اليوم.. السيسي يشهد احتفالية عيد العمال    بحضور السيسي، تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 2-5-2024 بالصاغة    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 2 مايو 2024    مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين في عدة جامعات أمريكية والشرطة تنتشر لتطويقها    قوات الجيش الإسرائيلي تقتحم مخيم عايدة في بيت لحم وقرية بدرس غربي رام الله ومخيم شعفاط في القدس    "الحرب النووية" سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    رامي ربيعة يهنئ أحمد حسن بمناسبة عيد ميلاده| شاهد    «الهلال الأحمر» يقدم نصائح مهمة للتعامل مع موجات الحر خلال فترات النهار    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    نسخة واقعية من منزل فيلم الأنيميشن UP متاحًا للإيجار (صور)    فيلم شقو يتراجع إلى المرتبة الثانية ويحقق 531 ألف جنيه إيرادات    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    أوستن وجالانت يناقشان صفقة تبادل الأسرى والرهائن وجهود المساعدات الإنسانية ورفح    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: لم نرصد أي إصابة بجلطات من 14 مليون جرعة للقاح أسترازينيكا في مصر    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    عقوبات أمريكية على روسيا وحلفاء لها بسبب برامج التصنيع العسكري    تشيلسي وتوتنهام اليوم فى مباراة من العيار الثقيل بالدوري الإنجليزي.. الموعد والتشكيل المتوقع    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين..والإسماعيلي يعاني من نقص الخبرات    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    البنتاجون: إنجاز 50% من الرصيف البحري في غزة    احذر الغرامة.. آخر موعد لسداد فاتورة أبريل 2024 للتليفون الأرضي    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    ترابط بين اللغتين البلوشية والعربية.. ندوة حول «جسر الخطاب الحضاري والحوار الفكري»    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    كوكولا مصر ترفع أسعار شويبس في الأسواق، قائمة بالأسعار الجديدة وموعد التطبيق    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    انخفاض جديد في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 2 مايو بالمصانع والأسواق    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملف الكامل لمشروع «الوادي الآوسط»

من العلمين وحتى توشكى.. هل تحل حكومة «شفيق» الانتقالية
شفرة مشروع «ممر التنمية»؟
عقد د. أحمد شفيق رئيس الوزراء يوم السبت الما ضى اجتماعًا لإحياء مشروع استمر لمدة 37 عاما يُعرض على حكومات متعاقبة فى مصر، وتشكل لجان وتعقد اجتماعات ثم بعد ذلك يصير محله الأدراج لحين إشعار آخر.
ومع ذلك لم ييأس صاحب فكرة مشروع «ممر التنمية» د. فاروق الباز من محاولة إحياء مشروعه فى كل زيارة للقاهرة لأنه يرى وهو الذى يعيش بالخارج حيث مقر عمله بالولايات المتحدة الأمريكية أن هذا المشروع حيوى بالنسبة لمستقبل مصر، وقد كان آخر استقرار لهذا المشروع فى الحكومة السابقة هو وزارة التنمية الاقتصادية التى ألغيت فى الحكومة الانتقالية الحالية.. نأمل هذه المرة أن تكون هذه الحكومة رغم أنها انتقالية محل الأمل لهذا المشروع الذى تخرج فيه مصر من مأزق الوادى الضيق الذى يختنق بمن فيه وما عليه.
فى اجتماع السبت الماضى اجتمع رئيس الوزراء مع كل من: د. فاروق الباز ووزراء التعاون الدولى والبيئة والإسكان والمالية والزراعة والرى، بالإضافة إلى د. أحمد جمال موسى وزير التربية والتعليم الأسبق ود. عصام شرف وزير النقل الأسبق وتم الاتفاق على أن يكون هذا المشروع قوميًا بمعنى الكلمة، وأن يوضع فى خانة الأهمية القصوى للمجتمع مثلما فعلت مصر من قبل فى مشروع السد العالى، ولذلك فقط طلب رئيس الوزراء من المجتمعين التفكير جديا فى إنشاء هيئة أو إدارة غير حكومية تتمتع بالمرونة الكاملة وبعيدا عن مشاغل الحكومة حتى لا يقف العمل فى المشروع وأن يكون لهذه الهيئة غير الحكومية هيكل يضم الخبراء والشخصيات العامة وإشراك القطاعين العام والخاص سواء المصرى أو العربى وأن يكون لهذا المشروع إدارة مالية منفصلة عن الحكومة، كما طرح د. فاروق فكرة الاكتتاب الشعبى بأسهم رمزية لها قيمة بعد سنوات لهذا المشروع.
وتعيد «روزاليوسف» نشر الملف الكامل لممر التنمية الذى انفردت بنشر تفاصيله فى عام 2008 لتضعه الحكومة الحالية وكل المهتمين نصب عينيها.
التفاصيل التى حصلنا عليها ونشرناها عام 2008 كانت تؤكد أن مصر بصدد أحد أهم المشروعات فى تاريخها، وهو المشروع الذى تم تداول فكرته فى الأوساط السياسية والعلمية تحت عدة أسماء:
«ممر الباز» «ممر التعمير» «ممر التنمية». ولقد وجدنا فى «روزاليوسف» أن إطلاق اسم «ممر» على هذا المشروع أقل كثيرا من قيمته لأنه يمكن أن يغير وجه الحياة فى مصر، وقد اجتهدنا للوصول إلى اسم يناسبه وهو «الوادى الأوسط»، حيث إنه يتوسط وادى النيل الذى يميل إلى الشرق، والوادى الجديد غربا.
د. فاروق الباز العالم الجيولوجى المصرى قدم مقترحا فى السبعينيات بمشروع متكامل عن «ممر» طويل يعيش فيه الملايين من كل محافظات مصر، ويبدأ شمالا من الإسكندرية، وينتهى عند حدود مصر الجنوبية، مارا بثلاثة قطاعات مهمة للمصريين، ليتركوا «النيل» مصانا.
وتأتى دراسة «ممر التنمية» بطول الصحراء الغربية ومسارات لمحاور عرضية.
ويرجع أسباب اختيار ممر التنمية بالصحراء الغربية إلى عدد من المقدمات التى تؤهله لأن يمثل بعدًا تنمويًا مهمًا فى مستقبل مصر وفى جذب السكان من الوادى والدلتا.
مساحة الصحراء الغربية حوالى 680 ألف كيلومتر مربع وتمثل 68% من مساحة مصر تقريبا، وهى تمتد من وادى النيل فى الشرق حتى الحدود الليبية فى الغرب، ومن البحر المتوسط شمالاً إلى الحدود المصرية السودانية الجنوبية.
وتنقسم الصحراء الغربية إلى قسمين «شمالى وجنوبى».. الشمالى عبارة عن سهل ساحلى، وهضبة شمالية، ومنطقة المنخفضات العظمى التى تضم واحة «سيوة»، ومنخفض «القطارة»، ووادى «النطرون» والواحات البحرية، أما الجنوبى فإنه يشمل واحات «الفرافرة والخارجة والداخلة»، وفى أقصى الجنوب واحة «العوينات».
--
وقتها التقينا د. فاروق الباز فكشف لنا خط سير هذا المشروع، الذى نبعت فكرته من دراسته للصحراء الغربية عام ,1974 حيث توصل إلى أن الهضبة على حافتها الشرقية مؤهلة لامتداد عمرانى بموازاة وادى النيل، وجال بفكره خلق آفاق جيدة للعمران للإقلال أو منع التعدى على الأراضى الزراعية لكى تبنى المنشآت الحكومية والخاصة على الأراضى الخصبة التى رسبها النيل على مدى ملايين السنين، وأن ذلك يمثل خطرًا جسيمًا على مستقبل الناس فى وادى النيل، وأرضه الخصبة التى هى الثروة الحقيقية فى مصر والتى كانت سببًا محوريًا فى انتعاش الحضارة.
قال د. الباز إنه قام بعرض الفكرة فى صورتها الأولية على صديقه المهندس «حسب الله الكفراوى» الذى كان وزيرًا للتعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة فى ذلك الوقت، فاستمع إلى كلامه بإنصات شديد، واقتنع بالمبدأ، وطلب منه إعداد خريطة للمقترح لمناقشتها.
وقال د. الباز: لقد مثلت صور القمر الصناعى «لاند سات» مصدرًا جديدًا للمعلومات الجيولوجية لأنها أوضحت تفاصيل عديدة مع الإبقاء على النظرة الشمولية، لذلك آثرت أن أعد خريطة كاملة لأراضى مصر بأكملها، وذلك بجمع وملاصقة 65 صورة منها تغطى المساحة الكلية للوطن، واتضح أن ذلك يكلف آلاف الدولارات التى لم تكن بحوزتى أو فى نطاق مشاريعى البحثية.
وقد ذكرت ذلك فى وجود بعض الأصدقاء، فتطوع زميلى د. إبراهيم كامل أبو العينين بتغطية تكلفة إعداد الخريطة المصورة إيمانًا منه أن فيها نفعًا كبيرًا للوطن، وفعلاً تم العمل، وفور استكمال الخريطة تم إعداد نسخ عديدة منها أهديتها إلى المؤسسات العلمية مثل المساحة الجيولوجية، ومعهد الصحراء، وبدأت فورًا دراسة التفاصيل التى بينتها الصور لاختيار مسار «ممر التنمية والتعمير» على حافة الهضبة التى تحد وادى النيل من الغرب، واستكمل د. الباز حديثه قائلاً: وأخذت المخطط إلى الأخ المهندس حسب الله الكفراوى تبعا لاتفاقنا المسبق، وفعلا تم اجتماع بوزارته لعرض المقترح على أهل الخبرة، والمخططين للمجتمعات الجديدة، ولقى المقترح إقبالاً كبيرًا، وأقر الجميع دراسة المقترح بالتفصيل وبعد إكمال الدراسة اجتمعت مرة أخرى فى الوزارة، وأخبرنى «الكفراوى» أنه مقتنع تمامًا بأهمية المقترح لأن فيه نفعا هائلاً لمصر، ولكنه مكلف كثيرًا، ولا تستطيع الدولة القيام به فى ذلك الوقت لكثرة المتطلبات الأخرى، وقال بلغة أبناء البلد كعادته:
يعنى يا فاروق.. العين بصيرة والإيد قصيرة!!
واستطرد د. «الباز» حديثه فذكر أن د. «إبراهيم كامل» شارك بعد اقتناعه بحتمية المخطط فى عرضه على أولى الأمر بادئًا بالمهندس «سليمان متولى» الذى كان وزيرًا للنقل فى ذلك الوقت، وأشار «متولى» إلى أن الوزارة لديها مخطط لعدة طرق غرب النيل، ولا داعى لاقتراح طرق أخرى، أى أنه لم يتمعن فى مخطط الممر وأهدافه الاقتصادية والسياسية معا.
وواصل د. «الباز» : كان لابد لى من معرفة تكلفة مشروع ضخم مثل هذا، وذهبت لأخذ المشورة من أهل الخبرة، وعرضت فكرة المقترح على مجموعة من نواب رئيس مؤسسة «بيكتل» العالمية فى واشنطن، وعليه قاموا بدراسة مبدئية للتكلفة وأخبرونى أنها تصل إلى 6 مليارات دولار، وكان ذلك فى منتصف الثمانينيات.
وذكر د. الباز أن القطاع الخاص بمصر فى ذاك الوقت لم يكن قادرًا على جمع هذا الرقم إلا إذا سمحت الحكومة له ببيع الأراضى على جانب المحاور العرضية والمحور الطولى لجمع رأس المال اللازم، ولم تقبل الدولة هذا الاقتراح لأن القطاع الخاص المصرى كان فى بداية تمكنه، ولم تثق الحكومة فى قدراته ولم تكن مستعدة لتمكينه فى موضوع الممر التنموى.
وتذكر معنا د. «فاروق» ما حدث لفكرة مقترحه، فقال: انتهت المحاولة الجدية للنظر فى أمر المقترح منذ حوالى عشرين عاما، استمر خلالها التعدى على الأراضى الزراعية ببناء المنشآت المدنية والحكومية والمنازل، وازداد عدد السكان كثيرًا فى هذه الفترة، وتكدس الناس فى أماكن إيوائهم وانكمش مجال العمل وندر توفير فرص العمل الجديدة للشباب وتأثر الاقتصاد الوطنى من كل ذلك، وازدادت خطورة الوضع السياسى لكل هذه الأسباب.
ولكن اتضح فى أوائل التسعينيات أن التعدى على الأراضى الزراعية يسير قدما بوقع سريع وذلك لعدم وجود منافذ أخرى للإنماء، وتمت مقارنة مساحة الأراضى الخصبة بين عامى 1972 و1990 باستخدم صور الفضاء لمنطقة الدلتا وشمال وادى النيل، وأوضحت هذه المقارنة الشمولية اتساع العمران حول جميع مدن وقرى مصر، وعرضت هذه النتيجة على «المهندس يوسف والى» الذى كان وزيرًا للزراعة فى ذلك الوقت، فأصابه الأسى الشديد، وأمر بإنشاء مركز فى الوزارة لمتابعة التغييرات التى تحدث فى مساحة الأراضى الزراعية، وخاصة أن المقارنة أوضحت بجلاء مساحات الأرض الناتجة عن استصلاح الأراضى، وخاصة فى شرق الدلتا وغربها، وهذا يعنى أن صور الفضاء توضح كل تغيير يحدث فى مساحة الأراضى الزراعية بالنقص أو الزيادة.
لأن الاحتمال قائم أن يكون النقص فى الأراضى الزراعية أكثر من الزيادة الناتجة عن مشاريع استصلاح أراضى الصحراء، ولذلك قررت أن أعيد طرح المقترح كلما سنحت الفرصة، لأن الأمر قضية وطنية مهمة لا يصح التخلى عنها مهما كانت الصعاب، واعتبر أننى مسئول أمام الله أن أخصص القسط الأكبر من وقتى وقدراتى لإحياء هذا المشروع للنظر فيه بجدية، لأنه مقترح ذو أهمية قصوى فى مستقبل مصر وأجيالها القادمة.
سألنا د. «فاروق»: ما الذى جعلك تعيد النظر فى طرح مقترح مشروعك مرة أخرى، هل هناك تغيرات أحدثت أمرًا مهما وعاجلاً فى عرضه مرة أخرى؟
قال د. الباز: بالطبع، وكان ذلك عندما بدأت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» مع «نيما» وهو اسم جديد للهيئة التى تجمع المعلومات من الفضاء للاستخدامات العسكرية بجمع معلومات طبوغرافية عن الأرض فى رحلة مكوك الفضاء عام 2002 وتم جمع هذه المعلومات بدقة 90 مترا و300 متر، وأعلنت الحكومة الأمريكية أن الأولى سوف يسمح باستخدامها للباحثين المدنيين، ولكن المعلومات الأكثر دقة فسوف ينحصر استخدامها فى المجالات العسكرية، وعليه تم السماح باستخدام المعلومات الطبوغرافية هذه مدنيًا عام ,2004 وفورًا بدأنا ذلك، وقد ساعدنى على ذلك وجود الزميلة د. إيمان غنيم، وهى متخصصة فى دراسة طبوغرافية فى الصحراء الشرقية، وخاصة أوديتها وحساب كمية الماء الذى تجمعه هذه الأودية بناء على صفاتها الطبوغرافية، وتفانت د. «إيمان» فى دراسة الممر ومحاوره لإيمانها الراسخ بأهمية المشروع لمصر، ولكونها مصرية أيضًا، وأضافت المعلومات الجديدة الكثير لأنها أوضحت بدقة متناهية وغير مسبوقة ارتفاع أى مساحة على سطح مصر كل 90 مترا، لهذا كان من السهل اختيار مسار المحاور وبدقة أكثر مما كان ممكنا باستخدام صور «لاندسات» التى استوجبت التفسير، وبذلك مثلت سببا جديدًا لإعادة النظر فى المقترح، وتزامن ذلك الوقت تقريبًا مع بداية عهد وزارة د. «أحمد نظيف».
أربعون خبيرا
فى عام 2008 شكل رئيس الوزراء السابق د. أحمد نظيف لجنة مبدئية لمشروع «الممر» شاركت فيه خمس وزارات «الرى - التنمية الاقتصادية - الإسكان - النقل - التنمية المحلية» علاوة على جهازى «تخطيط وحماية أراضى الدولة» و«التعبئة العامة والإحصاء»
اللجنة السابقة كونت فريق عمل متكاملاً يكون مقره فى وزارة التنمية الاقتصادية لكى يصبح المشروع تحت إشرافها كونها الوزارة التى لديها الخريطة الاستثمارية لمحافظات مصر، وعليه تم تعيين منسق عام للمشروع، المهندس د. «محمد فتحى صقر» وتم تخصيص طابق بالكامل ليكون خاصا بهذا المشروع المستقبلى العملاق، وقد قام «صقر» بدوره باختيار أربعين خبيرا ومستشارا من جميع التخصصات والجهات المعنية مثل «البترول - الثقافة - الطيران المدنى - السياحة - الرى» علاوة على خبراء من وزارات اللجنة المبدئية للمشروع، وقد ذكر لنا د. «صقر» أن الدراسة النظرية لإعداد المشروع بعد الاطلاع على دراسة فكرة د. «فاروق الباز» استغرقت عامًا ونصف العام لعرضها على اللجنة الخماسية سابقة الذكر، وأن فريق العمل فى المرحلة الميدانية وزيارة مواقع العمل المقترحة، والتى سيتم الانتهاء منها خلال ستة أشهر (لم يحدث هذا) حتى يتم تحديد مدى صلاحية هذا الممر وعلاقته بمشروع «توشكى» وتنمية الساحل الشمالى، وأن هناك دراسات مستمرة لتغطية بدائل مقترحة يتم إدخالها على مشروع «الممر» لتغطية العائد من المدن الجديدة التى ستقام، وأن تكون هناك نظرة شاملة متكاملة عند ذلك.
وحسب كلام «صقر» كان مقررا أن يطرح المشروع متكاملا على الرأى العام والجهات المعنية مثل المجالس القومية المتخصصة - مجلس الشورى - الجامعات - لإبداء الرأى وقال لنا «صقر» وقتها إن الهجوم على المشروع التنموى الكبير الذى سيحققه «الممر» لا مكان له لأن فريق العمل يدرس كل البدائل التى يمكن أن تقوم على هذا المحور، وأنه نتيجة هذا فإن الخبراء والمستشارين كانت لهم إضافات على الدراسة المسبقة للدكتور «الباز» الذى وضع لنا الفكرة «الأم» ومقترحات، يقوم فريق العمل بإجراء تجارب عملية عليها، وهو الذى جعل هناك محاور عرضية إضافية تمت على الممر الطولى الذى كان محددا له حسب دراسة د. «الباز» فأصبح هناك حوالى خمسة عشر محورا بدلا من اثنى عشر.
وكان «صقر» يرى أن الذين يثيرون الضجة والتشكك فى المشروع عليهم الانتظار لحين الانتهاء من الدراسة العملية الميدانية، ثم يبدأون فى عرض مقترحاتهم وآرائهم.
«التنمية» بدلا من «الباز»
وقتها أيضا قال لنا اللواء مهندس عمر الشوادفى رئيس جهاز تخطيط أراضى الدولة: إن الدراسة التى كانت بين أيدى الجهاز هى جزء كبير جدًا من فكر د. «الباز» وعلى الرغم من أنها مر عليها عدة عقود إلا أن الإضافات كانت قائمة على الفكرة نفسها التى تعتبر النواة والمحورية للمشروع، وذكر الشوادفى أنه قدم كل ما لديه من بيانات وخرائط إلى فريق العمل الكائن بوزارة التنمية الاقتصادية، وأن هناك لقاءات دورية بينهم، وأضاف «الشوادفى»: إنه يندهش من الذين يشككون فى المشروع حتى قبل عرض الدراسات.
«ممر التعمير»
عندما قمنا بالتقليب فى أوراق المشروع، وجدنا فى إحدى أوراق الدراسة وتحت عنوان «ممر التعمير» توضيحاً مهماَ حول هذا «الممر» حيث سيكون هناك طريق رئيسى للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ من غرب الإسكندرية ويستمر حتى حدود مصر الجنوبية بطول 1200 كيلو متر تقريبا، علاوة على اثنى عشر فرعا وربما تصل إلى خمسة عشر من الطرق العرضية التى تربط الطريق الرئيسى بمراكز التجمع السكانى على طول مساره بطول كلى حوالى 800 كم «انظر الرسم الموضح للمحاور»، وأيضا ستكون هناك سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسى وأنبوب ماء من بحيرة ناصر جنوبا، وحتى نهاية الطريق على ساحل البحر المتوسط، وخط كهرباء يؤمن توفير الطاقة فى مراحل المشروع الأولية.
وسيتم تقسيم «الممر» إلى ثلاثة قطاعات، الشمال ويضم محور «الإسكندرية - الدلتا - القاهرة - الفيوم»، والقطاع الأوسط ويضم «المنيا - أسيوط - قنا» والقطاع الجنوبى ويضم «الأقصر - أسوان الوادى الجديد» وستكون هناك ثلاثة محاور عرضية «محور الواحات» وسيمر من القطاع الأوسط، و«محور توشكى» وسيمر من القطاع الجنوبى و«محور بحيرة ناصر» الذى سينتهى عنده القطاع الجنوبى.
--
قبل أن تبدأ الحكومة فى تبنى دراسات د. فاروق الباز وإخراجها للنور، وتكوين فرق عمل من الخبراء والأساتذة للنزول لأرض الواقع كانت هناك مقابلات ومناقشات تتم بين المهتمين بشأن الموضوع فى محاولة لتقريب وجهات النظر خاصة للرافضين.. ومن المقابلات المهمة والتى أعقبتها موافقة الحكومة على دراسة المشروع تلك التى قام بإعدادها د. مصطفى كمال طلبة رئيس المركز الدولى للبيئة والتنمية بوزارة التعاون الدولى، وكان ذلك بشكل غير رسمى فى عزبته بطريق مصر - إسكندرية الصحراوى، وقد دعا إليها كلا من د. عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية السابق، ود. فاروق الباز، وفايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى.
ود. محمد القصاص رئيس قسم النبات سابقاً بجامعة القاهرة، ود. مغاورى دياب واعتذر عن عدم الحضور د. رشدى سعيد.
ومن هذا المنطلق سألنا وقتها وزير التنمية الاقتصادية:
كيف ترون تحقيق هذا المشروع؟
تحقيقه يأتى ضمن شيئين مهمين للغاية لتنمية الصحراء الغربية، أولهما «إزالة الألغام» فى هذه المنطقة ومن هنا كانت أولوياتنا بالتعاون مع الأمم المتحدة فى ذلك، وعليه طورنا وأعددنا ما يسمى بالتنمية فى الظهير الصحراوى للساحل الشمالى ومنطقة العلمين، والاستفادة من أراضى وثروات هذه المنطقة، ولكن كانت العقبة الأساسية «الألغام»، وفى ضوء الرؤية العامة للمناطق المختلفة للبلاد كان الإعداد لهذه الاستراتيجية بين وزارتى «التخطيط والتعاون الدولى».. المهم أن اللجنة الوطنية لإزالة الألغام طالبت الدول المسئولة عن زراعتها، أثناء الحرب العالمية الثانية، حملناهم مسئولية إزالة الألغام لأنها مسئولية أخلاقية وأدبية، وكانت وجهة نظرنا أنه ليس الهدف إزالة الألغام فى حد ذاته، ولكن التخلص من عقبة أمام التنمية لأن الألغام موجودة فى مناطق يمكن استغلالها.
الأمر الآخر هو «الطاقة» التى سيستخدمها هذا المشروع، ولذا فأن ذلك يتطلب بداية العمل فى محطة «الضبعة» النووية السلمية لتوليد الطاقة اللازمة للصناعة التى ستقام فى المشروع، وبالنسبة للعمران أى السكان يمكننا الاستفادة من «الطاقة المتجددة» والمتوفرة فى أراضى هذا المشروع عن طريق «الطاقة الشمسية والرياح».
- ما الموقف الذى عليه المشروع الآن؟
- الخبراء بدأوا فى الدراسات لبعض المحاور العرضية، ووزارة التعاون الدولى شكلت لجنة متابعة قامت بدورها بمناقصة للأجهزة التى ستستخدم فى إزالة الألغام، وبهذا الخصوص هناك متابعة دقيقة من وزارة الدفاع، كما أننا دققنا فى هذه المرحلة الدراسة الطبوغرافية، ووضعنا الإمكانيات والكوادر، وحددنا الأراضى التى يمكن استصلاحها وحددت بمليون فدان، ومناطق صناعية جديدة، وقرى فى الظهير الصحراوى حوالى 400 قرية، كما حددنا نصيب محاور المشروع من المدن، وإمكانيات التصنيع والتعدين والسياحة مع الحفاظ على المناطق الأثرية والتاريخية وفقا لمسار وزارة الثقافة، وقسمنا المحاور وحسبنا الطاقة الاستيعابية لهذه المحاور من السكان «القوى العاملة».
- وبالنسبة للآراء التى تعارض المشروع أو ترى أنه لن يحقق الهدف المرجو منه.. كيف تعاملت الدراسة مع هذه الآراء؟
- قبل أن نبدأ العمل ب9 شهور سمعنا هذه الآراء، وكان أعلاها رأى د.مغاورى دياب، وأنا فى تقديرى أن هناك نقطة غائبة فى الموضوع لأن «مغاورى» متخصص فى المياه الجوفية، فقال أنه لن تكون هناك مياه، لأن الأراضى التى ستستصلح ستسحب هذه المياه جميعها وتنضب، ولكن هناك أكثر من رأى، وهو أى مغاورى «تسرع» وافترض شيئاً فى المشروع غير وارد.
- وماذا عن الآراء التى تقول أن هذا المشروع رفض البنك الدولى تمويله لأن مثيله فى دول أخرى فشل؟
- الأدبيات التنموية تتطلب منا التعرف على الخبرات السابقة فى مثل هذه المشاريع الكبيرة، والبنك الدولى أوفد لنا خبيرا سبق أن شارك فى مثل هذا المشروع بالبرازيل، والخبير قال مفيش فشل ولا كلام من ده، وأن هناك مشروعات مثله نجحت، ولكن التحفظات كانت على الضوابط التى يجب مراعاتها ووضعها فى الاعتبار.
- ما المشكلة فى مسار «المحور»؟
- الفكرة الاستراتيجية هى التنمية خارج الوادى القديم، وهذا الموقع حددناه فى الصحراء الغربية التى سيكون مسار المحور فيها، ووجدنا أن المسار سيكون تحت الهضبة، ولكن د. «الباز» من واقع دراسته الجيولوجية قال أن الأصوب فى هذه المنطقة أن يكون مسار المحور «فوق» الهضبة البعض ومنهم د. مغاورى قال تحت الهضبة، ماتقدرش الحكومة تقول ده، ولكن الخبراء فى اللجان بيدرسوا جغرافية ومناخ المنطقة التى سيمر منها المحور، كمان حكاية المياه الجوفية التى ستنضب، «د. الباز» يقول المياه علشان الناس تشرب، وعلشان الصناعة، ولكن نحن نضع الرأيين فى الاعتبار ونعرضهما على مجلس الوزراء لأن أصحاب رأى المحور تحت الهضبة يقولون أنه يمكن الاستعانة بمياه من النيل، هذا مجال تحت الدراسة، ولم يتخذ رأى حتى الآن.
- هل هناك نتائج أخرى للدراسة؟
- طبعاً لأننا زودنا عدد المحاور العرضية التى كان قد حددها «د. الباز» ب12 محورا عرضيا هم بالترتيب «محور الإسكندرية - الدلتا - القاهرة - الفيوم - الواحات - المنيا - أسيوط - قنا - الأقصر - أسوان - توشكى - بحيرة ناصر»، ولكننا زدنا عليها محاور عرضية أخرى وأصبحوا خمسة عشر محورا عرضيا بعد إضافة «محور السادات من الشمال - ومحور بنى مزار فى الوسط - ومحور سوهاج فى الجنوب الذى يصل للمطار تحت الإنشاء الآن، هذا علاوة على المحور الطولى الأساسى والذى نطلق عليه «الممر»، والذى يبدأ من العلمين غربا حتى منفذ «أرقين» عند حدود مصر مع السودان جنوبا.
وهذا المحور الأساسى «الممر» أدخلنا عليه بعض التعديلات وقارنا بينه وبين المسارات الأخرى البديلة، فمثلاً هناك طريق «القاهررة - أسيوط - الصحراء الغربية القريبة من الوادى»، ومع أنه طريق موجود لكنه محتاج تطوير، وهذا سيحدث قريبا، وفى أسفل الهضبة فى المدى المتوسط بمحاذاة الصحراء من «الدخيلة - أسيوط» لا يكون مسار الممر فوق الهضبة كما وضعه د. «الباز» ولكن هناك تعديلا بأنه فى هذه المنطقة يكون أسفل، ثم هناك طريق «مطروح - سيوة - الواحات» ويتم تنمية أجزاء منه بالتوازى مع حركة التنمية على المحاور العرضية الأخرى.
- هل ترى أن هذا المشروع ضرورى لمصر؟
- الفكرة ضرورية لأنه لا بديل أمامنا إلا هذا التفكير الاستراتيجى، وميزة هذا المشروع أن الثقل السكانى سيتم توزيعه بطريقة صحيحة، لأننا لو نظرنا لمحافظات الحدود مثلا نجد أن نسبة السكان فيها لا تتعدى ال2% من سكان مصر، إذن الفائض السكانى يتراوح ما بين 50 و100 مليون زيادة سكانية، أين يتم استيعابهم، أكيد فى الصحراء الشرقية والغربية، ويبعد الناس الذين سيقطنون هذا المشروع حوالى مائة كيلو متر بعيداً عن النيل، ولذلك فأننا نفكر أنه على المدى البعيد ستكون هناك مصادر بديلة للمياه مثل مشاريع تحلية مياه البحر، استخراج جزء من المياه الجوفية وهكذا، ولا يمكننى غير القول بأن هذا المشروع هو رؤية مستقبلية ستخرجنا من دائرة التشاؤم لأنه مشروع يتم بفكر تدريجى علمى صحيح.
--
بعدها حاورنا د. فاروق الباز حول مشروع «الوادى الأوسط» لنضع النقاط فوق الحروف حول وجهة نظره فى الآراء المختلفة معه فى بعض ما تضمنه «مقترحه» وأيضا رأيه حول ما تمت إضافته من أفكار أو بدائل على المشروع بواسطة اللجنة التى شكلتها الحكومة وتشرف عليها وزارة التنمية الاقتصادية.
هناك آراء مناوئة للمقترح فما هو رد فعلك؟
هناك رأى قال أن الأراضى التى سيتم استصلاحها زراعيا سوف تسحب جميع المياه الجوفية من باطن الأرض وتنضب، وبالطبع هذا غير صحيح لأن هذه الأرض ستكون تحت الهضبة أى قريبة من النيل وهذه المياه الجوفية تأتى من النيل وتتسرب وتقبع فى الصخور وبالتالى عندما تفرغها الصخور فإنها تمتلئ مرة أخرى، ومن ناحية أخرى أن المياه الجوفية عندنا مخزنة فى المنطقة التى فيها الوادى وبتطلع على الآثار، ونروح نبحث فى كيفية شفط المياه التى تؤثر على الآثار والمشاكل التى تنتج عنها فإذا وجدت الزراعة والأرض المستصلحة سوف تسحب هذه المياه الجوفية التى تخرب لنا الآثار لأنها سوف تشفطها بشكل طبيعى وبذلك نكون كسبنا مياها لأرض زراعية وحافظنا على الآثار من المياه المتسربة إليها.
- ماذا عن الرأى الآخر الرافض للمشروع؟
الرأى الآخر يقول أن «الممر» يجب أن يكون تحت الهضبة وليس فوقها، وهذا علميا غير صحيح لأنه أول ما حد يقول تحت الهضبة معناها أن هذا الممر سيصبح مخرا للسيول ولكنى أنظر للممر بأنه طريق فوق مسارات السيول والطرق العرضية موازية لممرات السيول فلا يتأثر بها، ولكن المتعامد معها سوف يدمر، لأن السيول ستأتى مرات عديدة، يعنى مثلا كل سبع سنوات نجد فى أسيوط ونجع حمادى سيولا غزيرة ولكن لما يكون السكة الحديد والكهرباء فوق الهضبة فلا تصل لها سيول.
وأقول بمعنى آخر أنه تحت الهضبة الأرض كلها تخضع للتنمية وفوق الهضبة السكك الحديدية والكهرباء فلا تأخذ أرضا صالحة للزراعة لأن تحت الهضبة مقترح للزراعة كلها داخل وادى النيل وفيها مياه جوفية.
لماذا تصف هذا «المقترح» بأنه «مشروع قومى»؟
لأنه كده بالفعل، هناك بدائل كما يقول البعض فى تعمير سيناء وبرامجها لتنميتها ولكنها لا تستوعب إلا عدة آلاف، أما «ممر التنمية» أو «الوادى الأوسط» كما تسمونه فإنه مشروع بروحين بمعنى أنه سيخلص الوادى من التكدس السكانى، وفى الوقت نفسه سيقضى على التعدى على الأراضى الزراعية الخصبة، ومن أيام الرئيس السادات والكل ينظر إلى بوابة مصر الشرقية وأيضا تنمية الصحراء الغربية التى تستوعب ملايين وليس آلافا وأنا من دراستى لمصر أرى الناس ملحومين فى النيل لتأمين الحياة فلازم نفكر فى وسيلة للمعيشة بطول النيل موازية له وهذا لا يتم إلا بربط وتوسع عمرانى وزراعى وتجارى وصناعى ويكون موازيا للنيل لينتقل الناس إليه هذا هو أساس فكر «المقترح».
اللجان المبدئية التى تقوم بدراسة المشروع وأيضا بوزارة التنمية الاقتصادية أضافت ثلاثة محاور أخرى عرضية على مقترحك ما رأيك؟
هذا عظيم ياريت يضيفوا عشرين هذا أحسن بالطبع المهم أبدأ بدول، لو جيت عند أسيوط والجامعة مثلا جت تتوسع غرب المدينة ونقلت مبانى الطلبة حتبقى فى وصلة قريبة حوالى عشرة كيلو على طول حتخلق سكة جديدة والناس ستروج بضائعها هناك، مثلا مصانع للسجاد الأسيوطى الشهير وعلشان يبقى فيه مخطط لكى أنتقل بالضرورة يكون هناك عددا أكبر من المحاور العرضية، ويبقى الخط المحورى هو «الممر الطويل» الذى سيربطهم ويوصل للسودان، وآخر للقاهرة وثالث لأفريقيا مستقبلا وهكذا.
إذن، ترى الحكومة إضافة عدد أكبر من المحاور العرضية فهى جادة لتنفيذ المشروع؟
أقول إن هذه المسارات العرضية تصل بالامتداد العمرانى غربا بشكل متدرج وهذا يعنى أن أهميتها فى إضافة بعد جغرافى لعدد من المحافظات التى تعانى من الاختناق الحالى، لأن المحاور العرضية هى الأماكن التى ينتظر أن تتم فيها أول المشاريع للتنمية المختلفة، أما «الممر الطولى» فهو العمود الفقرى لهذا المشروع وهو يبدأ على ساحل البحر المتوسط بالقرب من العلمين وينشئ هناك ميناء عالميا جديدا يضاهى الموانئ العالمية الكبرى فى المستقبل ويؤخذ فى الاعتبار الحاجة إلى توفير استخدام تكنولوجيا المعلومات الحديثة فى التعامل السهل السريع مع الصادرات والواردات والبضائع المؤقته ويعيد مثل هذا الموقع المكانة المرموقة للإسكندرية بين الموانئ العالمية.
ذكرت يا دكتور أن تكاليف المشروع حسب دراسة جدوى اقتصادية تبلغ 6 بلايين دولار؟
هذا إذا كانت الأيدى العاملة من أمريكا وأوروبا ولكننى أجدد العهد فى شعب مصر بمحاكاة تجربة السد العالى فلدينا خبراء ومهنيون وشباب فى حاجة إلى العمل وأيضا نستعين بخبرة أجنبية لازمة لها باع فى مثل هذه المشاريع تماما كما حدث فى السد العالى وقناة السويس، والمصريون قادرون على هذا وعند ذلك لن تكون التكلفة بهذا الحجم ثم أنها تكلفة يجب أن يدخل فيها الاستثمار المحلى والعالمى جنبا إلى جنب.
كيف تنظر إلى «مقترح» مشروعك الآن؟
الحكومة عليها القوانين المنظمة له والباقى ملك الناس يعنى الحكومة تقنن والناس تفتح آفاقا جديدة مصانع جامعات إلخ، خارج الوادى المختنق، وعندما يندمج الناس مع المشروع ويؤمنون به سوف ينمو ويصبح لدينا عشرون ألف فكرة جديدة. المهم أن تكون هناك خطة محكمة، ومن وجهة نظرى لا نبدأ بالممر الطولى ولكن من الأفضل البدء فى المحاور العرضية من الشرق للغرب لأن ذلك نتيجته ستكون قريبة للمواطن، وأنها لا تتعدى الخمس سنوات وبذلك تصبح خطة عاجلة وحالية فى ذات الوقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.