القاضية المصرية؟
» فأجابت بدبلوماسية «أعتقد أن ذلك يرجع إلي خوفهم من عدم تمكن المرأة من أداء هذه المهمة وتحمل أعبائها مثل التنقل إلي أماكن بعيدة في بعض الأحيان».
والحل؟ ..
«علي المرأة أن تثبت نفسها».. قاطعتها: «إلي متي ستظل المرأة في حاجة إلي إثبات نفسها؟.. هل سنظل في حالة دفاع مستمرة عن النفس؟؟»
أجابت بنفس الهدوء: «أعتقد أن الأمر يحتاج إلي مزيد من الوقت خاصة إذا تعلق إثبات الذات بالعمل في مجال القضاء».
وماذا تفعلين أنت شخصيا لاثبات جدارتك بالمنصب القضائي الذي تتقلدينه؟
أجابت: «أحاول عدم التغيب عن عملي بقدر المستطاع.. حتي لو كنت مريضة كما لا أتغيب لأي سبب يتعلق بأبنائي.. وأحيانا يأتيني كاتب المحكمة في يوم العطلة حاملا ملفات القضايا إلي المنزل».
ما هو عمل زوجك؟
زلفا: محام.
هل سبق أن ترافع أمامك؟
زلفا: القانون يمنع ذلك.
ما هي اختصاصاتك كقاضية الأمور المستعجلة؟
زلفا: أنظر في أنواع كثيرة من القضايا.. أنظر في كل ما يتعلق باتخاذ تدابير لمنع السفر علي سبيل المثال.. الحكم يجب أن يكون سريعا وينفذ بواسطة المحكمة فورا.. من اختصاصي أن أشرف علي تنفيذه.
ما هي أخطر القضايا التي حكمت فيها؟
زلفا: قضايا كثيرة.. أصدرت أحكاما تتعلق بالجيش وأخري تتعلق بوقف انتخابات اتحاد العمال العام في بيروت وكان من الأحكام الصعبة بالنسبة لي حكم يتعلق باستخراج جثة طفل من قبره. تتحدثين عن أحكام أصدرتها تتعلق بالجيش والانتخابات ثم تعتبرين حكما باستخراج جثة طفل من مقبرته من أصعب الأحكام!..
هل يحاول الدفاع أو المتهمون أحيانا مخاطبة المرأة التي في داخلك.. يخاطبونك كأم أو كأنثي؟
زلفا: يحدث أحيانا.. فأحاول إجراء صلح بين الأطراف المتخاصمة.
درست المحاماة.. فلماذا اخترت العمل في سلك القضاء؟
زلفا: مهنة المحاماة مهنة شاقة.. أما القضاء فلا يتطلب نفس المجهود إنما كما سبق أن قلت لك يمكنني أن أعمل من البيت.. كثيرا ما أكتب الأحكام بالبيت.
ألا تخافين من أن يعتبر ذلك في غير صالح المرأة القاضية؟
زلفا: بالعكس فالمرأة القاضية تقرأ وتبحث أكثر من الرجل كما أنها تكون أكثر هدوءا وتريثا.
المرأة اللبنانية تبدو متحررة جدا لكن عندما ننظر مثلا إلي الحياة النيابية بلبنان نجد أنه لا تصل امرأة إلي البرلمان إلا عن طريق الوراثة.. ما تعليقك؟
زلفا: عهد المرأة بدخول البرلمان ليس بالعهد القديم.. لكن مع مرور الوقت أومن أن الشعب اللبناني سيتعلم كيف ينتخب امرأة فقط لأنها تستحق صوته.. فالمرأة اللبنانية نشيطة وجادة ومعظم الشعب اللبناني أيضا.
2- بشري.. قاضية الاستئناف المغربية : عندما شاهدني ابني علي منصة القضاء قال لي: «ماما أنت مش ماما»
إلي جانب عمل بشري العلوي كقاضية بمحكمة الاستئناف بالمغرب فهي تمارس رياضة السباحة، هوايتها المفضلة لكنها تمنع نفسها من السباحة في أندية عامة، لأنه لا يصح للقاضية أن يراها الناس بالمايوه.. ليس من باب التشدد الديني لكن حفاظا علي هيبتها كقاضية.. كما أنها تلتزم بعدم الاختلاط بالناس إلا في أضيق الحدود فلا تتردد علي أي من المقاهي أو المطاعم إلا خارج المغرب لذلك تري القاضية المغربية أن النساء أكثر حيادية من الرجال في سلك القضاء لأنهن «مركزات» وملتزمات أما القضاة فلا يلتزمون بهذه الأعراف التي تلتزم بها القاضيات فيترددون علي المقاهي والمطاعم ولديهم العديد من الصداقات.
سألتها: «لماذا يقف الرجال دائما أمام تقدم مسيرة المرأة؟
».. أجابت: «الرجل يخاف من تفوق المرأة.. يخاف من أن زوجته أو أخته أو زميلته في العمل تتفوق عليه.. ذكوريته تجعل لديه رغبة دائمة بأنه أقوي منها.. يريد أن ينفرد وحده بمركز القرار».
هل تعانين من ذلك الأمر مع زوجك؟
بشري: زوجي يتفهمني ويساعدني.
تقولين ذلك لأنك تعرفين أن روزاليوسف تصل إلي المغرب؟
بشري: لا.. علي الإطلاق.. إذا كان زوجي كذلك، فلماذا يتزوج من قاضية؟
في المغرب هناك نساء ربات بيوت محدودات الطموح.. لكنه اختار أن يتزوج قاضية.
كثيرا ما ينجذب الرجل إلي المرأة القوية ليس حبا في قوتها لكن رغبة في تملك هذه القوة؟ بشري: ذلك ليس صحيحا بالنسبة لزوجي علي الأقل.
ماذا يعمل زوجك؟
بشري: محام.
؟ وأبناؤك؟
بشري: لدي ابن مهندس أقمار صناعية وابنة في بكالوريوس اقتصاد.
لماذا لم يرغب أي من ابنيك العمل في مجال القانون؟
بشري: لأنهما يشاهدانني أعمل ليل نهار.. ففي الدول العربية عادة القاضيات يأخذن القضايا إلي المنزل.
إذن المرأة القاضية تختلف عن القاضي؟
بشري: أنا أعتز بأنوثتي وأفتخر أنني امرأة.. حقيقة أن الرجل أقوي من المرأة لكن فسيولوجيا فقط وقد أثبتت الدراسات أن المرأة أكثر صبرا من الرجل.. فقد وهبها الله سبحانه وتعالي تلك الصفة للصبر علي تربية الأبناء وذلك مطلوب في العمل القضائي.. وبشكل عام المرأة علي منصة القضاء تطبق القانون الذي نص عليه المشرع.
لكن هناك هامشا تقديريا لدي القاضي وللقانون أوجه كثيرة؟
بشري: ذلك صحيح لكنني أتجرد من عاطقتي تماما وأنا علي منصة القضاء.. دعيني أحكي لك حكاية.. عندما كان ابني عمره 12 عاما طلب منه في المدرسة كتابة بحث عن المحكمة في المغرب.. فاصطحبته معي إلي المحكمة لأول مرة في حياته.. وما أن رآني أدخل إلي قاعة المحكمة بزي القضاء الأخضر الضخم والكل يقف في وقار حتي أصيب بالفزع وبعد أن انتهيت من عملي قال لي «ماما أنت مش ماما».
هل تتعمدين تقمص تلك الشخصية الجادة لوجود اعتقاد داخلي لديك أن هذا المنصب إنما صنع للرجال ويجب علي المرأة التي تصل إليه أن تتقمص شخصية الرجال؟
بشري: والله العظيم لا أتعمد ذلك.. ولا أقصد تغيير شخصيتي لكن علي القاضي عموما رجلا كان أم امرأة أن يتجرد من شخصيته وأهوائه وآرائه الشخصية وهو يجلس علي المنصة.. فإذا حدث موقف مضحك علي سبيل المثال لا يمكن أن يضحك القاضي عليه مهما كان مضحكا.
هل سبق أن أصدرت حكما طبقا لما ينص عليه القانون وأنت متعاطفة مع المحكوم عليه؟
بشري: أنا دائما أقول أن القاضي يحكم بالظواهر والله يتولي السرائر.. فمهما كنت متعاطفة إنسانيا مع الشخص الذي يجرمه القانون أطبق القانون والله يتولي أمره.
ما هو تفسيرك لقوامة الرجل علي المرأة؟
بشري: لا توجد قوامة للرجل علي المرأة إنما المرأة أثبتت بالتجربة العملية أنها قادرة علي العمل أكثر من الرجل والدليل أنه في المعهد العالي للقضاء الطالبات متفوقات أكثر من الذكور بكثير.
خمسون عاما مرت علي وصول المرأة المغربية للقضاء.. كم حكما بالإعدام أصدرته قاضية منذ ذلك التاريخ؟
بشري: ولا حكم.. لم يسبق أن أصدرت قاضية مغربية حكما بالإعدام.
تفسيرك؟
بشري: معظم القاضيات لا يعملن في المجال الجنائي حتي الآن.
3- جميلة.. الرئيسة بمحكمة الاستئناف التونسية: القاضيات لديهن قدرة أعلي علي تحليل الشخصيات وكشف الأغوار
رفضت القاضية جميلة الخذيري الرئيسة الأولي بمحكمة الاستئناف بمدينة نابل التونسية الإدلاء برأيها في التصويت ضد تعيين قاضيات بمجلس الدولة في مصر، شأنها في ذلك شأن معظم القاضيات العربيات اللائي كن ضيفات علي مؤتمر رابطة المرأة العربية الذي عقد في جامعة الدول العربية بالقاهرة.. قالت (جميلة) «ما أقولش رأيي في مشاكلكو»
دعيني أسألك السؤال بشكل آخر يكون قابلا للإجابة.. «ما هو تحليلك لشخصية الرجل الشرقي؟
لماذا يقف دائما في وجه أي إنجاز جديد للمرأة؟
وهل الرجل التونسي مختلف عن الرجل الشرقي أم أن المرأة التونسية هي التي عرفت كيف تنتزع حقوقها رغما عن أنف ذكوريته؟»
جميلة: الرجل التونسي ليس مختلفا عن كل الرجال، لكنها الإرادة السياسية هي التي جلبت حقوق التونسيات.
هل الإرادة السياسية تغير العقول أم تعنين أن الإرادة السياسية أجبرت الرجال علي الرضوخ؟
جميلة: نحن اكتسبنا حقوقنا.. المرأة أصبحت شريكا للرجل مساوية له في كل المجالات.. وبالنسبة للدين انتهجنا الدين الوسطي المعتدل وذلك في إطار رؤية سياسية لا تفرق بين المرأة والرجل إلا بالعمل وإثبات الذات.
القاضية اللبنانية زلفي الحسن قالت لي أنها تبذل مجهودا أكبر لإثبات أحقيتها كامرأة بالمنصب القضائي الذي آلت إليه.. هل الوضع مماثل بالنسبة لك؟
جميلة: أعمل في القضاء منذ 32 سنة ولم أشعر في يوم أنني أحتاج إلي بذل أي مجهود إضافي عن المجهود الذي يبذله زملائي الرجال.
ولا تحتاجين إلي تقمص شخصية الرجل وأنت علي المنصة؟
جميلة: لا.. بل إنني امرأة وأكون كما أنا.
ألا تحتاجين إلي تقمص شخصية الرجل للتجرد من عواطفك التي يقال أنها تؤثر علي قرارات وأحكام القاضية؟
جميلة: غير صحيح أن المرأة عاطفتها تؤثر عليها بل تتناول الموضوعات بكل حياد حسب القانون .
هل أنت بنفس الصرامة في حياتك الشخصية؟
جميلة: بالنسبة لحياتي الشخصية.. مثلي مثل كل النساء.
أعني.. هل عملك في القضاء جعلك تعرفين كيف تتخذين قرارا حاسما سريعا؟
جميلة: في القضاء القرار لا يكون سريعا بل يكون مدروسا ويأخذ وقته في البحث.
ما هي المهام التي تقومين بها في منصبك؟
- أفصل في مطالب إيقاف تنفيذ أحكام وأترأس مجلس تأديب الخبراء وأشرف علي قضاة المحكمة في عملهم اليومي.
تصدرين أحكاما علي عشرات الرجال كل يوم.. ما تفسيرك للآية القرآنية «الرجال قوامون علي النساء»؟
جميلة: النساء والرجال شركاء.
وما تفسيرك للآية؟
جميلة: ذلك ليس من اختصاصي لكنني شريكة للرجل في كل شيء.
هل ترين ميزة في المرأة القاضية عن الرجل؟
جميلة: المرأة تستطيع كشف أغوار الشخص الذي يقف أمامها أكثر.. لديها هبة تحليل الشخصية التي تتعامل معها بعمق أكثر .. والقدرة علي تحليل الشخصية من الصفات التي يجب أن يتحلي بها القاضي.. عندما يدخل علي رجل وامرأة متخاصمين أعرف منذ الوهلة الأولي إذا كانت لديهما نية التصالح أم لا.
4- إحسان.. أول رئيسة محكمة أردنية: كنت مرتبكة جدا في أول مرة جلست فيها علي المنصة
إحسان بركات هي أول قاضية أردنية تشغل منصب رئيس محكمة كما كانت أول قاضية تعين في محكمة الاستئناف بالأردن.. تقول: ظلت تعمل بالمحاماة علي مدار 16 عاما لكنها اتجهت إلي القضاء مع فتح أول باب للنساء للاشتغال بالقضاء في الأردن علي عكس زوجها الذي كان قاضيا واستقال ليعمل بالمحاماة!
سألتها.. كيف كان شعورك وأنت تجلسين لأول مرة علي منصة القضاء التي لم تكن تعرف النساء في الأردن؟
اعترفت: كنت مرتبكة جدا واختلجتني مجموعة من المشاعر بين الخوف والقلق والتحدي.. كنت أخشي هذا الموقع وأدرك حجم المسئولية وحجم الخسارة التي سوف تحدث إذا لا قدر الله فشلت في مهمتي الجديدة.. كانت سوف تكون خسارة فظيعة وغير عادية.
ما الذي يميزك من وجهة نظرك لتصبحي أول قاضية تتولي رئاسة محكمة بالأردن؟
إحسان: سنوات الخبرة ليس أكثر.. فعندما فتح الباب للأردنيات لدراسة القضاء كنت أعمل في المحاماة علي مدار 16 عاما عملت خلالها كمستشارة لعدد من الشركات والبنوك أما الخريجات الأخريات فكان معظمهن خريجات حديثات لم يسبق لهن العمل فتخرجت وأنا علي درجة أعلي منهن.
هل لازلت المرأة الوحيدة التي تشغل منصب رئيس محكمة؟
إحسان: تم تعيين قاضية أخري مؤخرا كرئيسة لمحكمة غرب عمان.
لماذا بعد أن كونت خبرة كبيرة في المحاماة وحققت إنجازات واسعة في مجالك أردت ان تحولي مجال عملك إلي القضاء وعدت ودرست من أول وجديد؟
إحسان: رغبة مني في دعم حقوق المرأة كما أن القضاء مهنة تساعد علي إرساء قيم الحق بشكل عام.
كيف كانت ردود أفعال القضاة تجاهك بعد تخرج دفعتك التي اشتملت علي أول قاضيات في تاريخ الأردن؟
إحسان: كثيرون شجعوني لكن البعض كان يقول في وجهي: «شو بدكم في هذه المهنة تنافسون فيها الرجال؟»
علي من تلقين المسئولية الأكبر في وصول العقلية الذكورية إلي هذه الدرجة من التعجرف وعدم الاعتراف بالنساء.. الرجال أكثر أم النساء؟
إحسان: الاثنان.. وقبل الرجل والمرأة ألقي اللوم علي المعتقدات القديمة التي تري في خروج المرأة من المنزل أمرا مستغربا.. كما أن للمرأة دورا سلبيا فالمرأة لا تتعامل مع المرأة كما ينبغي ومن جهة أخري قلة ثقة المرأة في نفسها وفي قدراتها ترسخ النظرة الدونية لها.
هل توافقين علي أنه في بعض الأحيان تصل نساء غير مستحقات وغير مؤهلات إلي مناصب عليا فقط لأن الحكومات تدعم المرأة بشكل عشوائي لتبدو حكومات راقية متقدمة؟
إحسان: يحدث ذلك بالفعل ويسيء إلي حقوق المرأة جملة، فأنا ضد فكرة وصول المرأة لمناصب عليا دون شروط.. إنما نطالب بوصول المرأة القادرة فقط إلي المناصب العليا وهناك نساء يؤهلن أنفسهن إداريا ومهنيا وعلي الدولة البحث عن هؤلاء لترقيتهن.
في مصر يقولون «عدوك ابن كارك».. هل ينطبق ذلك علي علاقتك بزوجك؟
إحسان: البعض لا يفضلون الارتباط بشخص من نفس المهنة لكنني اخترت أن أرتبط بزوجي وأنا كنت محامية وهو قاض وتبادلنا الأدوار وكل حواراتنا قانونية.. وذلك أمر نراه جيدا وهو بشكل عام داعم لمسيرتي جدا.
البعض يقول إن عمل القضاء أسهل من المحاماة.. هل تؤيدين ذلك الرأي؟
إحسان: لا أؤيده علي الإطلاق.. بالعكس أبنائي يقولون لي أنهم لا يريدون أن يعملوا بالقضاء مثلي لأنهم يرونني أذاكر ليل نهار.. العلوم كلها تتطور مما يستدعي من القاضي أن يكون في حالة دراسة واطلاع طوال حياته.. وعمل القاضي أضعاف عمل المحامي لأن المحامي ينظر بعض القضايا في حين أن القاضي ينظر كل قضايا المحامين.
5- رباب قاضية المحكمة العليا بالسودان: الإمام الشافعي غيَّر مذهبه من العراق إلي مصر لاختلاف الأعراف ونحن لازلنا نتمسك بالأعراف البالية
بالرغم من أني أكدت للقاضية السودانية رباب مصطفي قاضية المحكمة العليا بالخرطوم أنني لا أريد أن أسألها عن كيفية تمكنها من الموازنة بين البيت والقضاء إلا أنها قالت لي: «أبنائي يرفضون الأكل إلا من يدي.. يجب أن أطبخ لهم بشكل يومي وأستمتع بذلك» تم تعيين رباب محمد مصطفي في الهيئة القضائية عام 1974 وكانت المرأة السودانية قد عرفت طريقها إلي القضاء قبل ذلك ب9 سنوات.. كما عملت كباحثة في مجلس الإفتاء الشرعي علي مدار 4 سنوات وكانت عضوة في مجمع الفقه الإسلامي لذلك تدافع القاضية رباب عن حق المرأة في العمل بالقضاء من منظور ديني دارس واع.
سألتها عن رأيها في الحكم الذي صدر بجلد الصحفية لبني أحمد الحسين الشهيرة بصحفية البنطلون بتهمة خدش الحياء العام لأنها ارتدت بنطلونا.. فرفضت التعليق تماما.
لماذا في رأيك وبالرغم من مرور عشرات السنين علي عمل المرأة بالقضاء في عدد كبير من الدول العربية لازال ذلك الأمر يثير الكثير من الجدل؟
رباب: المرأة بشكل عام تواجه ضغوطا ورفضا علي مر العصور وفي جميع المجتمعات لكن للقضاء شأنا عظيما ومكانة خاصة جدا فهو ملاذ المظلومين.. وأنا أقبل التحفظ.
ماذا تعنين بأنك مع التحفظ؟
رباب: أنا مع التحفظ بشكل عام فيجب وضع شروط دقيقة جدا للعمل بالقضاء.. بشكل عام سواء بالنسبة للقاضي أو القاضية لكن أن تحول الأنوثة دون وصول المرأة إلي القضاء فهذا ما لا أقره أبدا.
هل المرأة مقصرة في حق نفسها؟
رباب: لا أعتقد أن هناك قصورا من ناحية المرأة إنما القصور في الثقافة العامة.
وإلي متي ستظل هذه الثقافة العامة موجودة؟
رباب: أعتقد أنها في زوال بدليل وجود فتيات ناجحات ومتحققات كثيرات.
أري أنك حريصة علي الزي السوداني التقليدي.. هل ترتدين غطاء الرأس كجزء من هذا الزي أم أنك محجبة.. وهل علي القاضية السودانية أن تغطي رأسها؟
رباب: علي كل امرأة مسلمة ارتداء الحجاب وليس القاضية فقط.
هل هناك قانون يلزم القاضية في السودان بتغطية شعرها؟
رباب: الشريعة الإسلامية تلزم كل النساء بتغطية رءوسهن.
أعني.. ماذا لو لم تكن تريد القاضية تغطية شعرها لرغبة شخصية أو لاعتناقها عقيدة مختلفة؟
رباب: يجب أن ترتدي زيا لائقا ومحتشما.
تخصصت في الفقه والفتوي.. كيف تردين علي الآراء الدينية الرافضة لاشتغال المرأة بالقضاء؟
رباب: معظم حجج المانعين تستند إلي العرف ومن المعروف أن الأعراف والتقاليد تتغير بتغير الزمان والمكان وإلا لما بدل الإمام الشافعي- رضي الله عنه- مذهبه القديم في العراق إلي مذهبه الجديد في مصر لما وجده من اختلاف الأعراف في البلدين وقد اعتبر علماء الأصول الأعراف والتقاليد مصدرا من مصادر التشريع لأنها تتغير وتتطور مع الزمن لكننا لازلنا نحتفظ بأعرافنا البالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.