بعد أن أثار توقيع اتفاقيات «كامب ديفيد» ردود فعل معارضة في مصر ومعظم الدول العربية واستقال وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل علي أثرها لمعارضته الاتفاقية وأطلق عليها اسم «مذبحة التنازلات» يطالب الشارع المصري الآن بإلغاء الاتفاقية أو تعديل بنودها لما يخدم مصلحة مصر.. والسؤال الآن كيف ستكون ردة فعل الرأي العام الإسرائيلي؟ وهل سيقبل بالتفاوض علي بنود الاتفاقية؟ دكتور سعيد عكاشة الخبير في الشئون الإسرائيلية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام يجيب بأن بند الأمن للمناطق العازلة هو أهم بنود الاتفاقية وهي المناطق المحظور عليها دخول أسلحة، مشيرا إلي أن الحديث عن هذا البند يمثل وسيلة الضغط المصرية علي الجانب الإسرائيلي وهو ما سوف ترفضه إسرائيل كلية وتفصيلا. وأكد أنه كان من الممكن التفاوض حول هذه النقطة لو كان التطبيع مع إسرائيل ساريا في مساره الطبيعي إلا أن العداء المصري لإسرائيل طوال 30 عاما لن يسمح بتخفيض الإجراءات الأمنية داخل الاتفاقية، مشيرا إلي أن المطالبات التي تنادي بتعديل اتفاقية كامب ديفيد لن تتم إلا بعد استقرار الأوضاع في مصر ووجود مؤسسات حكومية تستطيع اتخاذ القرار. وما تقوله القيادات المصرية حول إمكانية تعديل البنود هدفه إرضاء الشعب فقط. وأكد أنه لا يمكن اتخاذ قرارات مهمة تخص البلاد طبقا لمطالبات مجموعة من الغوغاء غير الدارسين فقط لتحقيق مكاسب نفسية ومعنوية لهم دون الالتفات للخسائر الهائلة التي ستعاني منها مصر وأهمها وقف المساعدات الخارجية التي تقدر بمليارات،مشيرا إلي أن إسرائيل لن تطلب تعديل بنود الاتفاقية مهما كان الثمن لأنه ليس من مصلحتها التعديل فهي المستفيد الأول منها خاصة من بنود الإجراءات الأمنية. دكتور طارق فهمي رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط قال: إن الموقف الإسرائيلي من الداخل به 4 أبعاد رئيسية: الأول أن إسرائيل كانت تجهز وتعد كامب ديفيد جديدة منذ أكثر من 3 سنوات وهو ما تأكد من خلال كتابات لبعض الأكاديميين. والبعد الثاني هو رفض إسرائيل المساس باتفاق كامب ديفيد ورفض إجراء أي تعديلات ولكن مقترحاتهم كانت خارج الاتفاقية لأنهم يرونها مقدسة، ولذلك هم يريدون بروتوكولا أو اتفاقا خارج الاتفاقية التي حمت السلام بين البلدين وبالفعل قاموا بعمل ممر صلاح الدين بين مصر وغزة ولم تعرض الفكرة علي مجلس الشعب ولكنها عرضت في الكنيست الإسرائيلي وهي سابقة من نوعها بشأن إلحاق اتفاق لاتفاقية كامب ديفيد، البعد الثالث هو أن معظم أفكار إسرائيل تتلخص في فرض الوصاية الدولية علي سيناء وخوض نظام الائتمان الدولي والحصول علي جزء من الحدود المصرية والتي تصل إلي 12 كيلومترا مقابل أن تحصل مصر علي أجزاء من صحراء النقب ولذلك تتهم إسرائيل مصر بوجود فراغ في سيناء.. البعد الرابع هو أنه إلي حين أن يرتب المصريون أوضاعهم يتم وضع قوات متعددة الجنسيات في المنطقة «ب» وإجبار المصريين علي قبول هذا الحل المرحلي الانتقالي المؤقت. وأضاف إنه من خلال متابعة الصحف اليومية في إسرائيل تبين حالة الخوف والقلق التي يعيشها الشعب الإسرائيلي من فتح هذه الملفات، ولكن هناك اتجاها شعبيا وعسكريا يؤيد إعادة احتلال سيناء وأكبر دليل هو محاولات استخدام القوة المبالغ فيها وغير المبررة في سيناء تجاه الجنود المصريين. من جانبه قال الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن فكرة إلغاء الاتفاقية أمر غير وارد علي الإطلاق من الجانبين المصري والإسرائيلي، مشيرا إلي أن مصر تريد التفاوض علي بند انتشار القوات في سيناء خاصة في المنطقة «ج» والتي يبلغ عدد القوات بها 750 جنديا من حرس الحدود وهو عدد غير كاف علي الإطلاق وبالتالي مصر تطالب بأن يصل العدد إلي 4 آلاف جندي وهو عدد لن يتسبب في إحداث أي أزمة للجانب الإسرائيلي خاصة بعد اتهام إسرائيل لمصر بأنها غير قادرة علي حماية حدودها. ولفت إلي أن الصحف العبرية لا تتهم مصر بالتخريب وإنما تتحدث بأسلوب يعكس حالة من الخوف والحذر. قال أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة الأزهر الدكتور محمد أبوغدير: إن إسرائيل لا تقلق بشأن هذه الاتفاقية لأنها تشعر جيدا بإيجابياتها عليهم والمميزات التي يحصلون عليها خاصة أن مصر هي التي تواجه عيوبها وهو أمر لا يعني إسرائيل علي الإطلاق فقد تم الاتفاق عليها برضا الجانبين وتوقيعها في حضور الأممالمتحدة، مشيرا إلي أن إسرائيل استفادت من الاتفاقية بنسبة 100% أما مصر فقد استفادت بنسبة أقل بكثير. إن هناك صحفا عبرية استفزت مشاعر المصريين بقولها إن مصر استأذنت إسرائيل لزيادة عدد قوات حرس الحدود بسيناء ولم يحدث هذا إلا بعد أن سمحت إسرائيل لمصر بذلك، مشيرا إلي أن مصر في عهد الرئيس السابق حسني مبارك كانت تلبي مطالب إسرائيل حتي لو كانت ضد مصلحة البلاد ولكن هناك صحفاً أخري تري أن مصر من حقها الحفاظ علي سلامة حدودها والتفاوض حول الاتفاقية بما يضمن لمصر حقوقها. وأكد أن إسرائيل دولة صعبة المنال لاتبحث إلا عن مصلحتها فقط، ولذلك سترفض إسرائيل أي تعديل يمس مصلحتها إلا تحت ضغط قوي.