انتشرت مؤخرًا على موقع التواصل الاجتماعى فيديوهات وقنوات لتقديم العلوم وشرحها بشكل مختلف، وتطورت تلك الظاهرة مع الوقت حتى حجزت مكانها فى قوائم «الأكثر متابعة»، من خلال جمهور كبير يشجع هذا النوع من المحتوى الذى يتم تقديمه وينتظره ويبحث عنه بشغف.
مع ظهور فيروس كورونا المستجد نهاية العام الماضى، زاد إقبال رواد منصات التواصل الاجتماعى على صفحات وقنوات تبسيط العلوم، بحثًا عن حقيقة ذلك الفيروس القاتل، ومن بين مقدمى المحتوى العلمى على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعى ذاع صيت «فادى داود» من خلال نشرة العلوم التى يقدمها بهدف تبسيط المعلومات وتقديم آخر الاختراعات والتجارب العلمية فى العالم للمتابع العربى، كما بدأ مؤخرًا تقديم نشرة يومية عن آخر مستجدات الفيروس عالميًا.
تخرج فادى فى كلية الهندسة، جامعة عين شمس، قسم حاسبات ونظم المعلومات كدراسة أساسية، ولكن حبه للعلوم منذ طفولته جعل متابعته لأخبار ومستجدات العلم حول العالم تشغل حيزًا كبيرًا من حياته.
بدأ «فادى» حياته العملية فى مجال دراسته وأنشأ شركة تضم فريقًا متكاملاً قادرًا على تقديم حلول وخدمات برمجية ورقمية لعملاء وشركات داخل وخارج مصر، ثم انتقل بعد ذلك لتحقيق شغفه من خلال تأسيس مبادرة نشر العلوم وتبسيطها عبر تأسيس موقع إلكترونى للمحتوى العلمى باللغة العربية، إضافة لتقديم «نشرة العلوم» على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» والتى حصدت عددًا كبيرًا من المتابعين فى الوطن العربى خلال فترة قصيرة.
وعن استعداده لتقديم نشرة العلوم يقول فادى: «حاولت جاهدًا أن أصقل حبى للعلوم من خلال دراسة أساسيات قراءة الأبحاث العلمية ونقدها بعين صحفية وفنية، وأخذت دورة مكثفة فى معهد جوتة ضمن مشروع (العلم حكاية) المدعوم من وزارة الخارجية الألمانية، تعرفت من خلالها على أساسيات الصحافة العلمية وكيفية كتابة قصة علمية للعامة وتقديم بحث علمى ونقده ومحاورة العلماء فى أبحاثهم وغيرها».
مضيفًا: «حبى للعلوم كان مساعدًا أساسيًا فى تعلم كل ما هو جديد يوميًا، لإدراكى بأن العلم دائمًا يملك الإجابات وهذا هو شعار حياتى، ما يزيد من حماسى فى البحث والتنقيب عن المعلومات سواء معلومة علمية أقدمها لمتابعى النشرة أو معلومة أخرى فى مجال عملى، فكل يوم جديد يحمل لى معلومة جديدة وزيادة معرفة بشىء لأول مرة».
وبالنسبة للدافع الذى يشجع فادى على الاستمرار يقول: « أكثر شىء كان يحركنى هو الفضول والشغف أن أعرف معلومة جديدة.. ومع الوقت قررت أن أنقل ما أعرفه لغيرى ودفعنى لذلك أكثر من سبب، أهمها هو صعوبة توافر المعلومة باللغة العربية دائمًا حتى فى أبسط الأشياء العلمية والمعرفية ووصولاً حتى بمتابعة العلم والتقنية».
يشكل حجم المحتوى الرقمى باللغة العربية علامة استفهام بالنسبة ل فادى: «المحتوى العربى على الإنترنت %3 من إجمالى المحتوى الرقمى، فى حين أن عدد الناطقين باللغة العربية 360 مليون نسمة أى ما يعادل 7 % من تعداد السكان العالمى، حتى هذه النسبة غير مكافئة لتعدادنا، ما دفعنى للمساهمة ولو بجزء بسيط فى توافر محتوى علمى عربى، فأضعف الإيمان إذا كنا لا نستطيع إنتاج العلم بشكل كافٍ فعلى الأقل لا نكون بعيدين عنه وعن تطوراته».
بالتعاون مع صديقه بدأ أولى خطواته فى مبادرة «نشرة أخبار العلوم» عام 2015: «بدأت أنا وصديقى ماجد مجدى متفقين على نفس الهدف والرؤية فى بدء رحلة طويلة ومستمرة بإنشاء قناة يوتيوب تقدم محتوى علميًا مبسطًا على هيئة فيديوز أنيميشن، لكن لأن ده كان خلال وقت دراستنا فكان صعبًا علينا خاصة أن إعداد الفيديو يتطلب وقتًا كبيرًا، وبالتالى تحول الأمر لصفحة فيسبوك تقدم معلومات وأخبارًا عن العلوم والتكنولوجيا يتخللها أخبار أخرى خفيفة وبعد ذلك فى خلال أقل من سنة أطلقنا موقع (بالعربى. نت) وصلنا فيه لأكثر من 50 كاتبًا متطوعًا من بلاد عربية مختلفة، لا نتلقى عليها أى مقابل مادى فالنشرة ومشروع بالعربى تطوعى يتم الإنفاق عليه ذاتيًا».
تبسيط العلوم للعامة ونافذة علمية تثقيفية للمواطن العربى على العالم الخارجى، هكذا يعرف فادى المبادرة: «هدفنا أننا فى المنطقة العربية ما نكونش بمعزل عن التطور الرهيب الحادث فى العالم حولنا، بل نواكب ونتطلع إليه ربما يومًا ما نكون وسط هذا الزخم بإنجازاتنا، وبنحاول نحدث حراك علمى ثقافى يشغل المواطن العربى بالعلوم والتكنولوجيا ويثير فضوله وشغفه نحو العلم، ربما تكون تلك الخطوة الأولى التى منها نستطيع أن نواكب التطور ونشارك به».
ويضيف: «وصلت صفحة الفيسبوك إلى 730 ألف متابع وفى وقت كانت بتوصل معلوماتنا وأخبارنا لأكثر من 2 مليون أسبوعيًا وكان يصل حجم الزائرين شهريًا إلى أكثر من 100 ألف زائر، وحاليًا نعيد تصميم الموقع وفى انتظار انطلاقة جديدة وننتج يوميًا حوالى 7 مقالات خضراء (مقالات تعليمية وتثقيفية مناسبة لأى وقت) وفى خلال شهر سيكتمل الشكل الجديد للموقع».
وفيما يتعلق بنشرة العلوم، يقول: «احتفلت مع متابعى النشرة بأكثر من 1000 خبر علمى قدمته النشرة خلال عامين، وأعتقد الرقم ده خلال نصف العام الثالث تجاوز 1500 بسبب متابعة أخبار فيروس كورونا الجديد، وأصبحت أقدمها بشكل دورى أو شبه يومى، وتلقيت تعليقات أسعدتنى بخصوص تأثير النشرة للمتابعين وكان لها أثر كبير فى نفسى».
تأكد المتابعين من صحة المعلومات المنشورة أمر مهم بالنسبة لفادى: «أنا مؤمن بحرية الوصول للمعلومة لذلك أحاول جاهدًا نقل كل ما أستطيع وتوصيله بشكل مبسط للناس، من خلال النشرة، ولتفادى الوقوع فى حفرة التكذيب والنفى من قبل المتابعين أكد أنه يقوم بوضع كل المصادر الموثوقة التى اطلع عليها فى الكومنتات الخاصة بالنشرة دون أن يطلبها أحد، للتأكد من صحتها تاركًا مساحة للجمهور لمراجعتى إذا أخطأت، فأنا أقرأ الأخبار وكل جديد فى العلوم بشغف طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره ونقلها من خلال نشرة العلوم بنفس الشغف».
وعن الوقت الذى يحتاجه فادى لإعداد النشرة قال: «لو هنتكلم عن وقت إعداد النشرة قبل الكورونا كانت النشرة أسبوعية وبتكون متوسط 10 أخبار أسبوعيًا تشمل مجالات مختلفة بحاول أوازن منهم (الطب - الهندسة الحيوية - التكنولوجيا - الذكاء الاصطناعى - الفيزياء - الفضاء)، لكن حاليًا النشرة هى شبه يومية، لكن النشرة الأسبوعية تتطلب منى حوالى 6 ساعات بتصفح فيها مواقع وقوائم محتفظ بها وأطلع على الجديد وأختار ما يمكن ذكره فى النشرة، لافتًا، أنا متابع جيد لدوريات النشر العلمية وبعض المواقع الإخبارية الأجنبية الأخرى».
ويوضح أن أكثر ما يجذب الناس هو أخبار الهندسة الحيوية وتقنيات التعديل الجينى وأخبار الذكاء الاصطناعى وأخبار الفلك والفيزياء: «متابعو النشرة ليسوا من مصر فقط فهناك متابعون كثر من بلاد عربية وده شىء يسعدنى، لذلك أحاول بأكبر قدر ممكن تبسيط وطرح معلومات مفهومة للمصريين والعرب عمومًا وكذلك للمختصين أو غير المختصين، وقريبًا النشرة هتتحول لفيديوز وهذا ما أعمل عليه حاليًا لكن ضيق الوقت عائق كبير».
وعن زيادة إقبال الناس على متابعة الأخبار العلمية بسبب كورونا يقول: «الوضع اختلف الآن، وأعتقد الناس استوعبت أهمية العلم وأهمية أن نبقى جاهزين دائمًا بالأبحاث العلمية، القادرة على المنافسة وعمل صدى يتواجد فى الأوقات الصعبة كهذه، وبتمنى أن تغير الأزمة الحالية بعض الشىء فى تصدر أخبار العلوم الصفحات الأولى من الموقع والجرائد الورقية، وازدياد الشغف بالعلوم يدوم حتى بعد انتهاء الأزمة».